1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل ينبغي على ألمانيا المشاركة في إعادة إعمار سوريا؟

٢٨ أغسطس ٢٠١٨

رغم أن الحرب لم تضع أوزرها بعد، يخطط الديكتاتور بشار الأسد والقوى الحامية له لإعادة إعمار البلاد. وتطالب موسكو بمساعدات مالية من أوروبا، فهل ينبغي على ألمانيا المشاركة في ذلك؟

https://p.dw.com/p/33iuw
Syrien Aleppo
صورة من: picture-alliance/AP Photo/S. Grits

يتحدث اللاجئ السوري طارق م. مع عائلته في حلب كل ما سنحت له الفرصة، فقد ترك عائلته في عام 2015 وهرب عبر طريق البلقان ليصل إلى ألمانيا لوحده وهو بعمر 23 عاماً. طارق ليس اسمه ويفضل عدم كشف اسمه الحقيقي، ويعود ذلك إلى أنه هرب من بلاده لتجنب الخدمة العسكرية، وبذلك يتجنب الشاب أيضاً الانخراط في الحملة العسكرية لنظام الأسد في البلاد. ففي الجزء الشرقي من حلب قاوم المتمردون على النظام هجمات جيش النظام والقوى الداعمة له لأربع سنوات متتالية. ولكن هجمات المقاتلات الروسية مهدت الطريق لاقتحام قلعة المقاومة في حلب، ففي كانون أول/ ديسمبر 2016 تمكن النظام في سوريا من فرض سيطرته على كامل مدينة حلب.

آثار المعارك الضارية بادية للعيان حتى يومنا هذا، وهذا ما يسمعه طارق الذي يعيش ويعمل حالياً في منطقة الرور بغرب ألمانيا، من عائلته أيضاً: البنى التحتية متهالكة وخدمات الماء والكهرباء ضعيفة للغاية. والوضع في الجزء الشرقي من المدينة أسوء بكثير، كما يقول طارق. الصور والفيديوهات التي تنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي تظهر حجم الدمار في المدينة. ويقول طارق "إنه لا يمكن الحديث عن إعادة الإعمار في شرق المدينة". ويتساءل طارق متشككاً: "حتى لو كان هناك إعادة إعمار، فلجيب من ستذهب الأموال".

السياسة الألمانية دون منهج واضح

يسيطر الأسد والقوتان الحاميتان له، روسيا وإيران، على ثلثي البلاد. ويضيف "لكن الحرب لم تضع أوزارها بعد"، حيث بدأت للتو معركة السيطرة على آخر معقل للمتمردين السوريين الذين تجمعوا في إدلب. وإذا سقطت إدلب، فسيبرز الأسد منتصراً في الحرب.

والكثير من المدن السورية في حالة من الدمار الشامل، وهو أمر يجعل من إعادة الإعمار قضية أساسية. لكن القضية تتعلق أيضاً بالممولين. فلا النظام السوري ولا روسيا أو إيران يرغبون في تحمل التكاليف لوحدهم. فيما قدر المبعوث الأممي لسوريا ستافان دي ميستور حجم تكاليف إعادة الإعمار بحوالي 250 مليار دولار أمريكي وذلك فقط لإعادة بناء البنى التحتية. فيما يقدر النظام السوري حجم التكاليف بحوالي 400 مليار دولار أمريكي.

في الأثناء تطالب روسيا الدول الأوروبية تقديم مساعدات مالية لإعادة البناء في سوريا. ورغم أن المستشارة ميركل قد أكدت أثناء استقبالها للرئيس الروسي بوتين في قصر ميزبيرغ المسؤولية المشتركة لألمانيا وروسيا لحل الأزمة السورية، إلا أن السياسيين في برلين يجدون صعوبة كبيرة في الإجابة عن سؤال يخص مشاركة ألمانيا المحتملة في عملية إعادة البناء، لكنهم لا يستبعدون ذلك أيضاً. ففي نيسان/أبريل الماضي وخلال مؤتمر للمانحين لسوريا تحدث وزير الخارجية الألماني هايكو ماس عن أن الحل السياسي شرط لمساهمة ألمانيا في تقديم المساعدة لعملية إعادة الإعمار.

Deutschland Treffen Angela Merkel Wladimir Putin auf Schloss Meseberg
بوتين وميركل في قصر ميزبيرغ بالقرب من برلين تحدثا عن إعادة إعمار سورياصورة من: Reuters/Kremlin/Sputnik/A. Druzhinin

من جانبه، أعلن المتحدث باسم الحكومة شتفين زايبرت أن ألمانيا ستساهم في جهود المجتمع الدولي لإيجاد حل سياسي يمّكن السوريين من حياة كريمة. ولكن كيف يبدو النظام في سوريا لمرحلة ما بعد الحرب؟ أمر لا يعرفه أحد اليوم.

الخبير في الشؤون الخارجية لدى الحزب الاشتراكي الديمقراطي رولف موتسنيش يرى أن ذلك من مهمة الأمم المتحدة، مضيفاً في حديث مع DW أن "الشرط لتحقيق ذلك هو توفر حل سلمي يتمتع بالشرعية الأممية". ويوضح السياسي الاشتراكي الديمقراطي أكثر: "حل يتيح لكل سوري يريد العودة إلى بلده إمكانية العودة".

Rolf Mützenich
المتحدث باسم الشؤون الخارجية في كتلة الاشتراكيين في البرلمان الألماني رولف موتسنيشصورة من: DW

الأسد يريد سوريا "متجانسة"

من جانبه، لا يترك الحاكم في سوريا مجالاً للشك فيما يخص مستقبل البلاد. وقال في هذا السياق في مؤتمر في دمشق في عام 2017 "لقد خسرنا الكثير من الرجال وتم تدمير البنى التحتية، ولكن مقابل ذلك حافظت سوريا على مجتمعها السليم والموحد والمتجانس"، حسب تعبيره.

من جهته، يقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة السياسة والعلوم في برلين، غيدو شتاينبيرغ ، إن انطباعه حول الوضع في سوريا هو أن القيادة السورية تخلي، وبشكل ممنهج، كل المناطق من سكانها التي كانت تمثل قلاع قوية للمتمردين. وأفضل دليل على ذلك هو المرسوم رقم 10 الذي يسمح للحكومة السورية بمصادرة أملاك الذين يتواجدون في الخارج كنازحين أو كلاجئين، إذا لم يعترضوا على القانون خلال عام واحد بشكل شخصي، أي بحضورهم داخل البلاد. ويعني ذلك عملياً أن النظام سيقوم بتوطين مجاميع سكانية أخرى موالية له، بدلاً من السكان الأصليين، أي أن تكون عملية إعادة البناء ليس لصالح اللاجئين الراغبين في العودة. ويضيف شتاينبيرغ في حديثه معDW  "في حال عودة اللاجئين الفارين من مناطق كانت تحت سيطرة المعارضة أو معروفين بمعارضتهم لنظام الأسد، عليهم أن يحسبوا حساب اعتقالهم وتعرضهم للتعذيب وربما مواجهة خطر الموت".

YPG Syrien Guido Steinberg
خبير شؤون الشرق الأوسط غيدو شتاينبيرغ صورة من: DW/M. Aqil

في غضون ذلك يراهن الرئيس بوتين على رغبة الأوروبيين في عودة سريعة للاجئين السوريين، عندما يطالبهم بالمشاركة في عملية إعادة البناء. بوتين يعرف جيداً مدى حساسية وأهمية الموضوع في ألمانيا وأوروبا والذي أدى لانقسامات في صفوف الأوروبيين والألمان على وجه الخصوص. من جانبه، انتقد نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي)، ألكسندر غراف لامبسدورف، المقترح الروسي بشدة. وقال لامبسدورف في حديث صحافي مع صحيفة "دي فيلت" إن روسيا وصلت بحملتها العسكرية في سوريا إلى أقصى ما تستطيع أن تتحمله مالياً ولا تستطيع أن تلعب دوراً يذكر في عملية إعادة البناء: "لكن ذلك لا يجوز أن يقود إلى أن نقوم بإعادة بناء الشوارع، لكي يقوم أزلام نظام الأسد باستخدامها لاعتقال اللاجئين العائدين وسحلهم إلى أقبية التعذيب"، كما يقول السياسي الليبرالي لامبسدورف.

على ألمانيا أن تقدم مطالباً ملموسة لروسيا فيما يخص مشاركتها في إعادة البناء في سوريا. ولكن يبدو الآن وفي ظل الظروف الحالية من الصعب إقناع روسيا بضرورة الأخذ بالحل السياسي الذي تقوم به الأمم المتحدة.

عودة اللاجئين؟

لكن الخبير في شؤون الشرق الأوسط، غيدو شتاينبيرغ، يعتقد أنه من الممكن أن تساهم ألمانيا آجلا أم عاجلاً في عملية إعادة البناء في سوريا وذلك عندما "تكون هناك إمكانية أو آفاق إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم". لكن رولف موتسنيش يستبعد هذا الاحتمال حالياً ويقول إن عملية عودة اللاجئين غير واردة حالياً خصوصاً إلى المناطق التي تم طرد سكانها منها.

من جانب آخر، يعتقد المتحدث باسم منظمة "برو أزيل" المدافعة عن حقوق اللاجئين إن إعادة اللاجئين أمر غير وارد نهائياً وذلك لأسباب عملية منها أن أسباب اللجوء لم توثق بشكل واضح على أساس فردي في طلبات اللجوء في عامي 2014 و2015 وذلك لضيق الوقت وكثرة الطلبات، مما دفع بالمسؤولين على التعامل مع طلبات اللجوء بشكل جماعي. ولهذا السبب لا يمكن معرفة سبب هروب لاجئ ما بالضبط وأي جهة تهدده.

لكن الأمر يتعلق حالياً بقضية إعادة البناء. فالمتحدث في الشؤون الخارجية للحزب الاشتراكي الديمقراطي موتسنيتش يقول إنه "يجب التفكير الآن بكيفية مشاركة المنظمات الدولية والدول الأعضاء في الأمم المتحدة في عملية إعادة البناء وتحت أي شروط".

أما طارق فيعتقد أنه لن يكون ممكناً تحقيق العدالة لكل مواطن سوري. فالأموال سوف لن توظف لخدمة المواطن العادي المحتاج، والمستفيد سيكون فقط أصدقاء نظام الأسد. طارق لا يستطيع العودة إلى سوريا في ظل النظام الحالي، فعودته تعني اعتقاله وسجنه بسبب هروبه من الخدمة العسكرية.

ويختتم الخبير في شؤون الشرق الأوسط غيدو شتاينبيرغ حديثه بالقول "مشاركة ألمانيا في عملية إعادة البناء، تحت أي ظرف كان، خطأ كبير. فلا دمشق ولا إيران أو موسكو ستأخذ ألمانيا بعد ذلك على محمل الجد في السياسة الخارجية والأمنية. إيران وروسيا رغبتا في منع سقوط نظام الأسد وكسب صورة جيدة بإعادة الإعمار: "إذا قدمت ألمانيا مساعدة بإعادة الإعمار، نكون قد ساعدنا مجرمين على تحقيق أهدافهم الحربية".

ديانا هودالي/ حسن ع. حسين

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد