1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

طريق لاشيت إلى المستشارية ليس معبدا وعليه تجاوز عقبات عديدة

علاء جمعة
٢١ أبريل ٢٠٢١

سيخوض أرمين لاشيت تحدي الانتخابات العامة ليصبح خليفة ميركل المحتمل بعد انسحاب منافسه ماركوس زودر من السباق. ورغم دعم حزبه القوي له، إلا أن الطريق إلى دار المستشارية في برلين طويل وشاق ومليء بالعقبات.

https://p.dw.com/p/3sKHs
لاشيت في مؤتمر صحافي بعد اختياره مرشحا لمنصب المستشارية
كان على لاشيت أن يخوض معركة حامية الوطيس ضد منافسه زودر لإقناع المحافظين باختياره مرشحا لخلافة المستشارة ميركلصورة من: Michael Kappeler/dpa/picture alliance

رئيس وزراء ولاية شمال الراين ويستفاليا أرمين لاشيت، سيخوض الانتخابات القادمة بعد أن تقرر أن يكون مرشح الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) في انتخابات سبتمبر/ أيلول المقبل، بعد أكثر من أسبوع من الجدل المضني مع نظيره ماركوس زودر، رئيس وزراء ولاية بافاريا وزعيم حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي (CSU).

يقود لاشيت حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (CDU) منذ منتصف كانون الثاني/ يناير، ومن المتوقع أن يفوز الرجل البالغ من العمر 60 عاما  بمنصب المستشار فى نهاية سبتمبر/ أيلول القادم. وذلك بعد أن صوتت اللجنة التنفيذية للحزب بأغلبية 77,5 في المائة لصالحه.

استطلاعات الرأي والانتخابات

عشرة أيام هزت حزبي الاتحاد CDU و CSUمتزامنة مع نقاشات حامية الوطيس. حيث أظهرت استطلاعات الرأي تقدم زودر وقدرته الأكبر على الفوز ضد لاشيت. وحتى قبل أيام من اتخاذ القرار، قدمت قناتا RTL/ntv الفضائيتين استطلاعا للرأي يبين تقدما واضحا لزودر، حيث صرح 37 في المائة من المشاركين أن زودر هو المرشح الأفضل لمنصب المستشارية مقارنة بـ 13 بالمئة فقط أبدوا دعمهم للاشيت.

زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي لاشيت، كان يشير دائما إلى رغبته في الترشح. "فالفوز يأتي عن طريق الانتخابات وليس الاستطلاعات"، وهذه المقولة يؤمن بها الحزب منذ أيام رئيسه الأسبق هيلموت كول. وبات واضحا لأسابيع عديدة داخل الحزب ضرورة اختيار مرشح يمثله، وربما كانت بداية خطوات لاشيت متعثرة أمام زودر، بيد أنه لم يستسلم.

ماركوس زورد رئيس وزراء ولاية بافاريا
ماركوس زودر خسر سباق الترشح لمنصب المستشارية أمام لاشيت رغم شعبيته الأكبر بين الناخبين المحافظينصورة من: Peter Kneffel/REUTERS

لاشيت المكافح

وبالرغم من الصعوبات السابقة، فإن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي أصبح ملتزما الآن تجاه لاشيت. لقد كان "مقاتلا"، كما وصفه أصدقاؤه في الحزب مرارا. وسعى لاشيت، بدعم من نوابه، إلى إجراء محادثات سواء مع زودر أو مع العديد من الشخصيات الأخرى المؤثرة داخل الحزب.

 والآن يتعين على لاشيت أن يستغل كل يوم من أيام ولاية ميركل، التي ستنتهي مدتها خلال الأشهر القادمة، من أجل فرض نفسه، خاصة أن حزب الخضر قد اختار بالفعل مرشحته لمنصب المستشارية وهي أنالينا بيربوك (40 عاما)، كما أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي أيضا اختار مرشحه وهو أولاف شولتز.

وعندما انتخب مؤتمر حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي لاشيت زعيما للحزب في كانون الثاني/ يناير 2021  في الجولة الثانية ضد فريدريش ميرتس، اعتبر كثيرون في الحزب أن لاشيت يشق طريقه لخلافة ميركل. كما أنه يعتبر من ضمن الدائرة القريبة من المستشارة وأيضا لخليفتها السابقة في رئاسة الحزب آنغريت كرامب كارينباور، وهو من ضمن الذين يدعون إلى الوسطية داخل الحزب وصرح مرارا أن "الحزب لن يفوز إلا إذا بقينا أقوياء في الوسط".

وبهذه القناعات أصبح  أرمين لاشيت عام 2017 رئيسا لوزراء الولاية الأكبر في ألمانيا من حث عدد السكان، وزعيما للحزب هذا بداية العام. وفي الوقت نفسه فإن لاشيت السياسي الكاثوليكي القادم من مدينة آخن يذكر بالمستشار الألماني كونراد أديناور (1949-1963)، القادم أيضا من ولاية شمال الراين ويستفاليا، وأحد القادة المؤسسين للحزب والذي يحمل مقر الحزب في برلين اسمه.

كورونا جعلت لاشيت حذرا

وبوسع لاشيت أن يذّكر أعضاء الحزب بسياسة التعاون الوثيق مع المستشارة أنغيلا ميركل. وعندما واجهت ميركل رياحا معاكسة قوية من داخل الحزب عام 2015 بسبب دخول مئات الآلاف من اللاجئين، ظل لاشيت مخلصا ومساندا لها. بيد أنه حاول أن ينأى بنفسه عن بعض نقاط الضعف في سياسة مكافحة وباء كورونا، وحاول مرار الابتعاد عن سياسة ميركل بهذا الخصوص، محاولا في الوقت نفسه تحقيق التوازن. فعندما حاولت ميركل تشديد اجراءات الاغلاق في أيام عيد الفصح، وهو ما أثار حفيظة الكثير في ألمانيا، نأى لاشيت بنفسه بوضوح عن هذا القرار مؤكدا أنه "لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو". وقد يرى البعض خطوة لاشيت أنها مبررة ومفهومة خاصة بعد الانتقادات التي ظهرت للحكومة في احتواء الجائحة وحالات الفساد التي ظهرت في صفوف بعض السياسيين الألمان من داخل حزب لاشيت فيما يخص قضية الكمامات وتراجع الثقة داخليا بسياسة المستشارة، خاصة مع اقتراب انتهاء موعد ولايتها سياسيا. وتظهر استطلاعات الرأي أن طريق الاتحاد الديمقراطي المسيحي إلى دار المستشارية ليس طريقا سهلا.

لاشيت يحاول الآن أن يشق طريقه، مذكرا في الوقت نفسه بضرورة حدوث تغيير في العديد من السياسات لا سيما من أجل حماية المناخ ومكافحة البيروقراطية، ودعا كذلك إلى الاتجاه أكثر نحو  رقمنة مؤسسات الدولة.

لاشيت والخضر

الآن وبعد أن انتصر لاشيت بشق الأنفس ضد زعيم الاتحاد الاجتماعي المسيحي ماركوس زودر، يتعين عليه أن يقف أمام تقدم حزب الخضر سياسيا ويحتوي القوة الصاعدة المتمثلة بالمرشحة أنالينا بيربوك، التي تجسد جيلا مختلفا عن لاشيت، ولديها صورة ذاتية مختلفة عن طبيعة الاولويات السياسة. محاولة لاشيت بناء علاقة جيدة مع حزب الخضر ظهرت منذ دخوله البرلمان الألماني "البوندستاغ" عام 1994، حيث حاول إقامة علاقة ثقة بين حزبه وحزب الخضر.

لذلك فإن لاشيت ركز في خطابه أثناء ترشيح نفسه كمرشح لرئاسة الاتحاد الديمقراطي المسيحي في يناير/كانون الثاني على أهمية التحديث وإتاحة الفرصة للأجيال الناشئة، بالإضافة إلى العمل من أجل أن تملك ألمانيا ديناميكية اقتصادية جديدة وأمنا شاملا وأفضل وفرصا تعليمية عادلة.

أرمين لا شيت في مقر الحزب في برلين
كورونا أظهرت تغييرات في سياسة لاشيت وتباين موقفه عن موقف المستشارة ميركلصورة من: Michele Tantussi/Reuters

خبرة سياسية واسعة

لاشيت ضليع بكل جوانب السياسة. وقد درس القانون وكان عضوا في مجلس مدينة آخن (1989-2004) والبرلمان الاتحادي- بوندستاغ (1994-1998) والبرلمان الأوروبي (1999-2005) وبرلمان ولاية شمال الراين ويستفاليا (منذ عام 2010). ومنذ عام 2019، كان لاشيت أيضا ممثل الجمهورية الاتحادية للعلاقات الثقافية الألمانية الفرنسية. وقد حافظ منذ فترة طويلة على اتصالات وثيقة مع القيادة السياسية في باريس. وفيما يتعلق بالعلاقة عبر الأطلسي سافر عبر الولايات المتحدة لبضعة أيام كرئيس للولاية في عام 2019 وتكونت لديه أيضا خبرات دولية وقادر على فرض نفسه.

الموقع الإلكتروني لمؤسسة كونراد اديناور التابعة للاتحاد الديمقراطي المسيحي، وصف لاشيت قبل أسابيع عديدة بأنه "سياسى لديه كل الشروط المسبقة لمناصب الحزب والدولة على المستوى الوطني"، وسيتعين على لاشيت أن يقنع الناخبين بذلك. ويضيف الموقع أن "رئيس الوزراء الذي يحكم بنجاح ولاية عدد سكانها 18 مليون نسمة، يمكن ان يكون مستشارا أيضا".

ولذلك، يتعين على أرمين لاشيت الآن أن يوطد علاقته مع حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي البافاري الشقيق، ويمد يده لمنافسه السابق في رئاسة الحزب فريدريش ميرتس، الذي يملك محفزات عمل واضحة داخل الحزب، خاصة بعد ترشيحين فاشلين لرئاسة الحزب وكان يبحث عن منصب وزاري في فترة ما بعد ميركل، كذلك أخذ أمر القادة النسويات في الحزب بالحسبان، فهن فخورات بميركل. الخلاصة أن طريق لاشيت إلى دار المستشارية لا يزال طويلا جدا. بيد أن سياسته القادمة وجهوده هي التي ستقرر حصوله على أصوات الناخبين واحتمالية فوزه من عدمه.

ستراك كريستوف/ علاء جمعة