1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لاجئات يتخذن من رياضة اليوغا علاجاً نفسياً لهن

١ يوليو ٢٠١٨

مجموعة من اللاجئات السوريات اتخذن رياضة اليوغا علاجا نفسيا لتضميد جراحهن النفسية الناتجة عن الحرب في بلادهن. DW عربية تحاورت مع المشاركات في هذا البرنامج وتعرفت على تجاربهن في استخدام اليوغا كوسيلة من أجل نسيان مشاكلهن.

https://p.dw.com/p/30b2u
Syrische Frauen beim Yogatraining in Berlin
صورة من: DW/C. Chebbi

العديد من اللاجئين إلى ألمانيا من نساء ورجال يعانون من صدمات نفسية عايشوها إبان فترات الحرب من دمار وعنف وتشريد، ناهيك عن لحظات الموت التي عرفها الكثيرون المتمثلة بقوارب الموت التي أقلتهم إلى أوروبا.

هنا في هذه القاعة أقوم بتدريب نسوة من الوافدين الجدد بتدريب رياضة اليوغا." هكذا تكلمت إلينا الشابة السورية سعاد الربيعي. سعاد الثلاثينية رحبت بزيارتنا وقد بدت ملامح  الفرحة على محياها. إختارت السيدة السورية مكانا في طرف قاعة تمارين اليوغا ثم شرعت تقص علينا سبب مجيئها إلى ألمانيا: "الوضع الأمني في سوريا من قتل وتشريد جعلني أفر كبقية السوريين الى تركيا، ثم واصلت طريقي برا وبعدها بحرا  مع المئات من اللاجئين إلى ألمانيا." تعيش سعاد القادمة من مدينة حلب في العاصمة برلين منذ ما يقارب ثلاث سنوات.  حيث عاشت أوقاتاً عسيرة أثناء الثورة السورية، كما تقول إذ دمر بيتها  وعنفت هي وزوجها  من قبل مجموعات مسلحة.

Syrische Frauen beim Yogatraining in Berlin
إحدى اللاجئات المشاركات في رياضة اليوغا في برلين.صورة من: DW/C. Chebbi

 هكذا وصفت لنا سعاد ما عاشته من ألام نفسية وجسدية جراء الحرب  التي ظلت ذكراها عالقة في ذهنها وتمثلت عوارضها  في البكاء وقلة النوم والاكتئاب.  وحتى تتغلب على الصدمات النفسية التي تركت جروحا عميقة في نفسها اختارت الدخول في نادي اليوغا من أجل العمل على استرجاع شخصيتها القوية ومحو ما يمكن محوه من آلام نفسية لا تفارقها.

اليوغا كطريقة علاج

وحول تعرفها على عالم اليوغا الذي لا تعرف عنه سوى القليل  تقول اللاجئة سعاد: " رأيت في المبيت الجماعي الذي أقطنه  يافطة معلقة  على جدار في مدخل المبيت رسمت عليها امرأة في وضعية رياضية وقد كُتب أسفلها عبارة "اليوغا أفضل علاج نفسي." وتضيف سعاد بأنها أسرعت بالاتصال بالنسوة القائمات على هذا المشروع عساها تتغلب على ما تركته الحرب من جروح نفسية عميقة في داخلها.  وتؤكد أن اتصالها بالقائمين على المشروع لقي ترحيبا ودعما  كبيرين منهم.

لقد كانت سعاد منبهرة بهذا النوع من الرياضة النفسية ، كما تقول، والتي كانت بالنسبة لها أحسن معين للخروج من أزمتها والتغلب على الصدمات النفسية التي تؤرقها  وتقول عن هذا: " أشعر في حصص اليوغا أني لوحدي أشعر بذاتي وأغوص في أعماقي، أشعر بهدوء عميق لامثيل له لم أعرفه قط"  الراحة النفسية والشعور بالذات في عالم مرتبط بالحركات الرياضية الروحانية، كما تقول، خفف عليها آلامها ومنحها طاقة جديدة. ترددها المتواصل وبدون انقطاع زهاء سنتين على الحصص جعلتها تتمكن من تقنيات اليوغا التي باتت اليوم جزءاً من حياتها اليومية.

علاج النفس دون طبيب

ساهمت رامونا شونفالد التي تضاهي سعاد عمرا بقسط وافر في إدماج  سعاد الحلبية في عالم اليوغا من خلال التدريبات والتمارين التي واظبت عليها في القاعة. وبدت السيدة شونفالد وهي مبتسمة أثناء حديثها معنا وكأنها فخورة بما قدمته لسعاد كي تتعلم أبجديات فن اليوغا لتتمكن من  الخروج من أزمتها النفسية التي تعاني منها على غرار نسوة كثر من بني وطنها تعرضن أيضا  لأبشع أعمال العنف من ضرب واغتصاب وتشريد.

 وتضيف المدربة الألمانية شونفالد :" هنالك نسوة وشابات في عمر الورد يعانين من صعوبات نفسية لكنهن يرفضن رفضا قاطعا العلاج النفسي تحسبا للقيل والقال في المبيت الجماعي". هذا ما جعل  شونفالد بمساعدة سعاد السورية  تقوم بتعريف رياضة اليوغا وما لها من فوائد على نفسية المرء لدى نسوة المبيت الجماعي حيث تسكن سعاد وتضيف المدربة بأن سبب اختيار سعاد  كمدربة للنساء السوريات المشاركات يعود بالدرجة الأولى إلى حماس وانضباط وشغف  هذه المرأة ثم تواصل :" لا شك أن عامل اللغة لعب دورا هاما أيضا، إن تمكن سعاد من اللغة الألمانية التي تعلمتها بسرعة  كانت بلا شك عاملاً إضافيا  في اختيارنا لها كمدربة لبنات وطنها."

Syrische Frauen beim Yogatraining in Berlin
تحاول المشاركات التنفيس عن الضغوط بداخلهن عبر اليوغا.صورة من: DW/C. Chebbi

وإن كانت مهمة استقبال النسوة السوريات ليست بالأمر الهين نظرا لعدم معرفة الكثيرات من المشاركات بفنون وفلسفة رياضة اليوغا إلا أن سعاد  تمكنت بأسلوبها اللين وبشاشتها من التعريف بهذه الرياضة الروحية.  عن هذا تقول سعاد إنها كانت تؤكد في حواراتها مع المشاركات أن اليوغا رياضة تربط الروح بالجسد وأنها علاج نفسي لا يتنافى بالمرة  مع الديانة الإسلامية  ثم استرسلت:" لقد كنت دوما أذكر لهن  تجربتي الخاصة من خلال رياضة اليوغا التي ساعدتني كثيرا على الخروج من أغوار الماضي وما له من تداعيات كبيرة على نفسيتي ." ثم تضيف أنها تمارس اليوم هذه الرياضة كمسلمة فخورة بدينها دون أن تبتعد قيد أنملة عن مبادئها ومعتقدها الإسلامي.

فلسفة اليوغا

" كنت أعتقد سابقا أن اليوغا معتقد ديني هندي  ولذلك كنت من اللواتي يرفضن التفاعل مع هذا المشروع  إلا أنني تمكنت من كسب ثقة سعاد التي  قدمت لنا صورة واضحة وشاملة عن هذه الرياضة والفلسفة الهندية." هذا ما قالته لنا الشابة أسماء العشرينية والتي عايشت بدورها أحداثا ووقائع صعبة في سوريا، بحسب قولها.

وإن كانت هذه الأخيرة تتردد على عيادة نفسانية منذ شهور من أجل  توازن نفسي ومحو ما تركته الحرب السورية من جروح عميقة في نفسها، فإنها عقدت العزم أيضا على أن تنخرط في هذه التجربة الجديدة ، في حصص تمارين اليوغا التي تقدمها سعاد باللغة العربية.

وحول تجربتها أفادت الشابة القادمة من ريف حلب: "تجربتي هنا مع سعاد إيجابية للغاية، تعلمت أمراً هاما ألا وهو السيطرة على النفس والخلود إلى السكينة و القدرة على الغوص في أعماقي من أجل التغلب على التوتر".

شكري الشابي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد