1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لماذا أخذ لقاح كورونا كل هذا الوقت للوصول إلى المغاربة؟

إسماعيل عزام
٢٤ يناير ٢٠٢١

تنفس المغاربة الصعداء بإعلان وصول مليوني جرعة من لقاح أسترازينيكا، غير أن الموعد يظهر متأخرا مقارنة مع الإعلان المبكر، كما أن الكمية لا تصل إلى ما تم الإعلان عنه مسبقا، فضلا عن تساؤلات حول أسباب عدم الترخيص للقاح الصيني.

https://p.dw.com/p/3oHAR
لقاح أسترازينكا في الهند
وصول أولى جرعات لقاح أسترازنيكا المصنع في الهند لدول الجوار. فمتى يحين دور المغرب؟صورة من: Channi Anand/AP/picture alliance

منذ الإعلان يوم التاسع من نوفمبر/ تشرين الثاني عن توجيهات ملكية بـ"إطلاق عملية مكثفة للتلقيح ضد كوفيد-19 في الأسابيع المقبلة"، في واحد من أولى الإعلانات العالمية عن حملة التطعيم، انتظر المغاربة أن يكون بلدهم سباقا إلى العملية، حتى قبل الاتحاد الأوروبي، الذي لم يشرع في التطعيم إلّا يوم 27 ديسمبر/ كانون الأول، غير أن ذلك لم يتم إلّا يوم 22 يناير/ كانون الثاني بمليوني جرعة، حسب ما ذكرت رويترز، بينما لم تحدد وزارة الصحة عدد الجرعات المستوردة.

"الأسباب التي تركت المغرب لا يتحصل على اللقاح مبكرا، هي الأسباب نفسها على الصعيد العالمي. هناك ضغط كبير على المختبرات التي تصنع هذا اللقاح، فالطلب كبير جدا مقارنة بالعرض"، يقول مولاي المصطفى الناجي، مدير مختبر علوم الفيروسات بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء لـDW عربية.

غير أن عملية التلقيح تمت مباشرتها في أكثر من 50 دولة عبر العالم، منها دول عربية في الشرق الأوسط. وسادت حالة من التضارب في التصريحات الرسمية بخصوص تسلّم اللقاحات، فقد أعلن المغرب قبل حوالي شهر أنه "تم اقتناء 65 مليون جرعة من اللقاحين المعتمدين من طرف المغرب"، قبل أن يعود وزير الصحة عزيز أيت الطالب بداية يناير/ كانون الثاني لينفي تسلّم المغرب لأيّ جرعات.

ويتعلق الأمر بلقاح أسترازينيكا/أكسفورد البريطاني-السويدي ولقاح سينوفارم الصيني حسب تصريحات رسمية. والمثير أن المغرب أعلن اقتناء هذه الجرعات رغم أنه لا الصين ولا بريطانيا ولا السويد، لم تكن قد رخصت في تلك الفترة بعد للقاحين المذكورين بالاستخدام محليا.

لماذا التوجه إلى الهند؟

سلّم معهد مصل الهند، وهو أكبر مصنع لقاحات في العالم، المغرب جرعات من اللقاح، ويتعلق الأمر بنسخة محلية الصنع من لقاح أسترازينيكا/أكسفورد تحمل اسم "كوفيشيلد"، وجاء التسليم للمغرب وكذلك للبرازيل بعد أن بدأت الهند بتصدير اللقاح لدول مجاورة الخميس الماضي.

ورخص المغرب رسميا للقاح أسترازينيكا/أكسفورد يوم السابع من يناير/كانون الثاني، وهو اللقاح الوحيد الذي تمّ الإعلان رسميا عن الترخيص له.

بيدَ أن هذا اللقاح لم يرخص له حتى الآن بالاستخدام في دول الاتحاد الأوروبي ولا في الولايات المتحدة. ورغم أن بريطانيا ودولا أخرى مثل الأرجنيتن رخصت استخدامه إلا أن فعاليته باعتراف رسمي لا تتجاوز70 %.

وفيما يتعلق بالشركة المصنعة في الهند، فهناك تضارب آخر في الاسم، ففي الوقت الذي قال فيه رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، إن الشركة التي تصنعه هناك اسمها "إير فارم"، يؤكد عزيز غالي، صيدلاني وحقوقي مغربي، أن هذه الشركة توجد في روسيا وليس الهند (وهو ما يؤكده أيضا موقعها الإلكتروني).

وقد سبق للمغرب أن وقع معها في سبتمبر/ أيلول مذكرة تفاهم لتتولى هي إنتاج لقاحات أسترازينيكا، قبل أن تعلن الرباط توجهها إلى الهند.

"لماذا لم يتم توضيح سبب التخلي عن شركة إير فارم الروسية؟"، يتساءل عزيز غالي في تصريحات لـDW عربية، مضيفاً أن الهند قد ترسل بشكل دوري شحنات قليلة من اللقاح لا تلبي الاحتياجات المحلية، لأنها "تحتاج بشكل عاجل لـ600 مليون جرعة لأجل تطعيم 300 مليون هندي".

ويرى غالي أنه كان من الأفضل الاستمرار مع الشركة الروسية لأنه لا يوجد ضغط محلي عليها ما دامت روسيا تطعم مواطنيها بلقاح سبوتنيك V".

ولم يرد معهد مصل الهند على البريد الإلكتروني لـ DW عربية للتعليق على الموضوع شأنه شأن شركة أسترازينيكا. وتستخدم الهند حالياً لقاحا آخر محلي الصنع موجها تحديدا لسكان الهند.

اللقاح الصيني غير موثوق؟

أعلنت وزارة الصحة المغربية يوم الجمعة (22 يناير/ كانون الثاني) أن أولى دفعات لقاح سينوفارم الصيني "ستصل الأسبوع القادم"، ثم أكدت أنه تمّ الترخيص له بشكل عاجل. لكن لماذا تأخر الترخيص المغربي لهذا اللقاح لعدة أسابيع عكس ما جرى مع لقاح أسترازينيكا، رغم أن المغرب كان يطمح لتصنيعه محليا بشراكة مع الصين ورغم استيراده من عدة دول؟

عبد الغني الكرماعي، رئيس إحدى المختبرات الصيدلية المغربية، يقول إن الخبراء الصينيين لم يقدموا لنظرائهم المغاربة نتائج المرحلة الثالثة من التجارب السريرية التي شارك فيها متطوعون مغاربة. ويعرب المتحدث عن عدم اتفاقه مع المنهجية المتبعة: "كان يجب على الخبراء المغاربة أن يدرسوا بأنفسهم نتائج هذه التجارب محلياً وليس أن يرسلوا النتائج إلى الصين ".

مختبر سينوفاك - الصين
استوردت عدة دول لقاحين طورتهما الصين، هما سينوفارم وكورونافاك، لكن هناك تساؤلات عالمية عن فعاليتهماصورة من: Thomas Peter/File Photo/Reuters

"اللجنة العلمية طلبت مجموعة وثائق من الشركة الصينية، وعندما تتوصل بها ستتخذ قرارها النهائي بشأن الترخيص أو عدمه للقاح سينوفارم" يقول مولاي المصطفى الناجي، موضحا أنه "يجب توفر ضمانات الفعالية والجودة قبل تقديم هذا اللقاح لعموم المغاربة، وهو أمر تؤكد عليه اللجنة العلمية"، لافتا إلى أن المغرب لن يتوقف على لقاح سينوفارم أو حتى أسترازينيكا، وسيتجه إلى شركات أخرى نظرا لأنه يحتاج 65 أو 66 مليون جرعة.

"هناك غموض مع الصينيين ولا ندري ما يحدث ولا يعطونا الحقائق. هناك تخوف بالفعل من لقاح سينوفارم، وأرى أن هناك تخوفا بين العديد من المختصين"، يضيف الكرماعي. تخوف يجد صدى له في استقالة رئيس شركة سينوفارم لي زهيمينغ ومسؤول آخر لما اعتبراه أسبابا شخصية.

وينقل موقع "ساوث شاينا مورنينغ بوست" من هونغ كونغ أن مجموعة من الدول التي احتضنت تجارب اللقاحات الصينية أعلنت فقط عن نتائج جزئية، بينما لم توضح سينوفارم كيف وصلت إلى 79 % في نسبة الفعالية التي أعلنتها، رغم أنها وعدت بنشر جميع المعطيات في مرجع علمي.

فرحة حذرة

جرى تداول أنباء كثيرة عن إمكانية استيراد المغرب للقاح الروسي سبوتنيك V، ووقع مختبر مغربي فعلاً شراكة مع معهد جماليا الروسي لتسويقه، لكن لم ترخص وزارة الصحة لهذا الأخير، رغم أن مصدرا مطلعا تحدث لـDW عربية أنه تم عقد عدة لقاءات بين مسؤولين روس ومغاربة دون أن تفضي إلى توقيع أيّ عقد لجلب اللقاح الروسي، الذي يقول أصحابه إنه وصل إلى 91.4 % في الفعالية، لكن كذلك دون تعميم جميع البيانات في مصادر علمية.

الملك محمد السادس - كورونا
تتم إدارة جائحة كورونا من أعلى مستوى في المغرب، وأعلن الملك عن عدة قرارات في هذا السياق، آخرها مجانية التطعيم للمغاربةصورة من: picture-alliance/abaca/Royal Palace in Casablanca

أما لقاح فايزر/بيونتيك، الوحيد المرخص من لدن منظمة الصحة العالمية حتى الآن، فالمغرب لم يجر أيّ محادثات لطلبه. لكن هل سيستنجد به المغرب لتجاوز الوضع الحالي؟ يرد الكرماعي: "حتى ولو أراد المغرب طلب هذا اللقاح، فهذا الأخير يحتاج آليات جد متطورة لتخزينه غير متوفرة، كما أن الشركة المصنعة له تعاني حتى في توفيره أوروبيا بما أنها تملك مصنعا وحيدا في بلجيكا".

وفي الوقت الذي أرجع فيه رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني أسباب تأخر اللقاح إلى ما هو مادي بقوله في جلسة بالبرلمان إن بعض الدول المصدرة رفعت السعر خمس مرات، أبدى مغاربة كثر على فيسبوك فرحتهم بوصول اللقاح. لكنها فرحة مشوبة بالحذر، نظرا لأن حتى الدول المصنعة للقاحات لم تستطع تطعيم جزء كبير من ساكنتها حتى الآن، وكذلك لأن المغرب سيبقى رهين ما ستقرّره الشركات المصدرة، في ظل عدم وجود أيّ مؤشرات على قرب الشروع في مبادرة كوفاكس التي تريد من خلالها منظمة الصحة العالمية تعميم اللقاح في العالم.

إسماعيل عزام

(تنويه: تصريحات الخبراء تمّ استقاؤها قبل إعلان وصول اللقاح إلى المغرب).

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد