1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سد النهضة.. هل تأتي "وساطة" أوروبا على حساب مرجعية واشنطن؟

٢٩ مايو ٢٠٢٠

يبدو أن إعلان عودة أطراف أزمة سد النهضة، مصر والسودان وأثيوبيا، إلى طاولة المفاوضات قد شجع الاتحاد الأوروبي على إعادة تأكيد دور ما له، والذي قد يكون "وساطة" جديدة. ولكن هل ثمة نية حقيقية وأوراق تؤهل بروكسل لأي دور؟

https://p.dw.com/p/3czgo
سد النهضة التي تقيمه اثيوبيا على مجرى نهر النيل (صورة جوية)
تخشى مصر أن يؤثر المشروع على إمداداتها من النيل الذي يوفّر 90 في المئة من المياه التي تحتاج إليها للشرب والريصورة من: DW/N. Desalegen

هاتف نائب رئيس المفوضية الأوروبية ومفوض شؤونها الخارجية، جوزيب بوريل الخميس (28 أيار/ مايو 2020)، مفوض السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي، إسماعيل شرقي. تركزت المكالمة على تبادل الآراء حول آخر مستجدات قضية سد النهضة. جاء ذلك في بيان صدر عن الاتحاد الأوروبي وشدد على أن "حل الخلاف مهم للاستقرار في كل المنطقة". وأضاف البيان أن بوريل تواصل خلال الأسابيع الماضية مع كل الأطراف وشجعها على "تجنب الاستقطاب المتزايد".

وذكر البيان أن بوريل رحب بقرار السودان وأثيوبيا ومصر استئناف المحادثات التقنية بين وزراء الموارد المائية. كما شدد بوريل على أهمية تجنب أي تصعيد آخر وإيجاد حل عاجل يحقق مصالح الأطراف كلها. وختم البيان بتأكيد "استعداد" الاتحاد الأوروبي لدعم الأطراف في مسعاها وتبادل خبرات الاتحاد الأوروبي معها.

عثرات ومطبات على مدار عقد من الزمن

المكالمة الهاتفية جاءت كما يبدو واضحاً من نص البيان بعد إعلان السودان ومصر الموافقة علىاستئنافالتفاوض و"تكليفوزراءالمياهفيالدولالثلاثللبدءفيترتيباتالعودةإلىالتفاوضبأسرعفرصةممكنة".
الإعلان الأخير جاء استكمالاً لمشوار طويل من المفاوضات تخلله الكثير من النكسات والانقطاعات. منذ شروع أثيوبيا في بناء السد عام 2011، دخلتالدولالثلاثفيمفاوضاتللاتفاقحولالحدمنتأثيرالسدالأثيوبيعلىكلمنالسودانومصر، اللتان تخشيان من تراجعإمداداتهما منمياهالنيل.
وفيشباط/ فبرايرالماضيرفضت أثيوبيا التوقيع على مقترح اتفاق تقدمت به الولايات المتحدة الأميركيةالتيانخرطتفيتشرينالثاني/ نوفمبرالماضيكوسيطإلىجانبالبنكالدوليلإيجادحلوللخلافاتالدولالثلاث.
وفي 12 مايو/ أيار الجاري رفض السودانمقترحاً أثيوبياًبتوقيعاتفاقجزئيحولملءبحيرةسدالنهضةالمتوقعأنيبدأفيتموز/ يوليوالقادم. ونقلت وزارة الري والزراعة السودانية عنرسالة من عبداللهحمدوكرئيسالوزراء إلى  أبيأحمدرئيسالوزراءالاثيوبي: "أعتبرأنتوقيعأياتفاقجزئيللمرحلةالأولىلايمكنالموافقةعليهنظراً لوجودجوانبفنيةوقانونيةيجبتضمينهافيالاتفاق (...) إنمعظمالقضاياتحتالتفاوضوأهمهاآليةالتنسيقوتبادلالبياناتوسلامةالسدوالآثارالبيئيةوالاجتماعيةمرتبطةارتباطاًوثيقاً ليسفقطبالملءالأولوإنمابكلمراحلالملءوالتشغيلطويلالمدىوبالتاليلايمكنتجزئتها".

وتعدتعبئةخزّانالسدالقادرعلىاستيعاب 74 مليارمترمكعّبمنالمياهبينأبرزالنقاط العالقة. وتخشىالقاهرةأنتسرّعأديسأباباعمليةملءالخزّان، مامنشأنهأنيخفضتدفقالمياهإلىمصبالنهر، وبالتالي على حصتها منالمياهالبالغة 55.5 مليار متر مكعب.

سد النهضة التي تقيمه اثيوبيا على مجرى نهر النيل (صورة جوية)
أي تحرك للاتحاد الأوروبي بشأن سد النهضة يتوقف على مواقف الدول الكبرى فيه وخاصة فرنسا وألمانيا وإيطالياصورة من: DW/Negassa Desalegen

دخول "استطلاعي"

يرى الدكتور خطار أبو دياب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس، أن الدخول الأوروبي على الخط مجدداً "استطلاعي"، وقد لا يكون بالضرورة "ناسخاً" للوساطة الأميركية. ويضيف الخبير في شؤون الشرق الأوسط في حديث مع DW عربية: "قد تكون الوساطة ممكنة في حال تم تنسيقها بين الاتحاد الأوروبي ونظيره الأفريقي، وخاصة أن مقر الاتحاد الأفريقي في أثيوبيا".

هذا وكان كبير مفاوضي السودان حمدصالح قد أشار قبل حوالي أسبوعينإلىتحركاتسودانيةلاستئنافالتفاوضبـ "مرجعيةواشنطن".
الخبير السياسي والباحث في جامعة برلين الحرة، الدكتور تقادم الخطيب، يذكّر بوساطة الاتحاد الأوروبي في نفس الملف عام 2014 ويتسأل عن أسباب فشل الجهود الأوروبية آنذاك. كما يشير في حديثه مع DW عربية إلى مساهمة شركات لدول في الاتحاد الأوروبي في أعمال تشييد السد كشركة ساليني الإيطالية.

ويتفق الباحثان بالرأي أن "التحرك الأوروبي حيوي لجهة حماية مصالحه من تداعيات أي توتر أو انفجار مستقبلي، خاصة في ملفي اللجوء والإرهاب". وتخشىمصرأنيؤثرالمشروععلىإمداداتهامنالنيلالذييوفّر 90 فيالمئةمنالمياهالتيتحتاجإليهاللشربوالري. وأي أزمة اقتصادية جديدة في مصر قد ينتج عنها موجات هجرة باتجاه "الفردوس الأوروبي".

أوراق الضغط؟

ويعتقد أبو دياب أن الجانب الأوروبي هو "الأكثر حيادية" مقارنة بالروسي أو الصيني أو الأميركي. ولكنه يشدد على أن "أي تحرك للاتحاد الأوروبي يتوقف على مواقف الدول الكبرى فيه وخاصة فرنسا وألمانيا وإيطاليا، والأخيرة لها تاريخ استعماري في أثيوبيا".

وتبلغ تكلفة بناء سد النهضة الذي يقام على النيل الأزرق، الفرع الرئيسي لنهر النيل، 6 مليارات دولار. ويتردد أن بنوكاً صينية تساهم في تمويل إشادة السد.

سد النهضة التي تقيمه اثيوبيا على مجرى نهر النيل (صورة جوية)
ترى إثيوبيا أن سد النهضة ضروري من أجل تزويدها الكهرباء وعملية التنمية. صورة من: picture-alliance/dpa/G. Forster

تقادم الخطيب يرى أن نجاح أي وساطة محتملة تتطلب "توافر النية الحقيقة وتوظيف أوراق الضغط الأوروبية كقضية الشركة الإيطالية وعلاقات برلين القوية بأديس أبابا للضغط على أثيوبيا، وخاصة في المشاريع التنموية لتحديث الري هناك".

وترىإثيوبياأنالسدضروريمنأجلتزويدهاالكهرباءوعمليةالتنمية. وسيصبح السد متى أُنجز أكبر مصدر للطاقة الكهرومائية في إفريقيا والعاشر عالمياً من نوعه. وقبل أسبوع قالوزيرالمياهوالريوالطاقةالإثيوبيسيليشيبقيلاإنعمليةبناء السد وصلتإلى 73%.

ويشير أبو دياب إلى الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي ومصر والدعم الأوروبي لأثيوبيا والسودان، الذي يسعى نظامه الجديد إلى الانفتاح على الغرب بعد عقود من الانكفاء عنه تحت حكم عمر حسن البشير.

يبقى السؤال: هل ينجح الاتحاد الأوروبي في إحداث اختراق في ملف سد النهضة وتأكيد وجوده في إفريقيا؟ تجربة أدوار الاتحاد الباهتة في المنطقة لا تبشر بالخير. حيث لم يستطع من خلال الرباعية الدولية، التي شُكلت عام 2002 في مدريد من الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي للمساهمة في عملية السلام بين العرب وإسرائيل، أن يترك أي بصمة تبقى في ذاكرة التاريخ. الدور غير الفعال لبروكسل في محاولة إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني بعد سحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بلاده منه يشير إلى نفس النتيجة.

التطور الدراماتيكي على الأرض الذي كُشف عنه اليوم الجمعة كان إعلان الجيش السوداني مقتل ضابطٍ وجرح آخرين في "هجوم نفذته الخميس ميلشيات أثيوبية على الجانب السوداني من الحدود". مستجد قد يعيد خلط أوراق اللعبة ويرجع جهود السلام والوساطة إلى نقطة الصفر.

خالد سلامة

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد