1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رياض البغدادي:هل تحيا الشعوب بالمال ؟

٩ سبتمبر ٢٠١٠
https://p.dw.com/p/P7XD

هل تحيا الشعوب بالمال ... أم تعيش به ؟

عيد الحب في ألمانيا هذا العام كبد الدولة الألمانية نفقات تقدر بـ 280 مليون يورو بحسب الإحصاءات الرسمية وأيضا أكثر من 20 قتيل قضوا دهسا تحت أقدام المحبين إضافة إلى مئات الجرحى الذين أصبح أكثرهم جليس البيت أو الكرسي المتحرك إلى الأبد فضلا عن 6 سيقضون ما تبقى من حياتهم في المستشفى أو مراكز العلاج الدائمة .

هذا العيد يتكرر الاحتفال به كل عام في مدينة من مدن أوربا العريقة ويتوجه الآلاف من الشباب صبايا وفتيان إلى حضور هذا الاحتفال مكابدين عناء السفر لمئات الكيلومترات ومستقلين أكثر من 700 قطار ومركبة عامة إضافة إلى مئات الآلاف من السيارات الخاصة متسببين بسد الطرق السريعة التي تخترق ألمانيا ليزاحموا الملايين من العمال والموظفين الذين يسلكون هذه الطرق للوصول إلى أماكن أعمالهم ووظائفهم مما يكبد الدولة خسائر إضافية بسبب تأخر العمال والموظفين من مواصلة أعمالهم وإنتاجهم لتنمية أضخم اقتصاد يعد القلب النابض لأوربا .

أقيمت المراسيم الاستعراضية لمهرجان الحب في مدينة دويسبورك الواقعة في مقاطعة النورد راين الألمانية ، وحضر هذا المهرجان قرابة المليون ونصف المليون من فتيان أوربا وفتياتها وأقيمت الترتيبات اللازمة لإنجاح هذا الاحتفال الكبير واستنفرت الدولة طاقاتها ونشرت عشرات الآلاف من رجال الشرطة والأمن ومكافحة الإرهاب واستقبلت المطارات الألمانية قرابة الـ 166 ألف مسافر في أسبوع واحد جاءوا من كل أصقاع العالم لحضور هذا الاحتفال الكبير .

لسنا في معرض الانتقاد لهذه المراسيم الاحتفالية التي ألفتها المجتمعات الغربية وتحرص على إقامتها وتبذل الغالي والنفيس من اجل إنجاحها بالرغم من كثرتها وتسببها في إفراغ محافظ متوسطي الدخل الذين لا يجدون مندوحة عن المشاركة فيها .

مجموع الأعياد والمهرجانات في ألمانيا تقدر بـ 17 احتفال ومهرجان يقام على مدى 33 يوم موزعة على أيام السنة تتوقف فيها الأعمال وتعطل فيها المدارس والجامعات ، علما إن كل يوم عمل يضيف إلى الاقتصاد الألماني قرابة الـ 4 مليار يورو أي بمجموع هذه الأيام يكون الرقم الذي يخسره الاقتصاد الألماني سنويا هو 132 مليار يورو أي 200 مليار دولار إضافة إلى ما يتكبده الاقتصاد الألماني من خسائر نتيجة الإجازة السنوية التي تتعطل فيها الدوائر والشركات بنسبة 50% في شهر تموز و 70% في شهر أيلول من كل عام .

كل هذا يحدث في أضخم اقتصاد أوربي وثاني أو ثالث اكبر اقتصاد على مستوى العالم واعرق دولة ديمقراطية وأكثر الدول تحضرا وثقافة ، لكن ، لم نسمع ولا قلم واحد ينتقد إقامة هذه المهرجانات والاحتفالات الشعبية ويطالب بمنعها أو حتى التضييق على أصحابها أو مجرد همس ينم عن اعتراض ، لكن وبكل أسف تجد العشرات من أقلام بني جلدتنا تنبري في كل مناسبة وشعيرة دينية يقيمها المسلمون ليسجلوا تخرصات تنم عن ثقافة اقصائية لم نجد لها أصلا لا في الدول المتقدمة ولا في الدول النامية أو حتى المتخلفة منها ، تجدهم والزَبد يؤطر أفواههم ، يملأون الدنيا صراخ ونعيق منتقدين الاشتراك في إقامة الاحتفالات الدينية والشعبية التي توارثها آباءنا عبر عشرات السنين بل راح منهم إلى ابعد من ذلك فيدعوا ومن دون خجل أو حياء إلى مطالبة الحكومة على منع هذه الاحتفالات ومعاقبة المشتركين فيها .

ترى ! هل تحيا الشعوب بالمال والأعمال ليتخذ الاقصائيون من المثقفين توقف الأعمال بسبب إقامة المراسيم والاحتفالات الدينية حجة للاعتراض عليها ؟!

هلا علموا ! ... أن الشعوب تعيش بالمال والأعمال نعم .... ومن دون اعتراض ولكنها أبدا لن تحيا بهما ولن تقوم لها حضارة أو علو إلا باحترام تقاليدها والاعتزاز بشعائرها والتمسك بثقافتها ودينها وأخلاقها ؟

هلا علموا ! ... أن مكة بكل تجارها وأموالها ورحلات صيفها وشتاءها لم تنشئ دولة ولم تقيم حضارة ؟

إنما أقيمت برجال رضوا بالشعير خبزا وبالخل إداما .