1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

خبراء ألمان يرحبون بحذر بالاتفاق على سلطة انتقالية في ليبيا

حسن زنيند
١٠ فبراير ٢٠٢١

انتخب عبد الحميد دبيبة رئيسا للحكومة المؤقتة التي ستقود المرحلة الانتقالية في ليبيا، من قبل المشاركين في منتدى جنيف برعاية أممية. ألمانيا كما باقي الدول الأوروبية تابعت عن كتب هذا التحول الهام في الضفة الجنوبية للمتوسط.

https://p.dw.com/p/3pAhf
أعلام ليبيا، ألمانيا، الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة
الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الكبرى بينها ألمانيا رحبت باتفاق الليبيين على مرحلة انتقالية وأعلنت عن دعمها للحكومة المؤقتةصورة من: AFP/O. Andersen

بعد عشرة أعوام على رياح "الربيع العربي" التي أطاحت بنظام معمر القذافي، لا تزال ليبياغارقة في فوضى سياسية وأمنية تفاقمها التدخلات الخارجية وتحرم الليبيين من ثروات بلادهم الهائلة. غير أن بارقة أمل بدأت ترتسم في الأفق قد تُخرج البلاد من عنق الزجاجة بعد انتخاب الفرقاء الليبيين محمد دبيبة رئيس وزراء انتقالي مع ثلاثة أعضاء جدد للمجلس الرئاسي من المناطق الثلاث الكبرى في ليبيا بهدف إعادة توحيد أهم مؤسسات البلاد التي عانت من حرب أهلية قسمت البلاد بين غربها وشرقها.

الهدف الرئيسي لأجندة فريق دبيبة هو تنظيم انتخابات عامة في ديسمبر/ كانون الأول المقبل. ويترأس المجلس الرئاسي الجديد محمد المنفي ونائباه عبد الله اللافي وموسى الكوني، بينما يترأس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد دبيبة. موقع "فيلت" الألماني (السادس من فبراير/ شباط 2021) استشهد بتوماس فولك من مؤسسة "كونراد أديناور" الألمانية في تونس بالقول "كانت هناك رغبة في صعود وجوه جديدة، والآن لدينا وجوه جديدة (..) لا يزال هناك الكثير من الأشياء المفتوحة وهناك الكثير من الشكوك التي لا يمكن الحسم فيها".

Infografik Karte Libyen Pipelines AR

دبيبة دعا الليبيين "للالتفاف حول هذه الحكومة" من أجل "إعادة بناء" البلاد، مُبديا استعداده "للاستماع للجميع والعمل مع الجميع باختلاف افكارهم ومكوناتهم وأطيافهم ومناطقهم". وقد لقي دبيبة في ذلك دعما واضحا من قبل المجتمع الدولي، إذ سارعت برلين عبر سفيرها في طرابلس إلى التأكيد على دعمها الكامل للسلطة التنفيذية المؤقتة. وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة "نويه تسوريخرتسايتونغ" الصادرة في سويسرا (الثامن من فبراير/ شباط 2021) "إن مجرد اختيار قيادة موحدة جديدة هو نجاح لليبيا المقسمة. عندما اجتمع 74 عضوا مما يسمى بمنتدى الحوار السياسي في جنيف، لم يكن من المؤكد ما إذا كانوا سيتمكنون من الاتفاق على قيادة رباعية بحلول نهاية الأسبوع".

ترحيب دولي وأوروبي بالسلطة الانتقالية

أجمع الفاعلون الدوليون على الترحيب باتفاق الفرقاء الليبيين في جنيف على سلطة تنفيذية انتقالية. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "أعتقد أن ذلك يمثل اختراقا"، مضيفا أنها "أخبار جيدة جدا في بحثنا عن السلام" بعد اتفاق لوقف إطلاق النار. وانضمت حكومات ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا إلى الولايات المتحدة في الترحيب بالحكومة الانتقالية الليبية الجديدة، لكنها حذرت بأن الطريق "لا يزال طويلا". وبهذا الشأن كتب موقع "فيلت" (السادس من فبراير/ شباط 2021) إن "إحدى التناقضات هو الدستور الليبي الجديد. يوجد حتى الآن اثنا عشر مشروع دستور يتعين على الحكومة المؤقتة التعامل معها. هل يجب أن تحصل ليبيا على نظام فيدرالي؟ كيف سيتم دمج الفئات الاجتماعية والمناطق المختلفة؟ أمام الحكومة الجديدة عشرة أشهر فقط حتى انتخابات ديسمبر/ كانون الأول لحل هذه القضايا. يجب إجراء استفتاء على الدستور قبل ذلك. "الوقت قصير وقد لا يكون كافياً". غير أن هناك آمالا بأن يطوي الاتفاق الجديد صفحة جولات من المد والجزر في محادثات ماراثونية بدأت مع اتفاق الصخيرات في المغرب عام 2015 برعاية الأمم المتحدة، والذي أفضى إلى تشكيل حكومة الوفاق الوطني (مقرها طرابلس) برئاسة فايز السراج.

وقد حاولخليفة حفتر، قائد شرق ليبيا منذ أبريل/ نيسان 2019، الاستيلاء على طرابلس بمساعدة مرتزقة سودانيين وروس. لكن بفضل الدعم العسكري التركي والمرتزقة السوريين، تمكن رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج من صد الهجوم وتغيير مسار الحرب. وينظر الباحث في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية فولفرام لاخر في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس" بشيء من الشك إلى قدرات الحكومة الانتقالية الجديدة، بقوله "سيكون لديها القليل من القوة على الأرض. ستجد صعوبة كبيرة في ممارسة أي نفوذ في شرق ليبيا، وحتى في غربها، وستواجه معارضة قوية. ليس في قدرة سلطة تنفيذية انتقالية توحيد ليبيا".

مجلس رئاسي ورئيس حكومة في ليبيا.. هل هي نهاية الحرب؟

برلين تدعم "بشكل كامل" السلطة الجديدة

اتفق سفير ألمانيا لدى ليبيا، أوليفر أوفتشا، مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية الانتقالية، عبد الحميد دبيبة على أولويات المرحلة المقبلة، حسبما تغريدة للسفير الألماني نشرها على حسابه (الاثنين الثامن من فبراير/ شباط 2021). وقال السفير الألماني إنه أجرى "أول مكالمة ودية مع رئيس الوزراء المنتخب عبد الحميد دبيبة، حيث قمت بتهنئته وأكدت دعم ألمانيا الكامل للسلطة التنفيذية المؤقتة". وأوضح أوفتشا أنه "بناءً على خارطة طريق ملتقى الحوار السياسي الليبي، اتفقنا على الإعداد للانتخابات والمصالحة وتقديم الخدمات كأولويات للمرحلة المقبلة".

ويتناغم الموقف الألماني مع مواقف الفاعلين الدوليين الآخرين كالأمم المتحدة والإدارة الأمريكية الجديدة. وبهذا الصدد هنأت ستيفاني ويليامز، رئيسة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، الليبيين على هذا الانجاز. وهو ما علقت عليه صحيفة "تاغس تستايتونغ" اليسارية الألمانية (السادس من فبراير/ شباط 2021) بالقول "بفضل انخراط الدبلوماسية الأمريكية، انتهت الحرب الآن بعد عام واحد بالضبط من مؤتمر برلين. وقرر مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي إرسال بعثة مراقبة غير مسلحة إلى الجبهة السابقة في سرت بعد اجتماع جنيف للتحقق من قرار انسحاب الميليشيات من الجانبين".

مواقف متباينة بشأن رئيس الوزراء الجديد

تثير شخصية عبد الحميد دبيبة، رئيس الحكومة المؤقتة، ردود فعل مختلفة، فهو لا يحظى بإجماع كامل، خصوصا وأنه شغل مناصب مهمة في ظل نظام القذافي، وكان ينتمي للدائرة المقربة التي كان يثق فيها العقيد. كذلك، كان قريبه علي دبيبة، وهو أيضا رجل أعمال، رهن تحقيقات في ليبيا وأماكن أخرى بتهم اختلاس. ولم يكن متوقعا فوز قائمة دبيبة أمام القائمة المنافسة التي تشمل وزير الداخلية القوي في حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا ورئيس البرلمان عقيلة صالح.

"نويه تسوريخرتسايتونغ" كتبت بهذا الشأن وقالت "من الناحية السياسية قد يكون دبيبة صفحة بيضاء، لكنه شخصية لا تخلو من عوامل الجدل". واستشهدت الصحيفة برأي الخبير في الشؤون الليبية طارق المجريسي، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية الذي قال إن "اسم عائلة (دبيبة) مرادف للفساد في عهد القذافي". فقد أدار دبيبة، الحاصل على شهادة في الهندسة من جامعة تورنتو، شركة استثمارية تابعة للدولة من 2007 إلى 2011 مسؤولة عن بعض أكبر مشاريع الأشغال العامة. في نوفمبر/ تشرين الثاني، أثيرت مزاعم بأن دبيبة حاول شراء أصوات داخل منتدى الحوار".

 أما "تاغس تستايتونغ" فرأت أن "انتخاب دبيبة كان مفاجأة كبيرة لكثير من الليبيين، لأن وزير الداخلية الحالي فتحي باشاغا (45 عاما)، بدا وكأنه حسم المعركة كفائز مؤكد، خصوصا وأنه أضعف ميليشيا طرابلس في الأشهر الأخيرة. وكان على قائمته الانتخابية عبد السيف النصر، وأسامة جويلي، وعقيلة صالح، وهم ثلاثة قيادات سياسية ذات ثقل (..) غير أن القائمة التي يرأسها باشاغا وصفتها بعض وسائل الإعلام الليبية بأنها مجموعة ديناصورات سياسية من الماضي".

آمال في إحياء الاقتصاد الليبي المتعثر

فرانكفورته ألغماينه تسايتونغ" (الخامس من فبراير/ شباط 2021) كتبت أن "الصراع الليبي معقد، فهناك تنافس على توزيع موارد الدولة الغنية بالنفط حيث تتنافس الميليشيات والقادة السياسيون من مختلف مراكز السلطة للوصول إلى المؤسسات. حتى حكومة الوفاق في طرابلس، التي يجب أن تستقيل الآن، كانت حكومة توافق ضعيفة تعتمد على كارتل من الميليشيات"، حسب فولفرام لاتشر من مؤسسة العلوم والسياسة في برلين الذي استشهدت به الصحيفة. ففي العام الماضي، أغلقت فصائل موالية للمشير حفتر منشآت إنتاج النفط الرئيسية مطالبة بـ"توزيع أفضل" للإيرادات التي تديرها طرابلس. لكن فشل الهجوم للسيطرة على العاصمة دفعهم إلى التخلي عن هذا الابتزاز. وانتعش الإنتاج النفطي ليبلغ 1,3 مليون برميل يوميا في ديسمبر/ كانون الأول 2020، أي عشرة أضعاف ما كان عليه في الربع الثالث من عام 2020. لكن الانتاج ظل أقل من 1,6 مليون برميل وهو المستوى الذي كان عليه قبل عشر سنوات. وبعدما رُفع الحصار الدولي عن نظام القذافي أطلقت ليبيا مشاريع بنية تحتية عملاقة. وهكذا تدافعت عشرات الشركات العالمية من مختلف القارات، لكن هذا الزخم توقف في عام 2011 بعد انهيار نظام القذافي في سياق الربيع العربي.

 ومنذ ذلك الحين والليبيون يواجهون صعوبات في مواجهة متطلبات الحياتية اليومية في ظل نقص حاد في السيولة والبنزين والكهرباء والتضخم المتسارع. أقرت وزارة الاقتصاد في حكومة الوفاق الوطني مؤخرا بأن غالبية الضروريات الأساسية ارتفعت أسعارها بأكثر من 50 بالمائة في عام 2020. ويُعزى الأمر إلى القيود التي فرضها المصرف المركزي في طرابلس وكذلك جائحة كوفيد-19 التي أدت إلى تفاقم الأزمة. ومن هنا تأتي أهمية الاتفاق على سلطة انتقالية، لأنه دون رسم أفق سياسي واضح لن تتمكن ليبيا من الخروج من أزمتها الاقتصادية الخانقة.

موقع "نويس دويتشلاند" (السابع من فبراير/ شباط 2021)، علق على اتفاق جنيف وكتب أن "الأمر يتوقف في نهاية المطاف، على ما إذا كان سيترجم (الاتفاق) على أرض الواقع بنجاح، وعما إذا كانت القوى المتنافسة على السلطة منذ الإطاحة بمعمر القذافيعام 2011 مستعدة للخضوع لحكومة مركزية. وتتمثل المهمة الأساسية للحكومة الانتقالية في نزع سلاح المليشيات التي لا تعد ولا تحصى واستعادة الأمن في البلاد حتى يتمكن أكثر من نصف مليون نازح في الداخل من العودة إلى ديارهم والتصويت في الانتخابات".

حسن زنيند