1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حتى السرطان لا يعيق أطفال ألمانيا عن التعليم

٣٠ مايو ٢٠١١

عادةً ما يفرح الأطفال العاديون عند وجود عذر، كإصابتهم بزكام خفيف، يُعفيهم من الذهاب إلى المدرسة. لكن الأطفال الذين يعانون من أمراض مزمنة كسرطان الدم وأورام الدماغ الخبيثة يتشوقون لتلقي العلم في مستشفيات ألمانيا المدرسية.

https://p.dw.com/p/11Pa5
تلميذة تتلقى دروسا على سرير المرض في المستشفىصورة من: DW

يشعر الكثير من التلاميذ بالسعادة إذا سنحت لهم الفرصة للتغيب عن المدرسة بسبب إصابتهم بوعكة خفيفةً. ولكن الأمر يختلف كثيرا إذا كان الأطفال مصابين بمرض يضطرهم للإقامة في المستشفى لفترة طويلة ويهدد حياتهم بالخطر. فبالإضافة إلى الخوف من المرض يساورهم قلق حرمانهم من مواصلة حياتهم المدرسية. ومن هنا تبرز أهمية ما يسمى بالمستشفيات المدرسية في ألمانيا، والتي تؤدي مهمة مزدوجة تتمثل في علاج الأطفال وأيضاً في تعليمهم بعضا من المناهج المدرسية، كي يتسنى لهم لاحقا الالتحاق بمدارسهم الاعتيادية والاندماج فيها دون مشاكل بعد شفائهم وخروجهم من المستشفى.

مدرسة المستشفى تمنح الأطفال الشعور بالحياة اليومية

Schule für Kranke
الأطفال يذهبون إلى غرفة الصف مصطحبين معهم محاليلهم الطبية اللازمة للعلاجصورة من: DW

وفي غرب ألمانيا، وبالتحديد في مستشفى مدينة كولونيا الجامعي، يوجد مستشفى مدرسي من هذا النوع، وهو مستشفى متخصص بالأورام الخبيثة، وبين مرضاه يوجد عدد من الأطفال. وهي أمراض يحتاج معها الأطفال إلى الحقن اليومي بالمحاليل الطبية وإلى المعالجة الكيمائية. ويتلقى معلمو المدرسة في الصباح الباكر من ممرضات المستشفى قائمة بأسماء المرضى والمريضات الصغار الجدد. وبحسب جدول العلاج تتناوب على هؤلاء المعلمين مجموعات مختلفة من التلاميذ، كما تقول مدرِّسة مواد الرياضيات واللغتين الإنكليزية والألمانية مونيكا كوبَر، والتي تغسل يديها وتعقمهما جيدا قبل دخولها إلى غرف الفصل المدرسي في المستشفى: "أحيانا يكون علينا نحن المعلمين في المستشفى ارتداء معاطف وأقنعة واقية كي لا ننقل للأطفال ميكروبات وجراثيم من خارج المستشفى".

Schule für Kranke Lehrerin Monika Küpper und Schülerin Alessa
التلميذة إليسا تتردد باستمرار على المستشفى من أجل المعالجة الكيميائية وتأخذ دروسا خاصة في مدرسة المستشفىصورة من: DW

ومنذ ستين عاما والأطفال المرضى يتلقون التعليم المدرسي في هذا المستشفى، بل ويذهب المعلمون في أحيان كثيرة إلى أسِرَّة الأطفال الذين يضطرون للرقود فيها لمدة قد تزيد عن أربعة أسابيع متواصلة. وهؤلاء المعلمون يُسمَّون بالمعلمين السريريين. وتشعر المعلمة غابي ستادلر بالذهول والدهشة من مدى حماسة هؤلاء الأطفال وفرحهم الكبير عند التعلم رغم ألم المرض والخوف منه. وهي ترى أن التعلم يُشعِرهم بالسعادة، وتستطرد قائلة: "المدرسة لا تكون عادة مرتبطة بالمرح لدى التلاميذ العاديين. لكن التلاميذ المرضى يستمتعون بالتعلّم بل ويشتاقون إليه. وأعتقد أنهم كذلك لأن ذلك يُشعرهم بأن لهم حياة وروتيناً يومياً. وأعتقد أن هذا هو أكثر ما يمتعهم في التعلّم".

تحديات ومخاوف

يوجد الفصل المدرسي في الطابق الأرضي من المستشفى. وينتمي التلاميذ المرضى الذين يدرسون فيه إلى مستويات دراسية مختلفة ويجلسون على كراس ٍ صغيرة. ولكن لا يستطيع كل التلاميذ الذهاب إلى غرفة الصف في الطابق الأرضي، لذا فإن معلمة الرياضيات غابرييلا باولي مثلاً تذهب بنفسها إلى أقسام رقود الأطفال في المستشفى لتعليمهم. وهي تفضل ذهابها إليهم وليس نزولهم إليها، وتقول: "من الأفضل أن يبقى كثير من الأطفال في غرفهم. كما أن إنزالهم إلى الطابق الأرضي يستغرق وقتاً طويلاً بسبب الحاجة إلى حمل أكياس المحاليل الطبية. وأنا شخصيا أفضل التدريس على سرير التلميذ المريض".

Schule für Kranke
طفل مصاب بالسرطان يلعب بدراجة صغيرة وأكياس المحاليل الطبية متصلة بهصورة من: DW

والأطفال المرضى يعانون من أمراض مثل سرطان الدم وأورام الدماغ الخبيثة وغيرها من الأمراض المزمنة. وبعد اكتشاف إصابتهم بالمرض بعد التشخيص مباشرة، لا يكون لديهم عادة أية رغبة في السماع عن المدرسة داخل المستشفى. فمثلاً التلميذة ريرا، البالغة من العمر ست عشرة سنة، رفضت في بادئ الأمر تلقي الدروس من المعلمة على السرير. لكنها أصبحت الآن تتشوق للدروس. وهي مصابة بسرطان الدم وترقد منذ أكثر من سنة في جناح معالجة السرطان بالمستشفى، وتقول: "شيء رائع أن أتلقى التعليم المدرسي هنا. فأنا لا أستطيع الذهاب إلى المدرسة بسبب أنبوب القسطرة المتصل بي والذي يزوّدني بالسوائل والعلاج. لكننا في مدرسة المستشفى لا نتعلم إلا ثلاث مواد فقط. أما الكيمياء والأحياء فعلينا تعلمهما بأنفسنا، لذلك تفوتني بعض الدروس في هاتين المادتين".

وكثيرا ما يواجه المعلمون تحديات أثناء عملية تدريس التلاميذ المرضى عندما يكون أحد الأطفال غير قادر جسديا على مواصلة عملية التعلم، كأن لا يكون قادراً على حمل قلمه مثلاً. وهي حالات يرى فيها المعلمون اليأس في عيون الأطفال. ولا يُلزِم المعلمون الأطفال بأن يكون أداءهم متميزا وخارقا أثناء التعلم ويُطمئِنونهم بأن ذلك لا يأتي في المقام الأول. وإلى جانب المناهج المدرسية، يتعلم التلاميذ أيضا عن طبيعة المرض المصابين به. كما وتساعدهم مدرسة المستشفى على تقليل مخاوفهم، كما يقول مدير المدرسة فولفغانغ أولسنار: "من الصعب تحميس التلاميذ الصغار المرضى الذين يشعرون بالحزن عندما تحتل أفكار الخوف من المرض عقولهم. ولذلك فإن التعليم في المستشفى يُخرجهم من أحزانهم ويجعلهم أكثر وعيا بمرضهم".

أمل الأطفال في المستقبل رغم الآلام

Schule für Kranke Gabriela Pauli und Schülerin Reira
المعلمة غابرييلا باولي تفضل الذهاب إلى الأطفال في أقسام المستشفىصورة من: DW

ويخشى الأطفال في المستشفى من عدم تمكنهم في المستقبل من اللحاق بركب التعليم المدرسي ومن عدم قدرتهم على مواكبة المستوى التعليمي لزملائهم في مدنهم وبلداتهم وأحيائهم الأصلية. فالتلميذة أليسا، البالغة من العمر أربعة عشر عاما، تم استئصال الأورام السرطانية الخبيثة من عظامها قبل أكثر من سنة، ولكنها مضطرة إلى المجيء إلى المستشفى بشكل شبه يومي لتلقي المعالجة الكيميائية بهدف التخلص نهائيا من آثار السرطان في عظامها. وتحاول الفتاة الصغيرة، ذات الشعر البني والأظافر الملونة بخضاب أزرق، تناسي مرضها أيضا من خلال الدروس التعليمية المدرسية الخاصة التي تتلقاها في مدرسة المستشفى، وتقول :"شيء جيد أن أتلقى دروسا في المستشفى. ولو لم يكن الأمر كذلك لكنتُ طـُرِدتُ من مدرستي في الحي الذي أسكن فيه. وهذا ما أحاول تجنبه وتفاديه".

وتـُولي مدرسة المستشفى أهمية خاصة للتعاون بين الآباء والأمهات والمستشفى والمدارس الأخرى. وبواسطة شبكة الإنترنت والكاميرات المرتبطة بها يتواصل التلاميذ المقيمون في المستشفى اجتماعيا من أسـِرّتهم مباشرةً مع زملائهم التلاميذ في مدارسهم الأصلية. والمنهج التعليمي المدرسي لا يمثل الأولوية الأولى، كما يقول فولفغانغ أوسلار مدير مدرسة المستشفى، والذي يشدد على أن الأطفال بحاجة إلى تأمين مستقبلهم، مضيفاً: " الشيء المميز في مستشفانا المدرسي هو أن الحياة المدرسية مستمرة لدى الأطفال رغم تغيير المرض لحياتهم بشكل كبير. وحتى الأطفال الذين يعلمون أن مرضهم عُضال ومزمن ويهدد حياتهم بالخطر، يحسبون حسابا لحياتهم المقبلة. وهم مقتنعون بأن من يتلقى التعليم اليوم، يحفه أمل واعد بمستقبل زاهر".

إرِم أوزغوكتشيلـَر / علي المخلافي

مراجعة: عبد الرحمن عثمان

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات