1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أطفال الجزائر الذي شهدوا "مذبحة بن طلحة" أصبحوا شبانا مهمشين

آمال قوراية - الجزائر١٥ ديسمبر ٢٠١٢

مضى عقد ونيف على حادثة مذبحة حي بن طلحة شرق الجزائر، لكن أحزانه لم تنته بالنسبة لسكان الحي، وخصوصا شبانه الذين عاشوا لحظات المذبحة الرهيبة في زمن العشرية السوداء، وكانوا إبانها أطفالا. موقع DW يرصد ملامح الحياة في الحي.

https://p.dw.com/p/16txy
صورة من: DW

اليتم والبطالة والشعور بالإهمال، معاناة تعكر الحياة اليومية للشباب في حي بن طلحة، التابع ادارايا لبلدية براقي شرقي العاصمة الجزائر، هذه الحالة تنذر بـ"انفجار وشيك لبركان من الغضب" كما يقول شبان من الحي في حوارات مع DW. أطفال الحي الذين شهدوا إبان العشرية السوداء في الجزائر مأساة مروعة ذهب ضحيتها المئات من أهاليهم، أصبحوا اليوم شبانا ويواجهون مظاهر تهميش إجتماعي ويفتقدون "مقومات الحياة الكريمة"كما يروون وتبدو كذلك على ملامح بلدتهم الحزينة.

يتميز حي بن طلحة الذي يبعد عن العاصمة الجزائر بـ 20 كيلومتر، بأنه مجمع سكني ذو طابع هندسي غير منتظم، تنتشر فيه البناءات القديمة والحديثة، اضافة الى وجود بيوت هشة من القصدير، هي مخلفات العشرية السوداء التي لم يكتب لها ان تنتهي بعد، كما وصف ذلك محمد حكيم وهوأحد شبان المنطقة الذي أصبح يتيما بعد مقتل والديه في مجزرة بن طلحة عام 1997.

Leiden der Jungend im algerischen Dorf Ben Talha. Copyrigt: Amel Gouraya, DW arabisch Korrespondentin in Algerien.  Suffering of young Ben Talha Photo title:Young man who works in the sale on the sidewalk  in ben talha     Copyright:  Amel, Gouraya. DW Correspondente in Algeria. Place and date: 30.11.2012  Ben Talha, Algeria
شبان الحي يبتاعون منتوجات بسيطة لتغطية نفقاتهم اليوميةصورة من: DW

أطفال المجرزة، شباب ضائع

كونه من ضحايا هذه المجزرة، يسرد محمد بعضا مما علق في ذاكرته عن المجزرة التي وقعت في المجمع السكني المسمى بن جيلالي في قلب حي بن طلحة، إذ يقول: " كنت الإبن الثالث لوالدي، كنا نعيش في المجمع السكني بن جيلالي، والدي كان يعمل تاجرا، بدأ التجارة حسب ما يروي لي الجيران منذ ولادتي، دخلت المدرسة الابتدائية "الأمير عبد القادر" الوحيدة في الحي أنذاك، وفي احدى الليالي من عام1997، طرق الباب مجموعة من المسلحين، وكنا محاصرين، واقتحمو المنزل واخذو يطلقون النار".

يتنهد محمد ويضيف"كل ما اتذكره أنني لجأت الى غرفة صغيرة من بيتنا ولم استطع أن ابكي، بل اغمضت عيني و اذني كي لا أسمع صوت الرصاص، و بعد ساعات، وجدت البيت مليئا بالدماء، و لم اعرف ان والدي واخواتي الأربعة قد قتلوا جميعا، وبقيت الوحيد الناجي من تلك المجرزة التي عرفت فيما بعد أنها شملت الحي بكامله".

ويعتقد محمد أن تلك الصورة لا يمكن أن تغيب عن خياله، فقد تركت أثرا نفسيا لا يمكن أن ينسى، حيث تربى في دار للأيتام في بلدية بئرخادم، ليعود فيما بعد إلى منزل العائلة في حي بن طلحة، بعد إعادة بناءه بمساعدة من بعض الجيران العائدين الى بيوتهم المهجورة، بعد حوالي ثلاث سنوات.

Leiden der Jungend im algerischen Dorf Ben Talha. Copyrigt: Amel Gouraya, DW arabisch Korrespondentin in Algerien. Suffering of young Ben Talha Photo title: Youth work in the sale of vegetables in ben talha     Copyright:  Amel, Gouraya. DW Correspondente in Algeria. Place and date: 30.11.2012  Ben Talha, Algeria
أحد شبان الحي يبيع خضرا في حي بن طلحةصورة من: DW

مركز سيكولوجي للأمراض النفسية

العوز والحرمان ليس فقط الأثر الوحيد الذي خلفته فترة العشرية السوداء، كذلك الآثار النفسية لا تزال محفورة في دواخل هؤلاء الشبان جراء العنف الذي مارسه الارهابيون عليهم وهم أطفال علاوة على حرمانهم من ذويهم، وهو ما يرويه سليم الذي لا يذكر شيئا عن تلك المجزرة لانه كان مقيما عند أحد اقاربه في ولاية البليدة:"وجدت نفسي يتيما، دون أن أعرف وبعد مدة تم توجيهنا الى مركز السيكولوجي الحاج محمد حجاج، ولكن لا أرى أي مستقبل لي بعد أن خرجت من هذا المركز".

وانشأ هذا المركز كمحاولة من السلطات المحلية، لإعادة ادماج الاطفال الأيتام في الحياة الاجتماعية، من خلال توفير أطباء مختصين يشرفون على جلسات علاجية مع الأطفال، بالإضافة الى توفير بعض الدروس الخاصة لأطفال المنطقة.

ولكن التهميش هو المفردة التي طالما ترددت على أفواه الشباب الذين سألناهم عن أحوالهم الإجتماعية. بلقاسم هو عينة من الشبان الذين يعانون من التهميش، وعدم ادماجهم في عالم الشغل، كما يوضح ابن الحي، حيث يقول:"لقد كنت طفلا يتيما، قتل والدي في مجزرة بن طلحة، وتربيت وسط ظروف صعبة، والآن أنا شاب اتساءل: أي مستقبل لي دون عمل، وبدون أي عائد مالي أستطيع أن أواجه به الحياة المعيشية اليومية" و]ضيف"لم أتمكن من متابعة الدراسة في سنوات الجمر والآن أنا شاب ضائع تماما"، لم يكتب لبلقاسم الشاب أن يكوّن أسرة لحد الآن وقد بلغ سن الثانية والثلاثين، بالإضافة إلى الظروف الاجتماعية الصعبة اليومية، التي يتجرعها اليوم.

Leiden der Jungend im algerischen Dorf Ben Talha. Copyrigt: Amel Gouraya, DW arabisch Korrespondentin in Algerien. Main title: Suffering of young Ben Talha. Photo title: a new buildings  in ben talha. Copyright:  Amel, Gouraya. DW Correspondente in Algeria. Place and date: 20.11.2012  Ben Talha, Algeria
بنايات حديثة شيدت في الحي لكن معاناة شبانه لم تنتهصورة من: DW

والزائر للمكان يلاحظ أن شبان الحي، ينتشرون في زاوياه وساحاته المنتشرة بين المجمعات السكنية، وان أعمال البعض منهم عبارة عن بيع للخضروات، أو بيع الهواتف النقالة المستعلمة في الأرصفة القريبة من محطة نقل الحافلات، وهي المكان الذي يستقطب عددا لابأس به من المارة، مما يشكل فرصة للبيع، هذا النوع من السلعة.

الاصلاحات "محاولة للترقيع فقط"

بالمقابل يشهد المكان تطورا عمرانيا، ولكن بشكل بطئ، ويرى زائر الحي أن العمارات بدأت تغزو المكان، حيث شرع في بنائها إثر عملية احصاء قامت بها بلدية براقي عام 2008، للسكان المعوزين قصد الحصول على سكنات لائقة. ومن بين العائلات التي تلقت وعودا من أجل الترحيل هي السيدة بن عمار لطيفة، تقطن في منطقة بودومي وهي معروفة في حي بن طلحة، وهي عبارة عن بيوت من القصدير.

تقول لطيفة أنها تقدمت بشكوى إلى السلطات المحلية التابعة لبلدية براقي، وخصوصا انها من ضحايا المجزرة، حيث فقدت زوجها وابناءها الأربعة، وبقيت هي وابنتها جميلة على قيد الحياة، بقدرة قادر على حد وصفها، وتتابع بالقول: "ردت البلدية بالاخطار، يحدد آجال نقلنا إلى حي 700 مسكن ولكن المستفيدين هم عائلات خارج حي بن طلحة، لماذا يتم منح أناس من مناطق بعيدة مثل بلوزداد وباب الواد، والحراش سكنا. في حين نحن أبناء بن طلحة نُقصى من القائمة تماما؟".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد