1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مكافحة كورونا في تونس.. رهن الحسابات السياسية؟

إيمان ملوك | كيرستن كنيب
٤ مايو ٢٠٢١

أنهكت الموجة الثالثة من فيروس كورونا النظام الصحي في تونس. كما أدى إضراب الأطباء لمدة ثلاثة أيام إلى تعطيل عملية التطعيم. من جهة أخرى لا تلقى تحذيرات مسؤولي الصحة في البلاد صدى لدى الحكومة. فهل هي أزمة سياسية بالأساس؟

https://p.dw.com/p/3suhI
Tunesien Coronavirus Weiße Operation in Tunis
فيما تواجه تونس الموجة الثالثة لوباء كورونا الخلافات والحسابات السياسية والحزبية تعرقل مكافحة الوباء صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS/SOPA Images/J. Wassim

مع تسارع وتيرة تفشي فيروس كورونا والسلالة البريطانية المتحورة في موجة ثالثة للوباء، هي الأقوى التي تشهدها تونس منذ العام الماضي، أطلق مسؤولون في لجنة مكافحة فيروس كورونا تحذيرات من انهيار المنظومة الصحية في البلاد مع بلوغ أقسام العناية المركزة طاقاتها القصوى في أغلب المستشفيات ونقص أسطوانات الأوكسجين في بعضها ومعاناة الطواقم الطبية من الإنهاك. كمت ارتفع إجمالي‭‭ ‬‬الوفيات في البلاد إلى أكثر من عشرة آلاف شخص. من جهة أخرى تسير حملة التطعيم ببطء في ظل امدادات محدودة للقاحات.

حيث تتلقى تونس لقاحات كورونا عبر برنامج كوفاكس لمنظمة الصحة العالمية، لكن الإمدادات بطيئة. فبعد 50 يوماً من بدء حملة التطعيم تلقى 400 ألف و363 شخصا فقط لقاح كورونا بينما حصل قرابة 95 ألف شخص على الجرعتين، بحسب آخر تحديث لوزارة الصحة التونسية. هذا البطء يفرض صعوبات أمام تطعيم حوالي 5,5 مليون شخص هذا العام وهو نصف عدد سكان تونس، وفق ما أعلنت الحكومة في وقت سابق.

بعد فشل مفاوضات دامت ثماني ساعات مع رئاسة الحكومة وبحضور وزير الصحة وجميع الأطراف النقابية، بدأت نقابة الأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان إضراباً عامآً عن العمل بداية من اليوم الثالث من مايو/ أيار وإلى غاية الخامس من هذا الشهر. الإضراب شمل جميع الخدمات الصحية في المستشفيات العمومية، بما في ذلك عملية التلقيح ضد فيروس كورونا، باستثناء الخدمات المستعجلة. تدور الخلافات بين النقابة ووزارة الصحة حول منح مالية من بينها منحة الجائحة وتسوية أوضاع الأطباء المؤقتين والمتعاقدين وتعديل قانون أساسي للمهنة ومطالب أخرى مهنية.

لماذا تدهور الوضع؟

هذا الإضراب أحدث حالة من الزحام في عدد من المراكز التي شهدت توافد مواطنين كانوا تلقوا إخطارا عبر الرسائل القصيرة من السلطات الصحية بموعد تطعيمهم، ما أدى إلى تعطيل حملة التطعيم ضد فيروس كورونا في المراكز الصحية. من جانبها قالت وزارة الصحة إن "تطعيم التونسيين يمثل أولوية مطلقة لحمايتهم من عدوى فيروس كورونا، ودعت الأطباء إلى وقف الإضراب ومواصلة جلسات التفاوض للوصول إلى اتفاق، موضحة أن الإضراب سيعطل تطعيم حوالي 40 ألف شخص".

تجاوزت تونس الموجة الأولى للوباء بسلام العام الماضي، لكنها لم تصمد كثيراً أمام الموجتين الثانية والثالثة. فالبرغم من مواصلة تطبيق إجراءات مشددة في البلاد لمكافحة الوباء وغلق المدارس والمعاهد والكليات حتى منتصف أيار/ مايو و فرض حظر تجول ليلي، بات الوضع الصحي للبلاد "حرجاً" كما أوضح  رئيس مؤسسة فريدريش إيبرت في تونس، هنريك ماير في تصريح لـ DW وقال إن "الوضع حرج. الإمدادات الطبية على وشك النفاذ في المستشفيات الحكومية، لكن لا تزال مستشفيات القطاع الخاص قادرة على تعويض النفص، لكن قلة قليلة من التونسيين تستطيع تحمل تكاليفها”.

خلال تفشي الجائحة عالميا العام الماضي فرضت الحكومة التونسية إغلاقا عاما لمدة شهرين، مما أبطأ بلوغ كوفيد-19 الذروة إلى خريف العام الماضي، غير أن هذا الإغلاق كلف المواطنين التونسيين ذوي الدخل المحدود والاقتصاد المثقل بالديون ثمنا باهظا، كما يوضح ماير "مثلها مثل باقي البلدان الضعيفة اقتصادياً، لم يكن بوسع تونس تحمل الإغلاق الأول. حوالي 20 بالمائة من التونسيين يكسبون قوت يومهم من السياحة. إنهيار هذا القطاع، يعني ضياع دخلهم. هذه مشكلة كبيرة. لهذا السبب امتنعت الحكومة عن اتخاذ تدابير احترازية في خريف العام الماضي وسمحت للسائحين بدخول البلاد دون اختبار". وتابع ماير بأن "المواطنين باتوا مرهقين من الجائحة وحاليا خلال شهر رمضان، قد يلتقي الناس دون الالتزام بارتداء الكمامات. كما في الدوائر الحكومية أيضاً، غالبا ما يرى المرء موظفين لا يرتدون الكمامات".

في مقابلة له الأسبوع الماضي مع وكالة "رويترز"، قال رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، إن الحكومة تأخذ في الاعتبار الوضع الاقتصادي الصعب للبلاد في قراراتها لإبطاء انتشار فيروس كوورنا، لكنها لن تتردد في اتخاذ قرارات جذرية إذا أصبح ذلك ضروريا. وقال المشيشي ردا على سؤال حول رفض حكومته فرض إغلاق عام للسيطرة على الجائحة رغم الانتقادات "نحن نحاول متابعة الوضع الوبائي ونأخد أيضا الجانب الاقتصادي وإذا استوجب الأمر اتخاذ إجراء راديكالي سنفعل".

غضب من قرارات الحكومة

التحذيرات المتكررة للمسؤولين في القطاع الصحي من اتساع رقعة الوباء في البلاد، لم تجد صدى لدى الحكومة التي لم تنجح في الحد من انتشار الفيروس على النحو المطلوب، وذلك راجع وفق رئيس مؤسسة فريدريش إيبرت في تونس إلى عدم تصرف الحكومة بشكل صارم واتخاذها التدابير الهادفة وتنفيذها بشكل متسق، على الرغم من إدارتها حملة التطعيم بشكل جيد”.

في تدوينة له على صفحتة الرسمية على فيسبوك ومقطع فيديو، تناول رئيس الجمهورية الأسبق محمد المنصف المرزوقي الوضع الوبائي الذي تمر به تونس وشدد على أنه لا وقت حاليا للخصومات السياسية حول الصلاحيات و الدستور، كما دعا الى أن يكون الرؤساء الثلاث "على قلب رجل واحد" لمواجهة هذه الموجة الخطيرة من الجائحة التي تضرب تونس.

من جانبه يرى مهندس التنمية التونسي، عبد الحميد الجويني أن البلاد بدأت بداية جيدة في مكافحة الوباء في ربيع عام 2020 والحكومة كانت حازمة وقوية. لكن التغير في خريف 2020، يعود حسب المهندس التونسي بالأساس إلى الوضع الإقتصادي الصعب في تونس، وقد "أدى دخول البلاد حالة طوارئ إلى وضع اقتصادي خطير. بالإضافة إلى ذلك، شهدت البلاد انتخاب الحكومة الجديدة في أواخر الصيف الماضي، ونتيجة لذلك تم تخفيف المسار الصارم الذي اتخذ في السابق. بالإضافة ظاهرة الشعبوية في الساحة السياسية التونسية. كل هذا أدى إلى إغفال الحكومة مسارها وإثبات أنها لم تعد كفؤة في الأزمات".

من جانبه يرى ماير أن الحكومة تتكون من سياسيين من الدرجة الثانية والثالثة. هذا يعني أنهم لا يتمتعون بقدر كبير من المصداقية بين المواطنين. إضافة إلى معارضة الشعبويين والإسلامويين للحكومة. إلى جانب سوء الرعاية الصحية، قد يؤدي ذلك إلى انتخابات مبكرة في مرحلة ما، وهو ما لا يجب أن يحدث. ويوضح الجويني أيضاً أن قسماً كبيراً من الشعب التونسي يعمل في القطاع غير الحكومي. ما يجعلهم أول المتضررين من إجراءات الوباء، ولهذا السبب قد لا يكون لديهم سبب وجيه لدعم مسار الحكومة.

إيمان ملوك/ كيرستن كنيب