1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تغيّر خارطة المشهد الإعلامي العربي

٢١ أبريل ٢٠١٠

عرف المشهد الإعلامي في العالم العربي و تحديدا منذ انطلاق قناة الجزيرة منتصف تسعينيات القرن الماضي تحولات جذرية كبيرة كثر في إطارها الحديث عن وعي عربي جديد على الصعيد الإعلامي.

https://p.dw.com/p/MyPs
ساهم تعدد الفضلئيات في توسيع قاعدة الإختيار لدى المشاهد العربيصورة من: AP / Montage DW

حتى منتصف التسعينيات كان على المشاهد العربي الاعتماد على القنوات الإخبارية الغربية لمتابعة الأخبار والمعلومات الشاملة عن مختلف القضايا والأحداث الراهنة. غير أن المشكلة في تغطيتها للأحداث تمثلت على العموم في ضعف المساحة المخصصة لوجهة النظر العربية. في تلك الأثناء كان الإعلام الحكومي العربي يقدم الأخبار بشكل انتقائي وأحادي الجانب، أي بشكل لا يتعارض مع السياسات الحكومية، أو بشكل جعل منه منبرا لجلالة الملك وفخامة الزعيم. وقد بقي هذا الوضع كذلك إلى أن ظهرت قنوات فضائية إخبارية عربية كقناتي "الجزيرة" و"العربية" شكلت من وجهة نظر معظم خبراء الإعلام ما يشبه ثورة إعلامية. في هذا الصدد يؤكد الصحفي والكاتب الانجليزي هوغ مايلس أن ظهور فضائيات مثل الجزيرة و العربية و أبو ظبي قد غير من ملامح المشهد الإعلامي العربي، لأنها استطاعت كسر احتكار الإعلام الغربي.

سر تفوق الإعلام غير الرسمي

Logos arabischer Fernsehsender
بروز فضائيات جديدة في ظل الثورة الإعلامية

تتمتع الفضائيات الإخبارية غير الرسمية اليوم في العالم العربي بنسبة مشاهدة غير مسبوقة في إعلامنا العربي، فعلى سبيل المثال يشاهد قناة الجزيرة يوميا حسب هوغ مايلس حوالي أربعين مليون عبر العالم، فهي من خلال برامج مثل "الاتجاه المعاكس" و "أكثر من رأي" أحرجت الإعلام الحكومي الذي لم يرق بعد إلى ذوق المشاهد العربي، ولا يزال قابعا في ذيل الإعلام العالمي.

في هذا الصدد يرى الإعلامي اليمني عارف الصرمي أن ما توفر للإعلام العربي غير الرسمي أو الخاص إذا صح التعبير من نجاح ليس مرده فقط إلى مستوى الجودة وكفاءة الصحافيين العاملين في هذا القطاع، بل أيضا إلى تمتع وسائل الإعلام الخاصة بمساحة أكبر من الحرية مقارنة بوسائل الإعلام الرسمية. وهو الأمر الذي أدى إلى ظهور إعلام احترافي في بعض وسائل اٌلإعلام الخاصة التي تسود الفضاء الإعلامي العربي. فإحجام الجماهير العربية - بدرجة كبيرة - عن التعامل مع إعلامها الرسمي ، مرده إلى شعورها بأن هذا الإعلام لا يمثلها، ولا يعبر عن مشاكلها واهتماماتها و طموحاتها، الأمر الذي دفعها للتحول إلى الإعلام الرسمي، الذي بدأت قنواته الفضائية تملأ الفراغ الكبير الذي تركه الإعلام الحكومي.

وهذا ما يؤكده ياسين من المغرب وهو طالب بكلية الحقوق حيث يقول أن الإعلام غير الرسمي سيطر على الساحة الإعلامية العربية لأنه مستقل ويفضح الأمور السياسية الداخلية، وبالتالي يلعب دورا رياديا. نفس الرأي يؤكده محمد الطالب العراقي بألمانيا إذ يقول: "الإعلام غير الحكومي سحب البساط من الإعلام الرسمي نظرا لما يتمتع به من حيادية، كذلك لمساهمته في تحسيس الشارع العربي بهويته القومية أكثر من الجامعة العربية نفسها". أما سامي وهو طالب مغربي بجامعة بوخوم الألمانية فيرى بأن الإعلام غير الرسمي استقطب اهتمام المواطن العربي لكنه رغم ذلك لا زال يعمل في إطار هامشي بسبب الرقابة المفروضة عليه. في حين يرى الإعلامي من أصل سوري ومدير مكتب الجزيرة في برلين أكثم سليمان أنه لا يمكن الحديث عن حسم المعركة لصالح الإعلام الخاص فنجاح هذا الأخير ساهم إلى حد كبير في تحسين الإعلام الحكومي و بالتالي منافسته، وأضاف سليمان بأن أحد الأسباب تكمن ربما في أن "الإعلام الخاص في العالم العربي ليس إعلاما مستقلا بالمعنى التقليدي للكلمة".

وعي جديد لدى الجمهور العربي؟

Symbolbild Mediendialog Deutschland arabische Länder
متابعة أكبر للأحداث في عصر الفضائياتصورة من: DW

فاطمة المرنيسي - إحدى رائدات الحركة النسائية العربية - تقول إن الإعلام العربي غير الرسمي خلق فضاء كبيرا لدى المشاهد، وساهم بما أسمته "دعم توحيد الأمة الإسلامية الرقمية أمام الشاشات"، فظهور أدوات وأساليب جديدة في طريقة عمل هذا الإعلام، بالإضافة إلى حرفيته أدى إلى بلورة علاقات جديدة بينه وبين المتلقي العربي، حيث أثمرت هذه الأساليب عن ثورة عميقة في شمولها لوسائل الاتصال من حيث بناها ووظائفها، وكذلك في تأثيرها على المجتمع. وفي هذا السياق يمكن القول والكلام لفاطمة بأن هذه الشمولية تلعب دورا رئيسيا في تشكيل الرأي العام والتقريب بين المجتمعات والمساهمة في تبادل الخبرات والمعارف مع الآخرين في أنماط عيشهم.

الإعلامي اليمني عارف الصرمي يرى أن الإعلام الاحترافي عالي الجودة الذي ظهر لدى بعض القنوات العربية غير الرسمية قد ساهم في "انتشال الذهنية العربية بشكل عام من خندقة إعلام رسمي يسبح بحمد السلطان وينتهي عند مربعات استقبل وودع"، حيث انتقل هذا الإعلام الاحترافي إلى إعلام اللحظة وقضايا العقل والتنمية المعاصرة ومتطلبات الحياة اليومية. نتيجة لذلك اتسعت آفاق الجمهور العربي وتفتقت مداركه على قضايا لم تكن حاضرة في الإعلام الأحادي، وبالتالي فهو أسدى خدمة للوعي العربي من ناحية، ووضعه أمام تحدي بين الحضارة الإنسانية والثقافة العالمية من ناحية أخرى. في المقابل يرى الإعلامي أكثم سليمان أن الوعي الإعلامي العربي موجود بشكل دائم، وليس ثمرة المحطات والفضائيات الجديدة، لما يرتبط به من عوامل تاريخية وثقافية، وبالتالي فان وجود هذه المحطات خلق بيئة إعلامية عربية جديدة، لما لذلك من قضايا ذات اهتمام مشترك في العالم العربي.

الكاتب: عبد اللطيف فراكو

مراجعة: ابراهيم محمد

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد