1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تحول في نظرة المجتمع السوري للمرأة المطلقة

١٣ أغسطس ٢٠١٠

قبل عدة عقود كانت المرأة السورية المطلقة تعاني العزلة واليأس بسبب نظرة المجتمع السلبية لها. أما اليوم فقد تغيرت هذه النظرة بشكل إيجابي يساعد على ممارسة المطلقة لحياتها بشكل طبيعي سواء بشكل فردي أو في إطار عائلة جديدة.

https://p.dw.com/p/OmxT
المطلقة كثيرا ما كانت تعاني من العزلة واليأس لنظرة المجتمع السلبية لهاصورة من: BilderBox

على وقع ألفاظ مهينة مثل "بنت شوارع، قليلة التربية، لو فيها خير ما طلقت" انفصلت جميلة ن. عن زوجها منذ عشرين سنة. تتذكر جميلة ذلك اليوم المرعب الذي شكل نقطة تحول كبيرة في حياتها على حد تعبيرها. "بعد ذلك اليوم حل بي التشاؤم والخوف من مواجهة تعليقات الناس إلى أن انشغل محيطي الاجتماعي بقصة اجتماعية أخرى أكثر إثارة من قصتي"، تقول جميلة التي لم يتقدم أحد للزواج منها بعد زواجها الأول. وُتحمّل جميلة المجتمع متمثلا في محيطها الاجتماعي المحلي جزءا من مسؤولية ما ألمّ بها بعد طلاقها لأن هذا المحيط "أثّر بشكل كبير على مستقبلي وكبلني وأظهرني وكأنني عالة عليه"، تقول جميلة وهي أم لثلاثة أولاد. أما الشيء الذي ساعدها على مواجهة "مصيبتها" كما تصف حالة طلاقها، فهو إتقان مهنة الحياكة التي شكلت مصدر عيشها ورزقها منذ طلاقها.

المجتمع يحمل المرأة مسؤولية طلاقها

Symbolbild Scheidung
القوانين أتاحت الانفصال،حين تصبح الحياة مستحيلةصورة من: dpa/PA

حالة جميلة تشبه حالة غالبية المطلقات من بنات جيلها اللواتي وقعن في فخ العزلة والانعزال وأصبحن حديث "الطالح والصالح" كما تقول زهرة ش.، مطلقة منذ 25 عاماً. وسواء كانت المرأة مذنبة أم لا، ففي كلتا الحالتين كان يتم تحمليها المسؤولية الكاملة عن طلاقها. "رغم أن زوجي السابق خانني أكثر من مرة مع نساء أخريات فإن المجتمع لم ينبذه،"، تقول زهرة وتضيف "حظيت خيانته بقبول المجتمع، بينما ساق أقربائي والناس من حولي تهما قاسية بحقي مثل مخالفة الشرع ومعصية الزوج ، لأنني رفضت استمرار العيش معه". وتهاجم زهرة بغضب، واضح من حدة صوتها،العادات البالية التي تنظر للطلاق على إنه نقمة وعار على أهل الفتاة.

أما عزيزة ع، مطلقة منذ 17 عاماً، فترى أن نظرة المجتمع للمرأة المطلقة على إنها تتحمل بمفردها مسؤولية مشاكلها الزوجية، جعل الطلاق من الأمور البغيضة والمكروهة بالنسبة للكثيرات حتى لو شكّل الخلاص الوحيد لهن من ظلم الرجل. وعلى ضوء ذلك تبدو هذه المرأة نادمة على رغبتها في الطلاق حينها، لأنها لم تكن تعرف أن المجتمع سيعاملها بقسوة. "لو كنت اعرف أن محيطي الاجتماعي سيعاملني إلى حد النبذ والكراهية لبقيت متزوجة من رجل كان يهينني ولا يتردد في ضربي بشكل يومي"، تقول عزيزة التي ترى أن المجتمع الذي ينظر إلى الرجل على أنه معصوم من الخطأ تجاه المرأة، يعطي للأخير دائما الحق في ظلمها دون تردد.

مجتمع المدينة أقل قسوة

غير إن النظرة للمطلقة وأوضاعها الاجتماعية اختلفت وما تزال بين المدن والأرياف. ففي المدن يبقى للمرأة المطلقة نوعا ما من حرية الحركة والعمل بشكل أفضل لأن العلاقات العائلية والمحيط الاجتماعي أكثر انفتاحا. كما أن الناس في المدن يتقبلون عموما فكرة الطلاق بشكل أكثر من سكان الأرياف الذين تحكمهم العلاقات العائلية والقبلية القائمة على القرابة الدموية في الغالب. "طلقت من زوجي ولم يرفضني المجتمع " كما تقول رقيه ز.، من مدينة حلب، مطلقة منذ أربعة سنوات من زوجها الأول، وتضيف" تزوجت ثانية وعشت مع زوجي الجديد أفضل أيام حياتي رغم إنني عانيت في البداية حتى أقنعت أخوتي بزواجي مرة أخرى". وتعزي منتهى س. الاختلاف بين نظرة سكان المدن والأرياف للمرأة إلى اختلاط سكان المدن وتعدد أعراقهم وطوائفهم بشكل يجعلهم أكثر تفهما وتقبلا لمشاكل وتجارب بعضهم، مقارنة بسكان الأرياف حيث ينتمي سكان القرية أو المنطقة الواحدة إلى عائلة أو قبيلة واحدة في الغالب.

دور بارز للفضائيات والعولمة

وعلى الرغم من أن المجتمع السوري ما يزال من المجتمعات الشرقية الذكورية التي تعطي للذكر مكانة أرفع من مكانة الأنثى، فإن هناك تطورات شهدها خلال العقدين الماضيين باتجاه تغيير النظرة تجاه المرأة المطلقة. فعلى سبيل المثال لم يعد يُنظر للمطلقة فيه على أنها عالة وتستحق الرحمة وأن البيت هو مكانها الوحيد."أعيش حياتي كمطلقة بشكل عادي، إذ لم تتأثر علاقاتي الاجتماعية بشكل كبير بعد طلاقي "، تقول نيرمين ح.، مطلقة منذ بضعة أشهر بعد زواج دام سنتين، وتضيف: " أنا على وشك الزواج ثانية من شاب يصغرني بسنتين وهو يعاملني بطيبة وحنان، ويبدي تضامنه معي لما حل بي خلال زواجي الأول". وعن سبب التغيير في نظرة المجتمع للمطلقة ترى عبير ج.، مطلقة منذ عام، أن الفضائيات وانفتاح المجتمعات على بعضها في إطار العولمة بفضل الانترنت ربما كان لها الدور الأكبر في التعامل مع الطلاق كظاهرة اجتماعية عادية. وتشجع عبير المرأة المتزوجة من رجل لا يمكنها استمرار العيش معه على عدم التردد في طلب الانفصال منه لأن المجتمع أصبح أكثر تفهما للمرأة المطلقة حتى في المناطق الريفية، على حد تعبيرها.

القانون يعطي للمرأة حق طلب الطلاق

ويواكب التغيرات في النظرة الاجتماعية تجاه المرأة المطلقة دعم بعض القوانين ومن بينها التي تعطي للمرأة حق طلب الطلاق من زوجها في حالات معينة الأستاذة في علم القانون حسب هيفاء حسين و التي تضيف : " لدي العديد من دعاوى تقيمها نساء على أزواجهن والغالبية منها تحظى بتأييد المجتمع ودعم القانون". وترى هيفاء أن فرض القانون نفسه في هذه الحالات خلق نوع من الخوف لدى الرجل بحيث أصبح يحسب ألف حساب لتنفيذ نيته في إهانة زوجته.

عفراء محمد - دمشق

مراجعة:هبة الله إسماعيل