1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"فورمولا 1" في السعودية.. تلميع للصورة مقابل مئات الملايين!

٢٥ مارس ٢٠٢٢

وضعت استضافة السعودية لسباق الجائزة الكبرى للفورمولا 1 المملكة في موقف محرج بسبب سجلها المثير للجدل فيما يخص حقوق الإنسان. وبينما تتعالى الانتقادات، تبقى المنفعة الاقتصادية من سلسلة السباقات ضخمة.

https://p.dw.com/p/4916W
سباق الجائزة الكبرى 2021 في جدة السعودية، ويظهر ولي العهد السعودي ومسؤلين آخرين مع جيان تودت رئيس الاتحاد الدولي للسيارات آنذاك (5/12/2021)
الأمير محمد بن سلمان ومسؤولون سعوديون مع جيان تودت. سجل حقوق الإنسان للملكة يضع فورمولا 1 في موقف محرج!صورة من: SONG Irwen/ATP/picture alliance

في تعليقها على سباق جائزة السعودية الكبرى لفورمولا 1، قالت خبيرة الإنثروبولوجيا الاجتماعية مضاوي الرشيد: "إنه أمر مروع". وتابعت السيدة البالغة من العمر 59 عاماً: "في الوقت الذي يركز فيه العالم على كيفية التعامل مع الحكام المستبدين الذين يهددون السلام، نرى المنظمات الرياضية غير مبالية تماماً بوضع حقوق الإنسان والقيادة في المملكة العربية السعودية".

 تنحدر مضاوي الرشيد من السعودية ولكنها عاشت لفترة طويلة في لندن، حيث تقوم بتدريس الاقتصاد والعلوم السياسية في مركز الشرق الأوسط التابع لمدرسة لندن. وبالنظر إلى وضع حقوق الإنسان في البلاد وتدخل المملكة العربية السعودية في الحرب في اليمن، فإنها تنظر إلى سباق فورمولا 1 القادم بنفس الأهمية التي تحسم بها الأحداث الرياضية الكبرى الأخرى التي تقام في المملكة كما تقول: "يجب مقاطعة مثل هذه الأحداث وأي نوع من المساعدات والدعم الغربي يجب أن يكون مشروطًا بامتثال الطبقة الحاكمة السعودية للقانون الدولي وحقوق الإنسان والقيم والأعراف الدولية".

مئات الملايين مقابل تلميع الصورة

وينطلق السباق الثاني من الموسم الجديد لبطولة العالم لفورمولا 1 يوم الأحد 27 مارس/ آذار في جدة. ويقدم محمد بن سلمان نفسه مرة أخرى على أنه مضيف فخور ومعجب كبير بالسباق. وشهد ولي العهد السعودي المثير للجدل، إنطلاق منافسات جائزة السعودية الكبرى لفورمولا 1 في ديسمبر/ كانون الأول الماضي على حلبة كورنيش جدة واستمتع بالسباق في بلده. وعن هذه الخطوة قالت مضاوي الرشيد لـ DW: "إنها جزء من" رؤيته 2030 "واستغلال الرياضة في تلميع صورة السعودية بشكل أساسي".من جانب آخر، نقلت صحيفة "الرياض" السعودية عن وزير الرياضة، الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، قوله، "إن المملكة أصبحت الآن موطن رياضة المحركات في المنطقة ". فبالإضافة إلى فورمولا 1، يُنظَّم رالي داكار أيضاً في الصحراء السعودية منذ عام 2020. وأقيمت في المملكة السعودية أحداث بارزة في كرة القدم مثل مباراة ودية بين البرازيل والأرجنتين وكأس السوبر الإسباني، وفي الملاكمة كذلك أقيمت مباراة بطولة العالم للوزن الثقيل بين أنطوني جوشوا وأندي رويز في الدرعية. ومقابل حوالي 350 مليون يورو، حصل صندوق الاستثمار الحكومي السعودي مؤخرا على 80 في المائة من نادي نيوكاسل يونايتد، الذي يلعب في الدوري الإنجليزي (برمييرليغ).

مسائيةDW : سباق فورمولا 1 في السعودية: أكثر من تنافس رياضي؟

 

وأبرمت شركة النفط الحكومية السعودية "أرامكو" صفقة رعاية مع سلسلة سباقات فورمولا 1. وبعد ذلك بوقت قصير، أعلن منظمو الفورمولا 1 في يناير/ كانون الثاني 2020 عن إقامة سباقات في المملكة العربية السعودية في المستقبل. وبحسب ما ذكرت صحيفة "موتورسبورت ويك" في أبريل / نيسان  2020، فإن عقد "أرامكو " يمتد لمدة عشر سنوات ويجلب للفورمولا 1 ما يعادل حوالي 535 مليون يورو (450 مليون جنيه إسترليني). حتى أن مصادر أخرى تتحدث عن 800 مليون يورو.

وفق مجموعة "ليبرتي ميديا" الأميركية المالكة لحقوق بطولة العالم لفورمولا 1، حصلت على ما مجموعه 1.145 مليار دولار أمريكي في عام 2020. وبالنسبة لشركة أرامكو، فهي مجرد مبالغ مالية  بالنظر للأرباح السنوية التي تحققها.

من وجهة نظر اقتصادية بحتة، فقد حطت فورمولا 1 في المكان المناسب. ويقول كريستيان غلوساور، الخبير الإقتصادي المختص بمنطقة الشرق الأوسط في هيئة ألمانيا للتجارة والاستثمار (gtai) في مقابلة مع DW: "إنها أيضاً بلد سيارات كلاسيكية. السيارة مهمة للغاية هناك". وعلى الرغم من أن الكثير من حولنا يتطور، أيضاً في مجال النقل العام، إلا أن ذلك ليس بديلاً حقيقياً بعد. "في المملكة العربية السعودية، أنت ببساطة تعتمد على سيارتك و تحب سيارتك".

وفي الوقت نفسه، تعتبر السعودية، الدولة النفطية، شريكًا مناسبًا أيضًا عندما يتعلق الأمر بالاستدامة - والتي تلتزم فورمولا 1 بتعزيزها. ويوضح غلوساور: "هناك خطط كبيرة للطاقات المتجددة يجري تنفيذها". ويتابع "يتعلق الأمر بالخلايا الكهروضوئية على نطاق واسع جدًا والهيدروجين الأخضر، وهناك أيضًا بعض مشاريع الحدائق الشمسية الكبيرة".

غياب حرية التعبير و آلاف الضحايا المدنيين في اليمن

من ناحية أخرى، هناك قائمة طويلة من أوجه القصور في حقوق الإنسان: فالدولة الصحراوية تحكمها الأسرة المالكة في السعودية ولا توجد انتخابات، والمعارضة والإنتقادات يعاقب عليها بشدة. وتعتبر قضية المدون السعودي، رائف بدوي، مجرد مثال بارز من بين أمثلة عديدة. وتحتل السعودية المرتبة 170 من أصل 180 في مؤشر حرية الصحافة، الذي تنشره منظمة "مراسلون بلا حدود"، وتقول المنظمة: "رغم كل الخطاب الإصلاحي ، فقد اشتد القمع منذ تعيين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عام 2017. والكثير من العاملين في وسائل الإعلام محتجزون بشكل تعسفي ويعتقد أن معظمهم تعرض للتعذيب ".

آثار هجمة جوية شنها التحالف بقيادة السعودية على صنعاء (10/11/2021)
السعودية تدعم الحكومة اليمنية (حكومة الشرعية) ضد المتمردين الحوثيين في حرب اليمنصورة من: Hani Al-Ansi/dpa/picture alliance

من جانبها، انتقدت منظمة هيومان رايتس ووتش "القمع المستمر للمعارضين والنشطاء والفشل في تفسير مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين في أكتوبر / تشرين الأول عام 2018". ويضاف إلى ذلك العدد الكبير من عمليات الإعدام التي تنفذ كل عام، وبعضها يتم حتى في الأماكن العامة. في حين أن هناك إصلاحات تستحق الثناء بالنسبة للمرأة السعودية، والتي قالت عنها منظمة هيومن رايتس ووتش إنها ستمثل خطوة مهمة إلى الأمام، في حالة تم الإلتزام بها وتنفيذها بالكامل، لأن عدداً من نشطاء حقوق المرأة "لا يزالون في السجون أو يخضعون للمحاكمة بسبب عملهم الحقوقي".

كما لا ينبغي التغاضي عن أن المملكة العربية السعودية تدعم منذ عام 2015 حرباً دموية في الدولة المجاورة لها، اليمن. تلك الحرب التي تسببت حتى الآن، وفق منظمة "أنقذوا الطفولة" الحقوقية، في مقتل أكثر من 10 آلاف مدني، ربعهم من الأطفال. بالإضافة إلى ذلك، يعاني ما يقرب من 400 ألف طفل وطفلة دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد.

لا يوجد سبب للإلغاء

لم يمنع أي من هذا منظمي سباقات الفورمولا 1، من قبول المملكة كواحدة من الدول المضيفة. واعتباراً من عام 2023، سينظم سباقان في البلد الصحراوي. وهناك إعلان التزام من فورمولا 1 باحترام حقوق الإنسان، ينص على أنه "سيجري مشاورات هادفة مع المعنيين فيما يتعلق بالقضايا التي أثيرت كجزء من  التزامنا". ولم تحصل  DW على أجوبة حول الإستفسار عن سبب إقامة سباقات لفورمولا 1 في المملكة وكيفية مناقشة قضايا حقوق الإنسان مع الشركاء السعوديين،  من قبل الفورمولا 1 والاتحاد الدولي للسيارات.

ستيفانو دومينيكالي، المدير التنفيذي للفورمولا 1 مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال سباق الجائزة الكبرى في جدة (5/12/2021)
لا يرى المدير التنفيذي للفورمولا 1 ستيفانو دومنيكالي (على اليمين) أي سبب لإلغاء السباق في جدةصورة من: Hasan Bratic/picture alliance

قبيل انطلاق السباق في جدة، تحدث ستيفانو دومينيكالي، المدير التنفيذي للفورمولا 1، إلى قناة "سكاي سبورتس". وعلى الرغم من أنه وصف  التقارير عن عمليات الإعدام الـ 81 التي حدثت مؤخراً في المملكة العربية السعودية في يوم واحد فقط بأنها "مقلقة للغاية"، إلا أنه لا يرى أي سبب يمنع إقامة السباقات هناك. على العكس من ذلك، يرى أن الفورمولا 1 تساعد في إعطاء الموضوع "مكانة مختلفة في الأخبار"، ويمكن وضع الانتهاكات "في دائرة الضوء" بشكل أكبر، على حد قول الإيطالي.

ويتزامن ذلك مع رأي المضيفين السعوديين، كما أكد وزير الرياضة السعودي في مقابلة مع "الرياض" قال فيها: "من المهم أن نستمر في استضافة الأحداث الكبرى مثل الفورمولا 1 للمساعدة في الوصول لمجتمع أكثر شمولاً وتنوعاً وتعزيز المساواة، ولا نمانع في النقد إذا كنت تقر على الأقل بالتغيير والتطور الكبير الذي تشهده المملكة عموماً وعلى الصعيد الرياضي بصفة خاصة".

البرلمان الأوروبي: معايير مزدوجة قوية

بعد غزو القوات الروسية لأوكرانيا في نهاية فبراير/ شباط ، لم يمض وقت طويل قبل أن يتم إلغاء سباق جائزة "سوتشي" الكبرى المقرر عقده في سبتمبر/ أيلول في روسيا. في المقابل لا يزال وضع حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية محفوفاً بالمخاطر على الرغم من جميع الإصلاحات وأن جرائم الحرب التي تُرتكب في اليمن بدعم سعودي ليست كافية لإحداث عواقب.

يوم الأربعاء (23 مارس/ آذار)، اتهم 90 عضوا بالبرلمان الأوروبي الاتحاد الدولي للسيارات والفورمولا 1 بالترويج النشط لما يعرف بـ "الغسيل الرياضي" وإظهار "معايير مزدوجة قوية". غير أن هذا لن يكون له تأثير جذري،  فقد  تعايشت  الفورمولا 1 مع هذا المعيار المزدوج لسنوات.

أندرياس ستين زيمونس / إ.م