1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لماذا تصاعدت التفجيرات؟

عبد المنعم الأعسم١٨ يوليو ٢٠١٣

يرى عبد المنعم الاعسم أن هناك عاملين وراء التصاعد الخطير في وتيرة التفجيرات الإجرامية، داخلي وإقليمي، أما الذين يقللون من شأن احد العاملين فأنهم إما لا يرون حقائق الاشياء على الارض، او انهم يتقصدون ذلك .

https://p.dw.com/p/199zA
صورة من: picture alliance / AA

ربما هم يتعمدون ذلك لتوظيف الموضوع في الصراع السياسي ومحاولة تحميل الخصوم السياسيين المسؤولية عما يجري، فقد خرج علينا ساسة ودعاة يتحدثون عن هذا التصعيد كمؤامرة اعدت في عواصم مجاورة بغرض تفليش الدولة الجديدة وضرب سلطتها، كما خرج علينا من الجانب الآخر من كان يتحدث عن مؤامرة للقابضين على السلطة لغرض خلق معادلات سياسية وامنية تتيح لهم الاستفراد بالقرار والحكم.

العامل الداخلي مفتوح على التصدع الخطير في العملية السياسية وتناحر مكوناتها وانخراط الطبقة السياسية في الصراعات الانانية والفئوية وتخليها عن المسؤولية التضامنية حيال الاستقرار واستتباب الامن،بل ولجوؤها الى تشكيل مجموعات ردع مدنية "طائفية" او التواطؤ مع جماعات ارهابية مسلحة والتنسيق معها، يضاف الى ذلك الفساد الذي يضرب ماكنة الدولة وحلقات خطيرة من المنظومة الامنية وعدم كفاءة الكثير من ملاكاتها وغياب الولاء الوطني للكثير من كبار الموظفين، وكل ذلك اعطى قوى الجريمة مساحة كبيرة للتحرك والاختراق واختيار الاهداف والتوقيتات بسهولة لافتة للنظر، وليس ادل على ذلك من تكرار هروب عتاة المجرمين من السجون.

اما العامل الخارجي، فانه يتعلق بتعقيدات الحرب السورية وظهور المجاميع الارهابية المسلحة على افضل ما يكون التسليح والدعم، والبعض منها مرتبط بالمشروع الارهابي في العراق حيث وجد ظروفا مواتية (في الجانبين السوري والعراقي) لاعادة بناء قواعده وشراء بعض شيوخ وابناء العشائر وتوجيه ضربات استعراضية للايحاء بان التنظيمات الاجرامية المسلحة عائدة الى القبض على معادلة الاستقرار في العراق، ويدخل في مكونات العامل الخارجي هذا الانشقاق الكبير في النظام الامني الاقليمي على خلفيات الاحداث السورية بين معسكري النظام السوري المدعوم من ايران وحزب الله من جانب، ومعسكر الثورة الذي يدعمه الخليجيون وتركيا من جانب آخر، وتحول الاراضي السورية، وبخاصة الحدودية مع العراق، الى متاريس اسلحة من كل الانواع الفتاكة.

اللافت ان ادارة الحكومة في العراق تواجه صعوبات جمة في احتواء التداعيات الارضية لهذا الصراع ومستقبله، وتجنب اثارها، أو النأي عن دائرة النار التي تخرج يوميا عن الانضباط ، ويوما بعد آخر يصبح العراق مستوردا رئيسيا لفضلات ومنتوجات البعد الطائفي للحرب السورية، وتصطدم سياسته "الوسطية" المعلنة باستحالات يومية، اخذا بالاعتبار تدفق مقاتلين من العراق الى سورية ليتوزعوا بين قطبي الحرب هناك، وثمة الى جانب ذلك كله، غياب خطة طوارئ وطنية شاملة، تتجاوز الاعتبارات الفئوية والطائفية، وتحشد الطاقات والقوى والارادات لدحر الارهابيين ومنعهم من مواصلة تنفيذ حربهم الاجرامية ضد الشعب العراقي.

"في لحظات معينة لا تعني الكلمات شيئا، بل النغمة التي تقال بها"

بول بورجيه- اديب فرنسي

نشر المقال في جريدة الاتحاد البغدادية ويعاد نشره على موقعنا بالاتفاق مع الكاتب.