1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ألمانيا: فرص عمل واعدة للأجانب رغم تسريح عمال في الصناعة

١٤ يوليو ٢٠١٩

تثير موجة الاستغناء عن آلاف الوظائف في الشركات الألمانية مخاوف كثيرين من البطالة وصعوبة الحصول على عمل. هل هذه المخاوف في محلها بالنسبة للاجئين والمهاجرين العرب إلى ألمانيا؟ أين تكمن فرصهم وكيف يمكن استغلالها؟

https://p.dw.com/p/3M0P7
Deutschland 2018 | "Blaue Karte" für ausländische Fachkräfte | Hymalai Bello & Vasant Karasulli
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann

كان بإمكان المصرف الألماني العملاق "دويتشه بنك" وهو أكبر مصرف ألمانيا أن يكون مثالا يُحتذى في النجاح والربح والسمعة. غير أن تورطه في أعمال فساد وغسيل أموال وصفقات استثمارية مشبوهة وخاسرة أوقعه في شبكة ملاحقات قانونية ودعاوى ألحقت به خسائر مالية ومعنوية فادحة. وعليه لم يكن من المفاجئ إعلان المصرف قبل أيام عن خطة إصلاح قاسية تقضي بتسريح نحو 20 ألف موظف لديه. غير أن المفاجئ إعلان شركات ألمانية أخرى مثل "باير" و "سيمنس" و "ب اي س اف" و "وفورد ألمانيا" و "ميلي" في نفس الوقت عن خطط تسريح تشمل آلاف الوظائف لديها، مع أنها أقل قسوة من خطة المصرف.

شواغر في وظائف قطاعات الخدمات

Deutschland Krankenpflege
الخدمات الطبية ورعاية المسنين من أكثر القطاعات حاجة للكفاءات في ألمانياصورة من: picture-alliance/dpa/Robert B. Fishman

من المفارقات أن الإعلان عن تسريح آلاف الموظفين لدى شركات ألمانية كبيرة ومتوسطة يأتي في وقت لا يوجد فيه خوف من صعوبة إيجاد عمل في السوق الألمانية التي تحدت الأزمة المالية العالمية وتشهد منذ سنوات واحدة من أدنى نسب البطالة في أوروبا والعالم. وحتى الآن وفي غضون السنتين المقبلتين لا توجد حقا مخاوف من ارتفاع عدد العاطلين عن العمل بشكل يثير القلق على الصعيد الوطني. ويدعم هذا الرأي حاجة القطاعات الخدمية إلى أكثر من 150 ألف موظف سنويا في مجالات الصحة وتقنية المعلومات والتجارة والتعليم وغيرها. وينبغي استقدام قسم كبير من الخارج لعدم توفرهم في ألمانيا. وعلى هذا الأساس أصدرت الحكومة الألمانية مؤخرا قانون الهجرة الجديد الذي يهدف إلى استقدام الكفاءات لاسيما المتوسطة منها من خارج دول الاتحاد الأوروبي.

فقدان الوظائف في الصناعات الألمانية

وإذا كان الوضع الحالي يعد بالحاجة إلى آلاف الموظفين الجديد في القطاعات الخدمية الأقل تطورا في ألمانيا مقارنة بمثيلتها في بريطانيا وفرنسا وسويسرا وغيرها، فإن تراجعا في الطلب على المنتجات الألمانية في كبرى الصناعات التحويلية التي تستوعب، وهي والشركات الصغيرة والشركات المرتبطة بها، القسم الأكبر من الوظائف. كما أن صادراتها لوحدها تشكل خمس الصادرات الألمانية. ومن مؤشرات التراجع انخاض الطلب على الماكينات والمعدات والسيارات الألمانية في الصين والبلدان الصاعدة الأخرى بسبب تراجع النمو في الأخيرة وإقامة صناعات محلية بديلة لمنتجات كان يتم استيرادها من ألمانيا.

Siemens Stellenabbau Markus Ochmann
عمال شركة سيمنس يتظاهرون احتجاجا على شطب آلاف الوظائفصورة من: DW/T. Walker

ويزيد الطين بلة الحرب التجارية التي تقيد التجارة العالمية وتدفع إلى رفع الجمارك والرسوم التجارية بشكل متبادل. ولا ننسى الدور الذي تلعبه عملية الاتمتة وإدخال الروبوتات والذكاء الاصطناعي في عملية الإنتاج الصناعي بشكل خاص. وتتوقع دراسة ألمانية شارك فيها معهد التأهيل وسوق العمل الألماني/ IAB الاستغناء عن 1.3 مليون وظيفة في الصناعات المختلفة نتيجة لذلك بحلول عام 2025.

فرص كبيرة أمام الشباب العرب

أثار إعلان شركات ألمانية وتوقع إعلان المزيد منها عن تسريح آلاف الموظفين مخاوف لدى الكثيرين على فرصة عملهم، لاسيما وأن استمرار آلاف الشركات الصغيرة والمتوسطة مرتبط بعقود الشركات الكبيرة وطلبياتها. ويأتي في مقدمة الأخيرة صناعة السيارات والماكينات والمعدات. وتنتشر المخاوف في صفوف اللاجئين والمهاجرين وخريجي الجامعات والمعاهد العرب أو من ذوي الأصول العربية الباحثين عن وظائف في السوق الألمانية.

السؤال المطروح، هل من مبررات فعلية لهذه المخاوف في الوقت الحاضر؟ مما لا شك فيه أن البطالة ستصيب الآلاف نتيجة التسريحات، غير أن العرب ومن ذوي الأصول العربية سيكونون أقل تأثرا كونهم لا يعملون بشكل ملموس في الصناعات التحويلية الألمانية وصناعة السيارات منذ عشرات السنين كما هو حال الذين من أصول تركية أو من يوغسلافيا السابقة. فالهجرة العربية إلى ألمانيا باستثناء المغربية منها حديثة وجل العرب من المغرب ولبنان وفلسطين يعملون في التجارة والمطاعم وخدمات الملابس والمنازل والتعليم أو ككفاءات عالية في الطب والمجالات الهندسية.

أما اللاجئين والمهاجرين الجدد من سوريا والعراق، فإن القسم الأكبر من العاملين منهم والمقدر بأكثر من ربع مليون يعمل أيضا في هذه القطاعات إضافة إلى قطاعات خدمية أخرى كالخدمات الطبية وخدمات المعلوماتية. ولعل الأمر الجيد هنا حاجة هذه القطاعات إلى عشرات آلاف الكفاءات الجديدة في الوقت الحاضر. وهو الأمر الذي يفتح فرصة أمام البقية الباحثة عن عمل شريطة تعلّم اللغة الألمانية والحصول على التأهيل المتوسط المناسب والمرتبط بفترات تدريبية في المؤسسات والشركات الباحثة عن كفاءات شابة. وتقدم الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات الكثير من الدعم المادي والاستشاري لدعم عملية التأهيل هذه. في هذا السياق تقدر الأموال المخصصة لادماج اللاجئين والمهاجرين بنحو 15 إلى 20 مليار يورو سنويا. وهي أرقام غير مسبوقة في تاريخ دعم عملية الاندماج التي تشكل صعوباتها أحد التحديات التي تواجه ألمانيا في الوقت الحاضر. 

العبرة في التعلم والتدريب المهني

يعاني المجتمع الألماني من الشيخوخة، وهو الأمر الذي يتطلب الاعتماد على كفاءات أجنبية شابة متوسطة سيتم استقدامها من الخارج عند الضرورة. كما أن إعادة هيكلة الصناعة لا يعني فقط الاستغناء عن وظائف، بل أيضا خلق وظائف جديدة لخدمة وتشغيل التقنيات الجديدة. يضاف إلى ذلك حاجة توفر آلاف الوظائف الشاغرة في القطاعات الخدمية الأقل تطورا في ألمانيا مقارنة بمثيلتها في بلدان صناعية أخرى. كل هذا يفتح أمام المهاجرين واللاجئين فرص عمل وتوظيف نادرة في تاريخ ألمانيا منذ خمسينات القرن الماضي. وتقدر اتحادات الغرف الصناعية والتجارية الألمانية حاجة السوق إلى نحو مليون شخص من مختلف المؤهلات في الوقت الحاضر. وهنا تبقى العبرة بالنسبة للاجئين والمهاجرين في اقتناص هذه الفرص من خلال التعليم الجيد والتدريب المناسب.

ابراهيم محمد

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات