1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لقاء مع الهندوسية وسط الطبيعة

بيرغيت ماس/ نهلة طاهر١٠ أبريل ٢٠١٣

تجمع الهندوسية بين كتابات مختلفة وآلهة متعددة وطقوس متنوعة. وبالتالي من الصعب فهم هذا الدين ككل. حاولنا الاقتراب منه عبر هذا اللقاء الشخصي في الهند.

https://p.dw.com/p/187DM
صورة من: Reuters

في معبد في قلب الغابة، التقيت الرجل الذي يحمل اسم رامبراكاش، أما اسم المعبد فهو ماهادي، ويقع على تلال جبل أبو، وهي سلسلة جبال في ولاية راجاستان التي يقدسها الهندوس. يلفت رامبراكاش الأنظار إليه على الفور بقامته النحيلة وثيابه الفاتحة والأنيقة. جاء في السبعينات إلى معبد ماهادي حيثيعيش معلمه وأستاذه الروحي، بهدف التأمل.كانرامبراكاشفي الماضي موظفا حكوميا، ومنذ تقاعده، أصبح يمضي عدة أشهر كل صيف في هذه الجبال، لذا فارتباطه كبير بهذا المعبد ويقدم له أيضا الدعم المالي.

في مكان منعزل من حديقة المعبد الوارفة، وبلغة إنجليزية متقنة، يوضح لي رامبراكاش أصل معتقده، وكما يقول فإنه على ارتباط كبير بالطبيعة، وبالتالي بحمايتها.

عبادة الطبيعة كجزء من الهندوسية

رامبراكاش
راميراكاش: "السعادة لا تضمنها المقتنيات المادية. الشراء والامتلاك يمثل عبئاً على الإنسان"صورة من: Shriram Borse

يؤمن أتباع الهندوسية بالأرواح القديمة التي تسكن الغابات وتفكر في طبيعة الكون. في ذلك الوقت البعيد، كان جميع الناس خيرين ولم يلحقوا ضررا بأي كائن. لذا كانت الحيوانات ممتنة لهم وقدمت لهم الشكر، حتى النمور والثعابين كانت وديعة كحيوانات أليفة. وحتى اليوم يلجأ الهندوس المتدينين على وجه الخصوص إلى الغابة ليعيشوا حياة النساك، والكثير منهم يقيم في عزلة أيضا في غابات جبل أبو وهو اليوم محمية طبيعية.

عبادة الطبيعة هي جزء من الهندوسية التي تؤمن بقدسية الأشجار والنباتات، وترى أن حمايتها واجب يقع على عاتق كل هندوسي. وتعد زراعة الأشجار وسيلة من الوسائل المتاحة لعبادة الله، وفي المقابل فإن قطع الأشجار يعد تدنيسا للمقدسات وانتهاكا للوصايا الإلهية. وفي هذا السياق فإن قطف الأزهار لا يمكن أن يتم ليلا، عندما تحتاج النباتات إلى الهدوء وتخلد إلى "النوم".


التوفيق بين حماية الطبيعة والحياة العصرية

شيف لينغام والبقرة ناندي رموز تحظى بالقداسة في الهندوسية
شيف لينغام والبقرة ناندي رموز تحظى بالقداسة في الهندوسيةصورة من: Shriram Borse

وأثناء تبادلنا الحديث، تأتي سيارات وحافلات صغيرة تحمل عائلات وفتيات مدارس ويبدو من هيئتهم وكأنهم يأتون من مدن كبيرة، ولكن من ضمن الوافدين أيضا رجال ذوي مظهر بسيط يرتدون العمائم.كيف يتم التعامل مع التلوث؟ أطرح السؤال بحذر، فالهند لديها مشاكل كبيرة بشأن التخلص من النفايات، ويمكن رؤية النفايات ملقاة في كل مكان وعلى جوانب الطرقات، والأطفال يلعبون بأكياس البلاستيك وصناديق العبوات القديمة المهملة، أما الغابات فقد تعرضت مساحات كبيرة منها للقطع الجائر.

وكما يرى رامبراكاش فإن السبب قد يرجع إلى الجشع، وهو ما يجعل الناس لا يفكرون إلا في المال. فـ"الهندوسي الحقيقي والمتدين سيحاول كل ما في وسعه للحفاظ على الطبيعة، واستخدام أقل قدر ممكن الأخشاب لصنع الأثاث" كما يقول رامبراكاش ويستشهد بالمعبد قائلاً: "انظروا الى هذا المعبد، ليس فيه مقاعد كما في الكنائس مثلا، فالمرء يجلس على الأرض. ليس هناك حاجة إلى أثاث." وحتى الموظفين الذين يعيشون في المعبد ويعملون فيه، يملكون بالكاد أثاثا، وفي حالة توفر القليل منه لديهم، فإنه يكون مصنوعا من مواد أخرى غير الخشب. وبشكل عام "فإن الانسان يكون أكثر سعادة عندما يخفض احتياجاته، فالسعادة لا تضمنها المقتنيات المادية. الشراء والامتلاك والتخلص من الأشياء يمثل عبئا على الانسان وليس مصدرا لسعادته."

بعد ذلك يقودني رامبراكاش إلى بحيرة صغيرة يوجد في وسطها تمثال غانيش. الكثير من النفايات تطفو على سطح الماء، لكن يبدو أنه لم يلاحظ ذلك، أو ربما أن ذلك منظر مألوف في الهند، إذ لا تكاد البحيرات والأنهار تخلو من النفايات الطافية على سطح الماء. يلفت نظري قائلا: "انظري، أسماك ذهبية في كل مكان!"وبالفعل رأيتها تقفز بمرح في الماء العكر.قررت بدوري التركيز على الطيور وزقزقتها وعلى مشهد الجبال في الخلفية بدلا من النفايات.