1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الإعلام التونسي يخاف على نفسه من "النهضة"

١ فبراير ٢٠١٢

لا يترك حزب النهضة الإسلامي، الذي يقود الائتلاف الحاكم بتونس، مناسبة إلا وأكد فيها تمسكه بحرية التعبير. إلا أن بعض الأحداث التي شهدتها البلاد مؤخرا دفعت بالعديد من الصحافيين إلى إبداء مخاوفهم على حرية الإعلام.

https://p.dw.com/p/13tuq
صورة من: Khaled Ben Belgacem

زياد كريشان الإعلامي التونسي مدير تحرير جريدة المغرب ذات التوجهات اليسارية، تعرض للاعتداء من قبل أحد السلفيين رفقة المفكر حمادي الرديسي والمحامية سعيدة قراش أمام المحكمة الابتدائية بالعاصمة تونس. وجاء الاعتداء بعد نشر جريدة المغرب تحقيقا حول إمارة إسلامية في مدينة سجنان التونسية. مقال أثار غضب السلفيين في تونس و دفعهم إلى الاعتداء على زياد كريشان ومرافقه. وردا على سؤال من مراسلة دويتشه فيله بتونس حول حرية التعبير في البلاد وفيما إذا كانت في خطر الآن يرد كريشان: "لا يمكن أن نقول إن حرية التعبير في خطر ولكنها حقيقة مستهدفة من قبل بعض القوى؛ والخطر هنا يكمن في أن حياة بعض الإعلاميين مهددة في حرمتهم الجسدية والمعنوية. لقد تلقينا العديد من التهديدات بالقتل و الإعدام و الحرق... ".

و يرى كريشان أن الخطر الآن على حرية التعبير نابع من المد السلفي الذي يهدد كل رأي مخالف، في حين لا تحرك الحكومة أمامه ساكنا. من هنا يحمل كريشان، مدير تحرير جريدة المغرب، وزير الداخلية التونسي مسؤولية العنف الذي تعرض له بسبب عدم إعطاء الأوامر بتامين قصر العدالة يوم محاكمة قناة نسمة التلفزيونية الخاصة حيث تعرض كريشان للاعتداء. وهو يرى في ذلك تواطئا مع السلفيين الذي يهددون استقلالية الإعلام ويهاجمون أصحاب الرأي المخالف لتوجهاتهم الدينية.

حرية التعبير على رأس قائمة مطالب مسيرة الحريات

NO FLASH Tunesien Demonstration Pressefreiheit Arbeitslosigkeit
حرية الصحافة كانت أحد أهم الأسباب التي دفعت بالتونسيين للخروج في مظاهرات ضد النظام السابقصورة من: picture alliance/dpa

في وسط العاصمة تونس، وفي مسيرة ضمت الآلاف من التونسيين للدفاع عن الحريات وجدنا نقيبة الصحافيين نجيبة حمروني محاطة بعدد كبير من الإعلاميين الذي جاؤوا للدفاع عن حرية التعبير. وحين سألناها عن الأسباب التي تدفعها للخروج في مسيرة احتجاجية فقالت: "بدأت مصادرة حرية التعبير في تونس بتعيينات فوقية وعشوائية أعادت نفس رموز الفساد في أيام بن علي على رأس المؤسسات الإعلامية العمومية. ولم تستشر الحكومة أيا من الأطراف المؤطرة لمجال الإعلام في تونس. كما استولت مجموعات سلفية على إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم لمدة أربعة أشهر ولم تحرك الحكومة ساكنا ..هذا ما يجعلنا نخشى على حرية التعبير في تونس". وتضيف نقيبة الصحافيين لدويتشه فيله بالقول: "إلى الآن نحن لم نر أي تحرك أو تفاعل ايجابي مع مطالب الصحافيين لذلك فنحن نستغرب هذا الصمت؟ هل هو تواطؤ؟ هل هو محاولة للسيطرة على الإعلام تؤكدها الحكومة الحالية؟؟ ..."

أسئلة نقيبة الصحافيين رد عليها رئيس الوزراء حمادي الجبالي في وقت سابق حين عبر عن عدم رضاه عن أداء الصحافة المحلية وخصوصا الحكومية منها. وقال إنها لم ترتق إلى تطلعات الشعب ولم تحترم خياراته التي جسدها في الانتخابات. لكن في المقابل يصر الإعلاميون على أن المؤسسات الإعلامية ليست حكومية أو رسمية كما يسميها الجبالي بل هي عمومية وملك للشعب. لذلك تقول سلمى الجلاصي معيزي الصحفية في جريدة "الشعب" وعضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين التونسيين: "أصوات الحرية لن تخفت والصحافيون التونسيون سيقفون صفا واحدا للدفاع عن حرياتهم وعن قداسة مهمتهم في واجب إنارة الرأي العام بحقيقة أوضاع البلاد ضمن إطار من المسؤولية والمهنية. وتشدد على أن الصحافيين هم صناع رأي عام وليسوا تابعين لأي طرف معتبرة أن "المعركة مازالت طويلة فهي في بدايتها لكننا سنواصل الدفاع عن حرياتنا ..."

وتتابع عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحافيين التونسيين سلمى جلاصي :"على الحكومة أن تثبت في الفترة القادمة إرادة صادقة في حسن إدارة الإعلام و خاصة فيما يتعلق بالجانب القانوني وتفعيل آليات التشاور مع الأطراف المعنية من نقابة الصحافيين وهيئة إصلاح الإعلام". أما كمال العبيدي رئيس الهيئة التونسية لإصلاح الإعلام والاتصال، الذي طالب هو الآخر الحكومة التونسية المؤقتة بان تترك الشأن الإعلامي واتخاذ القرارات فيه لأهل المهنة، فيصف خطاب حركة النهضة الإسلامية بخصوص دور المؤسسات الإعلامية العمومية بأنه "خطاب لا يدلّ عن وعي بدور وسائل الإعلام والاتصال في إنجاح عملية الانتقال الديمقراطي..."

المعارضة في صف الصحافيين

NO FLASH Pressefreiheit in Tunesien nach der Revolte
انتعشت الصحف المستقلة وحتى التابعة للأحزاب كثيرا بعد نجاح الثورةصورة من: DW/ Swissi

بدورها لا تنفك العديد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني تعبر عن مساندتها للإعلاميين في مطالبتهم بحرية الإعلام واستقلالية الصحافي وفصله عن الصراعات السياسية ورفض كل أشكال الوصاية. وبعد آن نظم الصحافيون في وقت سابق وقفة احتجاجية أمام مقر الوزارة الأولى مطالبين باستقلالية الإعلام، تهدد نقابة الصحافيين اليوم بتصعيد التحركات والوصول إلى إضراب عام في سلك الإعلام إذا تمادت الحكومة في تهميش الهياكل المختصة في اتخاذ القرارات.

هذا وقد عبرت أحزاب سياسية عديدة عن مساندتها للإعلاميين فقد قال حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، الذي كان يتزعمه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، في بيان صادر عنه إثر التعيينات الأحادية التي اتخذتها الحكومة في سلك المؤسسات العمومية الإعلامية، إن "المؤتمر يعلن عن تباينه الكامل مع قرارات التعيين ويعتبرها مجانبة لروح الثورة القاضية بإحداث ثورة إعلامية تقطع مع وصاية الدولة على حرية التعبير".

ولئن يتهم عدد من أنصار حركة النهضة الفائزة بأكبر عدد من الأصوات في انتخابات المجلس التأسيسي عددا من وسائل الإعلام التابعة للدولة بالتحيز في تغطيتها لصالح الأحزاب العلمانية التي تشكل المعارضة خلال هذه المرحلة من تاريخ تونس، فإن جل الإعلاميين ينفون مثل هذه الاتهامات معتبرين أن الصحافي اليوم أصبح ينعم بحرية واستقلالية وهو لا يحيد عن موضوعيته ومهنيته.

عصام الشابي عضو المجلس التأسيسي عن الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض عبر لموقع دويتشه فيله عن مساندته التامة لمطالب الصحافيين في حرية التعبير وقال: "كان على الحكومة نفسها أن تضمن هي الحريات جميعا خصوصا حرية الإعلام. نحن نطالب الحكومة بمعاقبة كل من اعتدى على الإعلاميين". وشدد السياسي المعارض على ضرورة "أن يتمتع الإعلام بالحرية الكاملة باعتباره سلطة رابعة حقيقية اليوم في تونس بعد الثورة".

مبروكة خذير – تونس

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد