1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ذكرى كارثة أنفال الكرد الفيليين عام 1980

عادل مراد - السليمانية١٠ أبريل ٢٠١٤

يرى عادل مراد ان التغيير في العراق، يتغافل عن مأساة الكرد الفيلية في العراق، التي لا تختلف عن حلبجة والأنفال ومأساة انتفاضة آذار 1991 في جنوب العراق..ويتساءل، لماذا لا يلتفت احد إلى تلك المأساة؟

https://p.dw.com/p/1Bev6
Syrische und irakische Flüchtlinge
صورة من: picture-alliance/dpa/landov

قبل 34 سنة وفي ظلمة الليل هاجم اوباش نظام صدام بيوت مواطنين عراقيين أبا عن جد لا لذنب ارتكبوه سوى لأنهم ينتمون الى قوميتهم الكردية ومذهبهم الشيعي ،لكي ينتقم البعث المقبور من مواقفهم التاريخية المشرفة ،بدء بموقفهم الثوري ازاء ردة شباط 1963 ضد حكم عبد الكريم قاسم الوطني، مرورا بمواقفهم القومية الوطنية من الثورة الكردية منذ اندلاعها في ايلول 1961 ، فقد دشن البعث عنصريته الدموية التاريخية، بعد استلامه للسلطة عام 1968 ، بتهجير أكثر من 70 ألف عائلة كردية فيلية إلى إيران الشاه في شتاء 1970-1971 ، بحجة دعمهم لليسار العراقي وعدم إيمانهم بمبادئ البعث والثورة، وخروجهم في مظاهرات عارمة تأييدا لاتفاقية آذار1970 في ساحة التحرير ببغداد ، وانخراطهم الواسع في التنظيمات الديمقراطية والجماهيرية للحزب الديمقراطي الكردستاني في تلك الفترة..

ولم ترضِ تلك الحملة الظالمة ،النزعة العنصرية -الشوفينية للبعث وللدكتاتور، لا بل تجاوز في غيه فاصدر أمرا بجمع مئات من تجار العراق في قاعة الشعب في بغداد يوم 7/4/1980 بحجة منحهم إجازات استيراد جديدة ، احتفاء بميلاد حزب البعث... وكان اكثر من اربعمائة تاجر من الدرجة الأولى من الكردلاالفيلية،في تلك القاعة التي ضمت حوالي تسعمائة تاجر من حاملي هوية غرفة التجارة من الفئة( أ ) !

أفتتح الاجتماع طه ياسن رمضان، بخطاب مسموم عنصري، ثم أوعز الى جلاوزته لإخراج التجار من الكرد الفيليين من الباب الخلفي لقاعة الاجتماع ، وتوجهت بهم الباصات وعلى الفور، الى الحدود العراقية الإيرانية لطردهم من وطنهم العراق وهم لا يحملون ،إلا هوياتهم ومفاتيح سياراتهم .....لقد تم إسقاط الجنسية العراقية عنهم وعن نصف مليون كردي فيلي آخر، بموجب قرار فريد من نوعه ، صادر عن مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 666 المؤرخ في 7/5/1980 والمنشور في جريدة الوقائع العراقية الرسمية رقم 2776 ، وتم تجريدهم من جميع الممتلكات والبيوت، والوثائق الثبوتية وشركاتهم ومتاجرهم العامرة ومصانعهم المنتجة .

فتم حجز مئات الآلاف من العوائل الكردية الفيلية في بغداد والكوت وخانقين والحي وبدرة وجصان والبصرة وديالى وميسان والكوفة والناصرية خلال اشهرو بطرق همجية لا مثيل لها في التأريخ المعاصر، في سجون ومعتقلات النظام الدموي في الكاظمية والفضيلية وصدر القناة وأبي غريب والحبانية وسجون ومعتقلات محافظات واسط وبابل والبصرة وديالى والناصرية وميسان والكوفة والحي وخانقين ومندلي وغيرها من معتقلات صدام المقبور.

"الكرد الفيليين لم يتم إنصافهم رغم صدور قرارات عادلة بحقهم"

لقد قيل الكثير عن تلك الحملة الوحشية التي طالت أكثر من( 600000 ) من المواطنين الكرد الفيليين في العراق، كما استغل الكثير من الساسة في بغداد والإقليم هذا الملف لأغراض حزبية وانتخابية مؤقتة ، وأداروا ظهرهم للكرد الفيليين عند ترتيب القوائم الانتخابية والوظائف الحكومية وبشكل خاص في كردستان ،وتنكر الكثير من الساسة الكرد المعروفين للكرد الفيليين ،من خلال طروحاتهم العصبية والطائفية المقيتة!

وتناسوا نضالاتهم وتضحياتهم في الحركة الكردية منذ الأربعينات ولحد اليوم، فلم يتم إنصافهم حتى هذه اللحظة ،رغم صدور قرارات عادلة بحق الكرد الفيليين من المحكمة الجنائية العراقية العليا التي حاكمت جنرالات صدام ونظامه الدموي.
صدر القرار التاريخي يوم 29/11/2010 واعتبار جريمة ابادة الكرد الفيليين، إبادة جماعية(جينوسايد)، ولعب القضاة والمحققين والحكام الشرفاء وبعض موظفي الاقليم ، وبشكل خاص القاضي عبد القادر الحمداني ،ادوار كبيرة مشكورة، في المحكمة وخلال التحقيقات ..فتم تبني القرار من قبل مجلس الوزراء بشكل جدي وفعال، لكن وللأسف لم تقدم الحكومة العراقية ،على تطهير الدوائر العراقية، من الموظفين الفاسدين البعثيين ،المعشعشين في دوائر الأحوال المدنية (الكرادة مثالا) والداخلية ودوائر العقارات. فالبعض من هؤلاء الموظفين البعثيين ، هم الذين نفذوا عمليات التهجير بدقة عنصرية متناهية وفي أوقات قياسية مذهلة ولا زالوا وحتى هذه الساعة، يفسرون القوانين المنصفة الصادرة من المحكمة الجنائية والمصادقة من مجلس الوزراء، حسب مقاسات البعث . تلك المجموعات الفاسدة ، سرقت الأموال النقدية والحاجيات الثمينة من بيوت المسفرين أثناء المداهمات البربرية ، واعتدوا حتى على بعض القاصرات ، وسكنوا بيوتهم بعد شرائها بأثمان رمزية ، ولازال البعض منهم محتلين تلك البيوت والمتاجر والمعامل والمكاتب في مناطق مختلفة من البلاد.

كان من المفروض على الحكومة الاتحادية التي صادقت ودعمت قرارات المحكمة الجنائية العليا، والمؤسسات القضائية والجنسية ودوائر الطابو، ان تعمل بجد، لاستعادة حقوق الكرد الفيليين الذين اقتلعوا من ارض وطنهم العراق ظلما. فخلال السنوات العشرة التي مضت على سقوط الصنم لم تقدم الحكومة على محو أثار التعسف الذي لحق بهم بسبب الموظفين من بقايا النظام المقبور . ولكن الحكومة سارعت بإعادة بعض مرتكبي تلك الجريمة إلى وظائفهم.

" لماذا لا تفعل الأحزاب الكردية ملف التهجير القسري للكرد الفيليين؟"

أما الأحزاب الكردية فهي الأخرى لم تعمل على تفعيل ملف التهجير القسري للكرد الفيليين. فظلت قضيتهم الإنسانية والقومية العادلة، منسية من قبل الجميع الى أن يحين موسم الانتخابات. إذ لا توجد حتى غرفة بسيطة في وزارة الأنفال في حكومة الإقليم في اربيل ناهيك عن مديرية أي موظف، لمتابعة ملف الكرد الفيليين الذين هجروا بسبب انتمائهم القومي . ولم يتم تخصيص متر واحد في كردستان للكرد الفيليين الهاربين من الجماعات الارهابية في بغداد، علما بان الوزارة تصرف ملايين الدولارات للكشف عن المقابر الجماعية للشهداء الاخرين.

المدهش ، ان بعض الكرد الجهلة في كردستان، يدعون بان الكرد الفيليين لا لايصوتون للقائمة الكردستانية، لاوقد نسوا أو تناسوا النتائج الباهرة التي حققتها القائمة الكردستانية نتيجة انخراط الكرد الفيليين المهجرين في طهران وكرمشاه وإيلام والسويد وبريطانيا في انتخابات عام 2005. فليتذكر المتغافلون تلك النتائج وتلك الروحية القومية للكرد الفيليين في تلك الأيام.

المطلوب من الحكومة العراقية ان تولي أهمية لهذه القضية ومن أوائل واجباتها هي ان تطهر الدوائر المعنية بالملف الكردي الفيلي وبشكل خاص إدارات الأحوال المدنية والجنسية ودوائر هيئة حل نزاعات الملكية العقارية ، من عناصر حزب البعث والمرتشين الفاسدين وإناطة إدارة هذه الدوائر الى أبناء الضحايا الأكفاء، القضاة والحكام والمحامين، وهم كثر والحمد لله.

نطالب الحكومة ان تستعجل في إنصاف ضحايا التهجير القسري للفيليين واستعادة حق مواطنتهم العراقية والوثائق الثبوتية وتعويضهم عن الخسائر الجسيمة التي حلت بهم في العهد الصدامي، وإصدار الجنسية العراقية أسوة بمواطني كافة مكونات الشعب العراقي . ولازال الموظفون السابقون والمعنيون بالشأن الفيلي ، يضعون اشارات خاصة على الجنسيات الصادرة حديثا لتميزهم عن باقي أبناء الشعب العراقي ! للانتقام منهم مستقبلا . هذا الحقد الدفين صرح به احد الموظفين العنصريين البعثيين أمام مراجع فيلي ،إذ قال وبكل صلافة ووقاحة، بان البعث راجع عن قريب والحساب عسير مع الكرد وبشكل خاص مع الكرد الفيليين ؟

"نطالب الحكومة العراقية بنشر الوثائق المتعلقة بتهجير الكرد الفيليين"

كما ونطالب الحكومة العراقية نشر الوثائق الرسمية الصادرة من قبل حكومة صدام المتعلقة بتهجير الكرد الفيليين منذ شتاء 1970 وحتى سقوطه في 9/4/2003 ، ومعاقبة الذين شاركوا في تلك الجريمة الكبرى، ومعاقبتهم باعتبارهم قد شاركوا في عملية اقرها القضاء العراقي بعملية الإبادة البشرية. كما ونطالب الحكومة العراقية وحكومة الإقليم ان يبذلوا قصارى جهدهم في متابعة ملف اختفاء أكثر من عشرة آلاف شاب كردي فيلي ، لم يعثر على رفاتهم في صحاري محافظة المثنى وجنوب وغرب البلاد، والعمل على إعادة الممتلكات لأصحابها الأصليين . كفانا من الكلام المعسول. فلقد مضت أكثر من 10 سنوات ومازال الإجحاف بحق الكرد الفيليين سائرا على قدم و ساق. فالى متى يظل هذا الملف الإنساني الحزين، مادة ل "الخطابات الرنانة" لبعض القادة السياسيين بغداد والإقليم ،والتي شبع منها عوائل الشهداء المؤنفلين من الكرد الفيليين. الى متى يبقى هذا الملف، ملفا تائها في دوائرهم ومجالسهم الخاصة واجتماعاتهم وبرامجهم الانتخابية المتكررة.؟

وأخيرا نوجه سؤالا بسيطا للمسؤولين في بغداد والإقليم ..لماذا لم يتم العثور على قطعة واحدة من الهياكل العظمية الطاهرة لأكثر من عشرة آلاف شهيد كردي فيلي ، والغالبية العظمى منهم من الطلبة الشباب والمحامين والموظفين وحتى العسكريين ، في المقابر الجماعية المنتشرة في جنوب وغرب العراق؟

الشهداء الشباب الوطنيين المخلصين للوطن والمبادىء السامية الوطنية العراقية والكردستانية ،قد تم اجراء التجارب عليهم و تصفيتهم من قبل المقبور حسين كامل وجلاوزته ومؤسساته ومختبراته السرية في دوائر المخابرات و الأمن العامة، خلال الفترة مابين (1983-1986),عبر التجارب الكيمياوية والغازية السامة في سجون نقرة السلمان وبحيرة الحبانية وصحاري محافظة المثنى....وذلك قبل استخدام تلك الأسلحة والغازات السامة في كردستان(حلبجة ووادي باليسان ووادي جافايتي وسركلو وبركلو) وخلال الحرب العراقية الإيرانية.

الأمهات والآباء والأخوات والإخوة والأبناء والأقارب والأصدقاء ينتظرون جثامين أعزائهم لإقامة الأعراس الجنائزية لهم، أسوة بالشهداء الآخرين الذين تم العثور على رفاتهم الطاهرة في المقابر الجماعية. لقد طال انتظارهم يا سادة.

عادل مراد - السليمانية

عضو المكتب السياسي للإتحاد الوطني الكردستاني

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد