1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تنامي "ظاهرة" الإرهاب يقلق المجتمع التونسي

طارق القيزاني ـ تونس١ يوليو ٢٠١٣

شهدت تونس خلال العامين الماضيين بعض الأحداث الإرهابية كان أبرزها اغتيال القيادي شكري بلعيد مؤخرا، هذه الأحداث أثارت قلق التونسيين. وفيما تقلل السلطات من مخاطرها، يرجع بعض الخبراء هذه "الظاهرة" إلى أسباب عدة.

https://p.dw.com/p/18ypT
صورة من: AFP/Getty Images

يخشى التونسيون من أن يتحول الإرهاب والعنف إلى معطى طبيعيا بينما لم يكن هذا المارد المخيف في وارد خاطرهم عندما انتفضوا ضد حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي منذ أكثر من عامين ونصف من أجل التنمية والتشغيل ومحاربة الفقر والفساد. وتستمد هذه المخاوف شرعيتها من تواتر أعمال العنف وانتشار الأعمال الإرهابية وتسرب السلاح وكثرة الجرائم وظاهرة الإفلات من العقاب.

ومع أن الحكومة، التي تقودها حركة النهضة الإسلامية، تسعى إلى التقليل من تلك المخاوف، بحجة أن ما يحدث في تونس لا يعد حالة شاذة، ويحصل في أعتى الدول الديمقراطية، كما وحصلت أحداث مماثلة في ظل النظام السابق، على غرار أحداث سليمان سنة 2006، إلا أنها ـ أي الحكومة ـ لم تنجح في امتصاص حالة الخوف والقلق التي تسيطر على جزء هام من الشارع التونسي، من أن يؤدي هذا الخطر إلى نسف مسار الانتقال الديمقراطي.

خطورة تحول الإرهاب إلى "ظاهرة طبيعية"

في حديثه مع DW عربية قال الإعلامي والمحلل السياسي صلاح الدين الجورشي، الخبير في شئون التيارات الإسلامية، إن "خطر الإرهاب يتمثل في عاملين اثنين؛ العامل الأول: أنه يشكل تهديدا جديا للسلم الأهلي والانتقال الديمقراطي، وإذا لم يتم التعامل معه بجدية فإنه يمكن أن يلتهم هذا المسار ويؤدي إلى حرب أهلية. لكن الخطر الأكبر هو عندما يتحول الإرهاب والعنف إلى ظاهرة طبيعية بشكل تدريجي، ويصبح الذين يتم الاعتداء عليهم مجرد رقم وليس مؤشرا خطيرا يجب أن يرج المجتمع في أعماقه".

Sleh Eddine Jourchi, expert and political analyst. Conference palace,Tunis 18 June 2013.
الإعلامي والمحلل السياسي صلاح الدين الجورشيصورة من: DW/T. Guizani

ومع أن النقاش العام في تونس بدأ مع تواتر أحداث إرهابية متفرقة عقب الثورة مثل أحداث الروحية في آيار/مايو 2011، وبئر علي بن خليفة بصفاقس في شباط/فبراير 2012 وفرنانة بمدينة جندوبة في كانون أول/ديسمبر 2012، إلا أن المنعرج الخطير حصل مع اغتيال القيادي المعارض شكري بلعيد في 6 فبراير الماضي. ويوضح الجورشي قائلا "نحن ما زلنا في بداية مقاومتنا للإرهاب، لكن نخشى أن تلك الرجة التي أحدثتها عملية اغتيال بلعيد من خلال الجنازة الضخمة التي شيعت جثمانه، أن تكون الآن في تراجع، وبالتالي يتراجع أيضا الوعي بخطورة الظاهرة".

وربما القلق الأكبر في هذه المرحلة يأتي من مدينة القصرين المحاذية للحدود الجزائرية حيث سقط إلى حدود الفترة الأخيرة ثلاثة قتلى وأكثر من عشرين جريحا في صفوف العسكريين والأمنيين أثناء تعقبهم لعناصر إرهابية مسلحة، منهم من بترت رجله وآخر فقدت عينه جراء الألغام التي زرعها المسلحون، الأمر الذي حول حياة أهالي القصرين إلى خوف ورعب مستمر.

ويوضح وليد البناني، النائب في المجلس الوطني التأسيسي عن حركة النهضة بدائرة القصرين لـDW عربية، "إن الناس يعيشون في حيرة وقلق، لأنهم لا يملكون الرواية الصحيحة لما يحدث وما يمكن أن يطمئنهم من أن ما يحصل هو إرهاب، وقد تم القضاء فعلا عليه. ولكن المخاوف تحوم حول إمكانية أن يغير هؤلاء من إستراتيجيتهم أو يعيدون انتشارهم".

ويضيف البناني في تحليله للحياة اليومية لأهالي القصرين وتالة المجاورة، "أن ما يضاعف حالة القلق أن هذا الواقع الجديد يزيد من معاناة أهالي المنطقة، الذين عاشوا لعقود في ظل التهميش والفقر وما زالوا يفتقدون إلى مشاريع التنمية بعد الثورة على الرغم من أنهم قدموا أكبر عدد من الشهداء والجرحى".

Walid Bennani, Deputy in the Constituent Assembly. Conference palace,Tunis 18 June 2013.
وليد البناني، النائب عن حركة النهضة بدائرة القصرينصورة من: DW/T. Guizani

وبالفعل تصنف القصرين من بين المناطق الأكثر فقرا بالجهة الغربية للبلاد إلى جانب المناطق الجنوبية، حيث يمكن أن ترتفع نسب البطالة إلى أكثر من 40 بالمئة كما يمكن أن تتخطى نسبة الفقر 30 بالمئة.

ويعترف البناني بأن الإرهاب يمثل عنصرا إضافيا منفرا للاستثمار بالجهة، لأنه يعطي صورة سيئة عن الوضع الأمني فضلا عن أن البنية التحتية المهترئة أصلا لا تشجع على قدوم المستثمرين، وهذا أمر سيزيد دون شك من تعقيد معيشة الأهالي وتعاظم السخط فيما بينهم، بحسب البناني.

الفقر بيئة خصبة للإرهاب

ويفسر كثير من المحللين في تونس تزايد الأحداث الإرهابية في البلاد بارتفاع نسب الفقر وإقبال الشباب على التجنيد في مخيمات المتشددين مقابل تمويلات ضخمة إلى جانب تراخي سلطة الدولة واهتزاز الأداء الأمني. ومن بين الأسباب الأخرى التي يعددها الدكتور نور الدين النيفر، الخبير في المنظومات الأمنية في لقائه مع DW عربية، ضعف التكوين التربوي للشباب وغياب التكوين المهني لهم، إضافة إلى غياب الفضاءات الثقافية والرياضية لتأطير هذه الفئات، وتفكك السلطة وسط الأسرة وهيمنة الفضائيات السلفية ذات المضامين الجهادية، وانتشار فكر الشعوذة، وتفكك مؤسسات الدولة التقليدية، حسب تعبير الخبير التونسي.

لكن المجتمع المدني في تونس لم يبق مكتوف الأيدي، حيث تعددت المبادرات لتنظيم المؤتمرات وحملات التحسيس (التوعية) للمواطن من أجل الوعي بخطورة "الظاهرة" وحثه على التعاون مع الجهات الأمنية لحماية نفسه أولا، والوطن ثانيا. كان آخرها المؤتمر الوطني لمناهضة الإرهاب الذي رعاه الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية بتونس والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بجانب منظمات أخرى.

الدكتور نور الدين النيفر، الخبير في المنظومات الأمنية
الدكتور نور الدين النيفر، الخبير في المنظومات الأمنيةصورة من: DW/T. Guizani

تحسين وسائل التصدي للإرهاب

ويؤكد رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، عبد الستار بن موسى في حديثه معDW عربية، في نفس السياق بأن ضمان الحرية والديمقراطية وتحقيق النمو وجلب الاستثمارات كلها تتوقف على شرط توفر الأمن. وهو يرى أن تونس في حاجة إلى ثورة ثقافية لاحتواء ظاهرة العنف المستشري في الشارع، مشيرا إلى أن هذه الثورة يجب أن تنطلق أولا بإصلاح النظام التعليمي والتربوي وتصحيح العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة وبين الرجل والمرأة وإشاعة ثقافة القبول بالرأي المخالف.

ويضيف الدكتور نور الدين النيفر من جهته أن قوات الأمن لا تنقصها الحنكة ولا التدريب والتكوين للقضاء على الإرهاب ومن يقف وراءه، ولكن المشكل ـ بحسب رأيه ـ يتمثل في نقص المعلومات. ويوضح قائلا: "بعض المواطنين يتعاونون مع الإرهابيين (ربما بشكل غير مباشر وبدون قصد)، إذ أن هناك بعض الإرهابيين القادمين من ليبيا والجزائر يعبرون الحدود دون أن يقع التبليغ عنهم خشية منهم. وأجهزة لا يمكن أن تعمل بفعالية الا عبر المعلومة فلو يقع التبليغ عن هؤلاء فإنها ستتدخل".

ويقول النيفر أن من أسباب الضعف في أجهزة الاستعلامات أن المواطن مازال يخشى من صورة "الواشي" عند التبليغ عن أي شيء مريب إلى الأجهزة الأمنية أو العسكرية، "وهو تفكير خاطئ ويتضارب مع ما هو شائع في الدول الديمقراطية، مثل ألمانيا وسويسرا والسويد وفنلندا حيث يقوم المواطن بإبلاغ الأجهزة الأمنية عن كل المخالفات وهو بذلك يحمي ذاته بذاته".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد