1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

اعتقالات على خلفية مخاوف من انقلاب بعثي

٤ نوفمبر ٢٠١١

فيما يجبر الربيع العربي القوى القومية على الانسحاب إلى الظل في اغلب البلدان تشن حكومة العراق حملة على البعثيين في إعلان عن مؤامرة ستعقب الانسحاب الأمريكي والمناطق السنية ترد مطالبة تشكيل أقاليم ، والعنف يعود ليسود المشهد

https://p.dw.com/p/1357z
صورة من: AP

قبل أيام أعلن رئيس الوزراء نوري المالكي عن اعتقال عناصر حزب البعث بلغ عددهم 615 عنصرا أغلبهم من محافظات الوسط والجنوب، المالكي اعتبر أن المعتقلين متورطون في التخطيط لانقلاب البعث بعد انسحاب القوات الأمريكية ، مشيرا إلى أن "البعث متورط في إعادة التنظيم ومحاولة نسف العملية السياسية وبعض الدول داعمة للبعث ومحاولات الانقلاب".

ردود الفعل جاءت سريعة من محافظة صلاح الدين التي اعتبرت الاعتقالات موجهة لعدد كبير من ساكنيها، وبالتالي فقد طالبت بحقها بأن تكون إقليما يتمتع بالحكم الذاتي. وفي الانبار نزل آلاف المتظاهرين إلى الشارع منددين بالاعتقالات.

أوساط مشاركة في الحكومة والعملية السياسية اعتبرت الاعتقالات إجراء تعسفيا مبنيا على الظن ولا يستند إلى وقائع كافية .

المطلعون على المشهد العراقي يرون في كل هذه الوقائع وتداعياتها مقدمات مواجهة قادمة بين حكومة العراق بعد عام 2003 وبين البعث والمرتبطين به ، هذه المواجهة يتوقع لها أن تقع بعد الانسحاب الأمريكي نهاية هذا العالم، أي في مطلع العام المقبل، وما هذه الاعتقالات إلا إجراءات وقائية استباقية للمواجهة.

Massengräber in Irak gefunden
ضحايا المقابر الجماعية من المناوئين لحكم البعثصورة من: AP

"السياسة الأمريكية تقوم على صناعة الخوف"

من دمشق تحدث إلى مايكروفون برنامج العراق اليوم من دويتشه فيله الكاتب السياسي د. فاضل الربيعي حيث لفت الانتباه إلى مسألتين مهمتين في هذا السياق الأولى مفادها ان كل الحراك السياسي والحكومي الذي يجري بالانسحاب الأمريكي الوشيك من العراق ومشيرا إلى" أن السياسة الأمريكية تعتمد مبدأ صناعة الخوف، بمعنى أن الأمريكيين يريدون أن يخلقوا معادلة خوف لدى كل الأطراف العراقية ليتمكنوا من تفعيل إستراتيجية ما بعد الانسحاب والتي أرى أنها ستكون على النحو التالي: الأمريكيون يخوّفون المالكي والأحزاب الشيعية وإيران من شبح اسمه البعث والقاعدة وفلول النظام السابق بينما، وفي الوجه الآخر لهذه الإستراتيجية يعمد الأمريكيون إلى صناعة خوف تستهدف البعثيين والقاعدة بالإيحاء لهم بأن الانسحاب الأمريكي سيؤدي إلى تعاظم النفوذ الإيراني واحتلال إيران للعراق عسكريا وسياسيا بشكل شامل، هذه المعادلة هي التي تحكم المشهد العراقي بعد الانسحاب ، بمعنى ان الكل يخافون من الكل .

أما المسألة الثانية كما ذهب د فاضل الربيعي في تحليل وقائع ما يجري في العراق فجاءت في سياق ما تسرب عن قيام السياسي الليبي محمود جبريل بإطلاع الحكومة العراقية خلال زيارته الأخيرة لبغداد على خطة بعثية دعمها القذافي للقيام بانقلاب عسكري ، حيث أشار الربيعي : " أن محمود جبريل هو الحلقة الأضعف في النظام السياسي الجديد في ليبيا ، فهو منذ اللحظات الأولى كان موضع انتقاد ورفض من أطراف ليبية عدة، وفي تقديري أن هناك قوى تريد التخلص منه، ورأينا بالفعل كيف أنه ربط مستقبله السياسي "بما يسمى" بتحرير سرت ، حيث قدم استقالته بمجرد انتهاء العمليات في سرت، وفي تقديري أن محمود جبريل ذهب إلى بغداد لبحث مشكلة الليبيين الخمس والعشرين المعتقلين في العراق بتهم القيام بعمليات إرهابية وليس لكشف تفاصيل مؤامرة بعثية مزعومة".

واستطرد الربيعي بالقول" أن خطة بايدن للانسحاب الأمريكي من العراق ستؤدي لا محالة إلى حرب أهلية طائفية ، وهو ما سيؤدي إلى إنضاج فكرة الأقاليم، وفي تقديري فإن ما قامت به محافظة صلاح الدين يمثل الرجة الأولى من الزلزال القادم". وكشف د الربيعي عن اعتقاده الجازم بأن "عصر القوميات قد انتهى وقد حل اليوم عصر الإسلاميات، كما أن البعث لم يعد له وجود في الساحة العربية ولم يعد يتنفس في الأوساط السياسية".

Irak 1963-General Kassem gestürzt Flash-Galerie
ميلشيا الحرس القومي التابعة لحزب البعث اثناء انقلاب 1963صورة من: Picture-Alliance/dpa

"الانسحاب الأمريكي سوف يحرم البعث والقاعدة من حجتهم"

في الجانب الآخر من المشهد رحبت قوى ومنظمات عراقية عدة بحملة الاعتقالات ، فيما أعربت بعض هذه القوى وهي شيعية في الغالب عن استغرابها لدعوات المحافظات السنية إلى تشكيل الأقاليم، لاسيما وأن هذه المحافظات بالذات كانت ترفض بشدة هذا المبدأ وتنعت من يدعون إلى تطبيقه بالخيانة والعمالة والشعوبية والسعي إلى تقسيم العراق. في طليعة المرحبين بالاعتقالات كانت الحركة الشعبية لاجتثاث البعث التي دعت بشكل مستمر إلى إخراج البعثيين من الحركة السياسية و اجتثاثهم من المناصب المهمة.

وفي هذا السياق تحدث الأمين العام للحركة رياض البغدادي إلى مايكروفون برنامج العراق اليوم مشيرا إلى " أن الانسحاب الأمريكي سوف يرفع الغطاء والحجة عن قوى الشر التي تدعم الإرهاب القاعدي والإرهاب البعثي، فهذا الانسحاب سيعري هذه القوى، فلا بد للمحافظات الغربية( السنية) أن تجد سببا آخر يبرر دعمها للبعثيين وللقاعدة ، وأنا هنا أشيد بإجراءات الحكومة وأثمّنها، لأنها بمثابة ضربة استباقية لمرحلة ما بعد الوجود الأميركي، والحقيقة أن الجميع كانوا يدعون إلى تخليص العراق من هذا الوجود ".

وفي سياق رده على ما تسرب بشان معلومات وردت من ليبيا وكشفت عن مؤامرة بعثية دعمها القذافين أعتبر البغدادي" أن هذا تسفيه واستخفاف بقدرات أجهزة الأمن العراقية ، وأنا لا اتفق مع من يقول إن مصدر المعلومات هو ليبيا، ولدي معلومات تشير إلى أن أجهزة الأمن تعمل منذ ستة أشهر وهي التي كشفت عن خطط وأوكار البعثيين في عموم العراق ، من هنا أطلقت الحكومة حملة استباقية قبل الانسحاب الأمريكي استهدفت التنظيم وأوكاره بروح مهنية بعيدة عن التسييس، بل بالعكس ، فإن العملية السياسية في أجزاء منها كانت مع وجود البعثيين ومع إشراكهم في السلطة، ولعل هذا هو واحد من أسباب قيام الحركة الشعبية لاجتثاث البعث لأننا نجسد الموقف الشعبي المخالف لمهادنة البعثيين".

وأيد البغدادي ان الفدرالية و تشكيل الأقاليم هي حقوق دستورية مشروعة، لكن توقيت إعلان محافظة صلاح الدين ولغة هذا الإعلان تضع تساؤلات حول الطرح ، خصوصا وان أحد أعضاء مجلس محافظة تكريت يقول "أن أهل تكريت كلهم بعثيون" ، وفي تقديري فإن تكريت أسمى من أن تقع تحت هذا الوصف.

Dr. Riyadh Alamir
الإعلامي د.رياض الأمير رئيس تحرير صحيفة الجديدة الالكترونيةصورة من: DW

"حلفاء الأسد يجبرونه على التخلي عن البعث العراقي"

يدور اليوم في كواليس السياسة حديث عن صفقة بين الحكومة السورية وبين الحكومة العراقية لطرد البعثيين العراقيين من سوريا مقابل دعم الحكومة العراقية لحكومة الأسد. التسريبات التي تحدثت عن هذه الصفقة تعتبر ان الموقف الإيراني هو القاسم المشترك بين الحكومة العراقية وحكومة البعث السوري ، وبالتالي فإن ما يجمع الأنظمة الثلاث هو الاتفاق الطائفي. لكن هناك اعتراضات عديدة في هذا السياق ترفض نسبة العلويين ( الذين ينتسب إليهم بشار الأسد) إلى الطائفة الشيعية.

الإعلامي د.رياض الأمير رئيس تحرير صحيفة الجديدة الالكترونية الذي دخل حوار العراق اليوم من فينا اعتبر أن " ما يجمع البعث السوري والبعث العراقي هي الأماني بالاحتفاظ بالسلطة أو استعادتها، وإن المبادرة العربية لحل الأزمة في سوريا هي ضربة قاصمة للنظام السوري ، رغم أن المواقف الأوروبية بعد المبادرة العربية تشكك في التزام الأسد ببنود المبادرة وتدعو إلى تنحيه عن السلطة. أما بخصوص الاتفاق السوري العراقي على تسليم البعثيين العراقيين إلى بلدهم، فهذه المعلومة لم تعد سرية ن لأن وجود البعثيين العراقيين بكل تنظيماتهم في سوريا صار يشكل عبئا كبيرا على النظام الحاكم في هذا البلد كما أن ظروف السلطة في سوريا في ظل ضغط الداخل والضغط العربي والدولي تجبرها على وقف دعم البعثيين العراقيين، وعلينا أن لا ننسى أن الحليف الوحيد الباقي لنظام الأسد هو إيران والأحزاب الشيعية في العراق وحزب الله في لبنان، وهذه الأطراف مشتركة في عدائها لتنظيم البعث العراقي وهو أمر سيجبر الأسد على التخلي عنهم" .

وفي سياق الحديث عن انقلاب بعثي محتمل، أجمع عدد كبير من المتصلين بالبرنامج من مدن عراقية عدة على أن احتمال قيام انقلاب عسكري أصبح غير وارد اليوم بسبب ضعف مركزية الإدارة وعدم اتفاق مكونات الجيش والشرطة على منحى إيديولوجي معين. د رياض الأمير من جانبه ، اتفق مع من قالوا أن المقومات التقنية التقليدية للقيام بانقلاب عسكري غير موجودة ، لكنه أكد أن مفهوم الانقلاب الذي يهدد المشهد السياسي في العراق اليوم هو إعاقة وإفشال العملية السياسية برمتها ووضع الشارع العراقي في حال مقارنة غياب الأمن الحالي مع الأمان الذي حققه النظام السابق للمواطن ، ما يبرر المطالبة بعودة البعث ".

Dr. Fadel Al-Rubaie
الكاتب السياسي د. فاضل الربيعيصورة من: Dr. Fadel Al-Rubaie

"ثقافة البعث فوبيا"

صلاح في اتصال من بغداد أعلن مخالفته لما ذهب إليه د الربيعي ، حيث " أن البعثيين وعناصر القاعدة ومن يدعمهم في أوساط الحكومة والبرلمان قد يأسوا من الحصول على منصب رئيس الوزراء ، وفي تقديري فإن كل ما يجري تحركه أسباب طائفية ، فالجميع قد اقتنعوا اليوم أن رئاسة الوزراء أصبحت للشيعة، ورئاسة الجمهورية للأكراد، ورئاسة مجلس النواب من حصة السنة ، من هنا بدأت أصوات السنة تدعو الى حكومات الأقاليم".

عبد الرحمن في اتصال من اربيل أشار إلى "أن الولايات المتحدة تمتلك قواعد عسكرية في اغلب دول العالم ولا تخفى عليها أي معلومات عن مؤامرة بعثية أو غيرها، وهي بالتالي ليست في حاجة إلى محمود جبريل أو غيره ليكشف لها عن مثل هذه المؤامرة المزعومة، كما أن تنظيم القاعدة وقف دائما على طرف مضاد من حزب البعث، ولا يمكن الخلط بينهما ،وإن هذا كله يدخل في ثقافة البعث فوبيا التي تروجها أمريكا، وفي نظري أن البعث إذا صمد في سوريا ولم يهزه الضغط الدولي، فإن البعث في العراق سوف يستعيد السلطة عاجلا أو آجلا ".

ملهم الملائكة

مراجعة: حسن ع. حسين