1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ضحايا الثورة التونسية – هل يلجؤون للقضاء الدولي؟

تونس - حاتم الشافعي٥ مايو ٢٠١٤

بعد أحكام وصفت ب"الخفيفة" بحق كبار القادة الأمنيين في عهد بن علي، لا يزال أهالي ضحايا ثورة تونس ينتظرون تفعيل قانون "العدالة الانتقالية'' لمحاسبة المسؤولين عما لحق بهم، فيما يرى آخرون أن الحل هو اللجوء للقضاء الدولي.

https://p.dw.com/p/1Bu2t
صورة من: committee of hunger strike

منذ أكثر من أسبوعين، يواصل علي المكّي رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الشهداء وجرحى الثورة التونسية (غير حكومية)، و11 آخرون من أهالي تونسيين قتلوا خلال الثورة، إضرابا مفتوحا عن الطعام احتجاجا على تخفيف القضاء العسكري عقوبات ضد قادة أمنيين كبار في نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، متهمين بقتل متظاهرين خلال الثورة. ويقول المكّي لـDW عربيّة "لن نوقف إضرابنا إلا عند إلغاء هذه الأحكام المخزية، وسحب القضية من القضاء العسكري، وتحجير السفر عن المتهمين".

وكانت محكمة الاستئناف العسكرية بتونس أصدرت في منتصف أبريل/ نيسان الماضي أحكاما مخففة بالسجن مدة ثلاث سنوات بحق القادة الأمنيين المذكورين، وبينهم بالخصوص رفيق بلحاج قاسم، وزير الداخلية الأسبق، والجنرال علي السرياطي المدير الأسبق لجهاز الأمن الرئاسي. ومن المفروض أن يغادر هؤلاء السجن خلال شهر مايو/ أيار الحالي بعد أن يكونوا قد أمضوا فعليا العقوبة التي حوكموا بها باعتبارهم موقوفين منذ ثلاث سنوات.

وقد خلّفت الأحكام المخففة "صدمة كبرى واستياء في نفوس التونسيين" بحسب بيان للمجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) قال فيه إن هذه الأحكام "لا ترتقي إلى تطلع التونسيين لكشف الحقيقة ومعرفة قتلة الشهداء ومحاسبتهم في إطار محاكمة عادلة".

"تغيير الوصف القانوني للجرائم"

القاضي أحمد الرحموني رئيس "المرصد التونسي لاستقلال القضاء"، وهي منظمة حقوقية مستقلة، يوضح في حوار مع DW عربية أن محكمة الاستئناف العسكرية بتونس "غيّرت الوصف القانوني للجرائم المنسوبة إلى المتهمين، فعوّضت مثلا تهمة القتل العمْد (بالرصاص) الموجّهة لعدد من القيادات الأمنية، بتهمة القتل على وجه الخطأ، وهو ما أدى إلى تبرئة متهمين أو النزول بعقوبات آخرين من السجن لمدة ثلاثين عاما إلى السجن ثلاث سنوات".

واعتبر الرحموني أن الأحكام الأخيرة الصادرة عن القضاء العسكري "لا تتناسب مع حقيقة الأفعال الثابتة في حق المتهمين، ولا مع خطورة الجرائم المنسوبة إليهم".

وبحسب المحامية ليلى حداد، التي تنوب في هذه القضية، فإن تغيير المحكمة للوصف القانوني للجرائم هو "تزييف متعمّد للواقع وطمس للحقيقة". وتقول حداد لـ DWعربية إن القتلى الذين سقطوا برصاص الأمن خلال الثورة "أصيبوا في أماكن قاتلة مثل الرأس والرقبة، وهذا يعني أن فعل القتل كان متعمدا وليس على وجه الخطأ".

Tunesische Revolution Hungerstreikende Ali Mekki
عل مكي، رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الشهداء وجرحى الثورة التونسية، إضرابا مفتوحا عن الطعام منذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي...صورة من: committee of hunger strike

عدم توفر أدلة للإدانة؟

ولا تتوفر في هذه القضية "إثباتات يمكن أن يستند عليها القانون لإدانة المتهمين"، بحسب المحامي منير بن صالحة (محامي أحد المتهمين) الذي اعتبر ملف القضية "خاليا من قرائن الإدانة". ويقول المحامي في تصريح لـ DW عربية "ما حصل في قضية الحال، هو الزج بقيادات أمنية في السجن دون أدلّة على ارتكابهم جرائم، ثم الشروع في البحث عن إثباتات لم تتوفر".

ويعزو علي المكي، رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الشهداء وجرحى الثورة التونسية، عدم وجود هذه "الإثباتات" إلى قيام الأجهزة الأمنية "بإعدام الأدلة" و"تستّرها على الجناة" ورفضها التعاون مع القضاء لكشفهم أمام العدالة.

ويوضح في حديث مع DW عربية بأن "البحث في القضية انطلق بعد شهرين كاملين من تاريخ الإطاحة بنظام بن علي"، مرجحا أن تكون "عملية التخلص من الأدلة تمت خلال الشهرين المذكورين". ونظرا لغياب أدلة تدين المتهمين، طعن محاموهم في حكم محكمة الاستئناف العسكرية وطالبوا "بعدم سماع الدعوى" أي تبرئة المتهمين.

"صفقة" بين الأمن والعسكر؟

واعتبرت عائلات القتلى ومحاموهم أن الأحكام القضائية المثيرة للجدل تندرج ضمن ما أسموه "صفقة" بين المؤسستين العسكرية والأمنية. وفي هذا السياق يقول المحامي شرف الدين القليل، وهو محامي عائلات الضحايا، إن الهدف من هذه "الصفقة" هو "غض الطرف عن الجرائم التي ارتكبها الجيش منذ مساء 14 يناير/ كانون الثاني عام 2011"، أي بعد فرض الجيش حظر تجول ليلي وإعلانه حالة الطوارئ في تونس، بعد ساعات قليلة من هروب بن علي إلى السعودية.

ويشير المحامي إلى أن نقابات أمنية رفعت دعوى قضائية ضد الجنرال رشيد عمار، قائد الأركان السابق للجيش التونسي، حمّلته فيها مسؤولية سقوط قتلى على يد الجيش بعد هروب بن علي.

وكانت قوات الأمن انسحبت بشكل كامل من مواقعها بعد هروب بن علي بسبب تعرضها لهجمات انتقامية من سكان غاضبين في مناطق مختلفة من البلاد. ويقول صحبي الجويني، المكلّف بالشؤون القانونية في الإتحاد الوطني لنقابات قوات الأمن التونسي، لـDW عربية إن أغلب قتلى الثورة سقطوا بعد هروب بن علي وإن عدد من قتلوا قبل هذا التاريخ بلغ 67 شخصا فقط. وبحسب السلطات التونسية، فقد قتل أكثر من 300 تونسي خلال الثورة، التي بدأت في 17 ديسمبر/ كانون الأول من عام 2010 وانتهت بالإطاحة بنظام بن علي يوم 14 يناير/ كانون الثاني2011.

ويرى المحامي شرف الدين القليل أن الهدف ممّا وصفه ب"صفقة" بين الأمن والجيش هو الإفراج عن الأمنيين الموقوفين على خلفية قتل متظاهرين خلال الثورة، مقابل عدم تتبع مسؤولي المؤسسة العسكرية.

Tunesische Revolution Hungerstreik
ينتظر أهالي ضحايا الثورة التونسية "محاسبة المسؤولين" عما لحق بذويهم، وسط استياء بعض الأطراف في تونس من الأحكام الصادرة من قبل القضاء العسكري بحق كبار القادة الأمنيين في عهد بن علي.صورة من: committee of hunger strike

هل من حلول بديلة؟

وبعد إصدار محكمة الاستئناف العسكرية لأحكامها، دعت عائلات القتلى إلى سحب القضية من القضاء العسكري وإحالتها على القضاء المدني، فيما أعلن المجلس التأسيسي أنه "قرّر إصدار قانون يُحدِث بمُقتضاه دوائر قضائية متخصصة في ملفات شهداء الثورة وجرحاها". لكن خبراء في القانون حذروا من أن اعتماد أحد الحلّين سوف يمثّل أول "خرق" للدستور الجديد للبلاد الذي صادق عليه البرلمان في يناير/ كانون الثاني الماضي.

من جهتها، توضح روضة القرافي رئيسة "جمعية القضاة التونسيين" (النقابة الرئيسية للقضاة في تونس) بأن قرار البرلمان إحداث "دوائر قضائية متخصصة" يتعارض مع الفصل 110 من الدستور الذي ينص على "منع إحداث محاكم استثنائية". كما يستبعد المحامي عبادة الكافي، محامي أحد المتهمين، إمكانية سحب القضية من القضاء العسكري بموجب الفصل 149 من الدستور.

بين ''العدالة الانتقالية'' أو "التدويل"

وأمام استحالة سحب القضية من القضاء العسكري أو إحداث "دوائر قضائية متخصصة"، يرى خبراء أنه لم يبق أمام عائلات القتلى إلاّ انتظار تفعيل قانون العدالة الانتقالية الذي لم يصدر إلا بعد ثلاث سنوات من الثورة، أو "تدويل" القضية. وفي هذا الإطار يقول أحمد الرحموني، رئيس المرصد التونسي لاستقلالية القضاء، لـDW عربية "بعد استيفاء إجراءات التقاضي (أمام القضاء العسكري) لن يبقى من بديل (أمام عائلات القتلى) سوى العدالة الانتقالية التي تجيز إعادة المحاكمة لكن على أسس أخرى، تخرجُها من صيغتها الجنائية، وتبدأ بالمساءلة وتنتهي بالمصالحة".

وفيما تؤكد المحامية ليلى الحداد أن محامي أهالي القتلى سوف يلجؤون إلى تدويل القضية في حال لم تنصفهم العدالة التونسية، بحث قالت في تصريح صحفي إن هيئة الدفاع عن عائلات الشهداء راجعت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد