1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عائلات البحارة الجزائريين المختطفين – معاناة منسية وآمال ضئيلة

١٥ يوليو ٢٠١١

يحتجز قراصنة من الصومال منذ أوائل العام الجاري سفينة شحن جزائرية على متنها 27 بحاراً، بينهم 17 جزائرياً، دويتشه فيله زارت عائلات بعضهم ورصدت معاناتها من القلق والخوف على مصير أبنائها المرتبط بدفع فدية تفك احتجازهم.

https://p.dw.com/p/11or0
أسر 17 بحارا جزائريا مختطفون يطالبون بالتحرك لإنهاء مأساتهمصورة من: DW

نزل خبر اختطاف قراصنة من الصومال لباخرة "أم البليدة" في عرض البحر جنوب شرق ميناء صلالة العماني كوقع الصاعقة على عائلات البحارة الجزائريين الذي على متنها. حدثت عملية الاختطاف في الأول من شهر كانون الثاني/ يناير بينما كانت السفينة في طريقها إلى تنزانيا. سوهيلة أخت البحار بن قاسي عاشور (28 سنة) لم تكن تتصور بأن غيبته ستطول هذه المرة، وهو الذي سافر وقلبه مليء بالسعادة كون هذه السفرة ستكون الأخيرة قبل توظيفه بشكل رسمي في شركة "انترناشيونال بولك كارييرز" التي تتبع لها الباخرة. وهذا ما يعني أن ذلك كان سيحدد المستقبل المهني لهذا للشاب الذي يعمل كميكانيكي على متن الباخرة المختطفة.

"لم نخبر والدة عاشور بحقيقة اختطاف الابن خوفاً عليها"

Proteste der algerischen Familien der Entführten in der Ocean Indien
أسر المختطفين يطالبون الحكومة الجزائرية بتكثيف جهودها من أجل تحريرهمصورة من: DW

تروي سوهيلة أنها علمت بخبر اختطاف أخيها عاشور عن طريق الراديو وهي عائدة إلى البيت بعد نهاية الدوام، ولا تزال والدته تعتقد أن ابنها سيعود قريبا لأن الباخرة تعطلت فقط في عرض البحر قالت سوهيلة وأضافت: "والدتي عجوز مسنة ولا يمكن أن نخبرها بالحقيقة لذا أخفينا عنها الأمر".

اتصل عاشور بأخته ثلاث مرات منذ اختطافه أول مرة كانت منتصف ليل يوم الاختطاف حيث سمح له القراصنة بذلك، كان بالنسبة لها أول اتصال يرد روحها بعد سماع الفاجعة، أخبرها بصوت خائف أن جميع المختطفين على متن السفينة، وهم من جنسيات مختلفة، لكن أغلبيتهم من الجزائر. عندما يتصل عاشور يتحدث بصوت متعب، ولا يدوم حديثه أكثر من عشر دقائق، يكرر خلالها السؤال: "لماذا لا تتحركون؟ ... اطلبوا من الحكومة التدخل لإطلاق سراحنا".

السلطات الجزائرية بين كماشتين

وتطالب عائلات البحارة المحتجزين السلطات الجزائرية بالتدخل، الأخيرة وجهت عبر وزير خارجيتها مراد مدلسي نداء رسميا من أجل إطلاق سراح جميع الرهائن، بمن فيهم الجزائريين المحتجزين. وأكدت الحكومة أن البحارة في "حالة جيدة" وأنها تتابع الوضع "وهي في اتصال منتظم (معهم) عبر مجهز السفن "انترناشيونال بولك كارييرز، الذي يتفاوض من أجل التوصل إلى إطلاق سراحهم.

ويرى المراقبون أن السلطات الجزائرية باتت في موقف حرج من منطلق أن الجزائر تنادي بتجريم تقديم الفدية والتفاوض مع الجماعات الإرهابية، وفي الوقت ذاته تتعرض لضغط العائلات والشارع الجزائري، الذي يطالب بالتدخل من أجل إطلاق سراح الرهائن.

البرلمان الجزائري طالب بدوره هو الآخر بتحرك دبلوماسي لحماية المختطفين وتأمين سلامتهم. وفي هذا السياق قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية والعلاقات الدولية لمجلس الأمة، بولحية إبراهيم، إن اختطاف سفينة "البليدة" الجزائرية، يستدعى مراجعة للملاحة البحرية وإقرار المزيد من الشروط لتأمين سلامة البواخر وحركتها. واستبعد أن تثني هذه العملية من عزيمة الحكومة الجزائرية، وتجعلها ترضخ بأي شكل من الأشكال لمطالب الخاطفين، مضيفاً أنها لن تدفع أي فدية، وهي التي دافعت من منابر دولية وأقنعت هيئة الأمم المتحدة على تبني مطلب تجريم دفع الفدية لتجفيف منابع الإرهاب ومصادر تمويله. كما طالب إبراهيم القنوات الرسمية من أجل التحرك وتأمين سلامة المختطفين حتى أن تجد وزارة الخارجية الجزائرية والقنوات الدبلوماسية الجزائرية مخرجاً للأزمة التي ألمت بالبحارة المختطفين.

معاناة مستمرة في ظروف صحية قاسية

ومع استمرار الجهود التي لم تثمر حتى الآن في الإفراج عن الرهائن، ستستمر معاناة عاشور وعائلته وعائلات البحارة الآخرين الذين تركوا ورائهم أيضا زوجات وأبناء. الشاب فوزي (17 سنة)، ابن المختطف آيت العربي محمد ( 55 سنة) الذي يعمل كمشحم بباخرة أم البليدة. ويحضر فوزي لشهادة الليسانس في اللغة الفرنسية، وقد اضطر لتعليق تحضيره بسبب حادثة الاختطاف. تروي والدته زهور أنها علمت بخبر اختطاف زوجها عن طريق أحد الصحفيين. بالنسبة لها يعني اختطاف الزوج حياة أربعة أولاد ووالدتهم، فمنذ ستة أشهر تغيرت أحوال هذه العائلة التي لم تجد من يعيلها، وتضطر زهور وابنها فوزي إلى الانتقال يوميا من ولاية تيزي وزو إلى العاصمة من أجل تلقف أخبار الباخرة من شركة "أي بي سي".

تقول زوجة محمد أن زوجها يجهش بالبكاء كلما أتيحت له فرصة الاتصال بها. "لأول مرة يبكي زوجي"، تقول زهور، وتضيف بأن الشيء الذي يحز في نفسه هو أن عمله في الشركة هدفه دفع القرض الذي أخذه من البنك من أجل دفع مستحقات علاج ابنه سيد احمد المعاق.

وعلى غرار عائلتي عاشور والعربي محمد أصابت الصدمة أيضاً عائلة البحار أحمد بن موسى (53 سنة) عند سماعهم بخبر اختطافه. تروي رقية زوجته بأنها سمعت بخبر اختطافه عن طريق قناة العربية، وبدا الأمر بالنسبة لها أشبه بفيلم لم تصدقه هي وأولادها الثلاثة. أحمد اتصل أيضاً بالعائلة ثلاث مرات، طالب خلال اتصاله السلطات بدفع الفدية كي يتم إطلاق سراحه وسراح زملائه.

وأخبر البحارة الذين مر على اختطافهم أكثر من نصف سنة عائلاتهم بأنهم يعشون ظروفاً صحية قاسية، إذ يشربون الماء المالح ويأكلون الأرز وبعض العجائن. من جهتها تحاول العائلات خلال الحديث معهم الإبقاء على الأمل في إيجاد مخرج قريب لهذه المعاناة.

رانيا سليمان- الجزائر

مراجعة: إبراهيم محمد / (ع.غ)