1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ناغورني كاراباخ- المدنيون يدفعون ثمن الحرب!

٢٨ أكتوبر ٢٠٢٠

في الحرب الدائرة بين أذربيجان وأرمينيا حول إقليم ناغورني كاراباخ قتل مئات المدنيين والعسكريين من الطرفين، كما نزح كثيرون بسبب المعارك والقصف الذي طال الأحياء السكنية. والمدنيون في المنطقة هم الأكثر معاناة.

https://p.dw.com/p/3kVgd
إيغار فارزلييف في منزله المحترق
إيغار فارزلييف في منزله المحترقصورة من: Julia Hahn/DW

لهيب النيران لم يبق شيئا من الحياة السابقة لإيغار فارزلييف. أواني فضية في المطبخ وإطار نظارة وصور عائلية، إنها ذكريات محروقة. في مطلع تشرين الأول/ أكتوبر استهدف صاروخ منزل إيغار. إنه المكان الذي عاش فيه طوال 35 عاما، احترق تماما حتى الجدران.

والآن ينظر حوله في المكان الذي كان ممرا داخل البيت وهو في حيرة. "عائلتنا كلها كانت موجودة هنا. كنا نشاهد التلفزيون عندما وقع انفجار خلف البيت"، يقول إيغار ويضيف "خرجنا نهرول وطلبنا رجال الإطفاء. لكنهم عندما وصلوا كان الوقت متأخرا" أتت النيران على كل شيء. إيغار فارزلييف يعيش في مدينة "باردا" الأذربيجانية الصغيرة التي تبعد حوالي 20 كلم عن الجبهة في إقليم ناغورني كارباخ. وهو مقتنع بأن أرمينيا هي المسؤولة عن الهجوم على بيته! ويقول إنها قصفت في الأسابيع الماضية الكثير من الأهداف المدنية في المنطقة. لكن لا يمكن التحقق من هذه الاتهامات لأرمينيا من مصدر مستقل.

ومنذ نهاية أيلول/ سبتمبر تخوض أرمينيا وأذربيجان حربا في منطقة ناغورني كارباخ. وحسب القانون الدولي فإن المنطقة جزء من أذربيجان، لكن انفصاليين أرمن يسيطرون عليها. وكلا الطرفين يعلن عن تحقيق نجاحات عسكرية، ويتبادلان الاتهامات بإشعال نيران المواجهة ـ ومهاجمة أحياء سكنية عن قصد. وقد أخفقت جولتان لوقف النار توسطت فيهما روسيا. وحتى وقف ثالث لإطلاق النار اتُفق عليه في واشنطن تم خرقه. وعدد المدنيين الذين قتلوا بعد شهر من المواجهات يتجاوز 100 قتيل وأكثر من 970 جندي لقوا حتفهم حسب السلطات الأرمنية. وأذربيجان لم تعلن إلى حد الآن عن خسارات في وحداتها القتالية.

منزل طاله القصف في بلدة باردا الأذربيجانية
المدنيون والأحياء السكنية لم تسلم من القصف والتدمير في الحرب الدائرة حول إقليم ناغورني كاراباخصورة من: Julia Hahn/DW

حرب الصور

والحرب على ناغورني كارباخ هي أيضا معركة حول مفهوم السيادة وتفسيرها. فكلا الحكومتين تحاولان عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتلفزيون التأثير على الأجواء السائدة والرأي العام حسب ما يروق لهما. وفي أذربيجان التي تحكمها سلطة مستبدة يتم تقييد حرية التعبير بقوة، كما تنتقدها منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان. وحاليا يسري قانون الحرب، وهناك حظر للتجول في جميع أنحاء البلاد من التاسعة مساء حتى السادسة صباحا. والانترنيت يتعرض باستمرار للقطع وتوجد قوانين رقابة صارمة. ويتم حجب خدمات تويتر وفيسبوك وماسنجر. والدعاية وخطاب الحرب يحددان مجرى الحياة اليومية في اذربيجان، وليس بوسع الصحفيين الأجانب التحرك بحرية بالقرب من الجبهة. يرون فقط ما تسمح به السلطات الأذربيجانية.

والمدرسة رقم 6 الواقعة في بلدة "باردا" مثلا الأطفال الذين يلعبون الكرة أمام المبني ليسوا تلاميذ في فرصة استراحة وإنما نازحون. فمنذ بداية العمليات القتالية قبل شهر تحولت المدرسة إلى مأوى لإيواء نحو 100 عائلة نازحة، غالبيتها من المدينة المجاورة تارتار الواقعة مباشرة على الجبهة في ناغورني كارباخ، حيث القتال محتدم هناك، والكثير من سكانها نزحوا  بحثا عن الأمان في أماكن أخرى. وبعضهم مايزال يقبع في ملاجئ بالمدينة.

صور عائلية محترقة في ميدنة باردا
الذكريات والصور العائلية أيضا احترقت في أتون الحربصورة من: Julia Hahn/DW

نزاع قديم، ومواجهات جديدة

يمكن سماع دويالقذائف حتى ساحة المدرسة في باردا. ومباشرة عند مدخل البناية يضع أطفال زهور القرنفل الحمراء أمام صورة بالأبيض والأسود، هي عبارة عن نصب تذكاري لجندي أدربيجاني سقط في الحرب حول منطقة ناغورني كارباخ قبل نحو 30 عاما. وفي تلك الفترة عقب انهيار الاتحاد السوفياتي فقدت أدربيجان السيطرة على المنطقة. وفي عام 1994 توسطت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا برئاسة فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا من أجل وقف لإطلاق النار هش، دون فرض حل دائم للخلاف بين أذربيجان وأرمينيا حول الإقليم.

والجميع هنا في مدرسة باردا مقتنعون بأن جيشهم يخوض معركة عادلة. وحتى موزيلا موسايفا، نائبة مدير المدرسة مقتنعة بذلك ولا تصدق بأنه حصلت هجمات على مدنيين أرمن وسقط هناك قتلى ونزح آخرون. "لا أعرف ماذا يحصل على الجانب الأرمني. أعرف فقط ما أرى عندنا عبر شاشة التلفزيون"، تقول موسايفا، وتضيف "لكنني مقتنعة بأن الأرمن سيُهزمون. ووجب عليهم التراجع. نحن لا نقاتل من أجل الاستيلاء على مناطق أرمنية، بل نريد فقط استرجاع ما هو ملك لنا"!

هربوا من المعارك على الجبهة: زابيل علييف وحفيداته
زابل علييف نزح مع زوجته وحفيداته بسبب القتال المحتدم في بلدة تارتار الواقعة على الجبهةصورة من: Julia Hahn/DW

دوي المدافع بدل الدبلوماسية!

الموقف نفسه يتخذه زابل علييف الموجود منذ أسابيع في المدرسة مع زوجته ناهد وحفيداته الثلاث. هم أيضا أتوا من تارتار الواقعة مباشرة على الجبهة، والآن هم يعيشون في المدرسة حيث هناك على مقاعد التلاميذ توجد كؤوس وصحون وعلى الأرض موقد غاز. "أنا قلق على البنات. كن يشعرن بالخوف عندما اندلعت المواجهات"، يقول علييف الذي يجلس على سرير يراقب الأطفال. ويتابع "من أين لهم أن يعرفوا ماذا تعني الانفجارات. كان يجب أن يذهبوا إلى المدرسة. وليس تعلم تمييز دوي القنابل والصواريخ".

ولا يثق زابل علييف في وقف إطلاق النار والوساطات الدبلوماسية. فالرئيس الأذربيجاني إلهام علييف يواصل المراهنة على تقدم وحداته العسكرية. "لا أحد بإمكانه وقف حزمنا"، لتوه قال علييف في التلفزيون الأذربيجاني في وصفه للوضع مع عسكريين كبار. "سندحض العدو" إلى أن يتم استعادة ناغورني كارباخ. لكن ماذا يعني هذا بالنسبة للمدنيين في كلا الطرفين في هذه الحرب؟ وحتى بالنسبة لللاجئين في مدرسة باردا لا يمكن لأحد التنبأ به. هل سيقدر هؤلاء النازحون على العودة إلى بيوتهم ـ أم أن الوضع سيصبح قريبا هنا أيضا خطيرا؟

يوليا هان/ م.أ.م