1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كيف تصنع "متدينا" ؟

حسن الخفاجي٧ يناير ٢٠١٣

يعلّق حسن الخفاجي على وضع الشباب العربي اليوم بعد سيطرة أفكار الإسلام السياسي المعتدل والمتشدد على الساحة العربية عامة والعراقية خاصة ، مشيرا الى ان اغلب الشباب يتسابقون لإظهار تدينهم وقربهم إلى الله برياء واضح .

https://p.dw.com/p/17FXe
صورة من: picture-alliance/dpa

في فترة شبابنا كان الباحثون عن الجمال منا ، يبحثون عن حلاق عصري يحلق الشعر بما يتلاءم مع الموضة ، ونبحث عن خياطين مهرة لخياطة الملابس مع ما يلاءم آخر موضة.والمثقفون كانوا يبحثون في سوق السراي والمكاتبات والمسارح عما يلاءم تطلعاتهم الفكرية .

البعثيون كانوا يميزون أنفسهم عن الآخرين بارتدائهم ملابس الرفاق الزيتونية ، وبقصة شارب ، تشابه أميال الساعة حينما تشير إلى الثامنة والثلث ، حتى تندر العراقيون عليهم وسموهم (جماعة ثمانية وثلث)، ويرتدون بدلات السفاري .

أظن أن شبان العرب لا يختلفون كثيرا عنا في تلك الحقبة.

السنة: منقبات و" واثر السجود على الباذنجان "

واليوم، بينما يسعى المجتمع الغربي- الذي يصفه اغلب المتدينين بالمجتمع المنحل - إلى الابتكار والصناعة والتعليم الراقيين ، تسعى اغلب حركات التيارات والأحزاب الدينية لزرع الفرقة والشقاق والتقاتل وبث روح العداء والكراهية ، دون أي إنتاج حضاري وحتى أخلاقي متسامح .

أصبح التدين عند هؤلاء موضة وتحقيق مكاسب من خلال الانخراط مع الأحزاب الحاكمة، أو التي في طريقها إلى تسلم دفة الحكم !.

أصبحوا يتظاهرون بالتدين بحرق جباههم بشكل متعمد ليظهر اثر السجود حتى يتميزون عن الآخرين، وأصبح فن حرق الجباه أو ما يسمى في مصر الزبيبة موضة.أعرف كهولا امضوا أكثر من سبعين سنة وهم يصلون ولا اثر للسجود في جباههم ، وفي المقابل تشاهد شبانا في مقتبل العمر وجباههم محروقة بفعل السجود على الباذنجان الساخن ، أو على دكة الحمام التركي.

علاوة على اثر السجود ، ساد الزي الأفغاني واللحى الطويلة غير المشذبة ساحة السلفيين ، وصاروا يتميزون عن غيرهم بهذا (اللك)، (جبح هل هندام ) على حد قول المثل العراقي!.

الشيعة: "خواتم ومسابح " و لحى مشذبة

صارت الخواتم الكبيرة والمسابح تميز بعض المتدينين من الشيعة ، وبعض المنتمين لتيارات وأحزاب إسلامية شيعية ، وهكذا أصبح السباق على كسب الشبان وضمهم تحت لواء حرق الجباه وما يليها من أعمال شائنة - الدين منها براء - موضة عصرنا الحالي!.

لم يمضي إلا شهر واحد على برلمان الإخوان المسلمين والسلفيين في مصر ، وجلهم من ذوي الجباه المحروقة ، حتى لبس الخزي اثنين من السلفيين: أولهم أجرى عملية تجميل لأنفه وادعى ان جماعة اعتدوا عليه وسلبوه سيارته وضربوه على انفه ، والثاني ضبط بجرم مخالف للآداب بسيارته الشخصية بطريق زراعي مع فتاة منقبة!.

تسأل احد الكتاب الخليجيين قائلا: (لماذا نشاهد الزبائب على جباه قادة الأخوان المسلمين من الرجال ولا نشاهدها على جباه الأخوات المسلمات ) ؟ .

هل أصبحت صناعة المتدينين المرائين صناعة رائجة، وتوقف تفكير اغلب العرب عند هذه الصناعة ؟ .

انه عصر خريف العرب وليس ربيعهم.

وكأننا في زمن الخوارج ، الذين حاربهم الإمام علي ع والذين وصفهم ب"ذوي الثفنات السود"والثفنات: هنا تشابه إحراق جباه متديني (تالي وكت) .

وهؤلاء جميعا ليسو من الموصوفين بالآية القرآنية: (سيماهم في وجوههم من اثر السجود) .

الطريق إلى الله لا يحتاج إلى مرشدين