1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

محنة المرأة مع شيوخ آخر زمان!!

٢٠ مارس ٢٠١٤

طرح على مجلس وزراء العراق مشروع قانون من قبل وزير العدل حسن الشمري سيسمح بتزويج القاصرات. القانون شهد جدلا حادا داخل المجتمع العراقي. في مقال رأي يرد الدكتور كاظم حبيب على مشروع القانون.

https://p.dw.com/p/1BTEY
Symbolbild Kinder Hochzeit in Islamische Länder
صورة من: Vista.ir

بؤس العلم أم علم البؤس ما تدعو إليه أيها الشيخ اليعقوبي!!

قدم وزير العدل حسن الشمري، وهو أحد رعايا حزب الشيخ محمد اليعقوبي في حكومة المالكي، مشروعاً مشوهاً سمي بـ "قانون الأحوال الشخصية الجعفري". لينهي العمل بقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 الذي شرّع في فترة حكم عبد الكريم قاسم والذي وجد التأييد والدعم من الشعب العراقي بأغلبيته. ولم يكن غريباً على حكومة المالكي أن توافق على هذا القانون المسخ وترسله إلى مجلس النواب لمناقشته بهدف إقراره. ولكن الغريب بالأمر أن التحالف الكردستاني، المشارك في هذه الحكومة المستهلكة، لم يعلن عن عدم موافقته على هذا القانون، وبالتالي فهو مشارك في إقرار إرساله إلى مجلس النواب، بمن فيهم نائب رئيس الوزراء الدكتور روژ شاويس والوزراء الكرد. لقد أقر مجلس الوزراء هذا القانون على طريقة المساومات البائسة والمناهضة جدياً لمصالح المرأة العراقية وحقوقها وحرياتها الأساسية قبل الانتخابات العامة القادمة وانطلاقاً من نفس الذهنية الرثة التي تمارس فيها السياسات الحكومية في المرحلة الراهنة.

واجه إرسال هذا القانون الجعفري الطائفي بامتياز إلى مجلس النواب معارضة كبيرة في أوساط المجتمع العراقي خشية منها على تمزيق وحدة الشعب العراقي التي تعاني اليوم من صراعات ونزاعات شديدة الخطورة من جهة، واحتراماً للمرأة ودورها في المجتمع وحقوقها المعترف بها دولياً الذي يتطاول عليها هذا القانون الذي يريد إعادتها إلى فترة العبودية الغاشمة، فترة الهيمنة المطلقة للذكور على الإناث من جهة أخرى. ولكن هذا القانون المسخ واجه معارضة واضحة من عدد من الشخصيات الإسلامية التي تحترم نفسها وتحترم المرأة أيضاً، إذ رأت فيه مخالفة صريحة للفقه الإسلامي وتجاوزاً فظاً على المرأة وهي تعيش في القرن الحادي والعشرين.

ولكن الأهم من كل ذلك وجد القانون رفضاً قاطعاً من النساء العراقيات الواعيات لما يراد لهن عبر هذا القانون المسخ، إذ لم يطل الوقت حتى نهضن حاملات راية النضال الديمقراطي ضد هذا القانون ومطالبات بسحبه فوراً ومحتجات ضد من يريد الإساءة لهن وسلب حقوقهن المشروعة وحرياتهن العامة وإعادتهن إلى حياة العبودية. لا يمكن أن ينتظر الإنسان من حكومة مثل حكومة المالكي أفضل من هذا القانون الذي يعبر عن طبيعة هذه الحكومة وعن هويتها وسياساتها الطائفية.

لقد وجّه الشيخ اليعقوبي إهانة كبيرة للمرأة العراقية واعتدى على حقها في الاحتجاج وإعلان رأيها في ما يراد لها وكذب عليها في ما ادعى عيها. إنك يا شيخ من نفس تلك الجماعة التي أقرت قاعدة المفاخخة التي أفتى بها سيدك الخميني حين نشر الفتوى التالية في كتابه الموسوم "تحرير الوسيلة"، وإلى القارئات والقراء نصها:

لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين دواماً كان النكاح أو منقطعاً . وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة أو الضم والتفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة." [الخميني تحرير الوسيلة، مسألة 12]

هل هذا ما تريده لبناتك وبناتنا أيها الشيخ اليعقوبي، هل أنت في كامل عقلك وأنت تشتم النساء المتظاهرات والمحتجات على قانونك السخيف الذي يفضح سوءات الكثير من شيوخ الدين من أمثالك أمام العالم كله وتجعلهم يسفهون فتاواكم البائسة والرثة في مضمونها وما تريدون بلوغه.

كم أتمنى أن تعي المرأة العراقية ما يراد لها حين يسعى هؤلاء المدعون بفقه الدين ممارسة عدوانيتهم ضد المرأة بإلغاء القانون رقم 188 لسنة 1959 لصالح قانون معوج وهزيل ومسيء لأكثر من نصف المجتمع العراقي، للمرأة، ولأغلب النصف الآخر منه، أي للرجال الذين يحترمون أنفسهم باحترامهم للمرأة وحقوقها وحرياتها كاملة غير منقوصة.

تباً لشيوخ الدين من هذا الطراز الذين يريدون إفساد حياتنا بمثل هذه القوانين التي تريد إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء بأكثر من 1400 سنة. أنتم أيها الشيخ اليعقوبي تخوض معركة خاسرة لأنها ضد الحياة وضد طبيعة الإنسان وضد العصر، أنتم أيها الشيخ اليعقوبي تقاومون التقدم وحقوق المرأة كاملة غير منقوصة، ولكن المستقبل كفيل بسحق مثل هذه الأفكار البائسة والمناهضة للمرأة الحرة والكريمة.

كم كان موقف "هيومان رايتس ووتش" (مراقبة حقوق الإنسان) صادقاً ومعبراً عن الموقف الدولي من هذا المشروع حين أكد كارثية هذا القانون وتمييزه الموجه ضد سيدات العراق ويكرس الانقسامات الدينية والطائفية بالبلاد. ثم أكد السيد جو ستورك، ممثل هذه المنظمة، بأن هذا القانون يتعارض تماماً مع التزام الحكومة العراقية القانوني بحماية حقوق السيدات والفتيات ويضرب بها عرض الحائط. (المدى بريس).

إن إسقاط القانون وإلزام الحكومة على سحبه فوراً والاعتذار للمرأة والمجتمع عن تقديمه أصلا وعن الإساءة والإهانة المتعمدة، التي وجهت للمرأة ضمن تصريحات وخطب الشيخ اليعقوبي لتبرير هذا القانون المسخ، كما جاءت على لسان رعاياه وأتباعه، يتطلب رفع روح النضال المشترك للمرأة والرجل ضد هذا القانون وضد التوجهات المماثلة للحكومة العراقية الحالية حماية لنسائنا وبناتنا وأطفالنا ابتداءً من الرضاعة، فالتفخيذ يهددهم!!!

أي علم بائس تعلمته في قم أيها الشيخ اليعقوبي، وأي بؤس يجلبه مستواك الفقهي المتخلف لعلوم الدين بهذا القانون الذي تقدم به وزيرك أيها الشيخ اليعقوبي والذي تدافع عنه بحرارة منقطعة النظير وتشتم نساء العراق بلا حياء أيها الشيخ!!

كم كان الشاعر محمد صالح بحر العلوم، وهو من النجف، مدركاً لسلوك جمهرة من شيوخ الدين، وليس كلهم، حين كتب في قصيدته الشهيرة "أين حقي" يقول:

ليتني استطيع بعث الوعي في بعض الجماجم
لأريح البشر المخدوع من شر البهائم
وأصون الدين عما ينطوي تحت العمائم
من مآسي تقتل الحق وتبكي:أين حقي؟

14/3/2014

كاظم حبيب