1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الجنجويد.. "قتلة الأمس" في دارفور يظهرون في شوارع الخرطوم

٧ يونيو ٢٠١٩

بعد أن أضحت "نظامية" ظهرت ميليشيا الجنجويد من جديد لكن ليس في دارفور بل في وسط الخرطوم، لتوجه اتهامات إلى عناصرها بارتكاب مجزرة خلال فض اعتصام القيادة العامة. ما أصل هذه الميليشيا وما هي مصادر تمويلها؟

https://p.dw.com/p/3K2ys
Sudan Proteste in Khartum
صورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly

خلال الأيام القليلة الماضية عاد اسم ميليشيا الجنجويد للظهور على سطح الأحداث وتردد بشكل مكثف، بعد ما تداوله نشطاء سوادنيون - بصعوبة بالغة - من مواد مصورة وفيديوهات يدعون أنها أدلة دامغة على ارتكاب الميليشيات المتهمة بارتكاب جرائم بشعة في دارفور بتكرار جرائمها في العاصمة السودانية الخرطوم وارتكاب "مجزرة" فض اعتصام القيادة العامة.

الجنجويد سابقا.. الدعم السريع لاحقاً

تشكلت ميليشيات الجنجويد في دارفور للتصدي للحركات المسلحة وعلى رأسها (الحركة الشعبية لتحرير السودان) التي كانت تحارب الحكومة المركزية السودانية، واتهمت الميليشيات بارتكاب فظائع هائلة تجاه المدنيين في دارفور من قتل واغتصاب ومحو لقرى كاملة بأهلها من الوجود والتسبب في واحدة من أكبر عمليات النزوح الجماعي في القارة السمراء، إلا أن عناصرها لم يقدموا إلى المحاكمات. 

وبحسب "نيويورك تايمز" فإن الميليشيا قد أوقفت نشاطها لفترة لكنها عادت لممارسة نشاطها في دارفور منتصف عام 2014 بعد أن أعادت الحكومة السودانية تشكيلها ومنحتها اسم قوات الدعم السريع وضمتها الى القوات الامنية السودانية. 

حول الخلفية التاريخية لإنشاء "قوات الدعم السريع" أكد الناشط السوداني آدم بحار خلال مقابلة له مع DW عربية أن "أصول تلك الميليشيا كانت القبائل العربية في دارفور وأسسها وقادها في البداية موسى هلال واستهدفت في البداية القبائل ذات الأصول الإفريقية لكن مع الوقت امتد أذاها حتى للقابل العربية نفسها، ومع الوقت تصاعد الخلاف بين هلال والبشير بشأن عمليات جمع سلاح الفصائل المتقاتلة في دارفور إلى أن تم تهميش هلال ليتم بعدها اعتقاله وتصعيد محمد حمدان دقلو (حميدتي) ليتولى قيادة الميليشيا مكانه بعد أن كان يقود جانبأ منها".

Sudan Darfur Musa Hilal
موسى هلال مؤسس ميليشيات الجنجويدصورة من: Getty Images/AFP/A. Shazly

يضيف بحار أن "اسم جنجويد مشتق من كلمتين الأولى جن والثانية جواد أي الجن الذي يركب جواداً بحسب اللهجة العامية لأهل دارفور نظراً لاعتماد تلك الميليشيا في بداية هجماتها على القرى الدارفورية على الخيول والجمال قبل أن تبدأ الدولة في إمدادهم بالمال والسلاح والسيارات لاحقاً بعد أن قنن البشير وضعهم ومنحهم بطاقات بأنهم يتبعون الجيش السوداني". 

"دعم أوروبي" للجنجويد؟

كانت قضية موجات اللجوء الضخمة التي انطلقت من إفريقيا في اتجاه أوروبا مسالة مؤرقة للغاية حاول الاتحاد الأوروبي العمل بشتى الطرق التصدي لها. إحدى هذه الوسائل كانت دعم قوات خفر السواحل وحرس الحدود في عدة دول إفريقية.

ويشير الناشط السوداني آدم بحار في هذا السياق إلى مقال نشرته نيويورك تايمز في 2018 عن اتفاقية تعاون تمت في عام 2014 بين الاتحاد الأوروبي وعدة دول إفريقية يتم بمقتضاه العمل على الحد من تدفق الهجرة من إفريقيا إلى أوروبا، كان أحدهما الاتفاق مع السودان فيما عرف باسم عملية الخرطوم.

ويقول بحار إن "المشكلة تكمن في أن الدعم الأوروبي الذي تم توجيهه لحكومة السودان وصل إلى قوات الجنجويد التي غير البشير اسمها إلى قوات حرس الحدود لتمتد جرائمهم بحق المدنيين في دارفور إلى جرائم مماثلة بحق اللاجئين والمهاجرين الذين كانوا يريديون عبور السودان إلى ليبيا ومنها إلى أوروبا، وهو ما نجحت فيه تلك القوات، لكن الثمن كان فادحاً للغاية وهو ما يبدو أن الاتحاد الأوروبي لم يكترث له كثيراً وأن ما اهتم به فقط وقف الهجرة".

ما تحدث عنه الناشط السوداني أشارت إليه أكثر من منظمة حقوقية دولية والتي ألقت باللائمة على الاتحاد في دعم جهة متهمة رسمياً وفق تقارير الأمم المتحدة بارتكاب جرائم حرب.

لكن بحار يوضح أن الاتحاد لم يتعامل مباشرة مع الجنجويد أو قوات الدعم السريع وإنما تعاون رسمياً مع الحكومة السودانية والتي بدورها أمدت تلك الميليشيات بالمال والسلاح وقننت وضعها، وهو أيضاً ما أكد عليه سفير الاتِّحاد الأوروبي في الخرطوم وقتها والذي قال إن "الأموال وجهت للحكومة السودانية لدعم حماية الحدود" ما يعني ربما أن الأموال الأوروبية قد تكون وصلت إلى  الجنجويد بشكل غير مباشر، خاصة أنها كانت تعمل في المنطقة الحدودية مع كل من ليبيا وتشاد، حسب بحار.

 تحرك قانوني دولي لمحاسبة المتورطين

مؤخراً بدأ عدد من النشطاء السودانيين في أوروبا مناقشة فكرة ملاحقة قيادات المجلس العسكري وعلى رأسهم حميدتي في المحاكم الدولية لتوجيه الاتهام الرسمي له وآخرين بالضلوع في عمليات قتل واغتصاب المدنيين والتي جرت خلال الأيام الماضية.

لكن المسألة ليست بهذه البساطة بحسب ما يرى أحمد الزبير، الباحث في شؤون السودان بمنظمة العفو الدولية (امنيستي) وآدم بحار الناشط السوداني.

تكمن المشكلة الأولى بحسب الاثنين في عدم ثبات الاتصالات والانترنت في السودان ما جعل البلاد أشبه بجزيرة منعزلة، الأمر الذي يمنع كثير من النشطاء الذين بحوزتهم مواد فيديو وصور توثق الجرائم من مشاركتها مع العالم الخارجي.

الأمر الآخر - بحسب الزبير - أن أولوية المحاسبة - نظرياً- تكون داخل السودان، خاصة وأن هناك تصريحات لجهات سودانية مختلفة منها النيابة العامة عن قيامها بالتحقيق في الأحداث التي وقعت ومحاسبة مرتكبي الوقائع، "لكن المشكلة أنه في الشق العملي فإن المتورطين في ارتكاب الجرائم الأخيرة هم في الأصل القائمون على حكم السودان ولديهم التحكم في كل مفاصل الدولة ومنهم حميدتي نفسه والذي تنتشر قواته فعلياً في كل أنحاء العاصمة ويسيطر على الوضع وحركة المواطنين"، بحسب ما قال أحمد الزبير، الباحث في شؤون السودان بمنظمة العفو الدولية (امنيستي) في مقابلة مع DW عربية.

BG Sudan Proteste General Abdel Fattah Al Burhan mit dem Kronprinz von Abu Dhabi
يتهم الناشطون السودانيون عدة دولة إقليمية بدعم جهود المجلس العسكري السوداني لإجهاض الحراك السلمي في البلادصورة من: picture-alliance/AP Photo/Ministry of Presidential Affairs/M. Al Hammadi

ويقول الخبير في منظمة العفو إن المحكمة الجنائية الدولية لو اقتنعت بأن هناك جريمة تم ارتكابها وأن هناك أدلة قوية تدعم هذه الاتهامات، فستقوم بفتح تحقيق رسمي في الموضوع ، "كما أن اقتراح الأمم المتحدة مؤخراً بإرسال مراقبين للسودان للتقصي بشأن أحداث فض الاعتصام سيدعم بشدة هذا الملف".

 الأمر الثاني الذي يشير إليه الخبير في (امنيستي) أن "ملف دارفور لا يزال مفتوحاً فيمكن الدفع بتقارير الأمم المتحدة التي أشارت إلى الجرائم التي قامت بها قوات الجنجويد وضمها إلى الوقائع التي جرت مؤخراً وقامت بها تلك الميليشيات بحسب ما يؤكد النشطاء، ويدعم ذلك أيضاً آخر تقرير شامل أصدرته مجموعة خبراء الأمم المتحدة عن دارفور والذي يشير إلى أن أكثر مجموعة ارتكبت انتهاكات بين 2016 و 2017 هي المجموعة التي كانت تحت قيادة حميدتي".

وبحسب ما يرى الزبير فإن "المجلس العسكري السوداني وقياداته في وضع شديد الهشاشة فهم مجموعة صغيرة دون خبرة سياسية ولا حزب سياسي ولا ظهير شعبي على الأرض ولا قوة العلاقات السياسية التي كانت لدى نظام البشير، بالتالي فوضعهم أصعب كثيراً ووضع أسماءهم على قوائم محكمة الجنايات الدولية أمر شديد الخطورة بالنسبة لهم".

تجفيف المنابع المالية

أما النقطة الثالثة التي يرى الخبير في (امنيستي) أنها قد تكون العامل الحاسم في إضعاف قوة ميليشيا الجنجويد - أو قوات الدعم السريع - هي "خنق الموارد المالية التي يتم من خلالها دعمهم". 

وفي هذا الإطار يشير الزبير إلى أن "حميدتي يمتلك ويدير هو واخوانه شركة اسمها جينيت تعمل في مجال التنقيب عن الذهب في دارفور وهذا الذهب رغم أنه موارد وطنية تخص الشعب السوداني بأكمله لكنه لا يستفيد منه وتوجه عوائد تهريبه وبيعه لدول كالإمارات في دفع رواتب ونفقات قوات الجنجويد التي يقودها حميدتي وشراء أسلحة وعتاد توجه في النهاية لقمع الشعب السوداني، بالتالي فإن استهداف مصدر قوة حميدتي المالية سيضره بشدة، وهذه استراتيجية هامة يمكن أن يعمل عليها الناشطون السودانيون"، حسب قول الزبير. 

عماد حسن

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد