1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تقرير "دولة القانون": استقلالية النظام القضائي الألماني تعطيه مكانة متقدمة عالمياً

٢٩ يونيو ٢٠١١

حققت ألمانيا مركزاً عالمياً متقدماً بحسب تقرير "دولة القانون حول العالم" السنوي، لعوامل عدة في مقدمتها استقلال القضاء المطلق في اتخاذ قراراته وسهولة اللجوء إليه والشفافية، كما يرى خبراء في حوار مع دويتشه فيله.

https://p.dw.com/p/11fee
ميزان العدالة الألماني يبدو أنه يحظى بتقدير دولي كبيرصورة من: Illuscope

صدر مؤخراً التقرير السنوي لقياس مؤشر "دولة القانون حول العالم"، وجاءت فيه كل من السويد والنرويج في مقدمة الدول التي تراعي مبادئ "دولة القانون"، فيما حققت ألمانيا مركزاً متقدماً في بعض المجالات التي بحثها مؤشر "دولة القانون حول العالم". ووضع التقرير تصنيفاً لـ 66 دولة بالنظر إلى عدد من المعايير مثل درجة مسؤولية الحكومة عن أعمالها وحصول المواطنين على العدالة وحماية الحقوق وفاعلية النظام في منع النشاطات الإجرامية ومدى تفشي الفساد.

استقلالية مطلقة

وأشارت نتائج التقرير إلى تفوق النظام القانوني والقضائي الألماني، فقد جاء في المرتبة الثانية خلف النرويج، فيما يتعلق بسهولة لجوء المواطنين إلى القضاء المدني. وعن الكيفية التي تم فيها إجراء هذه الدراسة، يقول الأستاذ توماس فيلتيس، وهو أحد الذين شاركوا في إعدادها، في حوار مع دويتشه فيله: "تم إرسال استبيان موحد إلى خبراء من جميع الدول محل الدراسة، وطلب منهم أن يعطوا معلومات عن كل المجالات المتعلقة بدولة القانون، وأن يقيموا مدى تطبيق معايير دولة القانون في دولهم". وفي ألمانيا وقع الاختيار على عدة خبراء مرموقين، كان فيلتيس من بينهم.

Prof. Dr. Thomas Feltes
توماس فيلتيس أستاذ القانون الجنائي في جامعة بوخوم، وأحد الخبراء الذين ساهموا في تقييم النظامين القانوني والقضائي الألمانيينصورة من: privat

ويرى الخبراء أن أهم العوامل التي أدت إلى تبوء القضاء الألماني مثل هذه المرتبة المرموقة، هو "استقلال القضاء المطلق في اتخاذ قراراته"، كما يقول شتيفان هيرتفيغ، الذي عمل كقاضٍ في وقت سابق، قبل أن يتجه إلى مهنة المحاماة. فيلتيس من جانبه يتفق مع المحامي الألماني ويعلق قائلاً: "المحاكم لدينا مستقلة استقلالاً مطلقاًً. ورأينا هذا في بعض قرارات كل من المحكمة الدستورية الاتحادية والمحكمة الاتحادية العليا في الأشهر القليلة الماضية، والتي لم تأت متوافقة على الإطلاق مع التوجهات السياسية السائدة". كما أن الشفافية في العمل وغياب الفساد في أروقة القضاء تعد من بين هذه الأسباب، حسب رأي الأستاذ هيرتفيغ.

ومن بين المميزات الأخرى في عدة دول أوروبية وفي مقدمتها ألمانيا أن الفقير يستطيع اللجوء إلى القضاء دون خوف من تكلفة مكاتب المحاماة، فالقانون الألماني يتضمن نصاً واضحاً يتيح لمن ليس لديه القدرة على دفع هذه التكاليف، أن يحصل على معونة قضائية من الدولة، تشكل كافة أتعاب المحامي حتى انتهاء إجراءات التقاضي.

وعن أهمية هذا التصنيف المتقدم يرى هيرتفيغ أن للنظام القضائي العادل دوراً كبيراً في الازدهار الاقتصادي للبلد، لأنه "يساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية، نتيجة للثقة التي تتولد لدى المستثمرين في النظام القانوني" من جهة. ومن جهة أخرى فإن لهذا الجانب أهمية كبيرة بالنسبة إلى مواطني البلد أنفسهم، حيث "يشجعهم الشعور بوجود قضاء فاعل على استثمار أموالهم دون تردد".

نقاط ضعف رغم الإيجابيات

Prof. Dr. Stefan Hertwig
شتيفان هيرتفج: قاضي سابق، يعمل حالياً كمحام وأستاذ للقانون في جامعة دوسلدورفصورة من: privat

فاعلية النظام القانوني الألماني كان من الممكن أن تكون أفضل، لولا بعض نقاط الضعف. فرغم هذا المركز المتقدم في القانون المدني إلا أن هناك شائبة واحدة تشوبه، ألا وهي "طول فترة إجراءات التقاضي"، كما يؤكد الخبير القانوني توماس فيلتيس. لكنه يضيف بأن هذا الأمر أفضل من التسرع في إصدار الأحكام، إذ يفضل الألمان "إجراءات التقاضي الطويلة، التي تحقق نتائج عادلة ومضمونة، على تلك الإجراءات السريعة التي قد تؤدي إلى ضياع بعض الحقوق". يُذكر أن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان كانت قد انتقدت هذه الإجراءات الطويلة في ألمانيا في أكثر من مناسبة.

لكن في ضوء هذا الانتقادات يرى هيرتفيغ أن "التأخر بالإجراءات لم يعد قاعدة عامة، وإنما أصبحت الإجراءات تسير بشكل أسرع في الدعاوي المدنية والإدارية".

ورغم أن بعض المختصين يعتبرون أن أجور المحاميين في ألمانيا مكلفة للأفراد، ويرون ذلك على أنه نقطة ضعف في النظام القانوني، إلا أن المحامي هيرتفيغ يشير إلى ضرورة التفريق في هذا السياق بين الأفراد العاديين وبين المؤسسات. فالأفراد يدفعون للمحاميين بموجب لوائح أجور المحاماة النافذة قانوناً في ألمانيا، والتي تقع في إطار معقول، كما يعتقد السيد هيرتفيغ.

أما بالنسبة إلى أجور المحاميين الذين يعملون للشركات والمؤسسات فهي تبدو أكثر تعقيداً. فهذا الجانب تم إخراجه من اللائحة المنظمة لأتعاب المحاماة، وأصبح يخضع لقانون العرض والطلب. والأساس المتبع في السوق يظهر الآن أن المؤسسات تلجأ إلى الاتفاق مع المحاميين على دفع أجور مرتبطة بالزمن الذي يقضونه في العمل، أي أن يدفع لهم على كل ساعة عمل لصالح الشركة مبلغاً معيناً، أو أن يتم الاتفاق على مبلغ مقطوع، حتى أن الدولة كشخص اعتباري، عندما تكون خصماً في قضية ما، تلجأ عادةً إلى نفس طريقة الشركات.

ويرى بعض الخبراء أن هناك مشكلة اجتماعية تتعلق بالتوجه إلى دوائر القضاء، وغيرها من السلطات. فالمهاجرون وذوو الأصول الأجنبية، أو بعض الأجانب الذين لا يملكون رخصة إقامة في ألمانيا، لا يجرؤون على اللجوء إلى القضاء، كما يرى توماس فيلتيس. ويعزو الخبير القانوني هذا الأمر إلى: "أن لديهم شعوراً سائداً بضعف فرصهم بالحصول على معاملة مماثلة كتلك التي يتلقاها غيرهم، أو خوفهم من الترحيل فيما لو كانت إقامتهم غير نظامية".

فلاح الياس

مراجعة: عماد غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد