1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حسن الخفاجي:الشعوب فداء للقادة

١٩ أكتوبر ٢٠١٠
https://p.dw.com/p/PiHW

شارك رئيس تشيلي سيبستيان شعبه محنتهم وفرحتهم بإنقاذهم 33 عامل منجم .

ظل الرئيس واقفا لمدة 22 ساعة و39 دقيقة الفترة التي استغرقتها عملية الإنقاذ وهو بهذا سجل رقما عالميا بالمطاولة لأطول مدة وقفها رئيس دولة في محنة مع شعبه.

كم سنة يجب ان يظل القادة العرب واقفين لحين ان نعرف من فقدناهم في جميع حروبنا الخاسرة ؟.

كم سنة يجب ان يظلوا مستيقظين إلى ان نعرف مصير من غيبوا وعذبوا في سجونهم ؟.

كم سنة إضافية يجب ان يعيشوها وقوفا إلى حين إخلاء المقابر من ساكنيها من الأحياء الذين شاركوا الموتى قبورهم ؟ . متى يبنوا للأحياء مساكن تليق بهم كبشر؟.

كم سنة يجب ان يظلوا مكبلين حتى نعرف ما فائدة كل ما قدموه من تنازلات وذلة على حساب الأوطان؟.

كم سنة يجب ان يغيبوا حتى نعرف منهم مصير أموالنا وقاتلينا ؟.

كم سنة يجب ان يعيشوا مثلنا , ليعرفوا معاناتنا ومرضنا وازدحام شوارعنا ومخابزنا ومستشفياتنا ودوائرنا وتلوث طعامنا وهوائنا ومدننا ؟ .

كم عام يجب ان يكف الحكام عن السرقات لتشبع الشعوب ؟

كم عام يجب ان يناموا كي ينتهي ارقنا وننام ونحلم بالغد السعيد دون خوف ومداهمات ؟

كم رئيس مثل سيبستيان التشيلي نحتاج لكل دولة عربية ؟ .

كم مرة نعيد إعدامهم كي تقر عيوننا وعيون الأرامل والأيتام ؟.

أسئلة أخرى كثيرة حائرة من سيجيب عليها الحكام , أم فواهات بنادق الشعوب ؟.

مصير المعذبين والجياع واحد , ومواقف الطغاة من المعذبين واحد أيضا!.

لحقت أرواح الضحايا العراقيين بأرواح ضحايا الزلازل , وضحايا سقوط المباني وحوادث تصادم وحرق القطارات في مصر , وتوحد مصير الغرقى في سيول جدة , و سيول مصر , وغرقى جريمة جسر الأئمة , وضحايا العبارة المصرية , حينما غابت الحكومات عن حضور فوري وقت الحوادث وهرب المتسببون بالحوادث إلى الخارج!!.

غاب مبارك عن أبناء شعبه وقت محنتهم , واستقبل الملك عبد الله ضيوفه في مزرعته في (القنادرية) , وظهر بعد حين يرقص بسيفه وأبناء جدة وممتلكاتهم جرفتها السيول .

في الشرق المسلم ثمة معادلات ظالمة منها: الموت والجوع والحرمان مصير الشعوب , النعيم والرخاء مصير القادة وأسرهم ومقربيهم , الشعوب فداء وخدم للقادة وشعارات القادة تقول: (القائد فداء للشعب أو القائد في خدمة الشعب) !.

بين تشيلي والعراق حكاية وتاريخ مشترك من الدماء المسالة ظلما . أحب اغلب العراقيين عبد الكريم قاسم واخلصوا له وأحب التشيليون الرئيس سلفادور الليندي . قتل البعثيون بالتعاون مع الغرب عبد الكريم قاسم في انقلاب عسكري وارتكبوا المجازر والمذابح حتى ان ملعب الإدارة المحلية سابقا ملعب نادي الكرخ حاليا استعمل كمعتقل وجرت فيه تصفيات كثيرة , في تشيلي قتل فكتور جارا مطرب الشعب الشيلي والمئات من أبناء شعبه في ملعبهم الوطني لكرة القدم ! .

مثلما قاوم الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم المتآمرين , لم يستسلم الرئيس التشيلي المنتخب سلفادور الليندي , للمتآمرين الذين طالبوه بالاستسلام ولم يهرب . لبس أللندي اللباس التقليدي الذي يلبسه رؤساء تشلي , وخرج للمتآمرين الذين قتلوه على الفور مثلما قتل البعثيون قاسم !.

أرتكب بينوشيه قائد الانقلاب المذابح في شيلي , قمع معارضيه لمدة طويلة , مثلما فعل صدام والبعث. انتفض الشعب على بينوشية في حركة شعبية إلى ان أقيل من الحكم , اقتيد الجنرال القاتل إلى قاعات المحاكم في لندن , بعدها ظل تحت الإقامة الجبرية في بلده إلى ان رفعت عنه الإقامة ليموت في وحدة العناية المركزة .نزل التشيليون إلى الشوارع ليحتفلوا بنهاية دكتاتور مجرم , مثلما نزل العراقيون إلى الشوارع بعد نهاية حكم أعتى دكتاتور.

تداول التشيليون السلطة بشكل ديمقراطي سلسل , إلى ان وصل سدة الحكم الرئيس الحالي سبيستيان بينيرا , كسب الرئيس التشيلي رضا شعبه وربه , واظهر الوجه الحسن للنظام الديمقراطي , الذي يأتي بمن يختارهم الشعب ويرتبط اغلبهم بشعوبهم وقت المحنة !

الملايين من العرب يحلمون: بمشاهدة رئيس , أو حاكم عربي يفعل من اجلهم مثلما فعل الرئيس التشيلي سبيستيان مع 33 عاملا من أبناء شعبه , ولو ليوم واحد , أو في محنة واحدة !.

يموت الجياع العرب وأمراء وأفندية الأسر الحاكمة: الملكية , والجمهورية , و الإماراتية والسلطانية , والجماهيرية العظمى , يخسرون الملايين في صالات القمار , أو بين حشود الغانيات .

سيرزق الله العراقيين بحاكم يشبه الرئيس التشيلي , الذي لم ينم ويترك شعبه , لأننا سائرون على طريق الديمقراطية . بعدما تنتهي محنتنا سيلتفت الله على أبناء عمومتنا (الكدعان) ويرزقهم برئيس مثلما يتمنون لأنهم شعب حي , أما (أبو متعب) وعائلته ومن على شاكلته من طويلي العمر واللحى , فأمرهم وأمر شعوبهم متروك للمستقبل البعيد حينما تنضب آبار النفط .

اعملوا على مجيء سبيستيان عراقي وعربي , لكن ليس على هيئة لاعب مثل اللاعب البرازيلي سيبستيان الذي جنسته قطر, بل على هيئة رئيس عادل مثل رئيس تشيلي وان كان باسم آخر أو بجنسية أخرى !.

(الله يمنحنا العقول والأيادي لكنه لا يبني لنا الجسور) حكمة غربية