1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
سياسةبلجيكا

مغربيتان ضمن حكومة بلجيكا..شجرة تخفي غابة من مشاكل الإندماج؟

٩ أكتوبر ٢٠٢٠

أثار تولي سيدتين من أصول مغربية منصبي وزيرتين ضمن الحكومة البلجيكية الفيدرالية الجديدة، تساؤلات حول مدى اندماج الجالية المغاربية في المجتمعات الأوروبية. فهل يقدم تولي سيدتين مهاجرتين للوزارة دليلا على نجاح الاندماج؟

https://p.dw.com/p/3jXv2
مريم كيتير وزيرة من أصول مغربية ضمن الحكومة البلجيكية الجديدة
مريم كيتير وزيرة من أصول مغربية ضمن الحكومة البلجيكية الجديدةصورة من: Belga/Imago Images

تعد الجالية المغربية أكبر جالية من أصول غير أوروبية مقيمة في بلجيكا، حسب أرقام المركز الفيدرالي للهجرة في بلجيكا. ويتصدر المغاربة قائمة الجاليات الأجنبية الحاصل أفرادها على الجنسية البلجيكية، بنسبة تصل إلى 24 في المائة.

وشكّل تعيين البلجيكيتين من أصل مغربي، زكية الخطابي ومريم كيتير في الحكومة الفيدرالية، سابقة تاريخية ببلجيكا، إضافة إلى العراقي سامي مهدي، أصغر أعضاء الحكومة سناً، الذي تم تعيينه كاتبا للدولة في شؤون اللجوء والهجرة.

خطوة أعادت النقاش حول نجاعة سياسة إدماج المهاجرين التي تتبعها بلجيكا مقارنة مع دول أوروبية أخرى إلى الواجهة. وفي هذا الصدد، يوضح الأديب المغربي المهتم بقضايا الهجرة، والمقيم في بروكسيل، طه عدنان، لـ DW عربية، أن بلجيكا "لا تقوم على نسيج قومي منسجم، كما أنها لا تتوفر على مشروع وطني موحّد لإدماج المهاجرين كما هو الحال في فرنسا التي يقوم مشروعها الإدماجي على الاستيعاب".

ويردف الكاتب المغربي قائلا: "النماذج البلجيكية للاندماج تقوم على فلسفات متعدّدة حسب المناطق. لذا يصعب فرض سياسة موحدة تلغي الاختلافات القائمة من منطقة إلى أخرى، وطرائق الاستيعاب المختلفة للتحقّق السياسي لمختلف أبناء المجتمع البلجيكي المتعدّد الثقافات"، حسب تعبيره.  

وفي رده على سؤال مدى نجاح مغاربة بلجيكا في الإندماج، يرى منسق المشروع الأدبي "بروكسيل المغربية" إن"هذا المجتمع المتعدد، يتيح فرصا أكبر أمام المواطنين من أصول عربية، ومغربية تحديدا. من أجل التوقيع على مسارات فردية ناجحة، والوصول إلى مراكز متقدمة على مختلف أصعدة الفعل السياسي المحلي والجهوي والفيديرالي". مؤكدا أن ذلك "هو ما قد يجعل منهم مرجعيات إيجابية داخل أوساط الجاليات المختلفة".

مريم كيتير وزيرة ضمن الحكومة الجديدة من أصول مغربية تؤدي القسم أمام الملك البلجيكي
مريم كيتير وزيرة ضمن الحكومة الجديدة من أصول مغربية تؤدي القسم أمام الملك البلجيكيصورة من: Belga Mag/AFP/Getty Images

من وجهة نظر مغايرة، يرى رشيد باثهوم، الباحث المساعد ضمن الفريق العلمي لـ "معهد البحوث والتدريب والعمل بشأن الهجرة" البلجيكي، في اتصال هاتفي مع DW عربية، أن "هذا النجاح يعد فرديا، ولا يعبر على أي اندماج فعلي لمغاربة بلجيكا، الذين عبروا عن حاجتهم للمساعدة بتصويتهم لصالح بلجيكيات من أصول مغربية". معبراعن أمله في فهم هذه الرسالة واستيعابها من قبل الوزيرتين.

وأكد باثهوم في تصريحه، أن "بلجيكا تعد من أكثر البلدان الأوروبية التي يعاني فيها المهاجرون، خاصة ذوو الأصول المغاربية، من عنصرية واضحة". وهو ما تثبته حسب تعبيره، "أرقام رسمية وتقارير متكررة لمؤسسات الاتحاد الأوروبي، تدق عبرها ناقوس الخطر وتؤكد على ضرورة اتخاذ تدابير فعلية لجعل البلجيكيين من أصول مهاجرة، ضمن الركب وليس بجانبه".

"مفخرة الجيل الثالث"

تعد البلجيكية من أصل مغربي، زكية الخطابي، ذات 44 عاما، التي تم تعيينها وزيرة للبيئة والمناخ بالحكومة الفيدرالية الجديدة، واحدة من رموز النضال البيئي في بلجيكا. فقد عُرفت الخطابي بشخصيتها القوية، وحصلت على تعليمها في مدرسة كاثوليكية ببلجيكا قبل أن تنال الإجازة في العمل الاجتماعي، حسب ما يفيد موقعها الرسمي.

وتحكي عن تجربتها السياسية على موقعها، أنها زاوجت في مسارها بين العمل السياسي والبحث العلمي، وتم انتخابها أول مرة سنة 2009 لتشغل منصب رئيس مجلس النواب البلجيكي. وفي مارس 2014 تم انتخابها عضوا ضمن مجلس المستشارين، وبعدها بسنة، أي خلال مارس 2015، فازت بمنصب نائب رئيس حزبها.

مريم كيتير خلال تأدية اليمين أمام الملك البلجيكي عقب توليها لمنصب وزاري
مريم كيتير خلال تأدية اليمين أمام الملك البلجيكي عقب توليها لمنصب وزاري صورة من: Reporters/Imago Images

أما مريم كثير (40 سنة)، فقد نشأت بمدينة "ماسمشلين"، وهاجر والدها خلال الستينيات من المغرب إلى بلجيكا، ليعمل في مناجم ليمبورغ. وكانت أسرتها تضم أحد عشر أخا وأختا.

في عام 2006، تم انتخابها لعضوية مجلس بلدية "ماسمشلين"، ثم انضمت إلى المجلس بعد الانتخابات الفيدرالية لعام 2007. أعيد انتخابها في عام 2014، و"ذاع صيتها في بلجيكا بعد خطابها الشهير بشأن إغلاق مصنع فورد"، كما يفيد موقع الإذاعة والتلفزة البلجيكية.

 في عام 2016، غادرت مريم ماسمشلين إلى جينك، حيث انضمت إلى المجلس البلدي، وفازت العام الماضي بـ 31816 صوتًا في الانتخابات الفيدرالية، لتتوج مسارها بحقيبة وزارية ضمن حكومة البلد.

الصورة ليست مشرقة دائما

ترسم سيرتا الوزيرتين المغربيتين، صورة وردية عن حياة مغاربة المهجر، لكنها تخفي وراءها تحديات وصعوبات يجابهها المغتربون وهم في طريقهم نحو تحقيق الاندماج. من أبرزها، صورة طيف آخر من المهاجرين، اشتهروا بتورطهم في أعمال إرهابية والتخطيط لها داخل بلجيكا وخارجها. ومن بين هؤلاء البلجيكي من أصل مغربي "عبد الحميد أبا عود" المتهم بالتخطيط لهجمات باريس سنة 2015.

أعضاء الحكومة البلجيكية في نسختها الأخيرة ومن ضمنهم الوزيريتين مريم كيتير وزكية الخطابي
أعضاء الحكومة البلجيكية في نسختها الأخيرة ومن ضمنهم الوزيريتين مريم كيتير وزكية الخطابيصورة من: Frederic Sierakowski/Belga/Imago Images

كما تكشف مؤشرات الاندماج في سوق العمل عن معاناة فئات واسعة من المهاجرين المغاربة ببلجيكا. وحسب دراسة معهد الدراسات الأوروبية، تقدر نسبة المغاربة العاطلين عن العمل القاطنين ببلجيكا بـ 32.6 في المائة. وعبر المغاربة المشاركون في هذه الدراسة الذين يمتلكون عملا، عن تعرضهم لتمييز عنصري لأسباب دينية، وقدرت نسبتهم بـ 62.8 في المائة من مجموع الذين شملتهم الدراسة.

أرقام وأوضاع غير مشجعة، مقابل الصورة الوردية التي رسمها خبر وصول مغربيتين إلى منصب حكومي بالبلد نفسه، وهو ما يعلق عليه الباحث باثهوم بالقول، "إن العنصرية في بلجيكا واضحة، فمناصب المسؤولية لا تكون أبدا من نصيب البلجيكيين من أصول مهاجرة، وإن حصل كما هو الأمر في موضوع وصول المغربيتين لمنصبين وزاريين، فهو لذر الرماد في العيون، أما الواقع أن سياسة هذه الدولة فشلت في إدماج الأجيال المتعاقبة من المهاجرين"، حسب تعبيره.

من جهته، عقب الكاتب المغربي، طه عدنان بالقول: "الحركية على المستوى السياسي، لا يجب أن تحجب عن منظورنا واقع الإقصاء الاقتصادي والاجتماعي والتهميش الذي تتعرض له شرائح عريضة من أبناء هذه الجاليات". 

واعلّل عدنان رأيه بمثال حسّاس في بلجيكا، قائلا: "نسبة البطالة في بلدية مولنبيك فقط تناهز 40 في المائة في أوساط الشباب. ينضاف إلى ذلك إحساس ثقافي بالدونية يجعلهم عرضة لكل أنواع الانحراف والتطرف". وحي مولنبيك يكتظ بالسكان المهاجرين، ويعتبر من أشهر الأحياء المثيرة للجدل بالعاصمة البلجيكية، ويُنظر إليه كحضن إجتماعي لعناصر متطرفة، ومن أشهرها عبد الحميد أباعود المتهم بتدبير تفجيرات باريس سنة 2015، وأحد أبرز وجوه تنظيم "داعش" في أوروبا، وأعلنت فرنسا مقتله في عملية أمنية شنتها الشرطة في سان دوني.

كما يذكر طه عدنان، أن "حدّة الإسلاموفوبيا لا تنفك تتصاعد منذ عقدين تقريبا. بدءًا بتفجيرات 11 سبتمبر/ أيلول 2001، إلى غاية تفجيرات بروكسل 2016"، لافتاً أن هذا الأمر يستثمره المتطرفون من مختلف الجهات: "هذا تشنج مقصود من لدن الإرهابيين، لكنه كذلك يستغل من طرف أحزاب اليمين المتطرف التي تقتات من حالة الذعر والفزع، لتبني موقفا جماعيا يقوم على الحقد والكراهية" حسب تعبيره. 

في الصدد نفسه، يرى الباحث باثهوم، أن الحل لن يكون بجعل دين الأفراد وأصولهم ذريعة لما يرتكبونه من فظاعات، بل يجب تحليل الأوضاع بشكل منطقي، يراعي سيرة هؤلاء والطريقة التي يعيشون بها داخل الأوطان المستقبلة لأجيال منهم. مؤكدا أن "الإنسان ليس إلا جزءاََ من المشكل، والتغلب عليه يستدعي تظافر جهود مؤسسات الدولة ومثقفيها، وقرارات سياسية قابلة للتحقق على أرض الواقع".

ماجدة بوعزة

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد