1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

انهيار سعر النفط يهدد الجزائريين بسنوات عجاف

توفيق بوقاعدة - الجزائر٥ يناير ٢٠١٥

ينذر الانهيار الكبير لسعر النفط في السوق العالمية بعواقب اقتصادية واجتماعية كبيرة على الجزائر حكومة وشعبا، وقد يهدد هذا التطور السلم الاجتماعي الذي استثمرت فيه السلطة عائداتها البترولية لضمان الاستقرار وحكمها أيضا.

https://p.dw.com/p/1EFJS
Algerien Bild von Marion Beckhäuser Jugendliche Flagge Algerien Brücke
صورة للفنانة ماريون بيكهاوزرصورة من: Marion Beckhäuser

يتخوف معظم الجزائريين من المخاطر الاقتصادية التي ستواجهها البلاد بسبب استمرار تدهور اسعار النفط في السوق العالمية، في بلد يعتمد اقتصاده بنسبة 97 بالمائة على عائدات تصدير الذهب الأسود، رغم تطمينات الحكومة بأن احتياطاتها من العملة الصعبة يكفي لتغطية ثلاث سنوات من قيمة الواردات، إلا أنها في الوقت ذاته اتخذت جملة من الاجراءات التقشفية في النفقات العمومية، تمس بصورة مباشرة المواطنين محدودي الدخل والخدمات التي يستفيدون منها، بما في ذلك الشباب الجزائري، الذي طالما انتظر وعود الحكومة وحل مشاكله المرتبطة خصوصا بموضوعي البطالة والسكن.

خوف وقلق

ويتوجس فارس من المعطيات الاقتصادية الجديدة للحكومة وتأثيرها على المشروع الذي تقدم به لانشاء مؤسسة صغيرة في اطار الوكالة الوطنية لدعم التشغيل، وقال لـDW"أخشى أن تؤدي الإجراءات التقشفية للحكومة إلى تجميد القروض التي تمنح للشباب العاطل"، ويضيف فارس" لا أعتقد أن الحكومة "صادقة" في قولها أن تدهور سعر النفظ لن يؤثر على سياسة دعم الشباب"، ويلقي فارس بمسؤولية تأخير إطلاق مشروعه الصغير على الوكالة التي تماطلت لثلاث سنوات دون أي مبرر.

تخوفات فارس يتقاسمها معه عبد الغاني خريج كلية الحقوق منذ أربع سنوات، فبعد أدائه للخدمة الوطنية، كان ينتظر توظيفه بإحدى المؤسسات العمومية، إلا أن قرار الحكومة بتجميد التوظيف في القطاع العام أصابه بخيبة أمل كبيرة، ويقول لـDW"كنت اعتقد ان ساعة الفرج قد اقتربت، لكن الآن صارت ابعد"، وتترجم حالة عبد الغاني معاناة الآلاف من خريجي الجامعات الجزائرية الذين يقفون في طابور الوظائف الحكومية كل سنة، حيث تقول مريم خريجة معهد الأدب العربي،"كان هناك أمل كبير في الحصول على منصب شغل كمدرسة لكن مع قرار مجلس الوزراء تبخر الحلم في الحصول على منصب أساعد به في اعالة عائلتي".

Algerien Ölkrise Junger Mann
الاجراءات التقشفية في النفقات العمومية تمس الشباب أيضاصورة من: DW/Toufik Bougaada

سنوات رخاء وأخرى عجاف

وتأتي الجزائر في مقدمة قائمة الدول العربية الأكثر تأثرا بانخفاض أسعار البترول، الأمر الذي يعرضها لمواجهة هزات اقتصادية قد تثير الطبقات الاجتماعية الفقيرة، نتيجة اضطرار السلطات العمومية لاعتماد سياسة التقشف وترشيد النفقات والتخلص من مجموعة من المصاريف بسبب عدم قدرتها على تغطيتها. ويقول في هذا الإطار أحمد بن بيتور، رئيس الحكومة الأسبق، "إن سنوات الرخاء، قد صارت خلف الجزائر"، وحذر من تدهور الأوضاع الاقتصادية قائلاً في تصريحات إعلامية: "ستكون هناك عواقب كارثية، لأن قادة البلاد أداروا الرخاء المالي بكثير من التراخي فأغرقوا اقتصاد البلاد في تبعية قصوى لعائدات تصدير المحروقات". كما أكد أن"سياسة التقشف ليست سوى اقتطاعات مالية هامشية غير مجدية، وشبّه هذا الإجراء بقُرص الأسبرين الذي يقدم لمصاب بالسرطان.

من جهته أعتبر الدكتور منير حراق، المحلل الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة ميلة أن النفط في الجزائر أصبح يشكل مصدر قلق للجزائريين، وأضحى لعنة عليهم في ظل غياب العقلانية والرشادة في تسيير موارد هذا القطاع الحيوي لبناء قاعدة اقتصادية قوية.

Algerien Ölkrise Algier
الدكتور حراق : تدهور أسعار النفط سيؤثر كثيرا على دواليب الاقتصاد الجزائري، خاصة على آليات التشغيلصورة من: DW/Toufik Bougaada

البحث عن إحداث فرص عمل حقيقية

ويقدر الدكتور حراق بأن تدهور أسعار النفط سيؤثر كثيرا على دواليب الاقتصاد الجزائري، خاصة على آليات التشغيل المتاحة في الجزائر( الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب ،الصندوق الوطني للتأمين على البطالة ، الوكالة الوطنية لتسيير القرضروض الصغيرة) فهذه المؤسسات استهلكت لوحدها مايقارب 132 مليار دينار جزائري منذ انشائها دون ان تحدث الحركية اللازمة في تشغيل العاطلين عن العمل، لأن فلسفة الحكومة من خلال هذه الآليات اجتماعية وليست اقتصادية والهدف منها "شراء السلم الاجتماعي وليس احداث مناصب شغل حقيقية". أما بخصوص قرار الحكومة بتجميد التوظيف في القطاع العام فيؤكد حراق بأن هذا القطاع يشكل الاسنفجة التي تمتص بها الحكومة النسبة الأكبر من الشباب الراغب في العمل، وفي حالة التقليل من عددها فهذا يعني أن نسبة البطالة سوف تعرف زيادة كبيرة وسط الشباب من خريج الجامعات تحديدا.

كما يتوقع المحلل الاقتصادي بأن استمرار هذا التراجع سيؤثر حتما على سياسة الدعم التي تنتهجها الحكومة للمواد الاساسية والخدماتية.

فشل السلطة

واستغلت المعارضة السياسية انهيار سعر النفط، لتأكيد طروحاتها في فشل السلطة الحالية في ادارة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، ويشبه بعض أقطاب المعارضة المنوية تحت لواء تنسيقية الانتقال الديمقراطي ما يحدث الان بما حدث نهاية الثمانينات، الذي عجل حينها انهيار سعر النفظ بالانفتاح الديمقراطي، ويتوقع مراقبون بأن تعمد السلطة لتقديم تنازلات لصالح المعارضة واشراك بعض الوجوه فيها لإدارة الوضع في البلاد خلال السنة المقبلة إذا استمر هذا التدهور.

وبعيدا على جدل السلطة والمعارضة في تهويل الوضع أو التقليل من أثره على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد وجد الشباب الجزائري من انخفاض سعر النفط مادة دسمة للتهكم على قرارات الحكومة لبدء سياسة التقشف، حيث عجت صفحات الشبكات الاجتماعية بالصور التعبيرية التهكمية للوضع الاقتصادي الجديد تحمل أغلبها دلالات سياسية عميقة عن سوء التسيير وغياب الاستشراف والعدالة الاجتماعية.

Algerien Dr. Monir Harak
الدكتور منير حراق أستاذ الاقتصاد في جامعة ميلة الجزائريةصورة من: Ben Monir Harak

وعلق أحد الشباب على صورة دعوة الشعب الجزائري لشد الحزام، قائلا "إذا ارتفع سعر النفط يستفيد رجال الحكم منه وإن انخفض سعره يدفع المواطن البسيط الضريبة من جيبه"، فيما ناشد آخر الحكومة باعادة الاموال المنهوبة، لأنها وحدها تكفينا للعيش مئة سنة أخرى دون عائدات النفط.

وتبقى الحلول حسب الخبير الاقتصادي حراق ممكنة إذا اعتمدت الحكومة خطة إقتصادية متكاملة من خلال استغلال احتياطي الصرف الموجود لبناء إقتصاد متنوع لا يعتمد فقط على الجباية البترولية، فكل الامكانيات البشرية والمالية ممكنة إذا برع صانع القرار في استغلالها.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات