1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لبنان و"ضحايا اللجوء" - آلاف التلاميذ غير مُعترَف بتعليمهم

٩ سبتمبر ٢٠١٩

يُعد تعليم الأطفال اللاجئين بنداً أولَ في جدول منظمات دولية والسلطات في لبنان. كثير من الأموال أنفقت تحصيناً لجيل عايش مرارة الحرب وتداعيات اللجوء، لكن ثمة ما يستحق التنبه إليه: آلاف التلاميذ اللاجئين غير معترف بتعليمهم!

https://p.dw.com/p/3OsyF
Mehr als 213 000  nicht libanesischen Schülerinnen und Schülern besuchen Schulen in Libanon
صورة من: DW/K. Zeineddine

حصل "مهاجر نيوز" على آخر تعداد للتلاميذ اللاجئين في لبنان، ممن يتلقون تعليمهم وفق المنهج اللبناني وفي المدارس الرسمية اللبنانية، فظهر أن "العدد المُسجل من التلاميذ غير اللبنانيين هو 213 ألفاً غالبيتهم العظمى من السوريين، يتوزعون على دوامين: نهاري بحسب القدرة الاستيعابية للمدارس ومسائي. 155 ألفا من بينهم هم في دوام بعد الظهر، أكثر من 99% منهم من السوريين"، حسبما تفيدنا مسؤولة رفيعة المستوى في وزارة التربية اللبنانية. وكان اللافت أن من يعيشون في مخيمات هم من بين الأكثر اهتماما بالتعلّم، خصوصاً في البقاع اللبناني ومحافظة عكاّر شمالي لبنان.

 إشكاليات... وحلول

عمر التعليم الإلزامي في لبنان هو بين ست سنوات وأربع عشرة سنة، وهي تُعتبر مرحلة التعليم الأساسي أي من الصف الأول إلى الصف التاسع. والسؤال: كيف يتم إلحاق الأطفال بالمدارس خصوصا في الصفوف الأولى، آخذين في البال ظروف اللجوء؟

تجيب سونيا الخوري، مديرة وحدة إدارة ومتابعة تنفيذ برنامج التعليم الشامل في لبنان، قائلة: "ابن السنوات الست يكون بمستوى ضعيف إذا لم يكن ملتحقاً مسبقاً بصفوف روضة، لذلك فإننا نستبقل التلاميذ من غير اللبنانيين في صفوف الروضة الأولى والثانية والثالثة في دوام قبل الظهر، في حال توفر قدرة استيعاب في المدارس مع إعطاء الأولية للبنانيين، أو في دوام بعد الظهر".

وتوضح إلى "مهاجر نيوز" بالقول: أوجدنا شيء اسمه روضة تحضيرية فيها كل الروضات الثلاث في روضة واحدة، جمعهم المركز التربوي للبحوث والإنماء. ونستقبل التلاميذ فيها بعمر خمس سنوات، وهكذا نضمن أنه قبل أن يصبح عمر التلميذ ست سنوات، بمرحلة التعليم الإلزامي، وقبل الوصول إلى الصف الأول أساسي يكون عندهم المستوى الأساسي للتعليم وعدم الانقطاع، بالتالي التركيز هو من عمر ثلاث سنوات، والأكثرية من عمر خمس سنوات، ولغاية عمر خمس عشرة سنة (...)".

 آخر النسب المُسجلة

تفيد المعلومات التي حصل عليها "مهاجر نيوز" من مصادر تربوية رسمية بأن "ما يفوق 65 بالمائة من الأطفال بعمر التعليم عامة من القادمين من سوريا موجودون في المدارس، و99% ممن هم في مرحلة التعليم الأساسي تحديدا يتعلمون، أما النسبة الأكثر من غير الملتحقين بالمدرسة فهي فوق عمر الخمسة عشر عاما".

فما الأسباب؟ تجيب الخوري: "الأسباب عديدة منها انقطاعهم عن التعليم لفترة، أو لأسباب على صلة بتأمين لقمة عيشهم وغيرها، فكان صعبا عليهم الالتحاق بخاصة في المراحل الثانوية، حيث برنامج التعليم صعب عليهم، واللغات الأجنبية الداخلة في المنهج كالفرنسية والإنجليزية بخاصة العلوم والرياضيات التي تدرّس باللغة الأجنبية".

وماذا بشأن من يرغبون بالعودة إلى صفوف الدراسة بعد انقطاع مع ما يُرتبه ذلك من تحديات أكاديمية؟ تقول الخوري: "أوجدنا برامج غير نظامية تكون بمثابة جسر عبور لهم للعودة إلى التعليم النظامي كبرامج التعليم المكثف، وكلها برامج مرتكزة على المنهج اللبناني، وأوجدها المركز التربوي للبحوث والإنماء، ومنها أيضا برنامج محو الأميّة، وبرنامج الروضة التحضيري (...)".

 التسرّب (الهدر) المدرسي

تؤكد سونيا الخوري أن أعلى نسبة التحاق للتلاميذ بالمدارس كانت في البقاع والشمال اللبناني تحديدا محافظة عكار، لُتحقق محافظة جبل لبنان بعد ذلك نسباً جيدة في صفوف الملتحقين بمقاعد الدراسة. مع الإشارة إلى أن البقاع هو أكثر منطقة في لبنان تتواجد فيها مخيمات اللاجئين. وتضيف الخوري أن التسرب المدرسي يظهر في مرحلة ما بعد التعليم الأساسي أي بعد عمر 15 عاماً، ويزداد أكثر في مرحلة التعليم الجامعي.

Mehr als 213 000  nicht libanesischen Schülerinnen und Schülern besuchen Schulen in Libanon
رغبة كبيرة لدى اللاجئين السوريين بالتعلم تفوق في أحيان كثيرة رغبة اللبنانيين.صورة من: DW/K. Zeineddine

تعليم غير مُعترف به: عرسال مثالاً

ليس هناك أي أرقام دقيقة على صعيد لبنان تُبيّن عدد التلاميذ اللاجئين ممن يتلقون تعليمهم في مدارس غير نظامية، أو مراكز خاصة، لذا حاولنا أخذ منطقة جغرافية محددة، لمقاربة هذا الملف الهام. فسألنا رئيس بلدية عرسال (مدينة حدودية مع سوريا، لجأ إليها أكثر عدد من السوريين منذ بداية الأزمة في عام 2011. فأشار باسل الحجيري إلى أن "في عرسال وحدها ما يزيد على 12 ألف تلميذ بعمر التعليم، نحو ثلاثة آلاف منهم يتلقون تعليمهم وفق المنهج اللبناني في 4 مدارس رسمية موجودة هنا، بينما يتلقى ما يزيد على التسعة آلاف تلميذ سوري تعليمه في مدارس غير نظامية ووفق منهج الائتلاف السوري المعارض".

نعود بهذه المعلومات إلى مرجع رفيع في وزارة التربية اللبنانية - فضل عدم ذكر اسمه - فأكد أن "بعض المراكز ليست مؤسسات تربوية مشرّعة، تُعلّم المنهج السوري من دون اعتماد الأصول، وبطبيعة الحال في هكذا حالة الطفل معرّض لعدم تصديق إفاداته من وزارة التربية وبالتالي وفق القانون ليس لها قيمة قانونية لا في لبنان ولا في غيره. المدارس اللبنانية لا يحق لها تعليم منهج غير المنهج اللبناني، وأي منهج أجنبي تُعلمه يحتاج قانونا بمناهج الباكالوريا الدولية وغيرها، وهي تحتاج ترخيصاً من وزارة التربية. عليه، التعليم غير معترف به ولا يسعنا فعل شيء تجاه ذلك".

المدارس غير النظامية أسسها اللاجئون أنفسهم أو المجتمع المدني أو المنظمات غير الحكومية. ويتولى فيها التدريس أساتذة لاجئون يعلمون مناهج تعليم سورية أو متطوعون أوروبيون أتوا تحت مظلة منظمة دولية، أو أئمة يقدمون دروسا دينية.

فهل للمنظمات الدولية دور تجاه من هم خارج التعليم النظامي؟ "مهاجر نيوز" سأل أحد مسؤولي منظمة اليونسكو في لبنان حول هذه النقطة بالتحديد، فقال "إن علاقتنا هي مع الدولة اللبنانية ونقدم الدعم وفق الميزانية المُحددة لنا إلى الطلاب اللاجئين من المتعلمين في المدارس الحكومية اللبنانية".

تعتمد جهود تعليم الأطفال السوريين اللاجئين كليا على المساعدات الدولية. ويبدو ذلك واضحا للعيان بمجرد رؤية هؤلاء التلاميذ بمعدات مدرسية تحمل رسومات وكتابات تشير إلى الجهة التي تبرعت بها. الدعم شبه شامل هنا، فالتعليم مجاني وحتى القرطاسية وغيرها كلها مجانية.

Mehr als 213 000  nicht libanesischen Schülerinnen und Schülern besuchen Schulen in Libanon
بعض اللاجئين ينقطعون عن التعليم لفترة، لأسباب على صلة بتأمين لقمة عيشهم.صورة من: DW/K. Zeineddine

رغبة ملفتة بالتعلم

مدارس لبنان غدت أشبه بخلية نحل تعمل صباح مساء. فلا تكاد الحافلات المُقلّة للتلاميذ تغادر حتى تعود بغيرهم في فترة ما بعد الظهر من الساعة الثانية لغاية السابعة مساء. يتحدث "إيلي" لمهاجر نيوز" وهو مُشرف على إحدى المدارس، فيقول إن الكثير من المدارس تسجّل فيها من السوريين أضعاف أعداد اللبنانيين، كأن ترى مدرسة فيها 600 تلميذ سوري مقابل 150 لبنانيا. وعلى الرغم من ضعف القدرة الاستيعابية للمدارس في فترات ما قبل الظهر، وتسجيل اكتظاظ كبير للتلاميذ في فترة بعد الظهر، فإنني ألاحظ شخصياً رغبة كبيرة لدى اللاجئين السوريين بالتعلم تفوق في أحيان كثيرة رغبة اللبنانيين، كما أنهم يُحققون علامات جيدة جدا زمنَ الامتحانات، وهو حقيقة ما أستوقفني وأستوقف زملائي في غير مدرسة. فالأرض قد تهتز ولكنها لا تقع... وهذا مُفرح أن نشهد هذه الرغبة بالعلم (...)".

مهاجر نيوز

 لبنان- خلدون زين الدين

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد