تكوين الصداقات

تكاد قيمة الصداقة والأصدقاء هنا في ألمانيا تتفوق على غيرها من القيم، كالروابط الأسرية مثلاً. وكالعادة دائماً فإن الأصدقاء هم من نثق بهم أكثر، ونمد لهم يد العون دون تردد، عندما يحتاجون للمساعدة.

تحتل علاقات الصداقة في ألمانيا قمة الهرم في العلاقات الإنسانية. ويتم التمييز بشكل واضح بين الأصدقاء الحميمين الذين تربطنا بهم صلة قوية، وبين المعارف الذين نعرفهم بشكل أقل عمقاً. مثلاً: يمكن دعوة الأصدقاء إلى المنزل، لكن هذا لا ينطبق عادة على المعارف. وبالنسبة للكثير من الألمان، فإن الأصدقاء يحظون بأهمية أكبر من الأسرة.

 

أعظم هدية هي قضاء الوقت سويةً

تلعب الاهتمامات المشتركة دوراً كبيراً في نشوء علاقات الصداقة، طبعاً بعد توفر الشرط الأساسي وهو الشعور المتبادل بالمودة. وبالنسبة للكثير من الألمان، فإن الثقة هي أساس علاقة الصداقة. هذه الثقة تتطور لديهم ببطء، لكن بعد تنامي الثقة، يحدث الانفتاح تدريجياً، ليحكي المرء بصراحة أكبر عن الجوانب الشخصية.

تبادل الهدايا في ألمانيا يتم في حدود معينة، إذ ليس من المعتاد إغداق الأصدقاء بالكثير من الهدايا، فهذا قد يولد لدى غالبية الألمان، شعوراً بعدم الارتياح. وكما يقدمون الهدايا في حدود، فإنهم يتوقعون الأمر نفسه من الجانب الآخر. وبالنسبة لهم فإن قضاء وقت طيب مع الأصدقاء، أكبر قيمة من الهدايا.

 

كلٌّ يدفع حسابه

ليس من المعتاد في ألمانيا أن يدفع الأصدقاء الحساب عن بعضهم.  وفي خارج ألمانيا يسخر الناس من قيام الألمان بدفع الحساب بشكل منفصل حتى المتزوجين يدفعون أحيانا فواتيرهم منفصلة. أما المبدأ الأساسي الذي يرتكز عليه هذا السلوك، هو أنه لا ينبغي لأحد أن يدفع أكثر مما أخذ بالفعل، أي أن يدفع تماماُ مقابل ما تلقاه، وليس أكثر!

لكن إذا تولى أحدهم دفع الحساب عن الجميع في مقهى او بار ما مثلا، فإن الدور سيكون على شخص آخر في المرة القادمة...وهكذا، حتى يكون الجميع قد دفعوا المبلغ نفسه في نهاية المطاف. لكن ينبغي للمرء أن لا يفاجأ إذا لم يدعوه أحد أو يبادر إلى دفع الحساب عنه. وإذا كنت تريد حقا دعوة شخص ما، فيمكن للطرف الآخر قبول ذلك.

 

الصدق واحترام المواعيد

بالنسبة للكثير من الألمان تعتبر الصراحة والصدق قيمتان مهمتان بين الأصدقاء. ففي حالة الإنشغال وعدم توفر الوقت الكافي للقاء أو للمساعدة، فإن المرء يقول ذلك بصراحة لأصدقائه، وكل طرف يقبل ويتفهم عدم توفر الوقت أو الرغبة لدى الطرف الآخر، في القيام بشيء ما سويةً.

الصدق يعني أيضاً إبداء الرأي بصراحة شديدة، الأمر الذي قد يبدو في بعض الأحيان نوعاً من الوقاحة. ولكن المقصود بهذه الصراحة في الواقع، هو التعبير عن الاحترام. والجدير بالذكر هنا أن احترام خصوصية الآخرين، أمر مهم للغاية حتى بين الأصدقاء الحميمين.

وأخيراً، الدقة في المواعيد قيمة مهمة لدى الألمان، حتى في إطار الصداقة. إذا اتفقت مع صديق لك على اللقاء في مطعم ما وتناول الطعام هناك في السابعة مساء مثلاً، فعليك أن تكون هناك في السابعة وليس بععد ذلك. وإذا وجه إليك صديق الدعوة لزيارته في بيته، فيمكنك أن تأخذ معك مشروباً مثلاً، أو الأفضل أن تسأل بكل بساطة، عما يمكن أن تحضره معك، وستحصل عندها على إجابة صريحة.

 

توطيد أواصر الصداقة يتطلب وقتا

إذا وصلت حديثاً إلى مدينة أو دولة ما، فهناك طرق كثيرة للتعرف على من هم في وضع شبيه بوضعك هذا. وهنا توفر النوادي الرياضية والمدارس الشعبية ، فرصاً جيدة للتعارف. أو إذا لم تتلقِ الدعوة من أحد لزيارته في بيته، فلا تشعر بخيبة أمل، فالكثير من الألمان يحتاج إلى بعض الوقت حتى يتخلى عن تحفظه ويتعامل بانفتاح.