1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السويد..لاجئون يتحدون الصعوبات لإطلاق مشروع محمصة دمشقية

١٧ فبراير ٢٠١٧

تحدوا خطورة رحلة اللجوء من سوريا إلى السويد، وبعدها الإجراءات البيروقراطية هناك والتوترات مع العرب الآخرين ليطلقوا مشروعا: محمصة دمشقية تعمل بالطريقة القديمة يحاولون بها جلب جزء أصيل من سوريا إلى السويد

https://p.dw.com/p/2XYwN
Schweden Syrische Flüchtlinge eröffnen Geschäft in Malmö
صورة من: DW/R. Orange

مهند صباغ يدير بمهارة ملعقة نحاسية داخل القدر الدوارة بين يديه ويخرجها مليئة بالملح الساخن. "جسمي عبارة عن محرار" يقول بابتسامة عريضة وهو يمسح بلمسات خفيفة على السطح. "يدي هي ما يقيس درجة الحرارة". دأب ابن العشرين عاما على تحميص الكاجو والفستق والحمص وبذور البطيخ بهذه الطريقة بالضبط منذ بعثه والده وهو في الثانية عشر من عمره للعمل في محمصة العائلة بباب توما في البلدة القديمة بدمشق.

القدر التي يسخنهها لهب ضعيف يتغذى على المازوت لا تختلف عن تلك التي كان يستعملها جد والده عندما فتح في عام 1913 المحمصة التي أصبحت من معالم دمشق والتي ما زالت تشهد إقبالا كبيرا اليوم. الفارق فقط هو أننا لسنا في سوريا، وإنما وسط منطقة صناعية في أحد صباحات يناير الباردة والكئيبة بمالمو، تلك المدينة السويدية حيث استقر مهند صباغ وشقيقه مؤمن في ديسمبر 2015 في آخر موجات أزمة اللجوء في أوروبا.

 بمساعدة جاريهما القديمين في دمشق، جهاد ومؤمن أبو ركبة، يأمل الشقيقان في أن يوفرا بعض نكهات الوطن للمواطنين السوريين الذين فر منهم 112 ألفا إلى السويد منذ اندلاع الحرب الأهلية في بلادهم قبل خمسة أعوام. "السوريون يعشقونها، وكأننا فتحنا دكان أحلامهم"، يقول مهند عن المحمصة التي فتحت أبوابها قبل 3 أسابيع في ميدان موليفانغن الذي يعد مركز تجمع المهاجرين في المدينة، ونظمت بالمناسبة عروض رقصات الدبكة على إيقاعات الطبول وأنغام مزامير القربة. 

المحل المزخرف يإسراف بصفائح ذهبية اللون يعرض على زبائنه 90 نوعا من المحمصات في أدراج خشبية. "سيأتينا كل من يعرف المحمصة في دمشق بسبب انتشار اسمها هناك. نكهاتنا مشهورة مثل منتوجات الشركات الكبرى مثل إيكيا"، يوضح مهند مازحا. الشقيقان يهدفان أيضا لاجتذاب سائر سكان المدينة العرب ولم لا إغراء بعض السويديين المارين صدفة عبر المنطقة.

إلهام من وحي المعاناة

مرة أخرى في المصنع. السعادة تبدو على وجه صباغ وهو يشم رائحة الحمص النصف محمص. "ليس لهيب النار هو ما يحمص الحمص بل الملح الساخن" كما يقول بحماس، "لأن البذور ستحترق إذا تعرضت مباشرة للنار أو المعدن الساخن".

آلة تحميص وأربعة براميل تستخدم لإضفاء نكهات على المكسرات. حتى السلال المصنوعة من مطاط إطارات السيارات القديمة، كل شيء هنا جيء به من سوريا. "كل شيء في هذا المحمصة ينتمي للمدرسة القديمة، لأننا نريد للطعم الأصيل أن يبقى"، يقول. "التقينات الجديدة تفتقر إلى نكهة. ونحن نريد استحضار المذاق بنفس ما كان عليه قبل 50 عاما".

Schweden Syrische Flüchtlinge eröffnen Geschäft in Malmö
مؤمن الصباغ، من لاجئ خاطر بحياته في سبيل الوصول إلى السويد إلى صاحب مشروع ناجح فيهاصورة من: DW/R. Orange

بمجرد تحميصها يجب أن تباع المكسرات لتكون محتفظة بنكهتها وقيمتها الغذائية. المكسرات التي تبقى في المخازن لأشهر بعد استيرادها من العراق أو مصر تكون قد امتصت الرطوبة وقابلة للتعفن بسرعة، كما يقول.

لم يكن الأمر سهلا. يصفر وينظر إلى السقف عندما سُئل عن رحلة لجوئه من تركيا التي امتدت لشهر وبدأت عندما بدأ القارب الذي كان يقله بالغرق في مياه بحر إيجه الباردة في شهر ديسمبر. تم إنقاذه وقبض عليه قبل أن ينطلق في رحلته الطويلة نحو السويد وكان متخوفا كل الوقت من أن تتغير القوانين ويصبح ممنوعا عليه البقاء. "لكن لولا هذه المعاناة ما كنا تحفزنا بهذا القدر لإطلاق مشروع كهذا"، يبتسم. "ذلك يجعلنا نقدر المشروع أكثر".

الإخوة وشركاؤهم على عجلة من أمرهم. فبسرعة استأجروا مبان واستوردوا آلات بعد أشهر من وصولهم إلى المدينة. ليكتشفوا أن السلطات السويدية لم تكن تنظر بكثير من الرضا لمسألة حرق الديزل مع لهب مكشوف في مكان مغلق. بالتالي كلف الحصول على رخصة للمشروع ثمانية أشهر من الانتظار والإحباط بالإضافة إلى شرط استخدام نظام تهوية مكلف للغاية.

عندما توجهوا إلى ألمي، وهو بنك سويدي حكومي يمول ويقدم نصائح للمهاجرين الذين يطلقون مشاريع صغيرة، نُصحوا هناك بأن يتخلوا عن الفكرة. "قالوا لنا أن هذا المشروع لن ينجح". نصيحة تجاهلها مأمون أبو رُكبة، الذي كان يعمل محاميا في سوريا قبل لجوئه منذ ثلاث سنوات إلى السويد، والآن هو مكلف بالجانب التجاري للمشروع. "ذهبت مباشرة إلى المشغل وبدأت في تحقيق المشروع".

Schweden Syrische Flüchtlinge eröffnen Geschäft in Malmö
الإخوة الصباغ وشركاؤهم يسعون لأن تكون محمصتهم في السويد بالطراز الدمشقي القديم.صورة من: DW/R. Orange

توترات محلية

من العوامل التي لعبت لصالح أبو الركبة والإخوة الصباغ ماضي عائلاتهم الدمشقية المزدهر، فعائلة الصباغ كانت تملك خمس محمصات، بينما كان والد أبو ركبة يدير شركة تستورد المعدات الطبية.

وهذا ليس غير مألوف بالنسبة للسوريين في السويد، الذين يكونون في العادة أغنى وأفضل تعليما من العراقيين الذي جاؤوا بعد غزو العراق سنة 2003. فمثلا العائلة التي تدير مطعم ياسمين الشام، الذي افتتح في وسط شارع المشاة الرئيسي في المدينة، كانت تملك أربع مصانع للمناديل الورقية في مدينة حمص السورية. العائلة أنفقت مئات آلاف اليوروهات من أجل تحويل محل قديم لأحد فروع بيتزا هات إلى بيت دمشقي أصيل.  لكن الطريقة التي ينفق بها هؤلاء السوريون الوافدون الجدد إلى مالمو المال والضجة التي يثيرونها برقصات الدبكة السورية وهم يفتتحون مشاريع جديدة والتي يرى فيها الكثيرون نوعا من الغطرسة والتكبر، تثير استياء لدى فئات من العرب المقيمين هنا.

" هذا الشعور موجود فعلا"، يقول أو ركبة. "يمكنك أن تشعر به. ليسوا سعداء مع أي مشروع تطلقه. الناس يميلون إلى نسيان أننا لم نأت إلى هنا بمحض إرادتنا. كنا مضطرين لترك سوريا".

لكن الكثير من السوريين لا يفضلون أيضا الاستفادة من الإعانات الاجتماعية وهو يدرسون اللغة السويدية وهو ما يعتبر أولى الخطوات نحو الاندماج في السويد. "السوريون لا يحبون البقاء في البيت وانتظار حدوث الأشياء"، يقول "برنامج تعلم اللغة السويدية للأجانب لا يجلب لك عملا. لا نريد أن نكون عبئا، نريد أن نكون جزءا فاعلا في المجتمع السويدي".

أبو ركبة عاد لتوه من اجتماع عمل في النمسا حيث ناقش مسألة تصدير مكسراته المحمصة الطازجة. ويخطط لإنشاء مصنع آخر للتحميص في برلين. يفكر أيضا في إضافة قهوة عربية  طازجة التحميص إلى خط الإنتاج.

ريتشارد أورانج/ س.أ

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد