1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أسئلة وألغاز تلقي بظلالها على اعتداء برلين!

٢٢ ديسمبر ٢٠١٦

اندلع جدل في ألمانيا بشأن سلسة الاختلالات التي طالت عمل السلطات بعد ثلاثة أيام على اعتداء برلين، فيما تبدو الشرطة وكأنها لا تملك أي فكرة عن المكان الذي قد يختبئ فيه المشتبه به. وهذه جملة من الألغاز التي أدهشت المراقبين.

https://p.dw.com/p/2UlL1
Deutschland LKW nach dem Anschlag am Breitscheidplatz in Berlin
صورة من: Reuters/H. Hanschke

كيف يمكن تفسير كون المشتبه به الرئيسي (أنيس العامري) كان معروفا كإسلاموي خطير ومتطرف يهدد الأمن العام ومع ذلك لم يتم توقيفه؟ لقد سبق وأن وُضع المعني تحت المراقبة بعدما تم الاشتباه بأنه كان يعد لعملية سطو من أجل شراء أسلحة أوتوماتيكية وتنفيذ اعتداء. فيما كشفت تقارير إعلامية أن السلطات كانت على علم بأن العامري أعلن استعداده داخل الوسط الإسلاموي في ألمانيا للقيام بعملية انتحارية.

اختلالات بالجملة..

تم وضع العامري تحت المراقبة الأمنية خلال الجزء الأكبر من 2016، إلا أنه تم التخلي عن التحقيق في غياب أدلة دامغة. قرار تبين فيما بعد أنه خطأ قاتل. ثم كيف يمكن تفسير عثور الشرطة على أوراق هوية المشتبه به وتركيزها مع ذلك طوال يوم الثلاثاء على مشتبه به باكستاني، تمت تبرئته والإفراج عنه في نهاية المطاف؟

وبهذا الشأن رأى رفائيل بير أستاذ علم الإجرام في أكاديمية الشرطة بمدينة هامبورغ في حوار مع DW إن "هناك فاعلين (أمنيين) كثيرين ولا يعرف فيه طرف ما يفعله الطرف الآخر، وبالتالي هذا لا يعتبر في نظري فشلا للدولة وإنما هو مؤشر على تعقيدات بيروقراطية. فشبكات العمل تشتغل بشكل جيد ولكننا لسنا في نظام شمولي، وبالتالي فالوضع الحالي هو الثمن الذي ندفعه من أجل الحرية".

Deutschland Professor Dr. Behr
رافائيل بير أستاذ علم الإجرام بأكاديمية الشرطة في هامبورغصورة من: Polizei Hamburg

خلل في التعاون الاستخباراتي الدولي؟

كان أنيس العامري محتجزا في سجن إيطالي لمدة أربعة أعوام، قبل أن يُطلَق سراحه لتعذر ترحيله إلى بلاده. من جهتها، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن العامري كان معروفا من قبل السلطات الأمريكية بسبب اتصاله لمرة واحدة على الأقل مع تنظيم "الدولة الإسلامية" وقيامه بعمليات بحث على الإنترنت من أجل صنع متفجرات. وهذا ما يطرح أكثر من تساؤل حول مدى نجاعة التعاون بين أجهزة الاستخبارات الدولية في مكافحة الإرهاب.

ويوضح بير بهذا الصدد: "نحن نعلم أنه ليس هناك تنسيق كافٍ بين الأنظمة المعلوماتية في أوروبا، ربما بسبب القوانين الخاصة بكل بلد، لكنه ليس بإمكاني تفسير لماذا لم تحصل السلطات الألمانية على معلومات بشأن ماضي العامري في إيطاليا".

مسؤولية فشل إجراءات الإبعاد؟

رغم أن طلب اللجوء الذي تقدم به المشتبه به رُفض، إلا أن السلطات الألمانية لم تتمكن من إبعاده إلى تونس. وقد عبرت العديد من وسائل الإعلام الألمانية عن دهشتها في الفشل في إبعاد العامري رغم خطورته. وكتبت مجلة "دير شبيغل" على موقعها الإلكتروني إن "السلطات كانت تراقبه ونجح مع ذلك في الاختفاء".

فيما اعتبر معلقون آخرون أن سبب الفشل يعود لبيروقراطية النظام الفيدرالي الألماني، وكذلك ترسانة القوانين التي لا تتناسب وتحديات محاربة الإرهاب. وهناك معضلة قانونية تتعلق باستحالة ترحيل شخص رُفض طلب لجوئه، إذا كان لا يملك أوراق هوية، فتضطر الشرطة بالتالي لإطلاق سراحه طبقا للقانون وتدخل السلطات في مفاوضات معقدة مع الدولة المعنية التي يفترضون أن اللاجئ يحمل جنسيتها. كما أن هذه الدول لا تتعاون دائما وتطلب أدلة دامغة قبل القبول باسترجاع مواطنيها.

ويرى رفائيل بير أن "إخفاء الهوية أسلوب معروف، هدفه تفادي أنظار السلطات. وهناك جدل سياسي في ألمانيا منذ عام 2015 حول دخول أعداد كبيرة من الأشخاص المجهولي الهوية بعيدا عن مراقبة الدولة. أعتقد أن فلسفة مراقبة الهويات من قبل السلطات الأمنية باتت حاليا فوق صفيح ساخن".

لغز العثور أوراق الهوية؟

من المثير للانتباه أن المشتبه به ترك أو نسي الأوراق التي تثبت هويته في الشاحنة التي استعملت في الاعتداء، وهي خطوة تبدو غريبة للوهلة الأولى، بل قد تحوم حولها شكوك من حيث صدقيتها، فما مصلحة الجاني في ترك أوراق هويته؟ أليس من شأن ذلك مساعدة الشرطة في القبض عليه بسرعة؟

حينما نتأمل الأمر مرة ثانية، تختفي عوامل الدهشة والاستغراب، فليس من النادر لدى الإرهابيين الإسلامويين فعل ذلك، فقد تكرر الأمر في عمليات إرهابية كثيرة. وهناك عدد من خبراء الإرهاب الذين يعتقدون أن الإرهابيين يملكون نرجسية متضخمة وأنهم مصابون أحيانا بجنون العظمة، وبالتالي فترك أوراق الهوية في موقع الاعتداء ليس شيئا غريبا. وفي ذلك أيضا رسالة لأتباع التنظيم الإرهابي الذي ينتمون إليه.

وحدث نفس الشيء في هجوم نيس بفرنسا حيث عُثر على أوراق هوية التونسي محمد الحويج في الشاحنة التي استعملت في الاعتداء. وتكرر الأمر نفسه في الاعتداءات التي استهدفت مقر صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية. غير أن كل الاحتمالات تبقى مفتوحة بما فيها إمكانية أن يكون هدف تلك الأوراق هو التمويه وتعطيل عمل المحققين.

انتقادات بالجملة..

توالت الانتقادات للسلطات الأمنية ولسياسة المستشارة ميركل. وقال أرمين لاشيت القيادي في الحزب الديمقراطي المسيحي الذي تقوده المستشارة بشأن الثغرات التي منعت توقيف العامري: "ليست هذه هي الطريقة لضمان أمن ألمانيا"، واستطرد قائلا: "المعلومات التي لدينا عن الطريقة التي عملت بها السلطات تشكل صدمة".

من جهته قال ستيفان ماير المسؤول أيضا في حزب ميركل إن قضية العامري تؤكد الثغرات في النظام القائم "كما لو أننا ننظر إليه بمكبر".

ومما أثار استغراب المراقبين أيضا أن يكون لوتس باخمان أحد مؤسسي حركة بيغيدا المعادية للإسلام قد نشر عبر تغريدة على تويتر بعد ساعتين من حادث الاعتداء، كشف فيه أن الفاعل تونسي الجنسية حتى قبل أن يعلم الرأي العام بذلك، في وقت كانت فيه كل الأنظار منصبّة على الباكستاني الذي أطلق سراحه فيما بعد. وهذا ما دفع بعدد من المعلقين إلى فرضية اختراق محتمل لجهاز الشرطة الألمانية من قبل اليمين المتطرف. غير أن المستقبل وحده هو القادر على تأكيد أو دحض هذه الفرضية.

 

حسن زنيند / وكالات / DW

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد