1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ألمانيا.. هكذا أصبحت حياة سياسي في خطر بسبب دعمه للاجئين!

١٤ مايو ٢٠٢١

خطابات الكراهية والتهديدات بالقتل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة السياسي الألماني هيلغه ليند بسبب مواقفه الداعمة للاجئين والمناهضة للعنصرية. ورغم التخوف من اغتياله مثل السياسي فالتر لوبكه، يؤكد ليند أنه لن يستسلم.

https://p.dw.com/p/3tIxQ
السياسي الألماني هيلغه ليند
أصبحت خطابات الكراهية والتهديدات بالقتل جزءاً من الحياة اليومية للسياسي الألماني هيلغه ليندصورة من: Oliver Pieper/DW

الرجل الذي تعهد بعدم الاستسلام أمام الكراهية التي يواجهها على الإنترنت لم يعد يتذكر بالضبط متى تلقى أول تهديد بالقتل. هل كان ذلك في أيلول/سبتمبر عام 2018؟ أم في تشرين الأول/أكتوبر من العام نفسه؟

في ذلك الوقت، أخرج هيلغه ليند رسالة من صندوق بريده. كانت رسالة تهديد مطولة، تمت كتابتها بخط اليد بعناية واستكمالها بقصاصات الصحف بدقة. كانت تلك المرة الأولى التي يتعرض فيها ليند، السياسي في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، لتهديد بالقتل بشكل لا لبس فيه، فقد جاء في الرسالة: "استمر بفعل هذا، وسوف أقتلك!"

التهديد الثاني بالقتل جاء بعد بضعة أشهر، وتحديداً في شباط/فبراير عام 2019. كان ذلك في الساعة الثالثة فجراً، وكان تهديداً عبر الإنترنت وليس بالبريد. وحتى اليوم لا يستطيع ليند أن ينساه، والسبب أن التهديد جاء بعد وقت قصير من حديثه مع ناشط ألماني ذي بشرة سوداء، عن العنصرية في مقابلة تلفزيونية.

بعد بضع ساعات، تلقى ليند رسالة تفيد بأنه قد تم تخصيص مكافأة لقتله وأنه قد تم "الحكم عليه" بالإعدام. يقول ليند: "هذه العدوانية والدقة فيما يتعلق بالمقابلة (التلفزيونية) كانت أعنف من الخطاب نفسه، لأن التهديدات بالقتل كانت (قبل ذلك) في كل مكان على الإنترنت"، ويضيف: "بدا ذلك وكأنه منظم بشكل احترافي للغاية من قبل شبكة يمينية وهذا ما يجعله (تهديداً) نوعياً".


شخصية مكروهة من قبل اليمين المتطرف
وتنطبق على هيلغه ليند (44 عاماً)، والذي يشغل مقعداً في البرلمان الألماني منذ عام 2017، جميع الصفات التي تجعله هدفاً مثالياً لليمين المتطرف، فهو داعم لسياسة لجوء إنسانية، ويندد مراراً وتكراراً وبشكل علني بالعنصرية ومعاداة السامية ويكرس نفسه بشكل فعال للتعايش السلمي مع المسلمين.
ولا يتعين على المرء بذل جهود كبيرة لمعرفة عنوان بريده الإلكتروني. فهو متوفر على الإنترنت وكذلك عنوان مكتبه الحزبي في فوبرتال، والذي كان أيضاً هدفاً لهجمات تم فيها كسر زجاج المكتب بحجارة الرصيف. لكن من سخرية القدر أن خطاب اعتراف كشف أن من قام بذلك كان من المشهد اليساري المستقل، الذي يدين سياسة الهجرة التي تنتهجها الحكومة الاتحادية باعتبارها في نظره عنصرية.
وقد تجاوز عدد تهديدات القتل البغيضة والمروعة التي تلقاها ليند مئة تهديد، وكان فيها حديث حتى عن الذبح وتشويه الأعضاء وبأنه سيكون فالتر لوبكه القادم. يتحدث ليند عن هذا بشكل عفوي وسط مدينة فوبرتال وكأنه يتحدث عن الطقس. فكيف يمكن له أن يتحمل هذا؟ يقول ليند: "لطالما كانت لدي قوة تحمل جيدة. وفي هذه الأثناء، أصبحت أكثر صلابة واعتدت على التعامل مع مخاوفي". ويضيف: "ولكن بالطبع ستصبح أكثر توتراً وقلقاً، وكذلك أكثر صرامة. تشعر بالتهديد في كل مكان".

فضح خطابات الكراهية
أصبحت الكراهية التي يتعرض لها ليند على الإنترنت جزءاً لا يتجزأ من حياته. ورغم أنه يحذف بعض الرسائل النصية، إلا أنه يرسل الرسائل التي تتضمن إهانات إلى منظمة "Hate Aid" غير الحكومية، والتي تعمل كمركز استشاري لضحايا العنف الرقمي، وتلاحق الجناة بموجب القانونين الجنائي والمدني. أما خطابات التهديد بالقتل فتصل إلى هيئة حماية الدستور، التي يتواصل معها ليند بشكل دائم.

خطابات الكراهية على الإنترنت منتشرة بكثرة هذه الأيام، وهناك ثلاث طرق على الأرجح للتعامل معها. كثير من الناس الذي يتلقون هذا النوع من الخطابات يتراجعون لكي يحموا أنفسهم، وآخرون يصبحون أكثر حذراً في تصريحاتهم لكي لا "يثيروا" اليمينيين المتطرفين على تنفيذ المزيد من الهجمات. لكن هناك أشخاص مثل ليند يقولون إنهم لا يريدون أن يتعرضوا للتهرب، ولذلك فهم يختارون المواجهة لأن الطريقة الوحيدة لتغيير شيء ما، في رأيهم، هي الوقوف في وجه الكراهية.

ولذلك يتفاعل ليند مع العديد من التهديدات وفقاً للشعار القائل: "الهجوم أفضل وسيلة للدفاع"، وذلك بنشر خطابات الكراهية التي يتلقاها وإدانتها بشكل علني، وهذا ما يدفع خصومه من الوسط اليميني إلى الاستشاطة غضباً. وحول ما يدفعه إلى ذلك يقول: "لا أريد أن أكون ضحية، بل أخرج من هذا الدور (الضحية)، ولا أقدم أي تنازلات للكراهية والخوف". وعلى العكس من ذلك، فقد جعل ليند لنفسه الآن طموحاً "رياضياً" لمواجهة من يهددونه، ويقول: "لن أسمح لأولئك الذين يريدون إذلالي أو إهانتي أو تخويفي بأن ينتصروا، ولن أسمح لهم بالفوز. يتكهن كثيرون (منهم) بأن مثل هذه التهديدات ستبقى سرية".

السياسي الألماني هيلغه ليند
يؤكد ليند أنه لن يستسلم أمام التهديداتصورة من: Christophe Gateau/dpa/picture alliance

حزب البديل "أرضية خصبة للكراهية"
يعلن ليند مواقفه بشكل صريح تحت قبة البرلمان أيضاً، إذ يحمل حزب "البديل من أجل ألمانيا" مسؤولية الكراهية التي تلحقه على الإنترنت، من خلال وصف الحزب اليميني الشعبوي بأنه "يضع إصبعه سياسياً على الزناد". ولذلك، عندما يمشي ليند إلى منصة الحديث في البوندستاغ، فإن برلمانيي حزب البديل يعرفون أن الأمور قد تصبح غير مريحة بالنسبة لهم.

فعندما أراد حزب البديل إعلان عام 2021 "عاماً للغة الألمانية" في كانون الثاني/يناير، انتقده ليند بشدة بكلمة منظمة. وفي نيسان/أبريل، عندما طالب حزب البديل بـ"خطة عمل وطنية للهوية الثقافية"، رد ليند بنسخة جديدة من كتاب "فاوست" لغوته.

دعم كبير من ضحايا العنصرية
لكن كان على ليند أن يدفع ثمناً باهظاً لحربه ضد الكراهية، فقد تأثرت حياته الخاصة وانهارت صداقات كثيرة. لكنه في المقابل تلقى دعماً كبيراً لم يكن يتوقعه حقاً. وانهالت عليه عبارات تضامن كبيرة أمام مكتب حزبه، ما أدى بدوره إلى مزيد من التهديدات بالقتل.

يقول ليند: "كان من المؤثر رؤية عدد ضحايا العنصرية الذين كتبوا لي، وقالوا إنهم يدعموني، وإنهم سيحمونني عندما أحتاج إلى المساعدة. وجدت أن هذا أمر رائع"، ويضيف: "رغم أنني لست بأي شكل من الأشكال ضحية للعنصرية على الإطلاق، ولكن (ضحية) لأشخاص هم بأنفسهم عنصريون".

واحتفل ليند مؤخراً بانتصار صغير آخر. فتغريدته، التي نشر فيها مقتطفات من رسالة تهدده بالذبح، عادت إلى صفحته مرة أخرى. وكانت شركة تويتر قد حذفت الرسالة - لأن المحتوى كان يمينياً متطرفاً وقاسياً للغاية. ولأن الخوارزمية لم تفهم أن المرسل إليه ينشر هذه الخطابات التي يتلقاها بشكل علني.

أوليفر بيبر/م.ع.ح

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات