1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

نصيحة الى منتظر الزيدي

٢٤ سبتمبر ٢٠٠٩

عبد المنعم الاعسم

https://p.dw.com/p/Jnmm

اعرف ان مهمتي صعبة معك، لكن دعني احاول.

باختصار، إذْ سيطلق سراحك بعد ايام، اقترح عليك ان تبقى في بلدك، تخوض معنا معركة التغيير والسيادة والحرية، وطي صفحة وايام الاحتلال، وان لا تقع في اغواء الدعوات المغشوشة من وراء الحدود حيث يأمل اصحابها ان يصنعوا منك صنما من شوكلاتا يقدم لاميرات الخليج وسيدات قصور الجمهوريات الوراثية، والى جمهور من المهرجين والساخطين الذين يتشوقون الى الحروب، اية حروب، باستثناء الحروب التي يكسرون فيها اغلالهم.

في "الشارع العربي" سيصفقون لك كثيرا، نعم، وستجد جمهورا "عريضا" يرمي اليك الزهور وينحر الذبائح، ويتفنن في توليف الاهازيج، وستنفتح عليك كل الفضائيات، وتحاورك مذيعات جميلات لبقات، وسيلتقيك انصار بينهم من يرطن بالجهاد والخلافة وتحرير الامة، وبينهم من يستغلها فرصة لا حياء الكفاح المسلح لتحرير فلسطين والاندلس، وبين جمهورك ستجد انصاف مهووسين بالسلاح وارباع يساريين وبعثيين وقوميين، ينادون بالقتال حتى آخر عاطل عن العمل، وبينهم دعاة دولة الوحدة من المحيط الى الخليج، ودولة الاسلام والراشدين من حضرموت في ادنى جنوب اليمن الى مقاطعة نينغشيا الى اقصى شمال غرب الصين.

لكن المهم انك ستتعرف على اكثر هذا الجمهور حماسا وبذخا وصراخا.. فحذار منهم.. انهم رجال مخابرات الدول الذين يركبون افضل موجة يختلط فيها الحابل بالنابل بعيدا عن المساس بمستنقعات الحكم، وهم يعرفون (تصوّر) ان اوباما غير بوش، وان امريكا اليوم غير امريكا الامس، وانها فرصة ذهبية لحشر الشارع في "حذاء" وتأليب الجمهور على شعبك، لا على خطايا انظمتهم، وتبرير "مذابح المقاومة" واعمال الابادة بحق المدنيين العراقيين، وتمريرها من خرم حادثة الحذاء.. بل انها فرصة الغوغاء، بكل رطاناتهم، للتجييش ضد وطنك لهدّه عن آخر طابوقة. انهم لا يريدون ان يعرفوا بان امريكا ستغادر العراق، بل ولا يريدونها ان تغادر، صدقني.

في الحق انك وحّدت ذلك الشارع العربي ، أكرر ذلك الشارع العربي.. فثمة شارع عربي آخر، بعيد عن كاميرات التلفزيون، له حساب آخر وانواء اخرى، وفيه مكابدات تعصف في منازل واحياء الملايين المقموعة والجائعة والمهمشة التي لم تشارك في حروب الشاشات الملونة، ولا في ولائمها الاستعراضية الباذخة.

انصحك ان لا تكون شعارا لمن لا شعار له، او معركة لمن لا معركة لها. او عنوانا لمن فقد العناوين والمجسات والتقاويم. نعم، سيرفعوك فوق رؤوسهم، لكنهم مستعدون لكي ينسوك في رمشة عين، ويبيعوك في اقرب مزاد.

انصحك، منتظر، ان تصنع من نفسك داعية للسلام الاهلي في العراق، بدل ان تتركهم يصنعون منك دعوة للحرب على العراق.. وبين الداعية والدعوة فرق.

ـــــــــــــــــــــ

كلام مفيد:

ـــــــــــــــــــــ

" ليس هنالك طريق للسلام، بل أن السلام هو الطريق.".

غاندي

ــــــــــــــــــــــــــــــ

جريدة (الاتحاد) بغداد