1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رئاسة الجمهورية بعد طالباني

جمال فاروق الجاف١٤ مارس ٢٠١٣

يستعرض جمال فاروق الجاف احتمالات ترشح بديل عن الرئيس العراقي جلال طالباني، معبرا عن رأيه في أسماء مختلفة قد تكون مؤهلة لهذا المنصب.

https://p.dw.com/p/17xNt
صورة من: picture-alliance/dpa

تتناول الصحف والوكالات موضوع خلافة الرئيس جلال الطالباني الذي يرقد في مستشفى ألماني بعد إصابته بجلطة دماغيةه . وسواء عاد الطالباني الى كرسي الرئاسة سالما معافى ( وهو امر بعيد) ام لم يعد فان منصب رئاسة الجمهورية  سيخلو قريبا بعد ان استنفذ الطالباني دورتيه في الحكم . فتصدر بين حين واخر اخبار تشوبها سمات الاشاعات عن اسماء اشخاص يشدون رحالهم للتوجه الى بغداد لاستلام زمام القياده من الرئيس الذي قد يعود سالما قريبا الى العراق.

 والسلامة لا تعني الشفاء الكامل . أي بمعنى ان الرئيس قد نجى من الموت (والحمد لله) ولكن هل هذا يعني بأنه سيعود وهو في كامل قواه البدنية والذهنية لإدارة شؤون بلد يعاني من فايروس الازمات؟ هذا ما سيتضح لنا جميعا لدى عودته المرتقبة.

من المعلوم بان الدستور قد احتجز مقعد الرئاسة حصة للكورد مع ان اطراف عراقيه عربيه قد تسعى للاستحواذ على هذا المقعد كما جرى سابقا من قبل القائمه العراقيه حينما كان طارق الهاشمي مرشحهم . لكن من الصعب على الكورد ان يتخلوا عن استحقاقهم. لذا فان من المتوقع ان يحتل كوردي اخر محل الرئيس الكوردي الحالي.

و من ضمن قائمة التحالف الكردستاني فان حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي يترأسه الطالباني سينال منصب الرئاسة العراقية وفق اتفاق معقود بينه وبين الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتولى منصب رئاسة الإقليم . . لذا فمرشح التحالف الكردستاني سيكون من الاتحاد الكردستاني ليحل محل الرئيس الكوردي الحالي. أي أن منصب الرئاسة سيبقى كورديا واتحاديا و بمنافسه كورديه قد تشتد داخل البيت الكوردي.

أسماء قريبة من المشهد

من الأسماء التي تشير اليها بعض المصادر من داخل البيت الكردي يبرز اسم عقيلة الرئيس السيدة هيرو طالباني على رأس القائمة ثم يليها اسم برهم صالح وهو نائب الطالباني في الاتحاد الوطني و نائب رئيس الوزراء السابق وسياسي معروف كردستانيا وعراقيا. و الحق يقال فان مابين هذين القطبين فان برهم صالح اجدر من السيدة هيرو أكاديميا و سياسيا و شعبيا . فالسيدة هيرو حظها ضئيل في الفوز بأغلبية الأصوات داخل معسكر الاتحاد الوطني الذي يعاني بدوره من مشاحنات ومنافسات حادة بين أعضائها اثر الفراغ الذي أحدثه غياب طالباني سكرتير الحزب. و بروز مخاوف لدى أنصاره الذين احتلوا مناصب رفيعة سواء في الحزب او في مراتب حكوميه بتنصيب شخصي من قبل طالباني.

كما وان السيدة الاولى هيرو ستواجه موجة من الاعتراضات المذهبية داخل و خارج البرلمان . ففي بلد كعراق اليوم حيث تحكمه قوى سياسيه متأسلمه والتي اعترضت على اقتراح الرئيس الطالباني بتنصيب امرأة كنائب له انطلاقا من اعتبارات ذكورية فهذه القوى التي تؤمن ب (الرجال قوامون على النساء) ستقف موقفا معاديا لانتخاب السيدة هيرو متجانسا مع فتاوي رجال الدين التي قد تصدر من جهات تستغل كل صغيره وكبيره لتفجير الوضع المتأزم في العراق.

هذا غير ان السيدة هيرو عليها أن تتوخى الحذر من الإعلام المعادي . فها هي المواقع الإلكترونية قد بدأت بنشر أخبار ملفقه عن هذه السيدة الفاضلة ، وهي سيدة العراق الأولى الوحيدة التي جاءت من ساحة النضال وليست من مطبخ الأسرة.

فهي تشاطر نفس مستحقات الرئيس جلال الطالباني لأنها شاطرت الرئيس في كافة الميادين وعانت من نفس المعاناة. بالإضافة إلى انها إعلامية من الدرجة الأولى. والبيشمركه يعتبرونها واحدة منهم لانها شاركت في العديد من جبهات القتال كإعلامية تنقل المجريات وتصور المعارك عن كثب جنبا الى جنب اخوتها البيشمه ركه ولعشرات السنين. ومع كل هذا وبرأي الشخصي، ليست من مصلحتها ان تعرض نفسها وعائلتها لهجمات عدائيه من قبل المتصيدين في الماء العكر. لذا فمن المستحسن للسيده هيرو ان تنهي نفسها عن منصب الرئاسه كي لا تعرض نفسها لميكروسكوب الإعلام المعادي والجارح.

"برهم صالح طريقه ليس معبدا بالزهور"

أما برهم صالح فهو الآخر لا يجد طريق الرئاسة معبدا له بالزهور و الورود رغم مؤهلاته .فالدكتور برهم سياسي محنك من الدرجة الأولى وبليغ في خطاباته وبلغات ثلاث ،الكوردية و العربية و الانكليزية بنفس المستوي من الفصاحة و الطلاقة. لكنه يعاني من نقص الشعبية بين صفوف المعارضة التي انهالت بانتقاداتها على برهم لعدم تعامله بحياديه إزاء أحداث 17 شباط والتي راحت ضحيتها العديد من الشباب ، وكان برهم حينذاك رئيسا لوزراء إقليم كوردستان ولم يتخذ قرارات حاسمه لمعاقبة الذين فتحوا النار على المتظاهرين .

من جانب آخر لا يحظى برهم بدعم عائلة طالباني و بالأخص السيدة هيرو، وكما تشاع ، انها تحمل الضغينة ضده نتيجة قرار برهم بسحب الدعم المالي الحكومي لفضائية خاك التي تعود ملكيتها للسيدة هيرو.

 هذا بالإضافة الى ان قيادات الاتحاد مازالت تعير اولوية اهتماماته لقادة الثوره المخضرمين، وللأسف فان برهم ليس من ضمن قادة الجبال وعليه فانه يفتقد الى قاعده واسعة بين البيشمركه. لذا فان الدكتور برهم عليه ان يحصل على أصوات اقرأنه فى المكتب السياسي أولا قبل ان يفكر بمنصب رئاسة العراق، وهو امر ليس بالمستحيل لكنه وبدون شك أمر صعب المنال.

"هل تريد عائلة طالباني الاحتفاظ بمنصب الرئاسة داخل العائلة؟" 

 فمن يبقى من داخل الاتحاد مؤهلا لينال منصب رئاسة الجمهورية العراقية ؟ سؤال يحتاج الى صفحات من الكتابه لفرز الأسماء و من ثم تمحيص الاكفاء من بينهم ، لأن الأمر لا يتوقف على الكفاءة فحسب كما ذكرت آنفا في حديثي عن برهم صالح الكفء بكل معنى ألكلمه ولكن قليل الحظ لاعتبارات موضوعيه خارجه عن سيطرته.

فمن الطبيعي ان تسعى عائلة طالباني للاحتفاظ بمنصبه  ربا للبيت الاتحادي، سعيا لديمومة هيمنة السلالة الطالبانيه على الاتحاد الوطني الكردستاني. وفي حال عجزت العائلة من دفع احد أفرادها الى سلم الرئاسة فانها ستسعى لتنصيب احد ازلامها الموالين الاقحاح لها من داخل الاتحاد و لا اعتقد بان برهم صالح من ضمن خيارات العائله. و من الشخصيات الموالية لهيرو وعائلتها عديدون داخل الاتحاد كعمر فتاح، حاكم قادر، ملا بختيار وآخرين لكن اغلبهم غير مؤهلين أكاديميا و لا من حيث الاجادة بالتحدث باللغة العربية وهي من الضرورات التي لابد منها لرئيس دولة تحمل عضوية في جامعه الدول العربية.

كما وان على قيادة الاتحاد ان تأخذ بعين الاعتبار تصويت البرلمان على قبول او رفض مرشحها لقيادة بلد يعود ملكيته للعربي و التركماني وكافة المكونات الأخرى للشعب العراقي وليس للكورد فقط !

موافقة البرلمان امر ضروري لا يمكن تجاهلها وهي فوق رغبات عائلة الطالباني وتعلو فوق النزعة الحزبية و نزاعات قيادة الاتحاد الداخلية.

وجوه أخرى بخبرات أوسع

انها معضلة تجابه قيادة الاتحاد التي عليها ان تقرر الخيار بين الخضوع لنوايا عائله الرئيس اوبين الخيار لترشيح عضو كفوء من الاتحاد قادر على انجاز مهمة الرئاسه بصوره تحقق مكاسب للاتحاد و تبيض وجهه. ولا تخلو صفوف الاتحاد من قياديين و شخصيات كفوءة و اخص بالذكر السيدين عادل مراد و الدكتور نجم الدين فهما قد اثبتا بأنهما رجال المهمات الصعبة ان أجاز التعبير . فالدكتور نجم الدين كريم غني عن التعريف ويحتل المرتبة الاولى من بين محافظي العراق من حيث انجازاته الهائلة لمحافظة كركوك. ان نجاح الدكتور في قيادته لمكونات متعددة في كركوك بصوره عادله دون انحياز لطرف ما، أكسبته شعبيه واسعه بين كافة أطياف كركوك. ولابد من الاشاره الى تضحياته الجسيمة بمصالحه الشخصيه في الخارج وهو من خيرة جراحي الاعصاب في امريكا ليعود الى العراق الملتهب و يعرض نفسه لمخاطر قوى الارهاب ليلا و نهارا امر يستحق الاعجاب والتقدير

  اما عادل مراد فهو احد المؤسسين الاربعة للاتحاد الوطني الكردستاني (جلال طالباني،عادل مراد،فؤاد معصوم، عبد الرزاق عزيز ميرزا ) في 1-6-1975 و حاليا يرأس عادل مراد المجلس المركزي للاتحاد الوطني الكوردستاني و الذي يعتبر من أهم أجهزة الاتحاد لكونه برلمان حزبي يشرف على اداء كافة أعضاء الاتحاد في الدوائر الحكومية و الحزبية

 و المعروف عن عادل مراد جرأته و صراحته في اطروحاته التي اقلقت حتى قيادة الاتحاد في فترات متعددة. فقد اظهر عادل مراد إلمامه العميق بطبيعة الصراعات الدائره في دهاليز الحكم و حرصه الشديد على ترسيخ الاخوه العربيه الكرديه . لقد ابهر اغلب العراقيين بمواقفه الوطنيه عندما انبرى يجاهر علنا ضد مخططات دول الجوار وفضح المؤامرات المحاكه في الخارج لافساد التجربه الديمقراطيه الفتيه في العراق. مما ادى الى نشوب موجة من العداء الكوردي ضده حتى وصل الامر الى حد مطالبة حزب مسعود البارزاني من قيادة الاتحاد إقصاء عادل مراد من صفوفها.

 ومن جانب اخر فان له علاقات وطيدة مع المرجعية وحزب الدعوة و الحزب الإسلامي. وتربطه علاقات حميمة مع عائلة الحكيم وكان من المقربين للشهيد محمد باقر الحكيم.. وعلاوة على خلفيته الدينية المتفتحة فهو يساري ديمقراطي وسطي يؤمن بعراق ديمقراطي موحد تسوده عدالة اجتماعيه لكافة مكوناته و أطيافه و بدون تمييز لتقليص الفارق الطبقي بين مكونات المجتمع العراقي. ومن خلال تصريحاته و مقابلاته الصحفية تجلت الشخصية المستقلة لعادل مراد وعدم تبعيته لدول او قوى خارجية او داخليه فهو وطني متجرد من نزعات العنصرية و الطائفية والقومية الانعزالية . والمعروف عنه لدى الجميع صلابته في محاربة الفساد سواء في كوردستان او في العراق.

يكفي ان اذكّر القراء بان السيد عادل مراد قد ارسي نظاما ماليا في غاية الشفافية للمجلس المركزي و الذي يترأسه وذلك بطرح التقرير المالى للمجلس شهريا أمام أنظار ألصحافة. خطوه جريئة وفريدة الا ليت الآخرون يحتذون بها .

فما احوج العراق الى شخصيه نزيهه كعادل مراد لاستئصال ظاهرة الفساد المتفشي في العراق من جذورها والى الابد وإعادة أموال الشعب المسروقة الى أصحابها من المسحوقين من أبناء العراق .