1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"الحياة مقفلة في وجوهنا"ـ ثلثا شباب غزة بلا عمل

١٨ أغسطس ٢٠١٠

حذرت منظمة العمل الدولية في تقريرها السنوي من ارتفاع نسب البطالة بين الشباب التي وصلت لأرقام قياسية. إلا أنها توقعت حصول تحسن في العام المقبل باستثناء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فكيف تبدو البطالة بين شباب قطاع غزة؟

https://p.dw.com/p/OpFN
شابان جامعيان من خان يونس ينتظران الحصول على عمل منذ أربع سنواتصورة من: Shawki al-Fara

قمت بجولة في مدينة خان يونس، بجنوب قطاع غزة، لرصد حالات العاطلين عن العمل فيها، خصوصا أنّ البطالة هناك تعتبر الأعلى في كل المناطق الفلسطينية (الضفة والقطاع). قابلت، في البداية، ثلاثة شبان جالسين أمام منزلهم، اثنان من عائلة شعث وآخر اسمه تامر. سألتهم عن أسباب جلوسهم أمام الباب دون عمل؟ ابتسموا وقالوا "زهقانين وقاعدين في الحر وما في شيء نعمله. نحن بلا شغل. الحياة مقفلة في وجوهنا: معابر مقفلة، مصانع مغلقة، الحصار هلكنا من كل النواحي، أربع سنوات ونحن في سجن كبير".

تركت هؤلاء الشباب لأجد آخرين من ذات المدينة بنفس المشهد: شابان يراقبان المارة. تقدمت منهما وأنا متردد في طرح السؤال نفسه قارئا في أعينهما الإجابة، لكني مع ذلك فعلت. قال أحدهم "أنا متخرج من الجامعة منذ أربع سنوات وتقدمت بطلبات توظيف إلى عدة وزارات، لكن ما فيش فائدة. كانت أحلامي وردية إذ كنت أعتقد بأني سأحصل على وظيفة بسرعة لأخفف حمل المصاريف عن أهلي".

بطالة بين الخريجين والأنفاق في كساد

Jugendliche in Khan Younis Gaza
تراجع دور الأنفاق بعد سماح إسرائيل بدخول بعض المواد إلى قطاع غزةصورة من: AP

يضطر خريجو الجامعات أحيانا للعمل في التنظيف ضمن برامج تشغيل مؤقتة تمولها الأمم المتحدة وتشرف عليها المجالس المحلية في القطاع. وتتيح هذه البرامج للخريج العمل عدة أشهر في مجال تنظيف الشوارع. لكن أزمة بطالة الخريجين فاقت كافة البرامج، فأبو لؤي من مدينة رفح اعتبر السنوات الأربع الأخيرة بمثابة الكابوس الأسود قائلا "أنا خريج جامعي من 23عاما وكنت أشتغل عاملا في إسرائيل بأجر يومي يصل إلى 150 دولار. اليوم مش قادر أعمل شيء. الكل بقلك ما فيش شغل. طيب كيف بدنا نعيش؟ إسرائيل أغلقت المعابر وكل اللي بيشتغلوا في المهن الحرفية عاطلين".

وبالفعل سهلت إسرائيل، منذ شهر ونصف وبشكل مقنن، دخول المواد الغذائية والاستهلاكية والملابس وغيرها إلى قطاع غزة، في خطوة لتخفيف الحصار بفعل الضغط الدولي عليها، لكنها أبقت الحظر المشدد على كافة أنواع البناء ومستلزماته. وأبقت أصنافا أخرى في قائمة الحظر بالإضافة إلى الإبقاء على حظر تنقل الأفراد في معبر إيرز (بيت حانون) شمال القطاع.

وأغرقت خطوة التخفيف تلك أسواق القطاع بالبضائع، فكان انفراج انتظره المواطن منذ عدة سنوات، لكنه يشتكي من عدم القدرة على الشراء بسبب البطالة والفقر. أبو محمد كان يعمل في أنفاق التهريب في رفح لكنه عاطل عن العمل الآن. ووصف أبو محمد وضعه لدويتشه فيله بالقول "من سنتين وأنا بشتغل في الأنفاق كنت آخذ في اليوم مائة دولار وبعدين قلَ المبلغ إلى 50 دولار ثم 25 دولار. الآن صاحب النفق استغنى عنا لأنه لا توجد بضائع تدخل إلى القطاع عن طريق الأنفاق كالسابق. وأنا عندي خمسة أولاد اثنان في الجامعة بالعافية قادر أصرف عليهم".

وتوجهت إلى أحد أصحاب الأنفاق وسألته عن سير تهريب السلع فقال "من شهر وأنا مغلق النفق. معادش زى الأول مش جايب مصاريف العمال. التجار وقفوا التهريب علشان إسرائيل أغرقت الأسواق بالمنتجات وهذا أرخص لهم؛ لكن عن طريق الأنفاق السعر طبعا أغلى. كان حوالي 23 ألف عامل يشتغلون في الأنفاق يوميا، اليوم لا يشتغل فيها سوى ألفين. ومعظم الأنفاق أغلقها أصحابها".

ارتفاع عدد العاطلين الشباب وانتشار المخدرات

وكما أشرنا أعلاه وحسب تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني فإن أعلى معدلات البطالة في الأراضي الفلسطينية، خلال الربع الأول للعام 2010، سجلت في محافظة خان يونس بجنوب قطاع غزة. وأعلن التقرير بأن معدل البطالة في محافظة خان يونس يبلغ 41% تأتي بعدها دير البلح بمعدل 35% ثم مدينة غزة بمعدل قدره 32.9% .

Jugendliche in Khan Younis Gaza
يصل معدل البطالة بين الشباب في قطاع غزة إلى ستين في المائةصورة من: Shawki al-Fara

ووفق جهاز الإحصاء الفلسطيني فإن الشباب، من الفئة العمرية 20- 24 سنة، سجلوا أعلى نسبة للبطالة في المناطق الفلسطينية وصلت إلى 43.4% (بواقع 35.1% في الضفة الغربية و58.5% في قطاع غزة). أما الفئة العمرية 15-19 سنة فجاء في المرتبة الثانية إذ بلغ معدل البطالة 38.4% (بواقع 30.5% في الضفة الغربية و61.6% في قطاع غزة)، تليها الفئة العمرية 25- 29 سنة وبلغت 32.2% (بواقع 25.2% في الضفة الغربية و44.9% في قطاع غزة).

ومع ورود هذه الأرقام العالية أخذت الأصوات ترتفع في غزة محذرة من مخاطر البطالة وخصوصا بين الشباب. وقد أوضح الدكتور سعد عبد الله الاخصائي النفسي والاجتماعي بأن مشكلة الشباب في القطاع تكمن في حرب العام الماضي وارتفاع نسبة البطالة، بالإضافة إلى المستقبل المجهول الذي ينتظر الأجيال القادمة. وأضاف عبد الله لدويتشه فيله قائلا "المشكلة الكبرى هي أنه لا توجد بنية أساسية للمجتمع في غزة. فكل ما نحاول بناؤه يهدمه الحصار و تقطيع أوصال المناطق الجغرافية الواحدة وعرقلة حركة التصدير والاستيراد والقصف الإسرائيلي".

ومع ارتفاع نسب البطالة بين الشباب في قطاع غزة تم رصد ظواهر عديدة لم تكن مألوفة من قبل بهذه الكثافة، كظاهرة تعاطي المخدرات والمنشطات. فقد لوحظ، مؤخرا، أن ظاهرة تعاطي حبوب التريمال المنشطة (السعادة) قد انتشرت بين العاطلين عن العمل في قطاع غزة بكثافة. وأوضح مدير عام مكافحة المخدرات في القطاع المقدم عامر عيسى "أن حبوب التريمال من أكثر أنواع المخدرات رواجا في قطاع غزة يليها البانجو والحشيش.

شوقي الفرا - غزة

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد