1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ضرب المصالح التركية

هادي جلو مرعي١٧ يناير ٢٠١٣

يرى هادي جلو مرعي أن العراق عبر الأزمنة طالما اجتذب قوتين إقليميتين كان لهما دور في التأثير الحضاري في مجال الثقافة والعمران والسلوك الاجتماعي ، وانعكس هذا في أنماط تعودها الناس ، وصلت إلى استخدامات اللغة والموسيقى.

https://p.dw.com/p/17LUS
صورة من: dpa/AP

فإيران كانت لها عاصمة شتوية هي المدائن جنوب بغداد، وما يزال إيوان كسرى قائما للآن يحكي قصة الوجود الفارسي العميق في هذه الأرض، حتى إن المسلمين فتحوا بلاد فارس من المدائن ،والإيوان الذي انشق بمولد النبي الأمي كان إيوان كسرى فيها،بينما توغل الترك عميقا إلى الجنوب في بلاد العرب ، وكان العراق المجاور جزءا من إمبراطورية عثمانية مترامية ،وقسمت البلاد إلى ولايات خاضعة للسلطان العثماني ،ولا قيمة اعتبارية لها ، ولا استقلال لها عن الباب العالي ، فصارت مثل حريم السلطان .

تغيرت الأزمان وأنماط العيش، وطرق التفكير والاعتقادات، وصار طبيعيا بعد انتشار الإسلام أن يكون للمذاهب الدينية دور وأثر في توجهات أهل الحكم والسياسة. فالأتراك والإيرانيون ، وهم المحيطون بنا، ولامناص من ذلك أبدا ساد في بلديهما نمطان فكريان ،وشخصية سياسية مختلفة وطموح ورؤية وعقيدة مغايرة ومذهب إسلامي يناقض الآخر، وفوق ذلك كان للدول العربية المستهدفة منهما انتماءات مختلفة عقائدية وقومية،فتركيا السنية تحتفظ بارتباط مذهبي مع العديد من الدول العربية السنية ( حكما ومحكومين ) بينما تمتلك إيران حضورها في تلك البلدان من خلال المجموعات البشرية المؤمنة بالمذهب الشيعي وهي وإن لم ترتق إلى مستوى السلطة الحاكمة إلا أخيرا لكنها بدأت تتطور على مستوى الكثافة العددية والقدرة في التأثير ومقابلة الآخر بحضور لا يمكن تجاهله ،وحتى في تركيا ذاتها يوجد العلويون والشيعة القريبون من إيران ولهم ميول جهة هذا البلد.

في العراق يوجد الشيعة بكثافة في الوسط والجنوب ، وهم الأغلبية من السكان بينما ينتشر السنة في المناطق الغربية ،ويحتاج الشيعة ليدعموا إدعاءهم إنهم الأغلبية إلى تعداد سكاني يبين غلبة مذهبهم وهو مالم يتم الاتفاق عليه للآن لأسباب سياسية في الغالب، عدا عن مخاوف أطراف أخرى من أن يستغل هذا التعداد في تغيير الخارطة السياسية، ويؤثر في مسار الأحداث بطريقة غير متوقعة ،وربما قلب المعادلة بصورة دراماتيكية ،ويتصل الطرفان وفق المعالة المذهبية القائمة بهذين العملاقين الإقليميين وكلما توترت الأجواء كلما سمعنا بأصوات تخرج من هذا الفصيل أو ذاك تتهم الشيعة بالعمالة لإيران وكما حصل في خطاب النائب أحمد العلواني الذي قال عن الشيعة إنهم خنازير ،أو ماورد في مقال الكاتب السني المقيم في لندن هارون محمد حين وصف الشيعة في عنوان مقال له بأولاد المتعة، بينما يرد بعض الشيعة باتهام السنة بالعمالة لقطر والسعودية ،والعمل لصالح تركيا بهدف تقسيم العراق.وكان آخر ما صدر عن مجموعات شيعية مسلحة إنها ستستهدف المصالح التركية في العراق ، وقبلها استهدفت مصالح إيرانية وحجاج في العديد من الأماكن .إنه صراع طويل ومخيف.