1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

النظام وبصمة الأصبع وحقوق الموظفين

علي عبد داوود الزكي١ نوفمبر ٢٠١٢

يقترح د.علي عبد داود الزكي تطبيق نظام البصمة الالكترونية على موظفي الدولة العراقية لضبط مواعيد عملهم في ظل الصعوبات التي يواجهونها في طريقهم للوصول إلى أماكن العمل بسبب أوضاع الشوارع غير الطبيعية.

https://p.dw.com/p/16aq9
صورة من: AP

لعل واحدة من اهم مظاهر التكنولوجيا الحديثة هي اجهزة البصمة الذكية التي ظهرت وبدات تستخدم بشكل واسع وانتشرت في العديد من دوائر ومؤسسات الدولة لضبط الموظفين والعاملين وجعلهم يلتزمون باوقات الدوام الرسمي في مؤسساتهم. ان حفظ النظام واحترام حقوق الانسان تعتبر من اهم سمات الرقي الحضاري في مجتمعات العالم المختلفة. كما ان الالتزام بها فاكيد سيكون له دور مهم جدا في التاسيس لقاعدة قوية لبناء دولة مؤسسات منضبطة بثقافة التحضر والحرية والديمقراطية. ان النظام لا يمكن ان يبدا الا من ثوابت مهمة وهذه الثوابت محكومة بامن واستقرار المجتمع ومحكومة بالاهداف المرجوة منها. اصبح من المتعارف عليه اليوم ان الموظف في العراق الجديد يمكن اعتباره شخصا محظوظا مستقرا في حياته اكثر من غالبية ابناء المجتمع من غير الموظفين. لذا يمكن ان نعتبر ان الموظف الحكومي محسود من قبل الذين يبحثون عن وظيفة لان الوظفية الحكومية اصبحت مصدر الرزق الوحيد لغالبية العراقيين في عراق ما بعد سقوط الصنم واصبح الحصول على الوظيفة اليوم امرا صعبا ان لم يكن عسيرا. ان اغلب الوظائف الحكومية اليوم اصبحت عبارة عن بطالة مقعنة واصبح هناك ترهل اداري كبير اثقل كاهل الدولة وسبب عدم انضباط مؤسساتي كبير جدا، واصبحت السيطرة على الكم الهائل من الموظفين فيها أمرا صعبا جدا خصوصا مع التدخلات السياسية والقوى الحزبية المتنفذة في المجتمع.

جهل بالديمقراطية

كما أن الحقوق الديمقراطية للاسف لازال ينظر اليها نظرة غير ناضجة بسبب الجهل والتجهيل وانتشار الافكار الطائفية والعنصرية والتطرف وهذه السلبيات كلها تنصهر باوزان مختلفة التاثيرهنا وهناك لتعمل على توهين القرار وتكسر القانون وتخلق الفوضى واللانظام. فمثلا بمجرد ان تخرج مظاهرة او يتجمع بضعة عشرات من الناس او تجمع عشرات التواقيع لرفض قرار ما او لطلب قد يكون غير مشروع سيتعاطف السياسين بدون الاهتمام بشان البلد واستراتيجية نهوضه ان هذا التعاطف غالب ما يكون سببه اغراض انتخابية. كما قد يتعاطف بعض المسؤولين الكبار مع الفوضوين لغرض دفع المشاكل عنهم خصوصا ان تدخلت حركات واحزاب سياسية قوية تعمل على تدعيم قواعد انتشارها وسيطرتها على مساحة شعبيه اوسع بسيطرة فوضوية وذلك بدعم عملية كسر القانون وعدم الانضباط. اصبحت المؤسسات تعاني من مشكلتين الترهل الادراي الكبير وعدم الانضباط اصبح المسؤولين يعانون من هذه المشاكل المستعصية والتي تجعلهم بدورهم غالبا ما يماشون الامر الواقع ويتجنبون الاشكاليات التي قد يسببها الحزم. هذا فيما يخص المسؤولين لكن من جانب اخرى يبقى الانسان العراقي يعاني من سوء الخدمات التي تسببها الفوضى والترهل الاداري وعدم الانضباط وتبديد الاموال.

صعوبات السير والطريق

ان غالبية الموظفين خصوصا في مدينة بغداد وفي اغلب مؤسسات الحكومة يعانون الامرين يوميا وهم في طريقهم للوصول الى دوائرهم او مكان عملهم، فعملهم يتطلب ان يخرجوا من بيوتهم في وقت مبكر جدا لكي يصلوا في الموعد المطلوب للعمل كما ان رجوعهم الى منازلهم في نهاية الدوام الرسمي قد يتطلب ساعات وساعات، يعني بشكل عام الموظفين يصرفوا ما يقارب 4 ساعات يوميا على الاقل في طريقهم الى مكان عملهم ذهابا وايابا وهذا شي لا يمكن ان يتم اغفاله. يجب على كل مسؤول ان ينتبه لهذا الامر فهذا ليس بالشيء الهين او البسيط، صحيح ان الموظف يجب ان يعمل ما لا يقل عن 6 ساعات في دائرته لكن يجب ان يضاف له من4 الى 6ساعات طريق. طبعا في بعض الاحيان يكون الوصول الى الدائرة امرا مستحيلا وفي احيان اخرى الموظفين يضطروا الى السير على الاقدام عدة كيلومترات للوصول الى الدائرة ان هذه الامور يجب ان تدرس بعناية عندما يراد ان يكون هناك ضبط وحزم في اي مؤسسة من مؤسسات البلد. يجب ان لا نقارن الوضع مع ما كان عليه الوضع في السبعينيات من القرن الماضي بالانضباط وغيره. لان الوضع الحالي مختلف تماما نحن اليوم بصراحة بحاجة الى اعادة هيكلة القوانين بشكل جديد واعادة ترتيب الانظمة بما يلائم الوضع الجديد ويجب معالجة السبب وعدم فرض الرؤى التي لا تقدم العمل المؤسساتي الى الامام يجب ان تكون هناك رؤية لكل خطوة يجب ان يكون هناك نتيجة مرجوة وواقعية لكل خطة ستطبق على المؤسسات الحكومية. ان تطبيق القانون بدون الاخذ بنظر الاعتبار كل التحديات التي يمر بها البلد سيجعل الموظف يفقد الثقة بمرؤسيه. ان الخدمات التي يجب ان توفر للموظف الحكومي في كل بلدان العالم المتحضر يجب ان تكون متوفرة للموظف العراقي لكي نستطيع ان نلزمه باحترام وتطبيق القوانين والانظمة. الخدمات الصحية والكافيتريات ودور الحضانة ورياض الاطفال والمدراس وخطوط النقل يجب ان يتم توفيرها بشكل مناسب وملائم للموظفين ويجب ان يتم تفهم مشكلة الموظفين في هذا الشان والعمل على مساعدتهم في تسهيل امورهم ومساعدتهم على حل هذه المشاكل وليس اعتبار المشكلة وكانها مشكلة الموظف فقط. ان اغلب الموظفين لديهم اطفال واطفالهم بحاجة الى رعاية، ورعايتهم عمل مهم جدا يمكن ان نعتبره عمل مقدس. فمثلا في بلدان العالم المتحضر الاهتمام بالاطفال ورعايتهم والاهتمام بحل مشاكلهم وتوفير الخدمات لهم يعتبر من الاهداف الاساسية لمؤسسات البلد فما فائدة المؤسسات ان حصل اهمال في تربية الجيل الجديد وحصل تراجع في توفير ما يحتاجه. ان الاباء والامهات الذين يعملون على توفير الكثير لابنائهم من الاحتياجات والوقت يجب ان تعمل مؤسسات الحكومة على دعمهم وتشجيعهم ومساعدتهم. حكى لي احد الاساتذة حينما كان يدرس في بريطانيا قال انه عندما كان يسافر للتنزه في بريطانيا ويحجز هو وزوجته يدفع مبلغ اكبر بكثير مما لو حجز هو وزوجته واطفاله. لانهم يعتبرون من يقوم باصطحاب الاطفال في السفرات وياخذهم للتنزه فانه يقوم بعمل تربوي سليم وصالح عمل يحمي الطفل من الامراض النفسية ويمهد لخلق جيل جديد صالح في مجتمع سليم ومعافى مجتمع محترم يحترم الانسانية وتحترم فيه حقوق الانسان والطفولة.

مؤسسات تعمل بالأنظمة القديمة

ان مؤسسات البلد اليوم رغم التحول الديمقراطي في البلد لكنها لازالت في الغالب تعمل بالانظمة القديمة اي انظمة التسلط وعدم الشفافية فمن يحمي المواطن من يحمي الموظف وحقوقه ؟ ان هذه الحقوق اصبحت غير واضحة ولا يمكن ان يحصل عليها الانسان بسهولة لان الضبابية اصبحت تكتنف جوانب هذا الامر واصبحت هناك مساحات كبيرة من العتمة والتضليل على كل القرارات والقوانين والتي تفسر لصالح المسؤول او لصالح الجهة السياسة المتنفذة التي تسيطر على هذه المؤسسة او تلك ويبقى الانسان او المواطن بلا غطاء يحميه ولا يعرف الى اين يلجاء. ان الانسان العراقي اليوم بحاجة الى مؤسسات لتحميه وتساعده لينال حقوقه المشروعة وليس الانسان بحاجة الى جهات سياسية تستغله بمزايدات مستمرة لحماية بعض حقوقه وسلب المتبقي منها.ان الموظف والمواطن اليوم بحاجة الى مؤسسات منظمة تعمل على حماية حقوقه ، بحاجة الى مؤسسات منتخبة كاتحادات وروابط ونقابات تدافع عن حقوقه بشكل قانوني. ان الموظف الذي يعاني من ضيم ما او يعاني من مشكلة ما او تم التجاوز على حقوقه من قبل المسؤول يجب ان تكون هناك جهة قوية تحميه وتحفظ حقوقه ويجب ان لا تكون هذه الجهة سياسية وانما جهة منتخبة كاتحاد او ممثلية او نقابة تعمل بشكل قانوني على حماية حقوق الموظف. كما يجب انتخاب مجالس محلية تعمل بامانة لحماية المواطن من جور مؤسسات القطاع الخاص والعام. ان هذه المؤسسات هي التي يجب ان تمثل الراي العام وليس الجهات الحزبية المتنفذة بقوة السلطة او السلاح والتي تفرض نفسها كامر واقع وتزايد وتساوم على حقوق المواطنين لتنال ما تريد وتغرق من ينتسب اليها او يطلب منها المساعدة بالفساد ، ان من يتعاون مع هكذا مؤسسات سيقدم الثمن عاجلا او أجلا.