1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سياسة ألمانيا إزاء غرب أفريقيا- التزامات كبيرة وحضور ضعيف

٢٨ أغسطس ٢٠٢١

لم تحظ منطقة بالاهتمام في عهد ميركل، كما منطقة غرب أفريقيا، حيث هناك جنود ألمان يشاركون في مهام تدريبية. وكان الاقتصاد وقضية الهجرة على رأس أولويات الحكومة، لكن حضور ألمانيا لا يتناسب مع دورها، كما يرى البعض البعض.

https://p.dw.com/p/3zWox
ميركل مع الرئيس المالي بوبكر كيتا في باماكو 09.10.2019
قامت ميركل بزيارات عديدة إلى أفريقيا لتوثيق علاقات ألمانيا مع القارة السمراء وفتح ابواب الاستثمار أمام الشركات الألمانيةصورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler

بالنسبة للرئيس النيجيري محمد بازوم، كان موعد سفره إلى برلين في الأول من تموز/ يوليو الفائت، مهما جدا، حيث أراد وداع المستشارة أنغيلا ميركل شخصيا. وصرح قبل لقائه معها قائلا "إن الشعب الألماني يدعمنا، يدعم النيجر والمنطقة. إن ألمانيا لاعب رئيسي في مجال الأمن".

ومن المفترض أن تبقى ألمانيا هكذا حتى بعد رحيل ميركل ومجيء حكومة جديدة بعد الانتخابات التشريعية في شهر أيلول/ سبتمبر المقبل. وتقريبا كل أسبوع تأتي أخبار سيئة من منطقة الساحل، حيث تحدث هجمات إرهابية في بوركينافاسو، ومعارك بين الرعاة والمزارعين في وسط مالي، وهجمات على القرى في النيجر. ويحتاج حوالي 30 مليون شخص في المنطقة لمساعدات إنسانية، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

مخاوف الساسة في برلين

والسيناريو المرعب للساسة في برلين هو أن: الإسلاميين يزدادون قوة في المنطقة، ووجود ملاذات آمنة هناك للإرهابيين الذين يمكن أن ينفذوا عمليات في ألمانيا أيضا. كما أن تنامي العنف وانهيار الدول يمكن أن يؤدي إلى تدفق اللاجئين على أوروبا. والآن تعتبر منطقة غرب أفريقيا نقطة ساخنة وحيوية لسياسة الهجرة، حيث تشكل هذه المنطقة إحدى أهم طرق عبور المهاجرين من بلدانهم الأصلية إلى أوروبا. 

والسياسة الألمانية تجاه هذه المنطقة تقوم على ثلاث نقاط رئيسية: الأمن، والتنمية، ومكافحة الهجرة. وأهم مؤشر على ذلك هو تواجد وحدات من الجيش الألماني هناك، حيث أن حوالي ألف جندي ألماني يشاركون في المهمة التدريبية لبعثة الاتحاد الأوروبي (EUTM) والأمم المتحدة (MINUSMA).

البعثة لم تستطع وقف العنف في تلك المنطقة، ولذلك يزداد الإحباط. وتقول ناديا آدم، الباحثة في معهد الدراسات الأمنية في مالي، لـ DW "رغم جهود الحكومة الألمانية، وزيادة الحضور العسكري الذي لم يكن متصورا قبل عدة أعوام، فإنها (ألمانيا) ليست مستعدة للانخراط في عمليات عسكرية، تشكل خطرا على جنودها". وتعتبر بعثة الأمم المتحدة في مالي هي الأخطر في العالم،  فقد أصيب 12 جنديا ألمانيا، في هجوم لإسلاميين  في آواخر يونيو/ حزيران الماضي.

أنغيلا ميركل تستقبل رئيس النيجر محمد بازوم في برلين
الرئيس النيجيري محمد بازوم جاء إلى برلين لوداع المستشارة أنغيلا ميركل شخصيا قبل رحيله عقب الانتخابات التشريعية القادمةصورة من: Presse- und Kommunikationsdienst der Präsidentschaft von Niger

انسحاب فرنسا.. ضغط أكبر على ألمانيا؟

يريد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، سحب نحو ألفي جندي فرنسي من منطقة الساحل حتى بداية عام 2022، وتولي قوة أوروبية مهام مكافحة الإرهاب في المنطقة، لن يشارك فيها الجيش الألماني. لكن إذا تدهور الوضع وأصبح أسوأ، يمكن أن تزداد المطالب والضغوط على ألمانيا لإرسال المزيد من الجنود إلى هناك.

البعثة التدريبية للاتحاد الأوروبي لم تحقق نجاحا كبيرا، فلا يزال الجيش المالي عاجزا عن مكافحة الجهاديين بفعالية، وبدل ذلك نفذ الجيش انقلابا ضد الرئيس المنتخب بوبكر كيتا عام 2020. لكن ورغم ذلك والتطورات التي شهدتها مالي، وافق البرلمان الألماني على إرسال 650 جندي ألماني إلى هناك هذا العام، حيث لم يكن أمام الحكومة خيارات أخرى.

"الجهود الألمانية لم تكلل بالنجاح"

موضوع الهجرة سيشغل الحكومة الألمانية القادمة أيضا بعد رحيل ميركل، عقب الانتخابات التشريعية المقبلة، حيث تعتبر نيجيريا وغانا ضمن أكثر البلدان المصدرة للمهاجرين. في حين تعد النيجر من من بلدان العبور الأساسية للمهاجرين، حيث يعبرها كل عام حوالي 150 ألف مهاجر باتجاه البحر المتوسط. وألمانيا تساعد هذه الدول لتحصين وحماية حدودها، سواء من خلال تدريب حرس الحدود أو تسليحه. وفي النيجر تساهم ألمانيا بـ 6 ملايين يورو في تشكيل وحدة لحماية الحدود. كما يتم تمويل الكثير من الإجراءات من خلال مساعدات التنمية.

لكن خبير شؤون الهجرة، ستفان أداوين، يرى أن الجهود الألمانية لم تكلل بالنجاح، ويقول لـ DW "نرى أن الهجرة تحولت إلى مشكلة أمنية، ويتم استغلالها، كما التعاون في مجال التنمية، لممارسة الضغوط على الدول الأفريقية للحد من الهجرة. وهذا يتعارض مع رغبات وأهداف الدول الأفريقية". وإضافة إلى ذلك فإن ألمانيا لم تف بوعد أساسي حول فتح الباب أما المزيد من المهاجرين الشرعيين. وهذا ما يثير غضب الكثيرين في القارة السمراء وخاصة الشباب، الذين يريدون الدراسة أو الحصول على فرص للتأهيل المهني والعمل في ألمانيا. "آمل ألا يكون المستشار الألماني القادم يمينيا أو محافظا متشددا، وإنما أن يكون شخصا لديه حس إنساني في التعامل مع موضوع الهجرة"، تقول الشابة الغانية إليكبلين آووكو، لـ DW.

حضور ألماني ضعيف؟

أيضا في مجال التعاون الاقتصادي هناك إمكانية للتطور والتقدم. فقد تجاهلت الشركات الألمانية لفترة طويلة القارة الأفريقية رغم نسب النمو العالية وغناها بالمواد الخام. لكن منذ عام 2017 غيرت الحكومة الألمانية سياستها في هذا المجال وحددت هدفا يقضي بتشجيع المستثمرين على التوجه إلى القارة الأفريقية وتقديم تسهيلات لهم ليتمكنوا من الاستثمار هناك. وفي هذا المجال أطلقت مبادرة "ميثاق مع أفريقيا"، والتي تضم سبع دول من غرب أفريقيا، تلتزم بموجبها هذه الدول بأن تكون جذابة للمستثمرين، وبالمقال تلتزم ألمانيا والشركاء الآخرون بالترويج لهذه البلدان وتشجيع المستثمرين على الاستثمار فيها.

وقد عقدت العديد من المؤتمرات الأفريقية في برلين، وكانت المستشارة ميركل تحاول دائما خلال زياراتها للدول الأفريقية أن تفتح الباب أمام المستثمرين الألمان. لكن ورغم كل ذلك فإن الحضور الألماني في المنطقة لايزال ضعيفا نسبيا. "الدول الأخرى تلعب دورا أكبر. فنفوذ ألمانيا لا يتناسب أبدا مع قوتها الاقتصادية"، تقول الشابة آووكو. ويوافقها الرأي بنيامين ياموه، وهو شاب غاني أيضا، ويقول لـ DW "نحتاج إلى حضور ألماني أكبر في أفريقيا. وقبل كل شيء في مجال التأهيل المهني، فهي متقدمة في ذلك، وإذا أعطتنا شيئا من معرفتها، فإن ذلك سيساعد كثيرا في تنمية أفريقيا".

دانيال بيلتس/ ع.ج