1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المثقفون والثورة السلمية في اليمن – انقسام وعزلة أبراج عاجية

٩ أكتوبر ٢٠١١

ينقسم المثقفون اليمنيون في موقفهم من الثورة السلمية، فهناك من يرى أن الكتابة والإبداع والتفكير هو فعل ثورة، بينما هناك من يرى في الثورة مؤامرة لتقسيم اليمن والفوز بكرسي السلطة. فكيف يقرأ المثقف المشهد اليمني الراهن؟

https://p.dw.com/p/12oH6
صورة من: DW

منذ تأسيسه في مطلع سبعينات القرن الماضي في مدينة عدن، مثل اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين المؤسسة الوطنية الموحدة متجاوزاً كل عوامل الانقسام الجغرافي والاختلاف الفكري والسياسي. كما مثل قوى الحداثة في الفن والفكر والأدب والسياسة وكان منارة يهتدي بها كل عشاق المعرفة الحالمين بالحرية.

سلاحهم إيمانهم بالقضية ووسيلتهم الكتاب والقلم، والريشة واللوحة، وقف مثقفو اليمن في مواجهة عصبية القبيلة وسطوة الأيديولوجية وموروث الثقافة التقليدية. في وضع معقد منقسم وملغوم، مضت كتيبة المثقفين تحمل راية الوحدة، حالمة بوطن تسوده العدالة. وفيما كانت الكتيبة المثقفة توشك على تحقيق المعجزة، فقدت البوصلة فجأة، فتاهت وتمزقت أوصالها بين السلطة والمعارضة والداعين إلى حرية الفن والاستقلالية. فكف الفن عن العطاء والتضحية. وتخلى المثقف عن الانتصار لقضايا المعرفة والحق والخير والجمال والحرية، بعد أن ترك الساحة، فبرز إليها أدعياء المعرفة من عشاق الثروة والسلطة ودعاة السلامة وأنصار التقليدية.

وعندما ثار الشعب يطلب الحرية، هب هؤلاء كـ"كلاب الحراسة" يدافعون عن الشرعية المفقودة وينظرون لوراثة السلطة. لكن كيف يقرأ المثقف اليمني اليوم هذه الحالة؟

انقسام وتشظي


Intellektuelle und die friedliche Revolution im Jemen
صورة من: DW

يستغرب الكاتب والأديب علي لشيباني أن تسأله إن كان المثقف اليمني قد تخلف عن دوره في دعم وتأييد الثورة الشعبية، ويرد بحده: "في ساحات الحرية وميادين التغيير تجد الكاتب والشاعر والفنان والأكاديمي، بينما لا تجد في الساحة الأخرى غير البلطجي والجاهل والمأجور". لكنه يتساءل عن ماهية المثقف الذي نقصده ونحمله المسؤولية، ويضيف في حديث مع دويتشه فيله: "فإذا كان من تلك النماذج التي تعمل مع السلطة فهؤلاء ليسو قاعدة ليقاس عليهم دور المثقف عموماً". وهم في نظره ليسو أكثر من مثقفي سلطة، مؤكداً أن "لكل سلطة مثقفيها ورجال دينها، الذين يشرعون سياساتها وظلمها".

أما الشاعر والناقد سلطان عزعزي فيشير في حديثه لـدويتشه فيله إلى حالة الانقسام والتشظي في صفوف المثقفين والمبدعين، ويرجع ذلك "إلى حدة الاستقطاب السياسي والاجتماعي الذي تمارسه القوى السياسية على شريحة المثقفين وسعيها الدائم إلى محاولة توظيف أصواتهم في بوتقتها الإعلامية بمعزل عن قناعتهم".

ويصنف عزعزي شريحة المثقفين في علاقاتها بالثورة الشعبية في ثلاث فئات، فهناك من "أعلن موقفه المؤيد للثورة، وهناك من اختار البقاء إلى جانب السلطة، وفئة ثالثة تتكون من الذين مازالوا صامتين أو لديهم مخاوفه ومبررات خاصة". ويبرر الشاعر اليمني موقف الفئة الصامتة بـ"كون الصورة ما تزال (بالنسبة لها) غير واضحة (على الأقل) من وجهة نظرها".

من جانبه يقرر الكاتب والشاعر فتحي أبو النصر أن "فعل الكتابة والإبداع والتفكير هو فعل ثورة في الأساس.. ثورة للتجريب، كما يرى البناء التقليدي الثقافي الراسخ أسلوبياً ورؤيوياً وجمالياً".

Intellektuelle und die friedliche Revolution im Jemen FLASH-GALERIE
معرض فني على هامش ثورة التغيير المطالبة بتنحي الرئيس علي عبد الله صالحصورة من: DW


عزلة الأبراج العاجية

المثقف والسياسي اليمني محمد علي ودف يرى "أن الثورات الشعبية قد شكلت حالة من التحول غير المتوقع لمعظم النخب العربية التي أصابها الذهول، وأولها المثقفون الذين وجدوا أنفسهم معزولين إلى حد ما عن الجماهير". وبصورة عامة يصنف محمد ودف المثقفين في فئتين "الأولى ارتبطت بأنظمة الحكم الفاسدة وتحالفت معها فصارت جزء منها، والثانية انكفأت وسجنت نفسها في أبراج عاجية بعيدة عن المجتمع". وهذه الحالة، كما يرى ودف، حصرت دور المثقف والمبدع بعيداً عن فعل الثورة.

لكن ودف لا ينكر في الوقت ذاته أن دور الأدباء والكتاب والمبدعين، ممن أسهموا بفعالية في نجاح الثورات الشعبية العربية، سيكون محورياً ومهماً في تعزيز وترسيخ قيم التحول والتغيير الثوري في القيم المعرفية. غير أنه يؤكد من جانب أخر أن مثقفي السلطة أصبحوا "خارج سياق عصر الشعوب والجماهير الشبابية".

المؤامرة والثورة


Intellektuelle und die friedliche Revolution im Jemen
ندوة للتباحث في شؤون الثورة اليمنيةصورة من: DW

المثقف على الطرف الأخر لم يظل صامتاً، إذ يرى الكاتب نجيب غلاب أن النضال السلمي في اليمن "صار قوة ناعمة لإتمام عملية عسكرية مسنودة بمليشيات قبلية ودينية لوجه النظام الآخر الذي تمرد لينقذ النظام لا ليسقطه". ويعتقد غلاب أن قوى العصرنة والتحديث وبالذات القوى الليبرالية هي الضحية الأولى لهذا الجناح الديني القبلي.

لكن غلاب يستطرد في توضيح فكرته: "من أجل أن تنجز الثورة الديمقراطية هدفها ركزت على أن ينخرط جزء من النخبة المشاركة في السلطة والثروة في النضال من أجل الديمقراطية حتى يتم تكسير عظام المنظومة المعادية للديمقراطية، لكن الخلطة في اليمن زادت عن حدها بكثير". ويوضح غلاب أن ما يحصل ليس أكثر من مؤامرة لتقسيم اليمن، يقودها سفراء أمريكا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، وأن مخططاتهم ستحول الثورة إلى خنجر لتقطيع الجغرافيا اليمنية. ويعتبر غلاب أن سذاجة المعارضة ستصبح ربما بوابة الجحيم، وبرودة تفكير السفراء هي مفتاح بوابة الجحيم".

سعيد الصوفي - صنعاء

مراجعة: عماد غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد