1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد التخلي عنهم ـ اللاجئون الحلقة الأضعف في الصراع الليبي

٣ يوليو ٢٠١٩

وقع ما حذرت منه أكثر من منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة، وسقط عشرات القتلى والجرحى في ضربة جوية طالت معسكراً لإيواء اللاجئين والمهاجرين بمدينة تاجوراء الليبية. فمن هو المسؤول "الحقيقي" عن مقتل هؤلاء؟

https://p.dw.com/p/3LWXH
Libyen Luftangriff Tajoura Detention Center bei Tripolis
صورة من: Getty Images/AFP/M. Turkia

رغم التحذيرات المتتالية من الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها من المخاطر المحدقة بحياة آلاف من المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا، خاصة مع تصاعد وتيرة الحرب بين طرفي الصراع في البلاد، إلا أن ما كان يخشى حدوثه قد وقع بالفعل. ضربة جوية استهدفت مركزاً للاجئين في مدينة تاجوراء الليبية شرقي العاصمة طرابلس خلفت وراءها أكثر من 40 قتيلاً وعشرات الجرحى، وهي الأرقام المرشحة للتصاعد وفق ما قالت طواقم الإسعاف العاملة هناك.

من المسؤول؟

وبحسب مسؤولين عن مركز الاحتجاز فإن قوات رجل شرق ليبيا القوي خليفة حفتر هي التي تقف خلف العملية، فيما اعتبرت حكومة الوفاق في طرابلس في بيان لها أنّ هذا "الهجوم الجبان يعتبر بمثابة جريمة قتل جماعي وجريمة حرب تضاف لقائمة الانتهاكات الجسيمة ضد الإنسانية التي يرتكبها حفتر"، وأنّ "هذا القصف الذي طال مركز الإيواء كان متعمّداً ولم يكن بشكل عشوائي، بل كان باستهداف مباشر ودقيق"، والكلام لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج.

ورغم أن وسائل إعلام مقرّبة من حفتر كانت قد تحدثت عن استهداف طرابلس وتاجوراء بـ"سلسلة غارات جوية"، نفى المركز الإعلامي التابع "للجيش الوطني الليبي" (قوات حفتر) في بيان استهدافه للمركز، وقال إن فصائل متحالفة مع حكومة طرابلس هي التي قصفت المركز بعد أن نفذ "الجيش الوطني" ضربة جوية دقيقة أصابت معسكراً، حسب البيان.

Wolfgang Pusztai
الخبير العسكري النمساوي فولفغانغ بوستزاي. صورة من: Privat

بيد أن فولغانغ بوستزاي، المحلل السياسي والخبير الأمني والملحق العسكري النمساوي السابق في ليبيا، يقول إنه لا توجد معلومات موثوقة حاليًا عن الجهة المسؤولة عن الهجوم على معسكر اللاجئين في تاجوراء، مضيفاً في مقابلة مع DW عربية أن "ما نعرفه إلى الآن هو أن الجيش الوطني الليبي (قوات حفتر) قصف أهدافاً عسكرية في طرابلس الليلة الماضية، خاصة مستودعات الذخيرة ومعسكرات ومقرات عسكرية".

ويتابع الخبير العسكري والأمني النمساوي القول بأنه "عادة ما تستخدم القنابل والصواريخ الموجهة بالليزر، وهي دقيقة للغاية ، لهذا الغرض، وأنه غالبا ما تستخدم طائرات  AT-802U Air Tractor وطائرات بدون طيار من طراز Wing Loong، وهي التي تم تسليمها بالفعل من قبل دولة الإمارات لجيش حفتر بين عامي 2016 و 2017".

أما منصور عيوني المحلل السياسي التونسي فيعتقد أن "من يقوم باستهداف اللاجئين أو المدنيين في ليبيا هم أطراف ربما يبحثون عن تأجيج الصراع بين حفتر والسراج (رئيس حكومة الوفاق)"، مضيفاً أنها "قد تكون أطراف خارجية أو ليبية غير واضحة حتى الآن في المشهد وتبحث عن موقع لها في الصراع خاصة أن استهداف المدنيين والمهاجرين واللاجئين بهذا الشكل الوحشي لا يخدم أبداً مصالح أي من الطرفين المتحاربين في ليبيا".

إدانة أممية

وفي بيان مشترك أصدرته المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة حصلت DW عربية على نسخة منه، أدانت المنظمتان الأمميتان الهجوم على معسكر اللاجئين في مدينة تاجوراء الليبية ودعتا لإجراء تحقيق فوري لتحديد المسؤولية الجنائية للجهة المتورطة في هذا الهجوم. كما أكدت المنظمتان على أن إحداثيات هذه المراكز في طرابلس معروفة جيدًا للمقاتلين، الذين يعرفون أيضًا أن المحتجزين في تاجوراء هم من المدنيين.

ووفق البيان فان معسكر تاجوراء يقيم فيه قرابة 600 شخص بمن فيهم نساء وأطفال. كما عبرت المفوضية العليا للاجئين في تغريدة على حسابها الرسمي بموقع تويتر، عن "قلقها العميق" إزاء المعلومات الواردة عن استهداف مركز تاجوراء لاحتجاز المهاجرين بغارات جوية ومقتل لاجئين ومهاجرين".

وتقول صفاء مسيحلي المتحدثة باسم المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا أن منظمتها حذرت أكثر من مرة بشأن الأوضاع في ليبيا. وتضيف في مقابلة مع DW عربية أن "المنظمة لا تعتبر ليبيا مكانا آمناً لإعادة المهاجرين الذين غادروها وتم إنقاذهم أو اعتراض طريقهم في البحر، وكثيراً ما رددنا هذا الكلام ونحاول توصيل تلك الرسالة للجميع بصفة مستمرة"، مؤكدة على أن كافة إحداثيات مراكز الإيواء التي تقع تحت جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي وتمارس فيها المنظمات الدولية أنشطتها هي متوافرة لدى أطراف الصراع في البلد الممزق.

أوضاع مأساوية

وتكتظ مراكز إيواء المهاجرين في ليبيا بعشرات الآلاف ممّن تمّ اعتراضهم أو إنقاذهم في البحر ويعيش هؤلاء في ظروف غير إنسانية. وبحسب تقارير غير رسمية فإن ليبيا يوجد بها نحو 90 مركزاً لاحتجاز المهاجرين واللاجئين موزعة في مناطق مختلفة من البلاد.

غياب الرقابة  عن الكثير من تلك المراكز سمح بوجود انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بداخلها، ما بين تعذيب وقتل واغتصاب واتجار بالبشر مع عدم توافر الماء النقي والغذاء المناسب والعلاج لهم في أغلب الحالات، الأمر الذي دفع فيليبو غراندي المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للقول بأن "سجون الاحتجاز في ليبيا هي أسوأ ما رأيته في مسيرتي المهنية".

ولايزال هناك نحو 3300 لاجئ ومهاجر محتجزين داخل طرابلس وحولها بسبب المعارك الدائرة هناك في ظروف لا إنسانية، كما أنهم يواجهون خطرا شديدا على حياتهم مع اشتداد المصادمات بين الأطراف المتصارعة في ليبيا.

Libyen Tripolis nach dem Luftangriff auf das Tajoura Detention Center
جانب من الدمار جراء القصف على مركز اللاجئين في تاجوراء بليبيا.صورة من: Reuters/I. Zitouny

اللاجئون والمدنيون.. ضحايا صراع مدمر 

أكثر من مرة عبّرت الأمم المتحدة عن قلقها على مصير نحو 3500 من المهاجرين واللاجئين "المعرّضين للخطر" لوجودهم في مراكز إيواء قرب مناطق المعارك المستمرة جنوب طرابلس.

يقول فولغانغ بوستزاي، المحلل السياسي والخبير الأمني النمساوي إن "القوات الموالية لحكومة الوفاق قامت في أكثر من مرة بتخزين أسلحتها عمداً بجوار أهداف مدنية كالمساجد والجامعات والمستشفيات بهدف منح الحماية لتلك الأسلحة والمعدات ما يمثل عامل خطر على أرواح المدنيين".

في المقابل يعرب بوستزاي عن اعتقاده  بأن ما حدث هو "خطأ فادح ناجم عن عدم الدقة في تحديد الأهداف المطلوب قصفها لأن ما حدث لا يصب أبداً في مصلحة الجيش الوطني الليبي"، في إشارة لقوات حفتر.

من جانبه يرى منصور عيوني المحلل السياسي التونسي والخبير في الشأن الليبي أن مسألة اللاجئين هي "مرآة الإنسانية لحالة الصراع في ليبيا وهي أيضاً أحد شقي الرحى في الصراع الدولي"، حسب تعبيره.

بقي أن نشير إلى أن المعارك الأخيرة تسببت بسقوط 739 قتيلاً وإصابة أكثر من 4 آلاف بجروح، فيما وصل عدد النازحين إلى 94 ألف شخص، بحسب وكالات الأمم المتحدة.

عماد حسن

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات