1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سمير أمين يدعو إلى نظام عالمي توافقي كبديل للرأسمالية الجشعة

٣ ديسمبر ٢٠٠٩

أفرز النظام الرأسمالي تفاوتا في الثروات لامثيل له في تاريخ البشرية، هذا التفاوت يحمل في طياته خطر موت الرأسمالية التي ينبغي استبدالها بنظام لا يقوم على الجشع والهيمنة، هذا ما يراه المفكر سمير أمين في حوار مع دويتشه فيله

https://p.dw.com/p/Kpt5
سمير أمين يعتبر قدرة الرأسمالية على تجاوز أزماتها يزيد من القوة التدميرية لتراكم رأس المال.

يتمسك المفكر الاقتصادي المصري سمير أمين بنقده الجذري للمنظومة الرأسمالية معتبرا مصيرها الزوال، لأنها حسب رأيه غير قادرة على تلبية المطالب الاجتماعية والاقتصادية لكل الشعوب، كما يعتبرها منظومة تكرس عدم التكافؤ والتهميش والبطالة والفقر. ولكن هل يمكن اختزال الرأسمالية في مساوئها ؟ وهل هناك بدائل واقعية لها؟ وما موقع العالم العربي من هذا وذاك؟ هذه الأسئلة كانت موضوع الحوار التالي الذي أجرته دويتشه فيله مع سمير أمين في العاصمة الألمانية برلين بمناسبة تسلمه جائرة ابن رشد للفكر الحر:

دويتشه فيله: ألا تعتقد أن دعوتك لتجاوز النظام الرأسمالي عن طريق تضامن دولي ضرب من الخيال، لاسيما وأن هذا النظام يبدو وكأن له قدرة خارقة على البقاء بدليل مواجهته للأزمة الاقتصادية الحالية ؟

سمير أمين: هذا صحيح، فقد استطاعت الرأسمالية تجاوز أزمات كثيرة في تاريخها، لكن السؤال هو ما هو الثمن؟ ففي كل مرة تنجح فيه بتجاوز أزمة من أزماتها، يصبح الجانب التدميري للتراكم الرأسمالي أكثر قوة. وقد أثبتت الدراسات البيئية ذلك بمنتهى الوضوح، فلقدرة الرأسمالية على التكيف جانبا تدميريا يظهر في تراكم رأس المال، وبالتالي لا بد من التفكير في نظام عالمي بديل أكثر إنسانية يضع في قلب اهتمامه علاقة الإنسان بالطبيعة، أي عولمة توافقية لا تعتمد على الهيمنة والتسلط.

على صعيد آخر استطاع النظام الرأسمالي أن ينجز، خلال قرنين فقط، تفاوتا اقتصاديا على الصعيد العالمي لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية الطويل لأنه يعتمد الجشع والتراكم. ففي بداية القرن التاسع عشر كانت نسبة التفاوت بين الشعوب من واحد إلى اثنين، بينما أصبح هذا الفارق اليوم من واحد إلى ستين. إن استمرار تراكم رأس المال عملية لابد، وأن تؤدي بطبيعتها إلى أزمة لأنها تقوم على نمو أسِِِي وبالتالي إلى نمو فلكي في وقت قياسي. إنه نمو سرطاني لابد أن يؤدي إلى الموت.

هل هناك بدائل واقعية لتجاوز هذا النظام في المرحلة الحالية؟

بالتأكيد، الاشتراكية هي المستقبل وليس الماضي كما يعتقد البعض، وإذا ما عدنا إلى التاريخ نجد أن الرأسمالية ذاتها لم تظهر بشكل مفاجئ بين عشية وضحاها في المثلث بين لندن وباريس وأمستردام. الرأسمالية تطورت على شكل موجات متتالية خلال عدة قرون، قبل وصولها للشكل الذي نعرفه اليوم. إن لتجاوز الرأسمالية اسم وهو "الاشتراكية" والتي ستتحقق بدورها على شكل موجات وطفرات متتالية.

أنت من كبار منظري العولمة ومنتقديها، لكن ألا ترى بأن عدة دول نامية استفادت منها، ما أدى إلى ظهور عدد من الاقتصاديات المسماة "بالناشئة" كالبرازيل والهند والصين وغيرها؟

هناك دول بازغة/ صاعدة، لكن السؤال هو هل يتعلق الأمر بأسواق أم بأمم بازغة؟ إنها مشكلة أساسية. إن الرأسمالية العالمية السائدة، التي تحتكرها أقليات غربية بالأساس، تنظر إلى هذه الأمم كأسواق مفتوحة لمزيد من التوسع الرأسمالي. بنما تنظر هذه الدول إلى نفسها كأمم بازغة، وهو ما يدخلها في تناقض مع العولمة الرأسمالية السائدة حاليا.

وأي مستقبل للعالم العربي في هذه المنظومة وما هي فرص الشعوب العربية في تحقيق مجتمع الرفاهية؟

العالم العربي جزء من دول الجنوب، وهي دول مختلفة تماما من حيث ثقافتها وجذورها التاريخية وموقعها في المنظومة العالمية السائدة حاليا. لقد لعب العالم العربي دورا مهما خلال الفترة الأولى لصحوة شعوب الجنوب، أي فترة باندونغ من عام 1955 إلى نهاية السبعينات. لكن خلال هذه الفترة لا تلعب الدول العربية أي دور يذكر بسبب الثروة النفطية التي غذت الكثير من الأوهام الكبيرة، وحلت محل مكان الثورة بالمعنى الواسع للكلمة. ونحن رأينا مؤخرا كيف انهارت الأوهام القائمة على النفط كما حدث في دبي على سبيل المثال.

على ذكر دبي التي كان ينظر إليها كنموذج اقتصادي في المنطقة العربية، هل تعتقد أن أزمة هذه الإمارة ظرفية أم بنيوية؟

إنها أزمة بنيوية بالأساس فمشروع دبي لا يمكن مقارنته بمشروع سنغافورة على سبيل المثال، مشروع سنغافورة مشروع إنتاجي في القطاعات الأكثر تقدما خصوصا التكنولوجيات الحديثة. أما مشروع دبي فهو مشروع استهلاكي يسعى لحدب المستهلكين الأغنياء في المنطقة العربية وغيرها للاستراحة والاستجمام في مدينة خيالية فوق الرمال.

يعد سمير أمين من أبرز الاقتصاديين المناهضين للعولمة، وقد عُرف بمؤلفاته التي تزيد على الثلاثين، ومن أبرزها " التبادل غير المتكافئ وقانون القيمة"، و "أزمة الامبريالية.. أزمة بنيوية"، "ما بعد الرأسمالية" و "إشكالية القرن.. تأملات حول اشتراكية القرن 21". وفي بيان رسمي وصفته مؤسسة ابن رشد للفكر الحر بمناسبة فوزه بالجائزة التي تحمل اسمها بأنه "صاحب رؤية من الجنوب" وبأحد "أهم مفكري العالم الثالث وأكثرهم تأثيرا". وحيت المؤسسة فيه موقفه الملتزم والدائم المناصر "لاستقلالية قرار الدول النامية".

أجرى الحوار: حسن زنيند

مراجعة: ابراهيم محمد

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات