1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تدهور الطبقة الوسطى في لبنان

منى نجار/أخيم زيغيلو٥ يناير ٢٠١٣

سمي لبنان سابقا بسويسرا الشرق. إلا أن ذلك كان قبل فترة طويلة، فاليوم يخوض لبنانيون كثيرون صراعا يوميا من أجل وجودهم الاقتصادي. ولا ينتمي إلا ثلث اللبنانيين إلى الطبقة الوسطي القوية سابقا. وتدهورها مستمر.

https://p.dw.com/p/17Cui
Mittelschicht im Libanon. Männer in einem Café in Hamra/Westbeirut Foto DW/Mona Naggar 18.12.2012
صورة من: DW/M. Naggar

ِ جينا حرب متزوجة ولديها ثلاثة أبناء، أحدهم يدرس في الجامعة الأمريكية الخاصة في بيروت، والابنان الآخران يتعلمون في مدرسة خاصة. وتملك عائلة حرب سيارتين وتسكن في شقة كبيرة في بيروت. وتحتاج الأسرة إلى 3000 دولار أمريكي شهريا لتغطية نفقاتها، كما تقول جينا. ولحسن الحظ ليس من الضروري أن تدفع أسرة حرب أجرة سكن، فشقتها السكنية هدية من والد جينا. وعلاوة على ذلك، فإن العناية الطبية بالأسرة لا تتسبب في مشاكل مالية لها، إذ أن التأمين الصحي الذي حصل زوج جينا عليه من خلال عمله، يشمل جميع أفراد الأسرة. "لذلك يمكن لنا أن نزور مطعما مع أطفالنا مرة واحدة أو مرتين في الشهر"، كما تقول جينا التي يبلغ عمرها 41 عاما. "عندما كنا مجبرين قبل حصولنا على شقتنا الحالية على دفع أجرة سكن، كان من الصعب تغطية نفقاتنا".

تنحدر جينا من عائلة لبنانية عريقة. ووالدها، وهو تاجر للمواد الغذائية، ضمن الأمن المالي لجينا وأفراد أسرتها عن طريق إهداء الشقة السكنية لهم. ورغم أن جينا تقول إن أكبر جزء من دخل زوجها مخصص لتدريس أطفالها، إلا أنها لا ترى سببا يدعو للتذمر من مستوى معيشتها، كما تضيف. وتعتبر جينا حرب وأفراد عائلتها ممثلين نموذجيين عن الطبقة الوسطى في لبنان. وتوضح دراسة قام بها المركز اللبناني للدراسات السياسية، إن دخل 27 بالمائة فقط من اللبنانيين يكفي لتغطية نفقاتهم.

Mittelschicht im Libanon. Das Bild zeigt den Westbeiruter Stadtteil Hamra. Für viele Angehörige der Mittelschicht sind die Mieten in diesem Stadtteil heute unbezahlbar. Foto DW/Mona Naggar 18.12.2012
شارع الحمرا في بيروت الذي يسكنه منتمون إلى الطبقة الوسطىصورة من: DW/M. Naggar

انسحاب الطبقة الوسطى اجتماعيا

لا تتوفر إحصائيات دقيقة بشأن توزيع الدخل في لبنان. إلا أن أكبر مجموعة من سكان لبنان تنتمي إلى فئة الدنيا من الطبقة الوسطى والتي تجد كل شهر من جديد صعوبات في تغطية نفقاتها، فنسبة هذه الفئة بين سكان البلاد تبلغ حوالي 40 بالمائة. ويعتبر أكثر من ربع اللبنانيين فقراء ونسبة 3.7 منهم أغنياء.

ويجد عدد متزايد من اللبنانيين أنفسهم مجبرين على خوض صراع يومي من أجل الحفاظ على مستوى معيشتهم، كما تقول جينا. "انسحب بعض أصدقائي، أي أنهم لا يلبون أي دعوات، كي لا يجدوا أنفسهم مجبرين على شراء هدايا". وغيرهم يقترضون أموالا لتمويل مستوى معيشتهم القديم، فمنذ 30 عاما تشهد لبنان تدهورا مستمرا لطبقتها الوسطى. وهناك تقديرات انتمى بموجبها في السبعينات من القرن الماضي ما يتراوح بين 50 و60 بالمائة من اللبنانيين إلى الطبقة الوسطى.

تدهور الطبقة الوسطى ليس مفاجئا في رأي الخبراء. ويرى منير رشيد من الجمعية الاقتصادية اللبنانية سببين لذلك، فدخلها لم يرتفع أثناء الحرب الأهلية (1975 حتى 1990) وبعدها أيضا، وذلك على العكس من تكاليف المعيشة. ويبلغ راتب خريج جامعي درس الهندسة، حاليا 800 دولار أمريكي تقريبا، كما يقول رشيد. "هذا لا يكفي في لبنان اليوم لتغطية نفقات المعيشة. ولن يصل راتبه إلى 2000 دولار إلى بعد سنين عديدة". وبغض النظر عن ذلك لا يتوفر العمل لجيل الشباب.

Mittelschicht im Libanon. no electricity beirut: Werbeplakat im Zentrum Beiruts, das die schlechte Elektrizitätsversorgung (schlechte Infrastruktur) im Land aufgreift Foto DW/Mona Naggar 18.12.2012
دعاية تجارية في شارع الحمراصورة من: DW/M. Naggar

حلم الهجرة كبير لدى الشباب

يريد لهذا السبب عدد كبير من المثقفين اللبنانيين الشباب الهجرة إلى دول أجنبية. وتوضح نتائج دراسة المركز اللبناني للدراسات السياسية أن 53 بالمائة من الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما يفكرون في البحث عن عمل لهم في الخارج. وينطبق ذلك أيضا على حوالي 48 بالمائة من الذين تتراوح أعمارهم ما بين 30 و45 عاما. والهجرة ظاهرة منتشرة بشكل خاص بين المنتمين إلى الطبقة الوسطى. وعليه تعتبر جينا حرب أنه من المحتمل أن يترك أكبر أبنائها لبنان بعد إنهاء دراسته الجامعية، فرغم أنه مصمم على تقديم طلبات للعمل إلى عدد من الشركات اللبنانية، إلا أن أمله في نجاحه في ذلك قليل للغاية.

سيستمر تدهور الطبقة الوسطى اللبنانية من سنة لأخرى، كما يقول منير رشيد، إذ لم تتخذ الحكومة الحالية، شأنها في ذلك شأن الحكومات السابقة، أي خطوات لمواجهة هذا التطور عن طريق توفير العمل ورفع الإنتاجية والرواتب. "هذا يشترط تمهيد الطريق أمام إصلاحات فعالة لحل المشاكل القائمة". ويشمل هذا بشكل خاص إصدار قوانين عمل جديدة وتحسين البنية التحتية وإزالة البيروقراطية. ومن الضروري أيضا وضع نظام ضريبي عادل، كما يقول عالم الاقتصاد رشيد، فالدولة اللبنانية تمول عملها بالدرجة الأولى من خلال جباية ضرائب غير مباشرة مثل ضريبة القيمة الزائدة وضريبة البنزين. "هذا يترك آثاره بشكل خاص على ذوي الدخل المنخفض وليس على الأغنياء".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد