1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سلام النجم:معرض فرانكفورت فشل عراقي مؤسف آخر

٢٢ أكتوبر ٢٠١٠
https://p.dw.com/p/Plc3

يعتبر معرض الكتاب الدولي في فرانكفورت واحدة من أهم النشاطات الثقافية في العالم ، حيث تقوم اغلب البلدان بالتهيئة للمشاركة والحضور ويحرص الجميع أن تكون مشاركتهم فاعلة ومؤثرة .

ولأجل ذلك تبادر وزارات الثقافة في مختلف البلدان بدعوة دور النشر الخاصة إضافة إلى دور النشر الحكومية لوضع خطة عمل يتحرك الجميع بموجبها كلا حسب ما يمكن أن يتحمله لإظهار الوجه المشرق للحياة الثقافية والعلمية لذلك البلد ، وقد اخبرني مدير الجناح المصري في المعرض بأنهم يستعدون لهذا المعرض قبل ستة اشهر من افتتاحه .

إلا العراق ... فهو لا يزال يتحرك بالطرق المتخلفة التي ترسخ العمل بها كواحدة من الإرث الثقيل لدولة البعث البائدة ، فبزيارة قصيرة إلى جناح العراق في هذا المعرض يظهر لك الفشل العراقي الذريع وبكل تفاصيله الكئيبة التي تجلب القرف لكل وطني وغيور على بلده .

فمن ناحية مساحة الجناح العراقي فقد استأجرت وزارة الثقافة العراقية جناحا مساحته 24 متر وهي مساوية لجناح الجمهورية التونسية في المعرض ، وقد تم اختيار المكان المناسب ( ركن ) بحسب تعبير ( احد أعضاء الوفد العراقي ) وكأنه يصف لنا دار معروضة للبيع .

هذه المساحة التي تكلف جيوب فقراء العراق ما مقداره 10000 دولار أمريكي إضافة إلى 85 ألف دولار مصاريف النقل وتغطية نفقات الوفد المرافق ، هذه المساحة كافيه لعرض مكتبة قوامها لا يقل عن 1000-1500 عنوان إن رصفت بطريقة أكثر حضارية من الديكور المتخلف الذي ابتدعه المسؤول عن المعرض وكأنه في تسعينات القرن الماضي عندما كان يرصف كتبه على رصيف شارع المتنبي المطل على سوق السراي ، فلم تتسع المساحة إلا لـ 500 عنوان لا غير ، في حين أن دولة تونس عرضت في نفس هذه المساحة 1883 عنوان وبديكورات تجعلك تعيش في عالم السحر والخيال ، حيث اجتذب جناحهم أكثر من ربع العدد الكلي لزوار المعرض الدولي بحسب التقديرات التي نشرتها إدارة المعرض .

أما العناوين فقد اختيرت بنفس الطريقة التي يتم فيها اختيار الكتب التي تطبعها دائرة الشؤون الثقافية أي بطريقة ( الواسطة ) وقد اشر لنا بعض المشاركين بأن الكثير من العناوين تم عرضها في العام الماضي إلا إني لم التفت لهذا حيث لم يتسنى لي زيارة الجناح في العام الماضي والأّمّر من ذلك ... يقوم الإخوة بإبراز العناوين التي يعود تأليفها إلى نوفل أبو رغيف وكأن العراق لم يبقى فيه أقلام ولا كتاب إلا السيد مدير دائرة الشؤون الثقافية.

ومن تراكمات الفشل العراقي في معرض فرانكفورت هو غياب النخبة من الأدباء والكتاب العراقيين الذين ضجت بهم ألمانيا وجامعاتها العريقة ، هؤلاء الذين تسعى أليهم كبريات دور النشر في أوربا لتغطية نتاجاتهم وما جادت به أقلامهم ، نجد إدارة الجناح العراقي تغافلت عن وجودهم في بلاد المهجر فلم توجه لهم الدعوات للحضور والمشاركة في الندوات التي تعقد عادة بالتزامن مع هذه الفعالية الثقافية الكبرى وقد اعتذر المسؤول المنظّم بأنه لا يملك عناوينهم وكأنه لا يعرف أن هناك موقع اسمه غوغل ليبحث فيه عنهم.

حتى الوفد الذي استقدمته وزارة الثقافة لإدارة الجناح العراقي في المعرض كان مختارا بطريقة تنم عن قصور معرفة وسوء إدارة ، ففي الوقت الذي ترى فيه كبار الكتاب والمؤلفين في أجنحة بلدانهم يجبون استفسارات الزوار والمثقفين ويردون ويحاورون ويصوبون طروحات عباقرة القلم والكتابة الذين سارت بهم بلدانهم وحرصت على إظهارهم للعالم من خلال هذه التظاهرة العلمية الثقافية المهمة , نجد أن الجناح العراقي اقتصر على موظفين مبتدئين في دائرة الشؤون الثقافية ليست لهم خبرة في إدارة المعارض أو المشاركة في التظاهرات الثقافية ... حتى إمكانياتهم اللغوية فهي مقتصرة على العربية وباللهجة العراقية ، ولا أجد حضورهم في هذا المعرض لكفاءة أو خبرة يحملونها سوى أنهم من فريق السيد المدير ومقربيه وهم ليس لهم في الفكر عير ولا نفير إلا قرابتهم وصداقتهم التي شفعت لهم لا غير وألا فدائرة الشؤون الثقافية تعج بخبرات وكفاءات تفتقر إليها الكثير من مؤسسات الدولة .

إلى متى نبقى نعيش بثقافة البعث وارثه الثقيل على عراقنا الحبيب ؟ إلى متى نرهن إدارة بلدنا بمجموعة من الفاشلين الذين لا يزيدون حياتنا إلا فشلا وجهلا وضياع ؟

من المفارقات العجيبة أن الكثير من الكتّاب والأدباء العراقيين في المهجر شاركوا في فعاليات المعرض , وأقيمت لهم أمسيات علمية وأدبية من خلال دعوات وجهت لهم من أجنحة البلدان الأخرى كجناح مصر وقطر وإيران ولبنان وجناح أسبانيا وروسيا ورغم ذلك حرص بعض الكتاب العراقيين الحضور إلى الجناح العراقي إلا أنهم لم يجدوا أي نشاط ثقافي سوى معرض الصور الفوتوغرافية الذي أقامه الفنان العراقي المهاجر إحسان الجيزاني مما أضفى على الجناح شيء من الحركة والنشاط .

ندائي إلى وزارة الثقافة العراقية و مدير دائرة الشؤون الثقافية أن يستثمروا هذه التظاهرات الثقافية من اجل إظهار الوجه المشرق لبلدنا والعمل على إشراك النخب العراقية المهاجرة في فعاليات هذا المعرض فحضورهم لا يكلف ميزانية البلد واجزم أنهم لن يبخلوا بخبرتهم واللغات التي يتحدثون بها والثقافات المطلعين عليها وغيرها من الإمكانيات في خدمة بلدهم وموطنهم الحبيب .