1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السوريون ينتظرون إصلاحات فورية وجذرية تضمن كرامتهم وحرياتهم

٢٦ مارس ٢٠١١

لن يهدأ الشارع السوري الثائر من أجل الحرية والكرامة رغم الإعلان عن إصلاحات سياسية قريبة، لأنه ينتظر خطوات فورية وعاجلة تتضمن ضمان حرية الرأي والتعددية السياسية. كما يرى ابراهيم محمد

https://p.dw.com/p/10hvA

كان من الأجدر بالرئيس بشار الأسد أن يعلن بنفسه على شاشات التلفزة عن البدء الفوري والجدي بالإصلاحات السياسية الأساسية التي يطالب بها شعبه بدلا من ترك مستشارته بثينة شعبان تتحدث عن بعضها أمام الصحفيين بعد قتل قوات الأمن لعشرات المتظاهرين بشكل سلمي من أجل الحرية والكرامة في مدينة درعا الجنوبية. وجاء في حديث المستشارة المعروفة بتحميل المؤامرات الخارجية مسؤولية مشاكل سوريا أن القيادة السورية اتخذت جملة قرارات أبرزها تحسين رواتب العاملين في الدولة، ودراسة إنهاء العمل بقانون الطوارئ، وإعداد مشروع قانون للأحزاب في سورية، وإصدار قانون جديد للإعلام ووضع آليات جديدة لمحاربة الفساد. وبدا من الواضح أن القرارات التي أعلنت عنها المستشارة لا تحظى بمصداقية غالبية السوريين، ليس فقط بسبب صياغتها بشكل ملتبس لم يتضمن تحديد إطار زمني واضح وصريح لتنفيذها، بل أيضا لأن الرئيس الأسد سبق ووعد باتخاذ الكثير منها مع وصوله إلى السلطة عام 2000. وتأتي محاربة الفساد وإصدار قانون للأحزاب في مقدمة هذه الوعود التي ينتظرها السوريون بفارغ الصبر منذ عقود طويلة. ولعل أبرز دليل على عدم تصديق السوريين لوعود المستشارة اتساع نطاق المظاهرات إلى مدن وبلدات جديدة شملت دمشق وحمص وحماه واللاذقية.

واقع يتناقض مع الوعود

Ibrahim Mohamad
د. إبراهيم محمد، مدير فريق القضايا السياسية والاجتماعية في القسم العربي الخاص بالراديو والموقع الإلكتروني في دويتشه فيله

عندما جاء الرئيس بشار الأسد إلى السلطة في عام 2000 أعلن عن وعود كثيرة في مقدمتها محاربة الفساد وإصدار قانون للأحزاب والسماح بحرية التعبير بأسرع وقت ممكن. غير أن سوريا شهدت حلال ما يزيد على عقد ونيف من حكمه كم أفواه واعتقالات واسعة لأصحاب الرأي لم تشمل المعارضين له فقط ، بل طالت أيضا الذين كانوا حتى تعرضهم للمسائلة والتوقيف والإهانات المتكررة من المؤيدين له. وبالنسبة لقانون الأحزاب جرى الحديث في بداية عهد الأسد الأبن عن الانتهاء من صياغة مسودته ليختفي بعدها أي أثر له ومعه الوعود بالتعددية الحزبية. أما بخصوص الفساد فإن قائمة الإخفاق في محاربته طويلة، فبدلا من أن يتراجع وباءه انتشر في جسم الإدارات الحكومية بشكل سرطاني. وللتدليل على ذلك يكفي متابعة ما تنشره بعض وسائل الإعلام السورية وغير السورية على شبكة الإنترنت حيث الحديث شبه يومي عن توقيف مسؤولين أو إعفائهم من مناصبهم بسبب الرشاوى وسوء استخدامهم للسلطة، مع أن المحاسبة تتم بشكل انتقائئ ولا تطال الكثيرين من أصحاب النفوذ وأقرب المقربين من النخبة الحاكمة بسبب غياب الشفافية واستقلالية القضاء. وقد صنفت منظمة الشفافية الدولية في تقريرها السنوي لعام 2010 سوريا في موقع متقدم على قائمة أكثر دول العالم فسادا، إذ احتلت المرتبة 127 من بين 180 دولة ضمتها القائمة.

يخرج السوريون في ظل استفحال ظاهرة الفساد وما تسببه إفقار لمئات الآلاف منهم متجاوزين الخوف ومتحدين قمع قوات الأمن للمطالبة بإصلاحات سياسية شاملة وفورية وعاجلة تضمن حرياتهم وكرامتهم بدلا من زيادة الرواتب بعشرات الدولارات والوعود بدراسة قرارات تتعلق بخطوات إصلاح كما جرى خلال السنوات العشر الماضية دون نتائج مرضية على أرض الواقع. وتضم مطالب السوريين على اختلاف فئاتهم قائمة طويلة من الحقوق المشروعة والأساسية تبدأ بالعفو الفوري عن السجناء السياسيين وسجناء الرأي وإعادة الاعتبار لهم والكشف عن مصير من اختفى منهم. كما تبدأ بتشكيل لجان مستقلة تحقق في قتل المتظاهرين وتحاسب الأجهزة الأمنية التي ارتكبت جرائم بحقهم. ومما تتطلبه الإجراءات الفورية ايضا إصدار مرسوم رئاسي فوري يلغي قانون الطوارئ الذي يشد الخناق على رقاب السوريين منذ نحو خمسين سنة. ثم تأتي ضرورة إصدار قانون يسمح في غضون أشهر قليلة بتشكيل الأحزاب السياسية على اختلاف مشاربها شريطة نبذها للعنف والطائفية والتطرف. ومما يعنيه ذلك إنهاء احتكار حزب البعث للسلطة والمنطمات الاجتماعية والتشريعات الاقتصادية قبل إجراء انتخابات حرة تؤسس لدولة قانون ومؤسسات دستورية تعمل بشفافية. ومما لا شك فيه أن إصلاحات كهذه لن تنجح دون ضمان حرية الرأي والتعبير بعيدا عن رقابة وزارة الإعلام وأجهزتها القمعية التي ينبغي إلغائها من الخارطة السياسية السورية.

فرصة أخيرة؟

على الرغم من التراجع اليومي في أعداد المؤيدين للرئيس بشار الأسد بسبب قمع قوات الأمن للمتظاهرين من أجل الحرية والعدالة والكرامة بشكل وحشي، فإن عددا من المراقبين لا يزال يعتقد بأن القسم الأكبر من السوريين ما يزال يتعاطف معه شريطة مبادرته بشكل فوري إلى القيام بالإصلاحات الأساسية المطلوبة. ويأتي في مقدمة أسباب هذا التعاطف مواقفه الممانعة لسياسات إسرائيل والولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى تحسن الوضع المعيشي لشرائح اجتماعية واسعة مثل أساتذة الجامعات وموظفي الدولة والعاملين في الجيش خلال فترة حكمه. هذا الموقع الذي ما يزال الاسد يتمتع به قد يشكل بالنسبة له فرصة أخيرة وتاريخية للحاق بركب مطالب شعبه والوفاء بها. فإذا ما نجح في استغلال هذه الفرصة فإن فإن بإمكانه دخول التاريخ كمؤسس أو كمبادر إلى تأسيس دولة قانون مدنية، حتى لو اضطر لاحقا للتخلي عن الحكم جراء إطار انتخابات ديمقراطية. أما إذا فشل في استغلال هذه الفرصة فإن التاريخ لن يرحمه.

تعليق: ابراهيم محمد

مراجعة: لؤي المدهون

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد