1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الغرب والإسلام ـ "علاقة متوترة قابلة للاشتعال باستمرار"

١٢ سبتمبر ٢٠١٠

بينما كان العالم منشغلا بتهديدات القس جونز بحرق القرآن، شهدت ألمانيا سجالا حادا حول الإسلام وحرية الصحافة، وذلك إثر مشاركة المستشارة ميركل في تكريم صاحب الرسوم الدنماركية. دويتشه فيله استطلعت آراء بعض الناشطين والخبراء.

https://p.dw.com/p/P9uF
ميركل في حفل تكريم الفنان الدنماركي فيسترغاردصورة من: picture alliance/dpa

تكشف قضية القس الأمريكي تيري جونز هشاشة العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي و"الوضع غير الطبيعي والمتوتر" الذي تمر به (العلاقة). فهذا القس المغمور و"المجنون"، على حد تعبير وزير الخارجية الألمانية غيدو فيسترفيله، الذي لا يتجاوز عدد أتباع كنيسته خمسين شخصا، أصبح، وفي لمح البصر، مالئ الدنيا وشاغل الناس. فقد تمكن هذا الرجل من خلال هذا العمل "المنفر"، أي التهديد بحرق المصحف، حسب تعبير المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، من أن يسرق الأضواء ويصبح حديث الناس في كل أنحاء المعمورة.

وإذا كان هناك شبه إجماع، في العالمين الغربي والإسلامي، على إدانة هذا القس وتهديده بحرق القرآن، فإن الاهتمام الإعلامي الكبير ،الذي حظي به، يظهر حجم التوتر وعدم الثقة اللذين يسودان العلاقة بين المسلمين والغرب؛ ما يسمح لأي عابث بأن يشعل فتيل فتنة كبرى. وما زاد الطين بلة هو اختيار هذا القس للذكرى التاسعة لأحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر لتنفيذ تهديده؛ وذلك كإشارة على أنه نوع من الانتقام من الدين الإسلامي من خلال حرق القرآن لما يحمله من قدسية ومكانة خاصة لدى المسلمين.

"تجاوز حدود الحرية وانتهاك كرامة الآخرين"

Koran-verbrennung Koran Christen USA Islam NO FLASH
تمكن هذا القس "المجهول" من أن يسرق الأضواء من خلال تهديده بحرق القرآنصورة من: AP

وجاء تزامن هذا التهديد مع حدثين آخرين شهدتهما ألمانيا، في الأيام القليلة الماضية، ليدفع بالبعض إلى الحديث عن وجود "حملة منظمة للعداء للإسلام والمسلمين في الغرب". وبالرغم من أن نديم إلياس، رئيس مجلس الأمناء في المجلس الأعلى لمسلمي ألمانيا، ينفي وجود مثل هذه الحملة أو وجود "تخطيط على مستويات عليا لهذه الظواهر الثلاث"، فإنه يطالب بالنظر "بجدية إلى العلاقة المتوترة بين العالمين الغربي والإسلامي".

والحدثان الآخران أو الظاهرتان الأخريان، بلغة نديم إلياس، هما "المواقف العنصرية" التي أطلقها وزير مالية ولاية برلين السابق تيلو زاراتسين بحق العرب والأتراك، وتكريم فنان الكاريكاتير الدانماركي كورت فيسترغارد، صاحب الرسوم "المسيئة للرسول"، في بوتسدام بألمانيا. ويضيف نديم إلياس، في حوار مع دويتشه فيله، بأن المشترك بين هذه الظواهر الثلاث "أنها تتجاوز حدود الحرية من خلال انتهاك كرامة الآخرين".

وإذ يشيد إلياس، وهو شخصية إسلامية ألمانية معروفة من أصل سعودي، بموقف ميركل من زاراتسين ومقولاته، وكذلك بإدانتها لتهديد جونز بحرق القرآن، إلا أنه يبدي استغرابه من مشاركتها في حفل تكريم فيسترغارد وإلقائها كلمة بمناسبة نيله جائزة حرية الصحافة، التي تمنحها سنويا منظمة صحافية ألمانية تطلق على نفسها "اتحاد إم 100".

"تكريم طبيعي يتناسب مع القيم الغربية"

Nadeem Elyas
انتقد نديم إلياس مشاركة ميركل في تكريم فيسترغارد واعتبرها "موقفا مسيئا للعالم الإسلامي"صورة من: AP

ويطالب نديم إلياس العالم الغربي بتحديد "الخطوط الحمراء فيما يتعلق بالدين". فإذا كانت أوروبا تدافع عن الحريات وضمنتها دساتيرها، فإنها أغفلت عن وضع "الحدود التي يجب على المرء ألا يتجاوزها كي لا ينتهك حرية وكرامة الآخرين". فتكريم هذا الفنان يعني "تكريم عمله المسيء للمسلمين ونبيهم"؛ وذلك في إشارة إلى الصور الكاريكاتورية التي نشرها عام ألفين وخمسة وتناول فيه شخصية الرسول محمد.

أما الباحث الألماني، من أصل لبناني، رالف غضبان فيرى بأن تكريم هذا الفنان "أمر طبيعي وأنه جاء متأخرا بعض الشيء". ويضيف غضبان، الأستاذ في المعهد العالي البروتستانتي ببرلين، في حوار مع دويتشه فيله، بأن "هيجان العالم الإسلامي"، قبل خمس سنوات، ردا على الصور الكاريكاتورية "بث الخوف في أوروبا وأدى بشكل غير مباشر إلى الحد من الحريات في المجتمع الغربي". وبالتالي كان من الضروري "أن يتصدى أحد الزعماء أو القادة في أوروبا، كالمستشارة ميركل، لهذه الظاهرة وأن يأخذ موقفا واضحا وهو الالتزام بالقيم التي يقوم عليها المجتمع الديمقراطي الغربي".

ومشاركة ميركل في تكريم صاحب الرسوم الدانمركية لا تتعارض، برأي غضبان، مع انتقاداتها لمواقف "زاراتسين العنصرية" وإدانتها للقس جونز وتهديداته بحرق القرآن. فالرسوم الكاريكاتورية تدخل ضمن "حرية التعبير التي تكفلها الدساتير الغربية، التي تعطي للمعترض عليها الحق في اللجوء إلى القضاء". وهي بذلك تختلف عن الحدثين السابقين وتكشف، في الوقت نفسه، "المقاربة المختلفة لمفهوم الحرية وحدودها" في كل من العالمين الغربي والإسلامي.

مقاربة مختلفة لمفهوم الحرية

Ralph Ghadban, libanesischer Islamwissenschaftler
يرى غضبان أن تكريم الفنان الدنماركي "أمر طبيعي وأنه جاء متأخرا بعض الشيء"صورة من: privat

فمفهوم الحرية، حسب غضبان، يعود إلى عصر النهضة وهو مرتبط بانتقاد الدين؛ لأن انتقاد الدين أساس هام من الأسس التي قام عليها عصر التنوير والحريات الفردية عموما. وقبل مجيء المسلمين إلى أوروبا كان الدين المسيحي، ومازال، "موضع انتقاد من قبل الفنانين والكتاب والمثقفين عموما. وهو أمر قبلت به الكنائس، بمختلف طوائفها، ولم تعد تبدي أي معارضة للانتهاكات اليومية التي تحصل للمقدسات المسيحية".

وبالتالي فإن ما يطالب به المسلمون من "وضع حدود لحرية التعبير وفرض احترام خاص للدين غير وارد أصلا في الدساتير الغربية وفي الحضارة الغربية بشكل عام". إلا أن إبراهيم نوار، رئيس المنظمة العربية لحرية الصحافة، يرى بأن هناك قيما يجب الالتزام بها؛ وأن ما يشاع بأن الحرية في أوروبا "بلا ضفاف وليس لها أية ضوابط كلام غير صحيح بالمرة".

ويميز نوار، في حوار مع دويتشه فيله، بين ما هو ديني وما هو سياسي في هذه الظواهر. فرسوم فيسترغارد لا تحمل طابعا دينيا بل "طابعا سياسيا يتمثل في الحض على كراهية قطاع من قطاعات المجتمع الأوروبي نفسه، أي المسلمين، من خلال تصوير نبيهم على هيئة إرهابي". فهذه الصور "لا تحمل دلالة دينية بقدر ما تحمل دلالة سياسية؛ كما أن مشاركة ميركل في حفل التكريم أعطته بعدا سياسيا، وهذا هو الجانب الخطأ في القضية".

أحمد حسو

مراجعة: طارق أنكاي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد