1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السوريون في مصر- ما بين صعوبة العيش وحلم العودة

أحمد حمدي٩ نوفمبر ٢٠١٢

فيما تظل الأوضاع في سوريا متفجرة، شد الكثير من السوريين الرحال إلى القاهرة بحثاً عن حياة آمنة، لكن ظروف المعيشة الصعبة في مصر انعكست كذلك على السوريين القادمين إليها. DW عربية تلقي الضوء على حياة هؤلاء اللاجئين في مصر.

https://p.dw.com/p/16fml
صورة من: AP

انتشرت الوجوه السورية في الشوارع المصري منذ اندلاع الثورة في بلادهم ولم يلبث أن اعتاد المصريون على تواجدهم رغم ما قد يحمله من تداعيات اجتماعية واقتصادية. فتعاظم تواجد السوريون في مصر قد يمثل مشكلة لدى البعض خاصة الشباب حيث يتوجب عليهم الآن المنافسة ليس فقط مع أقرانهم من المصريين، بل أيضاً مع السوريين على إيجاد عمل في بلد تعاني نسبة عالية من البطالة. ناهيك عن ارتفاع أسعار العقارات والذي عانى منه المصريون من قبل مع نزوح العراقيين إلى مصر إبان حرب 2003. لكن ورغم ذلك يحاول المصريون بما في وسعهم أن يحسنوا استقبال إخوانهم السوريون وتوفير سبل العيش لهم. وسعت DW عربية للقاء بعض السوريين النازحين إلى مصر لعكس واقع معيشتهم في بلاد المحروسة. وفيما رفض الكثير الحديث، أبدى آخرون موافقتهم شرط عدم ذكر أسمائهم كاملة وعدم نشر صورهم أو طمسها خوفاً من تعرض أهاليهم في سوريا للبطش على حد قولهم.

Ramadan Ägypten Kairo Fastenbrechen
هل يحمل زيادة عدد اللاجئين السوريين في مصر تداعيات اجتماعية واقتصادية على البلد المضيف؟صورة من: Reuters

استقبال جيد للسوريين في مصر وحلم العودة يراودهم

نضال هو شاب سوري، في منتصف العشرينات من عمره، كان يعمل بأحد المشروعات الخاصة في سوريا والتي رفض تحديد نشاطها في حديثه لـ DW عربية. مثله مثل كثير من الشباب ساند الثورة السورية مع اندلاعها. ويتحدث نضال عن فترة وجوده بسوريا قائلاً: "في تلك الفترة كانت كل عائلة بها إما جريح أو مجنون أو شهيد". ولم تكن عائلة نضال بعيدة عن هذا الوصف بل جمعت بين اثنين منهم فأصيب أحد أقاربه برصاصتين في كتفه فيما استشهد قريباً آخر له برصاصة قناص. ويقول نضال عن تلك الفترة: "كانت الأسلحة المستخدمة حينها مازالت الأر بي جي وأسلحة القنص مع بدأ استعمال قذائف الهاون". في تلك الأثناء قرر رب عمله الذهاب إلى مصر ونقل مشروعه إلى هناك ورأى نضال في ذلك فرصة للفرار من جحيم القذائف فسافر مع مديره ليحط نضال رحاله في القاهرة. قد يكون الشاب العشريني أكثر حظاً من كثير ممن صحبوه في طائرته كونه ضمن عمل بمصر على عكس معظمهم الذين رحلوا عن سوريا فقط حاملين آمالهم في إيجاد عمل على أرض الكنانة. ويقول نضال في هذا النطاق لـDW عربية: "ضماني لعمل سهل على الكثير لكني أعرف كثيرون مازالوا في رحلة البحث عن عمل ولو بأجر بسيط".

قد لا يكون بالأمر السهل إيجاد عمل في بلد يعاني من نسبة بطالة عالية لكن ما زاد عن ذلك هو ارتفاع الأسعار والتي يراها نضال أكثر ما عانى منه منذ قدومه. "يقولون إن مصر بلد رخيص لكنني على العكس وجدته غالياً بل وغالياً جداً"، يقول نضال لـ DW عربية. وتعرض نضال للغش من بعض التجار على حد قوله حيث باعوا له بضائعهم بأضعاف أثمانها الحقيقية. وفسر نضال ذلك: "ما لاحظته في مصر أن كثيرا من التجار حين يلاحظون كوني مغترب يضاعفون أسعار بضائعهم مباشرة معتقدين أن جيوبي مليئة بالأموال". ولم تكن مشكلة ارتفاع الأسعار هي مشكلة نضال الوحيدة بل أيضا عدم النظام وسوء حالة المواصلات العامة مثلوا مشكلة له. رغم ذلك أثنى على المعاملة الجيدة له ولمواطنيه من قبل المصريين والذي وصفهم بأنهم "شعب طيب". ولخص نضال المشاكل التي قد يواجهها السوريون في مصر في إيجاد وظيفة ومسكن والتعايش مع غلاء المعيشة. كما يرى نضال أن التأقلم على المعيشة في مصر قد يأخذ بعض الوقت نظراً لاختلاف العادات بين سوريا ومصر.

وعلى العكس عبر مهند، وهو رب أسرة سوري أتى وأسرته إلى القاهرة منذ فترة قصيرة جداً هرباً من ويلات الحرب، عن اعتقاده بسرعة التأقلم على المعيشة في مصر. ويقول مهند، والذي لا يزال يبحث عن عمل، في هذا الصدد لـDW عربية: "عاداتنا وتقاليدنا تقريباً واحدة والحياة في مصر تعتبر رخيصة مقارنة بلبنان والأردن على سبيل المثال". وأثنى مهند بدوره على الشعب المصري واصفاً إياه بـ "العاطفي، الحنون، المتعاون" موضحاً أنه حصل على شقة بإيجار رمزي فيما رفض مصريون آخرون أخذ إيجار من سوريين معارفه في مصر. ويشرح مهند تجربته قائلاً: "استقبال المصريون لنا كان جيداً وكانوا يتسابقون لتوفير احتياجاتنا حتى البسطاء كانوا يحضروا لنا الأكل والماء". ورغم كرم الشعب المصري يحلم مهند باللحظة التي يودعه فيها ليعود إلى بلاده. ويقول: "سوف نعود إلى سوريا وستبقى مصر وأهلها في قلوبنا ومساعدتهم لنا في رقابنا". ذلك الحلم شاركه فيه نضال والذي عبر عن أمله في العودة إلى الشام منهياً حديثه لـDW عربية قائلاً: "أسعى للعودة فور انتهاء الثورة لكن إذا ما أرسيت قواعد لمشروع هنا سوف استمر في التنقل بين مصر وسوريا".

Arabische Liga Treffen zu Syrien in Kairo Ägypten
عدد من اللاجئين السوريين في مصر يشيد بحسن معاملتهم وضيافتهمصورة من: Reuters

مخاوف من تفاقم مشاكل اجتماعية

وعلى الجانب الآخر، كان لـ DW عربية حديث مع ربة المنزل رقية السيد، وهي مالكة إحدى العقارات بمنطقة العباسية. وبسؤالها عن مدى تأثير نزوح السوريون إلى مصر على أسعار العقارات، قالت أنه قد لا يؤثر ذلك على الأسعار في المناطق الراقية فيما سيكون له تأثير أكيد في المناطق الشعبية. وتشرح وجهة نظرها بالقول: "إذا ظهروا كقوة شرائية في المناطق الشعبية حيث لا يستطيع المصريون في تلك المناطق دفع المثل سترتفع أسعار العقارات لا شك في تلك المناطق وبشدة". كما تطرقت رقية إلى مشكلة أخرى سيعاني منها المجتمع المصري مع نزوح السوريين وهي قلة رخص العمالة السورية. وتفسر رقية لـ DW عربية قائلة: "رجال الأعمال في هذه الأثناء حين يبحثون على عمالة يختاروا السوريون نظراً لقبولهم بآجر بخس ليعيشوا وفي المقابل سيبقى المصريون يعانون من البطالة وسترتفع نسبتها". وطالبت رقية السلطات المصرية بحصر أعداد السوريون في مصر ودراسة العدد الذي تستطيع مصر استيعابه منهم طبقاً لإمكانيتها منعاً لزيادة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية على حد قولها.

ووافق التاجر أسامة سامي رقية في تحليلها رغم تعاطفه مع النازحين السوريين حيث لم يستبعد أن يتسبب وجودهم في تفاقم مشكلة اجتماعية أخرى تتمثل في زيادة نسبة العنوسة في مصر. ويفسر سامي ذلك بالقول: "الشباب المصري يُطلب منه الكثير عندما يتقدم لخطبة البنات المصريات لكن في هذا الموقف الذي فيه السوريون قد يقبلون بتزويج بناتهم لشباب مصر لضمان عيشة جيدة لهم". ويستطرد: "ذلك لا شك قد يتسبب في زيادة نسبة عنوسة المصريات والتي هي نسبة مرتفعة في الأساس".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد