1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

Die irakischen Frauen üben Männerberufe aus

٩ أكتوبر ٢٠١٠

الظروف الاستثنائية التي يشهدها الواقع العراقي دفعت ببعض النساء إلى طرق مجالات غير مألوفة للعمل. فبتنا نجد المرأة العراقية سائقة تاكسي أو بوابة في العمارات السكنية أو شرطية. دويتشه فيله جالت شوراع بغداد فكان هذا التحقيق.

https://p.dw.com/p/PZEI
شرطيتان عراقيتان في بغدادصورة من: picture-alliance/dpa

أثارت الظواهر الجديدة المنتشرة في شوارع العاصمة بغداد، إضافة الى بعض المدن العراقية، والمتعلقة بعمل المرأة العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام. فهناك من يعزو هذه الظاهرة إلى أسباب اضطرارية سعت المرأة من خلالها إلى إحداث التوازن في كفة الحياة وسد ثغرة غياب الرجل في هذا الظرف القاسي الذي يمر به العراق انطلاقاً من المثل القائل "الضرورات تبيح المحظورات". فيما يرى آخرون أن هذا الوضع حق طبيعي للمرأة رغم الانتقادات التي وجهت للنساء اللواتي قمن بهذه الأعمال.

دويتشه فيله جالت في شوارع العاصمة بغداد ورصدت بعض هذه الحالات. وكانت البداية من منطقة السعدون مركز العاصمة وهنالك التقت "أم عباس" أول حارسة عمارة حتى الآن في عموم البلاد. وردا على سؤال لدويتشه فيله عن أسباب قيامها بهذا العمل تقول أم عباس: "لولا الظروف وقلة فرص العمل لما اضطررت للعمل كحارس خدمي بالرغم من المتاعب التي تواجهني".

فأم عباس مطلقة ولديها خمسة أبناء أكبرهم ريم 19سنة وأصغرهم عباس 11سنة. "كان لابد علي أن أوفر لهم لقمة العيش بأي شكل من الأشكال". وتستدرك أم عباس بالقول "لو كنت أكملت دراستي لما اضطررت للعمل في مثل هذه المهنة المرهقة جسدياً ونفسياً". إذ لاتكاد همزات الناس وغمزاتهم تفارقها في الدخول والخروج. كما تضطر أم عباس إلى سماع كلمات جارحة إلى حد أن بعض النسوة القاطنات في المنطقة التي "أسكنها ينبذنني؛ لكنني اعتدت على هذا الوضع فالحقيقة تفرض نفسها على أرض الواقع. فلا يؤلم الجرح إلا من به ألم".

شرطية في مدينة الصدر

Polizistinnen im Irak
كثر في الآونة الأخيرة عدد النساء اللواتي ينتسبن إلى سلك الشرطةصورة من: picture-alliance/dpa

مع زحمة المراجعين لمحكمة الأحوال الشخصية في مدينة الصدر، أكبر مدن العاصمة بغداد وتحديداً في أطرافها، إذ يتجاوز عدد نفوس ساكنيها أكثر من خمسة ملايين نسمة أغلبهم من الفئات ذات الدخل المحدود، كانت جولة دويتشه فيله الثانية مع سناء فوزي. تبلغ سناء ثمانية وعشرين عاما وتعمل كشرطية في استعلامات المحكمة.

وهذه المهنة من المهن والأعمال التي تلقى رفضاً وعدم مقبولية خصوصاً في مثل هذه الأحياء الشعبية التي تبلغ فيها العادات والتقاليد ذات الارتباط القبلي أوج سطوتها. فهذه الأعمال في عرف هؤلاء الناس تخص الرجل وليس المرأة. ومع ذلك أقدمت سناء على هذه "المغامرة" وتحدت كل ما يحيط بها من ظروف.

وتقول سناء "واجهت صعوبة بالغة باقناع الناس ممن يمانعون عملي كشرطية بالرغم من أهمية الدور والمخاطر التي تحدق بي". لكن هذه الحالة بدأت تتلاشى بعد أن وعى الناس الدور الذي تؤديه سناء في حماية الأبرياء من المواطنين. وتبرر هذه المرأة، التي قتل زوجها في إحدى تفجيرات بغداد تاركاً لها تركة ثقيلة من ستة أبناء لم يبلغ أكبرهم عشر سنوات فيما لم يتجاوز أصغرهم عامه الثاني، أسباب إقدامها على ممارسة هذا العمل بـ "صعوبة الحياة وفقدان المعيل للأسرة وقلة فرص العمل". كل هذه الأسباب دفعت بسناء والعديد من زميلاتها إلى "سلكي الجيش والشرطة؛ فالضرورات تبيح المحظورات".

سائقة تاكسي ناجحة رغم رفض الرجال

Schwere Zerstörungen nach Bombenangriffen in Bagdad
لم تعد مهنة سائق تاكسي حكرا على الرجال في العراقصورة من: picture-alliance/dpa

وفي أحد أحياء بغداد كان أبو عمار، وهو سائق تاكسي، ينظر بألم كبير إلى امرأة تصيح "بياع، بياع". وقال أبو عمار بعصبية "أين زوجها؟ أين ولي أمرها؟". وأضاف أبو عمار بحسرة أن وجود هذه المرأة "بيننا يشكل لنا حرجا كبيرا من خلال تقييد حريتنا في المزاح الذي نحاول أن نخفف به معاناتنا في طرق بغداد المزدحمة". والمرأة المقصودة أرملة عراقية تدعى أم زينة التقيناها بينما كنا نحث الخطى نحو مرآب العلاوي، الذي يقع في جانب الكرخ من بغداد.

كانت أشعة الشمس أخذت تلون بشرتها المتعبة من حدة الزحام المروري الذي يملأ الشوارع والعرق يتصبب من جبينها كالمزن في ليلة شتاء باردة. حاولنا استدراجها إلى الحديث لكنها كانت قلقة على دورها لو انشغلت معنا. لذا اضطررنا الى استئجار سيارتها لنتمكن من متابعة تحقيقنا.

وما أن طرحنا سؤالنا: لماذا أنت سائقة سيارة أجرة؟ حتى جاء الجواب الجاهز "أم لسبعة أبناء جميعهم في المدارس ولم يترك لي زوجي بعد وفاته سوى هذه السيارة، فهل أستجدي لقمة عيالي أم أحفظ كرامتي وكرامة أبنائي وأحفظ ماتركه لنا زوجي وأنزل للعمل ما دمت قادرة"؟ وتضيف أم زينة بابتسامة فيها الكثير من الوقار "بالرغم من منغصات الشارع ومضايقات بعض أصحاب المركبات فإن لدي زبائن ينتظرونني يومياً كي أقلهم. كما أن هناك بعض أولياء الأمور يحرصون على أن أقل بناتهم ويمنحوني ثقتهم".

عمل المرأة في "مهن الرجال ليس خرقا قانونيا"

Die Irakerin Um Abbas
أم عباس أول حارسة عمارة حتى الآن في العراقصورة من: Susann Fayard

أما أمل كباشي، الناشطة في مجال حقوق المرأة والأمين العام "لمركز تقدم من أجل النساء"، وهي إحدى منظمات المجتمع المدني، فتقول "كل الشرائع السماوية والأديان والأعراف والقوانين الدولية شرعت حرية العمل للمراة أسوة بالرجل على الرغم من جميع العوائق ونظرة المجتمع الصعبة لها". وتطالب كباشي المرأة العراقية بأن تتجاوز هذه المخاوف والعقد الأزلية وتشق طريقها إلى العمل.

فاقتحام المرأة لميدان العمل، حسب كباشي، وبالذات لبعض المهن التي التصقت بالرجل، لايعد خرقاً قانوياً وإن كان في نظر الكثيرين خرقا للأعراف والعادات التي لايزال المجتمع العراقي متمسكاً بها. وتضيف الناشطة العراقية لدويتشه فيله بأن "علينا أن نساند ونعاضد تلك المرأة التي سدت مكان الرجل وحافظت على نفسها بعدما أخذ العوز والفقر يفتكان بها".

واستنادا إلى أرقام وزارة التخطيط فإن عدد المطلقات والأرامل في العراق اقترب من مليون امرأة، من مجموع عدد النساء الذي يقترب من تسعة ملايين. كما كشفت نتائج المسح والتقديرات السكانية التي قامت بها وزارة التخطيط تقاربا في نسب النساء الارامل حسب الفئات العمرية. وترتفع نسبة النساء الأرامل كلما تقدم بهن العمر لتصل أعلى نسبة لدى النساء اللواتي تجاوزن الستين عاما.

سوزان فياض ـ بغداد

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد